|
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الانسان والطبيعة
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 06:26
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
تحت عنوان الإنذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الإرادي لوحدة الانسان والطبيعة صدر شهر ابريل 2014 باللغتين الألمانية والانجليزية والاسبانية كتاب من تأليف ستفان انجل الى جانب مجموعة من الخبراء في شتى العلوم واشراف الحزب الماركسي اللينيني الالماني. وقد تطوعت الى جانب مجموعة من الألمان بترجمة الكتاب الى اللغة الفرنسية وباتفاق رسمي مع المؤلف، وقد قمت بإصدار أول نسخة باللغة الفرنسية من مطبعة بمدينة الرباط وانا الآن بصدد ترجمة الكتاب الى اللغة العربية.
قبل أن أشرع في ترجمة الكتاب لإعداده للنشر قمت بقراءة متأنية للكتاب باللغة الانجليزية فهالني عمق وأهمية الكتاب المتعدد الأبعاد، وكيف أن القضية الايكولوجية التي يتجاهلها الجميع ويعتبرها قضية ثانوية ومتحكم فيها، خصوصا أمام رفض بعض القوى الامبريالية التوقيع على معاهدة كيوطو، مما يدفع الجميع الى الاعتقاد بقدرة القوى الرأسمالية المهيمنة بدون شريك على الكوكب ان توقف التدهور الكارثي للبيئة الطبيعية التي يشكل الانسان جزءا منها. لكن الكتاب يوضح بشكل صارخ خطأ هذا الاعتقاد.
إن الكتاب صرخة مدوية، انذارا أحمر بخصوص تسارع سيرورة التدمير الارادي لوحدة الانسان والطبيعة، بمعنى التدمير التام لشروط الحياة فوق كوكبنا الارضي، حيث اصبح الانسان والحيوان والنبات مهددون نتيجة تسارع التدمير بإبادة أسس الحياة الطبيعية. وإذا كان الكتاب يتطرق لمختلف الواجهات التي تتعرض للتدمير البيئي بأسلوب علمي راق وحقائق موثقة بالمصادر والمراجع الدامغة، فانه يوجه الاتهام بدون لف أو دوران الى المسؤول الرئيسي عن سيرورة التدمير الكارثي القائم وهو نمط الانتاج الرأسمالي تحت ادارة القوى الامبريالية المهيمنة بدون شريك.
إلى جانب تشخيص الوضع الكارثي الذي بلغته بيئتنا الطبيعية وطرح الاسس الايديولوجية والفكرية للعلاقة التي تربط الانسان بالبيئة الطبيعية من صميم الفكر الماركسي اللينيني، فإن الكتاب يقترح عدة آليات لمواجهة التدمير الارادي الكارثي لوحدة الانسان والطبيعة، وبطبيعة الحال أن هذه الاطروحات تنطلق من الصراع الطبقي ومن دور الحركة العمالية العالمية في مواجهة الرأسمال المالي العالمي حيث يبين الكتاب تلك الوحدة الوثيقة التي تجمع الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بالوضع البيئي، لأن الخاسر الاكبر في هذا التدمير الكارثي هي الطبقة العاملة. وبذلك فان الكتاب يعيد الى الواجهة شعار البيان الشيوعي لسنة 1848 لكل من كارل ماركس وفردريك انجلز: يا عمال العالم اتحدو.
