|
المرجل المقدسي يغلي ....ولا أنتفاضة في الأفق
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 4789 - 2015 / 4 / 27 - 21:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
واضح بأن الظروف الموضوعية ممثلة بكل إجراءات وممارسات الإحتلال القمعية والإذلالية بحق المقدسيين ناضجة لخلق واقع انتفاضي،وهذه الإجراءات والممارسات والقوانين والتشريعات والقرارات ذات البعد العنصري والممتهن لكرامة المقدسيين والنافي والمقصي لحقوقهم،هي التي دفعت بالحالة المقدسية الى هبات جماهيرية متلاحقة تخبو حيناً وتعلو حيناً آخر ارتباطاً بحالة القمع الإسرائيلي،من جريمة خطف وتعذيب وحرق الشهيد الفتى ابو خضير حياً في 2/ تموز2014 وحتى اللحظة الراهنة،وهذه الهبات أتت وتأتي في إطار ردات فعل فردية وعفوية...مفتقرة للقيادة والتنظيم والمشاركة الجماهيرية الواسعة وتحديد الهدف...هبات تأتي في إطار حماية والدفاع عن الذات...بالمقابل الظرف الذاتي الفلسطيني،بدلاً من أن يلعب دور تصعيد الفعل الشعبي والجماهيري وتاطيرة وتنظيمه للوصول به الى حالة انتفاضية شعبية عارمة،وجدنا أنه في معادلة غير مستقيمه،وحالة مشوهة في عرف وفكر وحركات التحرر الوطني، لعب ويلعب دور المفرمل والكابح لتطور الفعل الجماهيري الشعبي المقدسي والهبات الجماهيرية الى انتفاضة شعبية واسعة تمتد شرارتها ومفاعيلها الى كافة ارجاء الوطن،فالحالة الفلسطينية عدا عن كونها ضعيفة ومنقسمة على ذاتها،وتمارس التحريض والطعن ببعضها البعض،فهي تستنفذ الكثير من طاقاتها وإمكانياتها في إطار مناكفاتها وصراعاتها الداخلية،مضيعة اتجاه البوصلة وحارفة لها عن اتجاها الصحيح...وكذلك ما افرزته وأوجدته السلطة من طبقة نمت داخل إطار السلطة أو من خارجها،نظرت لمشروع السلطة على انه مشروع استثماري يخدم مصالحها ونفوذها وتسيّدها للتراتبية السياسية والمجتمعية..وأي خطر على هذا المشروع من شأنه أن يفقدها مصالحها واستثماراتها ونفوذها...ولكن هي ليس فقط غير معنية بقيام حالة إنتفاضة شعبية شاملة،بل هي عمدت الى تطويع الكثير من الفئات الإجتماعية من خلال سلطتها المالكة للتوظيف كرب عمل معتمد على الضرائب ومؤسسات النهب الدولية (البنك والصندوق الدوليين) والقروض البنكية والمساعدات العربية والدولية المشروطة والمدفوعة الثمن،حيث شجعت الموظفين على الإستدانة والإقتراض من البنوك،من اجل تحسين شروط وظروف حياتهم المعيشية،بحيث أصبح مصير هؤلاء الموظفين بيد السلطة ومدى قدرتها على صرف الرواتب،فالراتب من أجل تسديد تكاليف المعيشة والقروض من البنوك،قروض سكن،شراء أرض،سيارة،تعليم،زواج وغيرها،تجعل الموظف يعلي ويقدم شأن العامل الإقتصادي فوق أي عامل آخر،وبالتالي يطأطء الرأس ويستجيب ويخضع لما تريده السلطة أو ما تتخذه من مواقف وقرارات. ولا يغيب عن بالنا عامل آخر في هذا الجانب على درجة عالية من الأهمية،بأن الأحزاب والفصائل والمفترض ان تشكل وتقود الإنتفاضة،اوضاعها محزنه،فهي تعيش ازمات عميقة بنيوية،واوضاعها الداخلية أقرب الى حالات هلامية منها تنظيمات صلبة ومتماسكة وموحدة الإرادة والفعل،وقيادتها مترددة وغير مبادرة،وهي أقرب الى التكلس والجمود والنمطية،وتعيش حالة من الإغتراب والإنعزال عن الجماهير في إطار الفعل والمبادرة والتصدي لجرائم ومشاريع الإحتلال. رغم كل التموجات والغليان في المرجل المقدسي عبر حالة متقطعة من الهبات الجماهيرية،فنحن لسنا على أبواب انتفاضة شعبية عارمة،رغم وصول الوضع في القدس الى حالة التأزم وذورة الأزمة،إحتلال يشن حرب شاملة على المقدسيين في كل المجالات والميادين،حتى أنه يستهدفهم في تفاصيل ومناحي حياتهم اليومية،يتصدون ويقامون،يفشلون مخططاً او مشروعاً للإحتلال هنا او هناك،ولكن لا تصل الأمور الى مرحلة الإنتفاضة الشعبية العارمة،فالإنتفاضة ليست مسألة إرادوية أو إسقاطية،بالضرورة ان تتوفر لها أركان وعناصر،القيادة والتنظيم والهدف والمشاركة الشعبية الواسعة والكبيرة،كما حدث في إنتفاضة الحجر الأولى كانون اول/1987 ،مع