|
متى نؤسس لتربية عربية مستقبلية لمواجهة قيم العولمة الوافدة؟
عبد الرحمن تيشوري
الحوار المتمدن-العدد: 1330 - 2005 / 9 / 27 - 10:36
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
مخطّط البحث 1. أهميّة التربية في الوقت الراهن 2. المذاهب التربوية عبر التاريخ. 3. التربية قديماً و حديثاً. 4. النظام العالمي الحالي يعولم التربية 5. تربية عربية مستقبليه · عبد الرحمن تيشوري AATAYCH @ SCS-net.org مجاز من المعهد العالي للعلوم السياسية قسم العلاقات الدوليّة - مدرس في المعهد الصناعي- طرطوس - دبلوم دراسات عليا/ في العلاقات الاقتصادية الدولية عام 2001 - دبلوم تأهيل تربوي عام 2002 - لـه العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات السورية طرطوس هـ /312298- 353870/ أهميّة التربية في الوقت الراهن
التربية قديمة قِدَمَ الانسان و كلّ انسان يحتاج للتربية صغيراً كان او كبيراً و قضيّة حاجة الانسان للتربية قضيّة دامغه كسطوع الشمس في رابعة النهار لا يختلف حولها اثنان. - و من المعروف تاريخيّاً أن الأديان السماويّة اختطت طريقة مخصّصة في التربية لتحديد نسق القيم الأخلاقيّة و السلوك الاجتماعي و الانساني العام. - و قد تطوّرت التربية و تنوّعت نواحيها و صار لها نظم مختلفة أوجدتها ضرورات التقدّم و احتياجات التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كلّ عصر. - و التربية أداة تغيير و هي سلطة تنفيذ و هي سور الأمّة من أجل الخلاص و هي درع الأمّة في كلّ مقاومة يحتاجها الدفاع عن المعاني القوميّة و الأخلاق و المبادئ الانسانيّة. - و الذي ينظر الى مخرجات التعليم العام في الوطن العربي و في سوريا أيضاً يلاحظ أن أغلب الخرّيجين غير قادرين على تحليل و فهم ما يجري في العالم و بالتالي عدم القدرة على الردّ و التصدّي و تجنيب الأجيال الطالعة لعمليّة الغزو و غسل الدماغ الذي تمارسه أمريكا لإشاعة النموذج الغربي و تصدير القيم الغربيّة النفعيّة الأنانيّة. و المناهج التربوية الثقافية التي يبثّها التلفزيون المدشّش و شبكات الانترنت. - هذا الزخّ اليومي لملايين الصور و الكلمات يجعل الناشئة عندنا يخضعون لمؤثرات عقلية و ذهنيّة و قيميّة تتعلق جميعها بالنمط التربوي الغربي و أشكال فهم هؤلاء للحياة. - هذا التدخل السافر في تشكيل عقول شبابنا و نفسياتهم عبر غزو ثقافي تكنولوجي انترنيتي يفرض علينا التفكير في كيفيّة المواجهة و بناء تربية عربية مستقلّة تحافظ على المنظومات التربوية للشباب العربي و يلعب المعلّم الجديد المؤهّل تأهيلاً يناسب للردّ و القيام في المهمّة الموكولـة إليه دوراً كبيراً و هامّاً.