فيما يلي قراءة سريعة في مضامين كتاب الانذار بالكارثة، ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الانسان والطبيعة. الكتاب من الحجم المتوسط يوجد في 160 صفحة، ثمن الكتاب 100 درهم لمن يريد اقتنائه من داخل المغرب عبر البريد و10 أورو لمن يريد اقتنائه بالبريد من خارج المغرب. للاتصال العنوان الالكتروني التالي: [email protected]
1 – ثم الشروع في بلورة هذا الكتاب بشكل واع عبر فتح نقاش ايديولوجي حول المفهوم العلمي للطبيعة. لأن هذا النقاش يشكل أفضل مقدمة لكي تظهر بوضوح الاشكالية المعقدة للبيئة في يومنا هذا. فالحياة الانسانية كانت وستضل ممكنة فقط في ظل الوحدة الاساسية بين الانسان والطبيعة. في قلب الحركة الايكولوجية نجد أنفسنا، على المستوى الايديولوجي، في مواجهة مع مثالية رجعية تخفي عنا المنظور العلمي للطبيعة. فهناك وجهة نظر مثالية منتشرة بشكل واسع نجد من بين المدافعين عنها مثلا الملياردير "آرن نايس" وهو أحد أعمدة مفكري حزب الخضر. ويشير الكتاب الى هذه النظرة كما يلي: انه "ينظر الى الإنسان كأحد المدعوين داخل طبيعة متكاملة وفي حالة جيدة وهو يتعسف على دعوة الطبيعة دون رحمة وبذلك يعرض الطبيعة صاحبة البيت، ذات القيمة العالية، للخطر، بسبب سلوكه المتهور. وبهذه الطريقة في التفكير، فإنه يتجاهل بأن الانسان نفسه هو جزء من الطبيعة وأنه منتوجها الأسمى. فالبيئة الطبيعية تطورت وتغيرت بتفاعل مع الحياة ومع عمل الانسان. المحيط البيئي للكائنات الحية في مرحلتها الحالية وفي تطورها أصبحت مطبوعة بشكل حاسم بالتأثير النشيط للإنسان وتشكل القاعدة الطبيعية للوجود الانساني وتطوره نحو مستوى أعلى". كافة النظريات البرجوازية والبرجوازية الصغرى تلتقي فكريا في وضعها الانسان في مواجهة الطبيعة، ولا تعتبر الانسان كجزء منها، أو كإنتاج أسمى للطبيعة، وانها لا تنظر كذلك الى وضع البيئة الطبيعية الحالي على اعتبار أنه نتيجة للعمل الانساني وأن هناك تأثير قوي للإنسان في الطبيعة. علينا أن نتجاوز كهدف أولي مختلف التأثيرات المثالية والميتافيزيقية حول الحركة العمالية والبيئية من أجل أن نصل الى نوعية جديدة من الصراع من أجل البيئة ضد التهديد بالكارثة الايكولوجية.
2 – عندما نتحدث عن البيئة الطبيعية، من وجهة نظر العلوم الطبيعية، فإن الأمر يتعلق أساسا ببيئة الكائنات الحية. وتتمثل بيئة الكائنات الحية في: "مجموع الأجسام الأرضية، مغلفة بالمادة الجامدة، والتي توجد في تفاعل في ما بينها بشكل لا نهائي، وتعمل على تشكيلها وطبعها ببصماتها" "فالانسان يستطيع تعديل وتحويل مستمر وبشكل عميق لبيئته الحية والميتة العضوية وغير العضوية وهو متأثر بها، علما أنه يشكل جزءا من بيئة الكائنات الحية. ويتضمن ذلك امكانية تعديل سلبي للبيئة الطبيعية الى درجة أن الشروط الطبيعية للوجود الانساني أصبحت مشوهة الى حد بعيد أو أنه قد تم تدميرها" "ومع ذلك فإنها ليست مناطق محددة بشكل دقيق، وانما عبارة عن أجزاء من نظام شامل منسجم يوجد في تفاعل ديالكتيكي الواحد مع الآخر". لقد كان من المهم الانطلاق من هذا التحليل العلمي لبيئة الكائنات الحية، من أجل الدراسة والعمل على تصنيف التغيرات الطارئة على البيئة. وبطبيعة الحال فان تقييم صحيح للسياسة الاجتماعية تشكل هي أيضا مقتربا علميا لوحدة الانسان والطبيعة. ذلك لان الانسان لا يواجه الطبيعة كفرد وانما يواجهها في اطار تكوينه الاجتماعي. لقد تم الاهتمام بتطور العلاقة بين الانسان والطبيعة في ظل الرأسمالية. وبينما نجد من جهة، ان الرأسمالية طورت الى مستوى عال وحدة الانسان والطبيعة – عن طريق العلوم الطبيعية الحديثة والصناعة العصرية، فانه من جهة أخرى قام في نفس الوقت بتلغيمها.
ويقول الكتاب بهذا الخصوص ما يلي: "تتحقق وحدة الانسان والطبيعة اساسا عن طريق العمل. فالعمل هو الشرط الطبيعي للحياة الانسانية كما هي وهو الذي يشكل جوهر الكائن الانساني. لكن الأرض واليد العاملة الانسانية تستغل بعنف في ظل الرأسمالية. (...) فالعامل لا ينتج من جل اشباع حاجياته الحيوية، وانما من أجل اشباع حاجيات رأس المال. إن الانسان يصبح اذن مغتربا اتجاه سيرورة العمل وانتاج عمله. ويصبح هذا الاغتراب اتجاه العمل اغترابا في نفس الوقت للإنسان اتجاه الطبيعة". الاغتراب اتجاه الطبيعة يعكس علاقة الاستغلال التي توجد في قاعدة الانتاج الرأسمالي. لأجل ذلك تكرس باستمرار النهب والتسميم وتشويه الطبيعة في الرأسمالية كظاهرة متوازية مستمرة لنمط الانتاج الرأسمالي. وقد قادت الامبريالية نحو ازمة ايكولوجية شاملة انطلقت تقريبا سنة 1970.
