|
المكتبات المدرسة
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4788 - 2015 / 4 / 26 - 01:48
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
المكتبات المدرسية الاهتمام بالمكتبة المدرسية ، والارتقاء بمجالها ، وتشجيع التلاميذ على ارتيادها والاستفادة من محتوياتها من الكتب وكافة مواد المعرفة وأوعية المعلومات المفيدة ،على اختلاف أنواعها ، لاحتياجات المتعلمين من مختلف النواحي ، الوجدانية ، والعقلية ، والاجتماعية والسلوكية والصحية ، لهو من الأمور الخطيرة التي توليها البلدان المتقدمة بالغة الأهمية ، كمرفق من أهم مرافق المدرسة النموذجية التي تتبع الأساليب والطرق التربوية الحديثة ، ووسيلة من أهم الوسائل التي يستعان بها على تحقق المفهوم الحديث للمناهج الدراسية بمعناها الواسع ، لما ترتكز عليه من العديد من العمليات التعليمية والأنشطة التربوية ، التي تؤدي دورا فاعلا في تحقيق أهداف المدرسة ، وتساهم بفاعلية في انتقال البلدان المهتمة بمكتبات مدارسها ، تنظما وإعدادا ، نحو الرقي والصعود ، بينما تتخلف عن الرقي والصعود ، كل البلدان التي لا مكان ولا أثر للمكتبة المدرسية في اهتمامات مسؤوليها ، ولا محل لها في انشغالاتهم الفردية والجمعية ، والتي يتجاهل أو يتغافل الكثير منهم ، عن حاجة المعلمين والمتعلمين لخدماتها الجليلة في تحقيق المفهوم الحديث للمنهج التعليمي ، والذي ليس باستطاعة أي مؤسسة تعليمية بلوغه بدون مكتبة معدة إعدادا جيدا ، ومزودة بما يناسب تلامذتها من المؤلفات والمراجع والمقررات ، التي تمكنهم من اكتساب العديد من المهارات ، في القراءة ، والبحث ، والحصول على المعلومات، و صدق من قال أن أمةً لا تهتم بمكتبات مدارسها ، لا مكان لها في وجدان البشرية ، ولن يحترمها التاريخ. ولا شك كذلك أيها الزميل المحترم ، بأن من بين أهم أسباب تخلف المدرسة المغربية ، انعدام الاهتمام بمكتباتها ، أو ذاك الاهتمام السقيم الذي يبديه مسؤولو التعليم في بلادنا مناسباتيا ، ويترك أمر تدبيرها لمن لا يـراعي حـرمتها لا مهنيا ولا مـبدأ ولا ضـميرا ، ما يشكل معضلة خطيرة تتعلق بنوعية ما تزود به -بحسن نية أو سوء نية أو عن جهل وهو الأصح في غالب الأحوال- من كتب ومراجع مشبوهة الانتماءات ، متحيزة التوجهات ، تمس العقيدة الصحيحة وتطعن في الانتماء للوطني وتعاند مسايرة المتغيرات الكثيرة والمتلاحقة التي يعرفها العصر. فإذا أنت دخلت أي مكتبة مدرسية في أي مؤسسة تعليمية ، وفي أي جهة مغربية كانت ، فلن تجد أصنافا من الكتب ذات القوالب الجاهزة ، التي لا تتناسب ومستويات عقول المتلقين الطرية ، ولا تساير ميولاتهم الطفولية الفطرية ، والتي يتوه معها وفيها العقل ، كذخائر كتيبات "عذاب القبر" ، و"الثعبان الأقرع ، أو الأعور" ، و"المسيح الدجال" ، ومؤلفات القتل والجهاد في سبيل الله ، ونفائس كتب الهوس الجنسي المبشرة بالحور العين والولدان المخلدون المعششة في الخيالات المريضة لمؤلفين عاشوا ولازالوا يعيشون في مراحل حضارية جنينية ، تغرق في الخرافة واللاعقلانية ، والتي كانت وراء تأسيس القاعدة ولقيطاتها داعش ، وجبهة النصرة ، وبكوحرام ، وغيرها من المؤلفات التي حولت الكثير من الجهلة وبسطاء العقول - ضحايا آلهة الشر - إلى روبوتات بشرية تنفذ ما يملى عليها ، من قتل للأبرياء وإلى قتل أنفسهم ، وعلى رأس تلك الكتب التراثية مؤلفات ابن تيمية التي لا شك أن آلاف ، بل ملايين التلاميذ عثروا عليها صدفة في مكتبات مدارسهم ، أو بتوجيه من معلميهم ، فقرؤوها وآمنوا بما جاء فيها منذ صغر سنهم .. ولازلت أذكر جيدا أنني حاولت والكثير من الأساتذة المخلصين لله والوطن -ويكفينا أجر المحاولة- الارتقاء ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ،بمكتبات المؤسسات التعليمة التي عملت بها ، وذلك بالارتفاع بمحتوياتها وتنقيتها مما حوته رفوفها من غث الكتب وتوافه المؤلفات ، واستبداله بما هو صالحة بمستويات التلاميذ ومدرسيهم ، من الكتب التي تخاطب عقولهم الصغيرة ، وتحترم مشاعرهم وميولاتهم الطفولية ، وذلك لأنها أول نوع من المكتبات تقابلهم في حياتهم ، وسوف تتوقف علاقتهم بالمكتبات الأخرى الموجودة في المجتمع على مدى تأثرهم بها ، وانطباعهم عنها. وأختم بقولة المفكر اللبناني ميخائيل نعيمة : " لكي يستطيع الكاتبُ أن يكتب والناشرُ أن ينشر، فلابد من أمةٍ تقرأ ، ولكي تكون لنا أمةٌ تقرأ لابد من حكاّم يقرؤون ". فكيف لمن لا يقرأ أن يرعى الإرث الإبداعي لأمّته ، أو يحافظ على أصحاب الفكر كما يحمي المعالمَ الوطنية ، ويحتفي بميلاد كاتب احتفاءَه باكتشاف منجم ، أو ثروة طبيعية؟ حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنقية الدين
-
دنيا الاحفاد ..
-
وداعا -إزم-
-
التحدي المصري الجديد !!
-
من ذكريات الطفولة
-
الرجل المناسب في المكان المناسب
-
عيد المرأة بنكهة جديدة
-
أتهنئة أقدم للمرأة في يومها العالمي ، أم تعزية ؟؟؟
-
التغيير ضرورة وليست ترفا ..
-
يوم عالمي جديد للمرأة
-
ضرورة تغيير آليات التحاور؟؟
-
التطرف يفسد العلاقة بين الناس
-
الخطاب السياسي المستحدث ..
-
عيد الحب .
-
الخطاب السياسي لرجال الدولة !!
-
عبارات حمالة للأوجه والمعاني
-
-اعطيني صاكي- ، والرأي العام !!
-
نعم نحن مع بناء مؤسسة برلمانية قوية ، ولكن !!
-
وبينما المتقاعدون منغمسون في أحلامهم المؤجلة ؟؟
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نلك نفس النظرة !!(5)
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|