المذاهب التربوية عبر التاريخ
- التربية تغيّر أثوابها باستمرار و هي دائماً بنت العصر الذي تولد فيه و في كلّ عصر للتربية خصوصيات تلوّنها العقائد الاجتماعية و الدينية و السياسيّة. - فالمدرسة المعرفية تركز على النموّ المعرفي و العقلي و تعتبره أساس النمو و تركّز على الحقائق و محتوى المعارف و المناهج. - و المدرسة السلوكيّة تركّز على البيئة الطبيعيّة و الاجتماعية و النفسيّة و الحضارية و تعتبر البيئة هي الصانع الرئيسي للنموّ - و التربية الغربية تترك الفرد حرّاً في الاتصال بكل المظاهر الاجتماعية الهامّة للتنشئة "وسائل الاعلام- نوادي- جمعيات- مسارح..." - فيما النظريات الاشتراكية وضعت السياسات التربوية بطريقة تضطلع الدولـة فيها بمهام التنشئة المتكاملة للفرد. - وبشكل عام توجد انواع من التربية: منها التربية الليبرالية و التربية الاشتراكيه و التربية القومية. - و من أكثر انواع التربية انتشاراً في العالم اليوم هي التربية الأداتيه النفعية التي أسّسها و فلسفها و روّج لها الأمريكي جون ديوي و زملاءه. و التي تقول بأن التربية هي الحياة نفسها و يجب أن تصمّم المواقف التربويه بما يشبه مواقف الحياة نفسها. التربية قديماً و حديثاً
التربية عملية اجتماعية في مضمونها و جوهرها و اهدافها و وظيفتها و لايمكن فصلها عن المجتمع و هي تعبّر عن حاجة الأفراد و حاجة المجتمع و هي عمليّة طويلة الأمد واسعة النطاق متشعبة الجوانب متداخلة العناصر تقتضي توفير الشروط اللازمة لنموّ الطفل و الشاب نموّاً صحيحاً سليماً. صحيحاً من جميع النواحي الجسدية و النفسيّة و المعرفيّة و العقليّة و الأخلاقية و المهارية. التربية قديماً عند اليونان "مثال": أفلاطون "427- 347 ق.م". من اقدم الذين عنوا بمسائل التربية و كتبوا عنها و ناقشوا مشكلاتها و تحدّث عن كيفيّة تربية المواطن الصالح و كيف يصل الفيلسوف الى السلطة. و قال لن تنجو المدن من الفساد و الشرور الاّ إذا أصبح الملوك فلاسفة أو الفلاسفة ملوك و دعى إلى التخصّص و الحوار و نحن الآن و بعد 2400 عام من افلاطون لم نتعلّم الحوار بعد. كما شكّلت التربية وتكوين الشباب الشغل الشاغل لأفلاطون. وبرأي افلاطون أن التربية من عمل الدولـة و على الدولـة العادلـة أن تشرف عليها.
التربية في العصور الوسطى "التربية عند العرب"
كان العرب في العصور الوسطى معلّمي الشعوب و سادة الدنيا و قد اهتمّ فلاسفة العرب بمشكلات التربية و من بين هؤلاء عدد من كبار المربّين أمثال ابن سينا و الغزالي و ابن خلدون و قد تجلّت نظرة العرب للتربية على انّها إعداد للفرد لعمل الدنيا و الآخرة على حدٍّ سواء و سأعرض هنا أهمّ الآراء التربوية للفيلسوف ابن خلدون لأنّها لا تختلف كثيراً عن المذاهب الكبرى في التدريس و التربية اليوم. · ابن خلدون 1332-1406م. ابن خلدون إمام المؤرّخين و عميد المربّين و الانسان عنده مفكّر اجتماعي خاضع لقوانين الجماعة في علاقته بالآخرين. - المبادئ التربوية عند ابن خلدون تنحصر في وجوب التدرّج و الإنتقال من المعلوم الى المجهول و من السهل الى الصعب و من الجزئيات الى الكلّيات و من المدرك المحسوس الى المدرك المجرّد و الاستعانة دوماً بالأمثلة الحسيّة.
التربية في العصور الحديثة "التربية الاوربيّة"
- أخذ الاوربيون من العرب العلوم و الفلسفة و بذور المفاهيم التربوية الجديدة التي تقيم لجسم الانسان و صحّته وزناً و تعطي العقل و العاطفة و حريّة الفكر قيمة و أهميّة كبيرة: - يعتبر جان جاك روسو (1712-1778م) رسول التربية الاوربية الطبيعية التي تدعو الى المساواة و العودة الى الحياة الطبيعية حيث طالب روسو بجعل التربية طبيعية بعيدة عن تأثير المجتمع الفاسد و مبنيّة على فهم و تلبية حاجات الطفولـة. - هربرت سبنسر (1820-1903م) هاجم المناهج التربوية التي كانت سائدة في زمنه و أكّد على المفهوم النفسي للتربية عن طريق جعل التربية قائمة على اسس ثابتة من علم نفس الطفل. - الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (1859-1925م) يلخّص لنا المبادئ التي يقوم عليها مفهوم التربية الحديث. - انّ المدرسة يجب أن تكون مجتمع صغير تدبّ فيه الحياة. - ان التربية مستمرة و ليست جرعة تعطى مرّة واحدة و إلى الأبد بل هي بحاجة إلى الاستمرار لأن العلم لديه دائماً شيء جديد يوافينا به. - ان طريقة التدريس الملائمة هي التي تعتمد على الحوار و حلّ المشكلات و التعلّم الذاتي. - مهمّة التربية إعداد الفرد للحياة في المجتمع. - و التربية برأيه ليست مجرّد وسيلة للمعرفة بل لتربية المجتمع. - و حسب ديوني ان المناهج المدرسية يجب أن تواكب التغييرات التي تحصل في الحياة. فالمنهاج يتغيّر و الأهداف تتغيّر و الطرائق تتغيّر.