لكن تم التأكيد في الكتاب على أن التدمير الكامن في البيئة الطبيعية لم يتجسد بقوة الا مع التراكم المزمن للرأسمال خلال تدويل الانتاج منذ بداية عقد التسعينات. وقد أصبح الرأسماليون اليوم، يدفعون الاستغلال المفرط للبيئة الى الحدود القصوى، فهم يعملون على تسميم وتشويه البيئة بهدف انتاج أرباحهم القصوى. وذلك ما يفرضه قانون ميل معدل الربح نحو التدهور! وقد تسبب ذلك بطبيعة الحال في الانتقال نحو وضعية جديدة. ففي هذه اللحظة بالذات انطلقت الأزمة الايكولوجية الكوكبية. وإذا لم تتوقف هذه السيرورة، فإن الوجود الانساني بكامله، بمعنى الأساسات الطبيعية للوجود الانساني، أصبح مهددا. لكن وجهة نظر تيار الخضر تسير على خلاف ذلك، فهي تستهدف مواجهة كل ذلك عبر تلميع ما يسمونه "بالنواة الممتازة" أي الحزب الايكولوجي بمناسبة الانتخابات البرلمانية الأوروبية. لكن ماذا يمكن قوله بخصوص حزب يعلن نفسه "حزبا ايكولوجيا" دون أن يتناول بالذكر في برنامجه المكون من 130 صفحة بالنسبة للانتخابات الأوروبية ولا كلمة "رأسمالية"، ولا مفاهيم "الأزمة الايكولوجية" أو "الكارثة الايكولوجية"؟
إن من لا يتوفر على مفهوم حول شيء، فلن يكون قادرا على فهمه!
وبدلا من مواجهة الرأسماليين الذين تسببوا في هذه الأزمة الكارثة، فإن الخضر يحاولون حتى لحس أحدية الرأسمالية المتسببة في الأزمة واعتبارهم في الكتابات المختلفة كملائكة الرحمة الخضر بينما العكس صحيح.
فهم يقولون ما يلي: "نعتبر الاقتصاد كمرافق ونريد صناعة أوروبية قوية تتعامل مع الموارد الطبيعية باحترام وتعمل على الانتاج بدون احداث الكثير من الاشعاعات. إن هذا المنحى يقلص من التبعية للواردات ويجعل المقاولات الأوروبية أكثر تنافسية ...".
ان ما تبقى من هذا الحزب الايكولوجي الذي كان مناضلا في ما مضى، سوى صورة مشوهة لمسحوق "الغسيل الأخضر" في خدمة الطبقة المهيمنة وأولئك الذين يوجدون في السلطة في هذا المجتمع – وهي شريحة صغيرة من رأس المال المالي الدولي.
3. يعالج جزء رئيسي من الكتاب، طبعا، تحليل السيرورة التي قادت نحو كارثة ايكولوجية كوكبية.
"نتحدث عن كارثة ايكولوجية كوكبية عندما تأخذ أشكال تدمير سير الحياة الطبيعية في الأرض والماء والهواء والنبات والحيوان أحجاما كبرى يختل معها التوازن الايكولوجي ويحدث تدميرا لأساس كل وجود وانتاج انساني (الصفحة 245)
من هنا فإننا نتوفر على معيار نوعي لمعرفة كيف نفرق بين الازمة الايكولوجية الشاملة من جهة والكارثة الايكولوجية الكوكبية من جهة أخرى. ويعتبر هذا التمييز مهم، لأن هاتين الحالتين النوعيتين المختلفتين للبيئة الطبيعية، تتوفر أيضا على الكثير من أوجه التطابق. ومن أجل الادراك التام للتطور الحالي الذي يعرف انتقالا من الأزمة الايكولوجية العامة نحو الكارثة الايكولوجية الكوكبية، تم تحليل الانتقال من نوعية ظاهرة الازمة المعزولة نحو نوعية جديدة معقدة للبيئة والعكس. ففي بداية عقد التسعينات، برزت الخصائص الاربعة التي سجلت بداية الانقلاب نحو الازمة الايكولوجية الشاملة وهي كما يلي:
أولا: تفكك طبقة الأوزون في الفضاء الخارجي المحيط بالكرة الارضية stratosphère؛
ثانيا: التدمير التام للغابات والانهار الاستوائية des forêts fluviales tropicales؛
ثالثا: الاحتباس الحراري، الناجم عن السلوك الانساني و؛
رابعا: تزايد الكارثة الايكولوجية الجهوية.