التأكيد على أن إندلاع انتفاضة ثالثه لا يعني بأن تكون نسخة كربونية عن الإنتفاضتين الأولى والثانية،حيث تغيرت الظروف والأوضاع والتجارب والخبرات والحقائق،والمشهد الدولي والإقليمي والعربي،وكذلك الفلسطيني. اذا كانت الأوضاع في القدس ناضجة لإنتفاضة شعبية،فهي على المستوى الفلسطيني العام غير ناضجة،حيث ان واحد من عوامل التحول في الوضع الفلسطيني في القدس والضفة الغربية نحو الإنتفاضة الشعبية ،هو إقدام السلطة الفلسطينية على تطبيق قرار المجلس المركزي في شباط الماضي بوقف التنسيق الأمني مع الإحتلال،هذا القرار الذي من الواضح انه لم يجر أية ترجمة عملية له،بل كل الدلائل تشير بان السلطة الفلسطينية ما زالت ترى بالرهان على العمل السياسي والمفاوضات والجهد او العمل المقاوم السلمي ،خياراً لها في مواجهة "التغول" و"التوحش" الإسرائيلي،وزيادة وتائر القمع والإعتداءات والإستيطان. والعامل الفلسطيني،ليس وحده غير ناضج أو مالك لإرادة الشروع في إنتفاضة جماهيرية ناضجة ظروفها الموضوعية،بل الحاضنة العربية للفلسطينيين،هي الأخرى في أعلى درجة الأزمة والإنهيار ،حيث نرى بأن هناك حالة من التردي والإنهيار غير المسبوق،فلم تعد القضية الفلسطينية،هي قضية العرب والمسلمين الأولى،وكذلك بعض أطراف النظام الرسمي العربي المنهار،لم تعد ترى في اسرائيل العدو الأول والمباشر للعرب والفلسطينيين،بل عمق التحولات الحاصلة والجارية في بنية النظام الرسمي العربي غيرت من دوره،وظيفته،تحالفاته وعلاقاته واولوياته،حتى وصل الأمر بالعديد من اطرافه،ليس فقط التآمر على القضية الفلسطينية،بل حد التنسيق والتحالف مع الإحتلال،ولكي تصل الأمور حد التنسيق والتعاون بالعمل على تهدئة الأوضاع في مدينة القدس. إن المرجل المقدسي سيواصل الغليان صعوداً وهبوطاً،ولكن يبقى الحديث عن إنتفاضة شعبية الآن رهناً بالتطورات على الوضع الفلسطيني العام،وحالة الإشتباك والصراع مع المحتل ستبقى قائمة ومحتدمة،ما دام الإحتلال قائماً،ويخطط لطرد وتهجير المقدسيين،بسياساته العنصرية وقوانينه وتشريعاته وعقوباته الجائرة،والتي كان آخرها قرار محكمة العدل العليا "الإسرائيلية" تطبيق ما يسمى بقانون املاك الغائبين على أراضي وممتلكات المقدسيين المقيمين في الضفة الغربية،وحالة الإشتباك والفعل الإنتفاضي،قد تقلب الطاولة وتخلط الأوراق وتغير من المعادلات القائمة،في ظل حالة من التخبط والإرباك الإسرائيلي،لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه ومشروعه الوطني،إذا ما احسنا الإستثمار،ويمكن أن تقودنا حالة التخبط وفقدان السيطرة،وغياب التنظيم والفعل القيادي الموحد والهدف إلى حالة من الفوضى بما يحقق الأهداف الإسرائيليّة. فهل نجرؤ على الاختيار الصحيح أم يقضي علينا الانقسام والخشية من المجابهة المفروضة؟.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمن القومي الإسرائيلي ...وصناعة الخوف
-
عُمان سلطنة صغيرة....وأفعال كبيرة
-
القدس....وأملاك الغائبين
-
في يوم الأسير ...الوحدة واللحمة الداخلية هي الأهم
-
السعودية....الحسابات الخاطئة ....والرهانات الخاسرة
-
فوضى سياسية فلسطينية ....إرتباك و-أزمة قيادة - في اليرموك
-
السعودية ....وتداعيات المغامرة على اليمن
-
كلام أوباما عبور بوابة القتل بالدم العربي
-
مخيم اليرموك ....مأساة انسانية وسياسية ذات أبعاد استراتيجية
-
من لوزان.....ايران تنتصر
-
مقابل النووي الإيراني....جوائز ترضية أمريكية للسعودية واسرائ
...
-
ما الجديد في القمم العربية ..؟؟
-
-عاصفة الحزم- السعودية تورط غير محسوب النتائج
-
غزة ما بين المصالحة والإنفصال
-
وعود اوباما مجدداً للفلسطينيين شيكات بدون رصيد
-
ما الذي يجري....غزة في خطر...؟؟؟
-
ليبرمان :- الموت لعرب الداخل بالفؤوس...والإعدامات للأسرى
-
لماذا زيارة ناصر جوده لطهران الان...؟؟
-
نتنياهو حاكماً -فعلياً- للولايات المتحدة الأمريكية
-
الجهاد الإسلامي ....حاضرة في الأزمات
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|