النظام العالمي الحالي يعولم التربية
من الملاحظ منذ دخول القرن الحادي و العشرين و ربّما منذ العقد الأخير من القرن الماضي تجري عمليّة عولمة لكلّ شأن اقتصادي واجتماعي وتربوي وثقافي و أخلاقي و في إطار هذه العولمة التي غالبيتها قيم أمريكيّة مطلوب من امّتنا العربيّة و مطلوب من قطرنا الحبيب سوريّا أن نعيد النظر نحن و أشقائنا العرب جميعاً بما لدينا من نماذج و نظريات و طرق و مناهج و نجري عملية تأصيل لها من جديد آخذين بعين الاعتبار ما يدخل و ما ينفذ و ما يُعُولَمْ لنتخلّص من آثار عمليّة الغزو التي تمارس علينا في الصباح و المساء. · ميدان التربية من اهم الميادين التي تتأثّر و التي تحتاج لاعادة الفحص النقدي ولإعادة البناء و لإعادة التكوين فالتربية وسيلة التغيير دائماً. نحو تربية عربية مستقبلية
علينا في الوطن العربي و في سوريا إعادة تحصين الأجيال العربية الطالعة إزاء التراجع العالمي الذي حصل لنماذج الحضارة الاشتراكية و على التربية المستقبلية أن تتصف بالخصائص الرئيسية التالية: - الانفتاح على ثورات العصر "المعلومات- الاتصالات- التقنية و الاعلام" بشخصيّة ثقافيّة مؤهّلة تحسّ و تتقن التعامل مع ادوات العصر الراهن مؤهّلة اختصاصيّاً و تربوياً و تقنيّاً. - الاهتمام اكثر بالادارة التربوية التي أصبحت علماً لـه فلسفته و أصولـه و قواعده و أساليبه وطرائقه و ممارساته و التي هي أساس أي تطوير أو تجديد للتعليم و إعادة النظر بواقع الادارة التربوية و عدم تسمية أي مدير إذا لم يكن مؤهّلاً جامعيّاً و تربويّاً و تقنيّاً بدءاً من مرحلة رياض الأطفال و انتهاء بأعلى مراحل التعليم. - يجب أن تتّصف التربية العربية الحالية و المستقبليّة بالفرديّة و الجماعيّة و التفاعليّة و تؤمّن التفاعل المستمر و التغذية الراجعه. - يجب أن تتصف التربية العربيّة الحاليّة و المستقبليّة بالتوفيقيّة بين حاجات الفرد و مطالب المجتمع بحسب عمر المتعلّم و درجة نموّه: - يجب أن تتصف التربية العربيّة الحاليّة و المستقبليّة.. بالعملية- الخبرويه- النظريه- التعبيريه- التواصليه- الابتكاريه- التركيبيه- الانتاجيه- الاستكشافيه- التوليديه- الادائية- التعاونيه- التشاركيه- التنوعيه- البدائليه- التأويليه- التساؤليه- النقديه- التقويميه- النواتجيّه- الأخلاقية- السيروراتيّه- التمهنيّه- المنفتحه - فالمستقبل ليس واحداً ذا اتّجاه واحد بل هو عبارة عن وجوه ممكنة متعدّدة للمستقبل يظهر فيها إلى حيّز الوجود ما نختاره و نجهد في سبيل تحقيقه. - إذاً علينا لمواجهة قيم العولمة الوافدة الخطيرة على شبابنا و مستقبلنا أن نؤسّس نظام تربوي جديد يعترف بالتعلّم على أساس الأداء الحقيقي الفعلي المتكرّر فليس المهمّ كيف نعلّم الفرد وأين نعلّمه بل المهمّ ماذا نعلّمه و نوعية اتقانه للتعلّم و حتّى نستطيع ذلك لا بدّ من إعادة النظر برأس العملية التربوية و سرّ نجاحها "المعلّم" بحيث نعرف كيف نختاره و كيف نعدّه و كيف نؤهّله و كيف نرفع مستوى حياته و معيشته حتّى يتفرّغ للتعلّم مدى الحياة و للتعليم مدى الحياة. عندئذ نستطيع مواجهة العولمة و تفعيل التنمية و البقاء في القرن الحادي و العشرين بهوية و تجربة