وعلى النقيض من الدعاية المتواصلة حول القدرة على التحكم في مشاكل البيئة مقارنة مع الماضي، فإن جميع هذه العوامل تعمقت بشكل هائل. لكن ما هو أكثر من ذلك هو تبلور خصائص أخرى رئيسية في التطور المتسارع نحو الكارثة الايكولوجية الكوكبية.
وفيما يلي تذكير سريع بهذه الخصائص الأخرى:
1 – الخطر المهدد بتدمير توازن المحيطات؛ 2 – تدمير النظام الايكولوجي الجهوي واختفاء الانواع؛
3 – النهب المتوحش للموارد الطبيعية؛
4 – غزو النفايات ، تسميم وتلويث محيط الكائنات الحية biosphère؛
5 – وأخيرا الاستعمال غير المسؤول للطاقة النووية.
ويشير الكتاب بهذا الصدد الى ما يلي: "يهدد التطور المتسارع لكافة الخصائص الرئيسية والعوامل الأخرى للازمة الايكولوجية، بالخطر المحدق القادم تدريجيا، جميع سيرورات الحياة وحياة جميع الكائنات الحية. فقد دخلت سيرورة انقلاب الازمة الايكولوجية الشاملة نحو الكارثة الايكولوجية الكوكبية مرحلة جديدة. ومنذ زمن بعيد، لم تعد الانسانية في بداية القفزة النوعية، وانما في وسط سيرورة التدمير الذاتي للتفكيك الكلي لوحدة الانسان والطبيعة. العالم ينتقل إذن بشكل متسارع نحو كارثة ايكولوجية كوكبية.
وحسب المعلومات الحالية، فاليوم تحدث عواقب، لا تراجع فيها، تعرض الانسانية لأضرار مستمرة وفي جزء منها وجودية وتحمل الاجيال المقبلة تكاليف ثقيلة" (الصفحة 227).
ويقدم الكتاب بعض السيناريوهات الكارثية المحتملة:
• تدمير كامل لطبقة الأوزون؛
• اقتراب الكارثة المناخية الكوكبية؛
• التدمير المتسارع للغابات؛
• تدمير النظام الايكولوجي الجهوي واختفاء الأنواع؛
• أو حتى خطر انقراض الانسان عبر الكارثة النووية.
هناك سيناريو آخر يتم التقليل من شأنه يتمثل في تدمير الحياة في المحيطات la dystrophisation des océans
ويشير الكتاب في هذا الصدد إلى ما يلي (الصفحة 132) " تغطي المحيطات 71 % من المساحة الارضية وتتضمن 90 % من الكتلة الحيوية biomasse للأرض. وتشكل الأنظمة الايكولوجية القريبة من الشواطئ البحرية مثل الشعاب المرجانية أو أشجار المانغروف حماية طبيعية لتلك الشواطئ. انها بيئات حيوية عالية التخصص الى جانب تعدد كبير في الأنواع الحيوانية والنباتات.
إضافة إلى ذلك، فان المحيطات تشكل محركا قائدا مهما وغطاء عازلا معوضا بالنسبة للمناخ العالمي ... كما تتراكم في عرض المحيطات كميات هائلة من الحرارة والمواد المغذية والتي تنقلها عبر تياراتها حول الكوكب بكامله. وتعيش على طول شواطئ المحيطات نصف البشرية تقريبا. وبذلك تشكل موارد المحيطات أساس تغذية لما يزيد عن 3,5 مليار نسمة. وتبرز الأهمية الكبرى للمحيطات كمصدر للمواد الأولية وللطاقة، وكسبيل للنقل أو كمكان للترفيه والاستجمام ...
لكن الارتفاع التدريجي لحرارة المناخ أصبح مزعجا بشكل انذاري للمحيطات والجهات المحاذية لها. فالتلويث المتواصل والذي لا حدود له للهواء بديوكسيد كاربون من أجل التقليص من درجة الحموضة pH بالمحيطات، قاد نتيجة لذلك نحو الميل أكثر الى حموضتها acidification.
وتلعب المحيطات دورا مهما في التقليص من ثان أكسيد كاربون CO2 في دورة الكاربونات العالمية. فحسب المؤشرات الدولية التي قدمها الاتحاد من أجل الطبيعة والموارد الطبيعية (IUCN)، تمتص المحيطات حاليا 25 % من ثان أوكسيد الكاربون الذي ينتجه الانسان. لكن كلما كان هناك ثان أكسيد كاربون OC2 الهوائي الذي يتحلل في مياه البحر ويتحول الى الحامض الكاربوني، كلما أصبحت درجة الحموضة مرتفعة. فمنذ بداية التصنيع، أي منذ 250 سنة، تزايدت هذه الحموضة بنسبة 30 %.
