علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4787 - 2015 / 4 / 25 - 11:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
علي عبد الرحيم صالح
تدريسي في كلية الآداب – جامعة القادسية.
هل واجهت صعوبة في احد الايام بأن ذاكرتك لم تعد تعمل بصورة جيدة ، وانك اصبحت حينها كثير النسيان ، ولا تتذكر جيدا اسماء الاشخاص او الاصدقاء او بعض الاحداث التي مرت بك سابقا . بالتأكيد انك في ذلك الوقت اصبحت مربكا ومشوشا وانت تحاول ان تسترجع الذكريات او الخبرات التي ترغب في تذكرها . فما بالك وان ذكرياتك اصبحت تتلاشى تدريجيا من ذاكرتك ، وكأنما شخصيتك وبصماتك ومنجزاتك التي اكتسبتها وحققتها بمرور الوقت بدأت تختفي من الحياة. إن هذا الموقف قد لا يكون لك مرعبا الان ولكنه سيكون مخيفا جدا لمن يصابون بفقدان الذاكرة التدريجي (الزهايمر) او عندما تشاهد احد الاقرباء بدأت عليه اعراض فقدان الذاكرة الى الحد الذي ينسى فيه مكان الحمام في البيت.
من هنا يمكن القول ان ذاكرتنا هي شخصيتنا ، ففي تفاعلاتنا اليومية أو في ضوء ما نقوم به من سلوكيات وما نتخذه من احكام وقرارت اجتماعية ومهنية وشخصية فاننا نعتمد كثيرا على مخزوننا المعرفي وخبراتنا وتجاربنا الحلوة والمرة حول مواقف الحياة في ذاكرتنا. فلولا الذاكرة وما تحتويه من سجلات للذكريات الشخصية والمكانية والزمانية والتاريخية واللفظية.... لأصبحنا مجرد كائنات عضوية تعتمد على الافعال المنعكسة في التكيف مع البيئة ، ولما تكونت لدينا حضارة عريقة تمتد لقرون عديدة ، ولما استطعت ان اكتب هذا المقال الآن. وليس ذلك فقط بل ان ذاكرتنا هي سجل لهويتنا الاجتماعية ، فالكثير من التمثيلات الشخصية والاجتماعية اي افكارنا ومعتقداتنا عن انفسنا وجماعتنا والجماعات الاخرى ترجع الى ما نمتلكه من ذكريات ، فعندما اواجه موقفا صعبا او ضاغطا فاني سرعان ما استرجع خبراتي حول ما امتلكه من قابليات وقدرات استطيع في ضوئها النجاح واجتياز الفشل ، وحينما اسمع عن فرد ينتمي الى قومية اخرى او دينا اخر فاني سرعان ما استدعي الصور العقلية والخصائص الشخصية لذلك الفرد ومن ثم فان هذه الصور رغم بساطتها وتشويهها (احيانا) ستساعدني على التفاعل معه . لذا يمكن القول انا اتذكر أذا انا موجود .
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