· عبد الرحمن تيشوري طرطوس هـ /312298- 353870/ AATAYCH @ SCS-net.org مصادر مراجع البحث: 1. وثيقة استشراف مستقبل العمل التربوي. 2. مجلّة الاشراف التربوي- عدد كانون الأول 2002- مقال حول التدريس الفعّال. 3. محاضرة بعنوان التربية العربية بين الأصالـه و العولمة د.فايز عز الدين. 4. علم النفس التربوي- د. علي منصور- كتاب مقرر لطلبة دبلوم التأهيل التربوي. 5. حوار مع د.محمد السيد وزير التربية حول النهوض بالعمل التربوي- جريدة الثورة عدد 11157 تا 27/4/2000. ============
#عبد_الرحمن_تيشوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرؤية التربوية التطويرية للسيد وزير التربية
-
دور الاعلام في التطوير والتحديث
-
المدير والمهارات التي يحتاج اليها
-
الادارة المحلية تجربة تحتاج الى اعادة نظر هل ذلك ممكن؟
-
المنظمات الدولية تاريخ واقع مستقبل
-
مشروع التحديث والتطوير والعصرنة يقوي سورية في وجه الضغوط
-
هل يسير العرب نحو دينار موحد كما فعل الاوربيون؟
-
في سورية نحن بحاجة الى تربية مدنية جديدة لتكون اساس مدرسة ال
...
-
؟التربية الشمولية مالها وماعليها
-
اقتصاديات الوقت الف باء الادارة الحديثة
-
الاصلاح الاداري بين المعلوماتية والعامل البشري
-
العلاقة بين الاعلاميين والسياسيين مالها وماعليها؟
-
في القرن الجديد كيف يبدو العالم سنة 2050؟
-
اقتصاد السوق الاجتماعي السوري الى اين يسير؟
-
الادارة تخصص علمي وفن وموهبة
-
النمو والتنمية اوهام نظرات مقترحات
-
ما المطلوب ليجدد الحزب ذاته ويقنع السوريين انه حزب الجميع
-
الادارة المعاصرة دليل المدير الذكي
-
مهمة الحكم ووظيفة الدولة
-
لفساد التربوي صور واشكال
المزيد.....
-
حكومة الاحتلال تدفع بمشروعي قانون لمنع توثيق جرائم الحرب الم
...
-
لن تصدق ما قاله للشرطي.. اعتقال مشتبه بعملية قتل مزدوجة على
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام شخص -قصاصا- وتكشف كيف قتل موا
...
-
السعودية.. إعدام صومالي بسبب تهريب الحشيش
-
نادي الأسير يتهم الاحتلال بتعذيب الأسرى وإذلالهم
-
اعتقال رئيس وزراء موريشيوس السابق بتهمة الفساد وغسيل الأموال
...
-
وزير الاقتصاد: القطاع الخاص الفلسطيني ركيزة أساسية في تنفيذ
...
-
فيديو.. أسرى محررون يروون ثلاثية -التعذيب والتجويع الإذلال-
...
-
المغرب.. اعتقال منفذي عملية اختطاف سيدة بطريقة -هوليودية-
-
سوريا.. إلقاء القبض على مسئول أمني سابق ارتكب جرائم قتل وتعذ
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|