ومنذ سنة 1750، فان قيمة درجة الحموضة PH في المياه السطحية للأرض تقلصت ب 0,11 وحدة في المتوسط 8,05. وحسب تحليل قامت به الشركة البريطانية روايال سوسيتي Royal Society بخصوص حموضة المحيطات l acidification des océans، يجب أن ننتظر ان يتقلص معدل درجة الحموضة pH الى 0,54 وحدات أكثر الى غاية 2100.
منذ أكثر من 650.000 سنة لم يحدث أن وجد معدل منخفض جدا. معدل درجة الحموضة pH عبارة عن شرط أساسي لكامل كميائية مياه البحر le chimisme de l eau ويؤثر في كامل عمل الأيض(1) métabolisme لكافة الكائنات الحية في البحر ... فمن جهة يجب أن يتقلص الاتجاه الذي يدفع نحو سيرورة التكليس calcification لكائنات البحر الحية، بينما يجب من جهة أخرى ان تتزايد سيرورة التعرية... كذلك أصداف البحر والحلزونات وقنافذ البحر والقناديل البحرية والطحالب الحمراء والتي تشكل شعابا مرجانية les récifs وعوالق بحرية كلسية calcaires du plancton marin ستكون معنية بالأمر. وها نحن اليوم نلاحظ نقصا في تكوين هيكلها.
كما تم أيضا ملاحظة اضطرابات في تطور بيض السمك وفراخها.
ويمكن أن يكون لكل ذلك عواقب وخيمة على الحماية الطبيعية للشواطئ وعلى مجموع السلسلة الغذائية البحرية، وأن يؤدي الى عدم الاستقرار وموت الشعاب المرجانية. في (الفقرة 135) هناك انذار يتعلق على الخصوص بعواقب ارتفاع حرارة المحيطات على المكونات بيولوجية كالعوالق النباتية le phytoplancton. وهي عبارة عن طحالب دقيقة تعوم في الماء. وتشكل أساس الهرم الغذائي المحيطي الكامل، فهي تغذي الكائنات البيولوجية le zooplancton كما تتغذى عليها بعد ذلك كائنات بحرية أكبر.
وبسبب الكتل الاحيائية la biomasse الضخمة وقوتها الكبيرة خلال تكونها photosynthèse فإن المكونات البيولوجية(الطحالب الدقيقة) le phytoplancton تشكل احدى المكونات المنتجة الأكثر أهمية للأكسجين في الفضاء الارضي للكائنات الحية. وحسب بعض التقديرات فان حصتها من الانتاج الاجمالي للأكسجين يقع بين 70 و80 %. وبشكل متوازي تمتص كميات أكبر من ديوكسيد الكاربون.
وانطلاقا من دراسات فريق دولي من الباحثين حول البيولوجي بوريس وورم Boris Worm من الجامعة الكندية دالهوسي Dalhousie تم تقديم الخلاصة التالية، وهي أن كتلة المكونات البيولوجية للطحالب الدقيقة phytoplancton تقلصت بطريقة مأساوية منذ سنة 1950: بمعنى بنسبة 40 %. ولا يعود هذا فقط الى تهديد وجود النظام الايكولوجي للمحيطات مثل الهواء والمناخ.
ان ارتفاع حرارة الماء على السطح يجعل من الصعب الاختلاط والمزج المنتظم لشرائح المياه الباردة الغنية بالمواد المغذية لأعماق المحيطات. وتحتاج الطحالب الدقيقة في المقابل الى هذه المواد المغذية لكي تنمو. وإذا حدث نقص في ذلك فإن نموها يتقلص أكثر فأكثر... كما أن ارتفاع حرارة المحيطات يمكنها ان تؤدي الى اضطرابات واسعة للنظام الشامل للتيارات البحرية. ويؤدي ذلك الى "صعوبة اكبر في انخفاض المياه في المحيط الاطلسي الشمالي، تكوين المياه العميقة المشار اليها، ويمكن أن يحدث، في أقصى الحالات، منعها بشكل كامل..."
إن هذا الوضع يتعمق أكثر من خلال التغذية المتزايدة بالمياه المتأتية من دوبان الثلوج التي تخفض من درجة الملوحة وانطلاقا من ذلك من درجة كثافة الماء.
