|
بمناسبة الذكرى ال109 لميلاد لينين .
جورج لوكاش
الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 16:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مقدمة. يحتفل العالم هذا العام بالذكرى المئوية الأولى لميلاد فلاديمير إيليتش أوليانوف، الذي خلده التاريخ باسم لينين، نسبة إلى نهر اللينا في سيبيريا، التي نُفي إليها لمدة ثلاث سنوات في زهرة عمره. وهناك بلا شك أكثر من طريقة لتكريم ذكرى لينين. وأسوء تلك الطرق على الإطلاق هي تلك التي حذرنا منها لينين بنفسه. فقد كتب في «الدولة والثورة» يحتج على تحنيط الثوريين: «تبذل المحاولات بعد مماتهم لتحويلهم إلى أيقونات لا تنفع ولا تضر، لتطويبهم إن صح التعبير، لإحاطة اسمهم بهالة معينة بهدف تعزية الطبقات المضطهَدة وتضليلها. وعن طريق مثل هذا العمل يُفرغ مذهبهم الثوري من محتواه، ويُذل وتثلم حدته الثورية». وقد نحتفل اليوم بذكري ميلاد لينين، ونحتفل غدا بذكرى وفاته. ولكن هذا لا يعني أن لينين هو اليوم بالنسبة إلينا والى ملايين البشر مجرد ذكرى. فلينين حي بيننا، وفي التاريخ. وتكريمه لا يكون عن طريق تحنيطه، لأن التحنيط هو، في أحسن الأحوال، تكريم لجثته. والحال أن لينين الذي نحن بحاجة إليه هو لينين الحي، لا لينين الميت. إن ستالين هو الذي أسس طقوس عبادة لينين، وبتعبير لينيني: طقوس عبادة أيقونة لينين. ذلك أن الردة الستالينية، التي هي ردة على اللينينية، كانت بحاجة إلى إحاطة جثة لينين بكل ضروب التكريم والتطويب لأنها كانت بحاجة قبل كل شيء إلى تحويل لينين إلى مجرد جثة: جثة تُعبَد وتقدَّس ولكنها تظل جثة، أي بلا حول ولا قوة، وبلا انفتاح على المستقبل. وفي أيامنا هذه التي بدأت تعود فيها إلى الستالينية أبعادها الحقيقية كجثة تثقل بوطأتها على التاريخ الحي للاشتراكية، يجدر بنا أن نتذكر أن هذه الجثة لم توار بعد التراب نهائيا، وأن روائح تفسخها ما تزال تلوّث الأجواء، وأن تركتها الثقيلة لم تُصفّ تماما، وأن ورثتها ـ والطامحين في أن يكونوا ورثتها ـ ما زالوا على قيد الحياة. وطقوس عبادة لينين هي أحد الأشكال التي ما زالت الجثة الستالينية تنفث عن طريقها سمومها في الجسد الحي للاشتراكية. وإذا كنا نحتفل اليوم بذكرى ميلاد لينين، فإن هذه قد تكون مناسبة إضافية لتحرير اللينينية من إسار الأيقونة التي حبست فيها. ولا نظنن أننا ننتهك بذلك القدسيات: فاللينينية يجب أن تبقى، وكما كانت فعلا، نفيا حيا لكل وثنية. وتحطيم أيقونة لينين، حتى تعود للّينينية كل حيويتها، قد يتطلب منا من الجرأة اليوم أكثر مما تطلب قبل حوالي نصف قرن من الزمن عندما ارتفعت أصوات اللينينيين، غداة وفاة لينين، للاحتجاج على مشروع تحنيطه الستاليني. ونحن نخص بالذكر ههنا صوت شاعر ثورة أوكتوبر الأكبر، ماياكوفسكي، الذي كتب في افتتاحية العدد الأول من مجلته «ليف» الصادرة غداة وفاة لينين، تحت عنوان «لينين ليس للبيع»، منددا بالمحاولات الأولى لتطويب قائد ثورة أوكتوبر: «رأينا في صحفنا الإعلان التالي: تماثيل نصفية لـ ف. إ. لينين من الجص، من البرونز، من الرخام، من الغرانيت، بالحجم الطبيعي أو بضعفي الحجم الطبيعي، بالنسبة إلى الأصل، مع إذنٍ بنسخه وتوزيعه صادر عن لجنة تخليد ذكرى ف. إ. لينين من صنع النحات س. د. ميركولوف عرض من منشورات الدولة على منظمات الحزب والنقابات والإدارات العامة والتعاونيات الخ. كل نسخة مأذون بها بالشكل القانوني. الزيارات وتلقي الطلبات في فرع المنشورات التجارية 4 شارع رويد ستفنسكا، موسكو ترسل النماذج المصورة مجانا بمجرد الطلب. النسخ والتقليد يعاقب عليهما القانون. إننا نحتج. إننا نوافق عمال سكك حديد ريازان الذين اقترحوا على مصمم الديكور أن يصمم قاعة لينين في ناديهم بدون تمثال نصفي وبدون صورة للينين قائلين: «لا نريد أيقونات». إننا نلح. لا تجعلوا من لينين خاتما. لا تطبعوا صورته على الإعلانات، على الأقمشة المشمعة، على الصحون، على الأقداح، على مشارب السكاير. لا تصبوه في البرونز. لا تنزعوا عنه مشيته ووجهه الإنساني الحي الذي عرف كيف يحتفظ به وهو يقود مسيرة التاريخ. إن لينين ما يزال معاصرنا. إنه بين الأحياء. إننا بحاجة إلى لينين حيا لا إلى لينين ميتا. إذن. ادرسوا لينين، ولا تطوبوه. لا تخلقوا طقوس عبادة حول اسم رجل ناضل طوال حياته ضد جميع أنواع العبادات. لا تتاجروا بأشياء هذه العبادة. إن لينين ليس للبيع». فلندرس لينين ! إن صيحة ماياكوفسكي المفجوعة هذه تذكرنا بأنه ليس هناك من طريقة أخرى اليوم لتكريم ذكرى لينين. ولعلنا نسهم بقسط متواضع في إحياء تلك الذكرى، إذ نقدم للقارئ العربي هذه النصوص الثلاثة التي يحاول كل منها أن يدرس لينين من منظور محدد. نص جورج لوكاكش الذي صدر في فيينا بعد شهر واحد من وفاة لينين. ونص نيقولاي بوخارين الذي هو في أساسه خطاب ألقي، بعد شهر من وفاة لينين أيضا، في الأكاديمية الشيوعية بموسكو. ونص روجيه غارودي الصادر في باريس في عام 1968. نصوص أربعة تحاول أن تعيد بناء فكر لينين. الأول يعيد بناءه انطلاقا من الممارسة اللينينية العملية. والثاني انطلاقا من الممارسة اللينينية النظرية. والثالث والرابع من الممارسة اللينينية الفلسفية. وقد تتداخل وتتشابك هنا وهناك النصوص الثلاثة. وليس في هذا من عجب. فاللينينية واحدة. والتمييز بين مختلف لحظاتها ليس إلا ضرورة منطقية عارضة يفرضها التحليل. وأعظم طموحنا أن تكون هذه النصوص الثلاثة صُواة على طريق إعادة اكتشاف البرنامج الماركسي والمضمون الثوري والروح الحية للنظرية والممارسة اللينينية في إطار الثورة العربية.
*ترجمة .جورج طرابيشى سبتمبر 2006
#جورج_لوكاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلاديمير لينين
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|