النتائج المتوقعة ستكون هائلة:
• "فتيار المحيط الاطلسي الشمالي والجزء الأكبر من الناقل الاطلسي للحرارة يتراجع وهو ما يقود إلى انخفاض سريع للحرارة النسبية لمنطقة المحيط الاطلسي الشمالي بدرجات متزايدة ... أما بالنسبة لنصف الكرة الأرضية الجنوبية فترتفع درجة حرارته بسرعة أكبر".
• مستوى المحيط الأطلسي الشمالي ارتفع عمليا بسرعة الى متر واحد بينما انخفض بالنسبة للنصف الكرة الارضية الجنوبية.
• أكثر من ذلك، فإن "أحزمة تساقطات المناطق المدارية تنتقل، إذا كان توزيع الحرارة مضطربا الى هذه الدرجة بين نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي." ...
• تراجع انتاج المياه العميقة يحد بشكل محسوس من المواد المغذية من الطحالب الدقيقة في المحيط الاطلسي الشمالي.
وإذا أصبحت المواد المغذية تصعد أقل فأقل من المياه العميقة نحو السطح، فيمكن أن يحدث – في أقصى الحالات – ضعف في العديد من السلاسل المغذية في المحيط الاطلسي الشمالي.
• خليط من تباطؤ شرائح المياه تؤدي أيضا نحو انخفاض في كثافة اوكسجين المحيط ...
إن الكتلة الاحيائية La biomasse لا تموت هكذا ببساطة، وإنما تتحلل الى مكونات كبريتية عالية التسمم والى مكونات أخرى عضوية وغير عضوية. وإذا انتقلت هذه الاخيرة نحو الهواء ، فإن أساسات الوجود ستعرف تدميرا حتى فوق الارض ...
التراكم وانتشار المخلفات البلاستيكية والتي لا تتحلل تتحول الى مشكلة خطيرة تهدد وجود الأنظمة الايكولوجية البحرية. انتاج اللوازم البلاستيكية تزايد ما بين 1950 و2008 بشكل صارخ بحجم 1,5 مليون طن بمعدل أكثر من 250 مليون طن في السنة ... وحسب مؤشرات السلطات الفدرالية الامريكية المتعلقة بالأرصاد الجوية وعلم المحيطات océanographie فهناك مئات الآلاف من السلاحف البحرية، وهناك أكثر من مليون طائر بحري، وأكثر من 100.000 من الثدييات البحرية مثل عجول البحر les phoques وسمك الحوت les baleines اضافة الى العديد من الأسماك الأخرى التي تموت بسبب متلاشيات البلاستيك ...
ومن المزعج على الخصوص العدد المتزايد من المناطق المحيطية القريبة من الشواطئ والتي تسمى "بمناطق الموت". انها مناطق ماتت فيها عمليا جميع الأجسام العضوية الحية بسبب نقص الأوكسجين ... وحسب احصائيات البيولوجي الأمريكي روبير دياز فقد بلغت هذه المناطق التي تعرضت لهذه الظاهرة منذ 1960، 50 "منطقة موت". وحتى اليوم فإن عدد هذه المناطق تضاعف الى نحو 500 منطقة، وتتواجد على الخصوص قرب الشواطئ الامريكية والأوربية، ومؤخرا أيضا قرب شواطئ أمريكا الجنوبية والافريقية ...
وحسب التقدير الانساني الحالي فان حالة الثلوت، والتسمم، وارتفاع الحرارة وارتفاع حموضة المحيطات بلغت في جزء كبير منها مرحلتها نهائية. فلقد استمرت هذه المحيطات سالمة على الأقل عشرات الآلاف من السنوات الى غاية حلول المرحلة ما قبل الصناعية حيث اصبحت تتعرض لاختلالات عميقة في التوازن عبر طرق غير الطبيعية، عبر نمط الانتاج الرأسمالي.
وإذا كان توازن المحيطات قد انهار دون توقف، فإن الآثار السلبية على وحدة الانسان والطبيعة أصبحت تشكل أحد عواقب الكارثة الايكولوجية الشاملة." ("الإنذار بالكارثة"، الصفحة 132 – 141)
ان احدى أولى الانتقادات التي وجهت الى الكتاب: "ينبغي أن لا يتم تسييس التغير المناخي خلال تاريخ الانسانية ... "
لكن المؤلف يعتبر أن ذلك من السذاجة المفرطة والاغتراب عن هذا العالم.
فحتى السلطة الكوكبية الامريكية نازا تؤكد في دراسة حديثة لها على العلاقة التي لا يمكن فكها بين التهديد بالكارثة الايكولوجية وعلاقات القوة السياسية.
أما اليومية البريطانية الكارديان فقد كتبت في 14 مارس 2014 ان الاحتمال الذي تم التعبير عنه هو أن "الحضارة الصناعية الشاملة يمكنها ان تنهار خلال العقود القادمة بسبب النهب الدائم للموارد والتوزيع غير العادل المتزايد للثروات".
انهم يعتبرون بان الحل يتمثل في "تحول ارادي في السياسة والبنيات".
ومع ذلك، كيف يريدون تحقيق ذلك في سياق المجتمع الرأسمالي حيث شريحة صغيرة من رأس المال المالي الدولي تهيمن على المجتمع لعالمي بكامله وتخضع السياسات بكاملها الى جشعها غير المحدود نحو الربح والقوة، ان هذا يبقى السر العلمي لنازا NASA.
ومع ذلك، هناك شيء أكيد واحد:
لا أحد في المعسكر البرجوازي يمكنه أن يدعي ان ليس هناك ملاحظات وتوقعات واقعية، علمية تؤشر الى أين سيتطور العالم، إذا لم تتوقف الأزمة الكوكبية واستغلال الانسان والطبيعة.
4 –
كمناورة للإلهاء والخداع، طورت القوى المهيمنة ونشرت الوهم حول "صلاحية الاقتصاد الرأسمالي والايكولوجي" – مع اخفائها تحت شعار نوعية ما يسمى "بالتنمية الدائمة".
وفي الحقيقة فإن ذلك يعني:
"حماية البيئة" فقط إذا كنا قادرين على الاستمرار في الزيادة في الأرباح".
"الايكولوجية الامبريالية" هو رد رجعي اقتصادي وسياسي وايديولوجي على مقاومة الحركة الايكولوجية في العالم أجمع ضد الأزمة الايكولوجية الكوكبية. وعن طريق حملة من أجل "اقتصاد سوق ايكولوجي" – وذلك عبر مؤسسات كبرى "للغسيل الأخضر" «greenwasher» مثل آل غور Al Gore أو جوشكا فيشر Joschka Fischer كنجوم خضر في السياسية – فإن القوى المهيمنة أرادت اعطاء انطباع بانها منشغلة بهذه الاشكالية الانسانية. ومنذ ذلك الحين، تم تسويق معامل احراق المتلاشيات "كاستعمال حراري" «utilisation thermique».
كما تم التباهي بضغط ثان اكسيد كاربون CO2 كعامل من عوامل "حماية البيئة". كما أصبح النفط الفلاحي L essence agraire يباع كنفط بيولوجي كمصدر طاقة متجددة، بينما ثم الارتكاز على القواعد النووية كتكنولوجيا انتقالية technologie de pont... الخ.
هذا التلاعب الذي استهدف الرأي العام كانت له عدة نجاحات:
الحركة الايكولوجية تقلصت اليوم على المستوى الدولي. بينما تتجه الاحتكارات الدولية المهيمنة نحو اعتماد انظمة دولية لاقتصاد الربح وسياسة القوة الامبريالية مع ما تتضمنه من عواقب الكارثة الايكولوجية الكوكبية التي تقترب. مايكل سوب Michael Süß-;-، باطرون الفرع الطاقي لمجموعة سيمنس، عبر مؤخرا عن هذا الموقف ببرودة حينما قال:
"الهدف المناخي من الدرجة الثانية لم يتم بلوغه ... فكلما كان باكرا قبولنا له كلما كان ذلك أفضل ... إذا ما جمعنا كافة مشاريع الاستثمارات، فإننا سنتوصل الى ارتفاع حرارة عالمية للأرض ب 4,5 درجة حرارية الى غاية نهاية القرن ... كل دولة تحاول أن تضمن أولا ثراءها وتنافسيتها. فهكذا بكل بساطة يعمل عالمنا"(2) . وفي نفس الوقت، فإن القوى المهيمنة تنشغل بمواردها من المواد الأولية وبسلطتها في حالة التهديد بالكارثة الايكولوجية.
وفي هذا الصدد تم التطرق في الكتاب (الصفحة 235) الى ما يلي:
"بأية وقاحة وبداءة تابعت الاحتكارات الكبرى الدولية وحكوماتها الامبريالية أهدافها والتي تظهر واضحة في دراسة سرية قدمت سنة 2003 الى وزارة الحرب الأمريكية بالبانتاغون.
الدراسة السرية تسمى ب "سيناريو التغير المناخي الكبير changement climatique abrupt وعواقبه على الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية". وتم وضع عنوان ملحق تحت إسم: "لنفكر في ما لا يمكن التفكير فيه". وقد تمكنت الجريدة البريطانية "الأوبسرفر" من نشر هذه الدراسة على العموم في فبراير 2004، بعدما تم تزويدها به. نقطة الانطلاق لهذه الدراسة تقوم على واقعة أن كارثة مناخية كوكبية تهدد الانسانية بكاملها وتدمر بشكل دائم الحضارة الانسانية". وتتوقع الاستراتيجية الأمريكية للبانتاغون "... بشكل متعجرف، كما لو أن الأمر طبيعي بأن الموارد الطبيعية للأرض في ملكيتهم ... فالاستراتيجية العسكرية ترسم مشاريع تعبر عن مدى حيوانية الامبريالية التي يواجهون بها الكارثة الايكولوجية الكوكبية.
1 – اقفال البلاد بشكل كامل أمام اللاجئين الجائعين:
"تقوية الحدود في كامل انحاء البلاد بهدف منع المهاجرين الجائعين وغير المرغوب فيهم من جزر الكاريبي (اشكالية خطيرة جدا)، ومن المكسيك وأمريكا الجنوبية". (دراسة البانتاغون الصفحة 18).
2 – الاستيلاء على مخزونات المياه الصالحة للشرب والتي سيتم انتزاعها من الشعوب المجاورة:
"التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك ستتزايد لأن الولايات المتحدة الأمريكية ستخرق اتفاقية 1944، والتي تضمن جريان مياه نهر الكولورادو" (المرجع السابق الصفحة 18).
3 – ستتدخل الامبريالية الامريكية في كل مكان من العالم لضمان هيمنتها على مصادر الطاقة، والماء والتغذية ومن أجل قمع المقاومة النشيطة للجماهير ضد الكارثة الايكولوجية:
"مواجهة تصلب الآراء الذي ستواجهها البلاد، مع العمل على التخفيف من التوترات العسكرية المتزايدة في العالم أجمع.
وبينما المجاعات والأمراض والكوارث الناجمة عن المناخ بسبب التغيرات المناخية الحادة توجه ضرباتها الموجعة، فإن حاجيات الكثير من البلدان ستطالب بأكثر مما تتحمل. إن هذا الواقع الجديد سيولد احساسا باليأس والذي من شأنه أن يقود بدون شك نحو عدوانيات هجومية" (المرجع السابق الصفحة 18).
4 –توقع بناء عدد أكبر من المراكز النووية، ونشر الأسلحة النووية وامكانية حدوث حرب نووية عالمية:
"في هذا العالم حيث البلدان في حالة نزاع، لا يمكن تفادي انتشار الأسلحة النووية ... - مع النقص في التزويد بالطاقة - والحاجة المتزايدة الوصول اليها
ستصبح الطاقة النووية المصدر الحاسم وسيؤدي ذلك الى تسريع انتشار الأسلحة النووية." المرجع السابق الصفحة 19) ...
الإيكولوجية الامبريالية للولايات المتحدة الأمريكية تنظر أيضا بشكل وقح أشكال العلاج عبر ابادة السكان بواسطة الحروب، والجوع والأمراض:
"بما أن التغير المناخي الحاد سيقلص ما يمكن ان يتحمله العالم، فإن حروبا عدوانية سيتم خوضها دون شك من أجل التزود بالغذاء وبالماء والطاقة. الوفيات بسبب الحرب والجوع والمرض ستقلص عدديا السكان مما سيقود مع الزمن نحو اعادة التوازن من جديد".(المرجع السابق الصفحة 15).
5 –
مع بداية الأزمة البيئية خلال عقد السبعينات ولدت في ألمانيا حركة ايكولوجية عفوية ذات طابع برجوازي صغير.
يشير الكتاب في هذا الصدد في (الصفحة 47) إلى ما يلي:
"الحركة الايكولوجية البرجوازية الصغرى لعقد السبعينات جاءت ب مساهمات مهمة، من أجل ايقاظ الوعي الايكولوجي لدى الجماهير. لكنها تجاهلت التطور الثوري للقوى الانتاجية كقاعدة لوحدة الانسان والطبيعة.
وقد اتخذت موقفا متعجرفا في مواجهة الحركة العمالية، وطالبت بدور قائد في الصراع من أجل المحافظة على البيئة الطبيعية والتقدم الاجتماعي، وأنكرت القضية الاجتماعية كقاعدة لعلاج القضية البيئية.
وهناك الكثيرون مستعدون لحماية "الطبيعة المتوحشة، العذراء" ضد خطايا التصنيع. لكنهم في المقابل لعنوا الصراع الطبقي وهدف التغيير الثوري للعلاقات الاجتماعية كممارسة تم تجاوز حقبتها منذ زمن بعيد.
في البداية، حبذوا العودة الى الانتاج الصغير، ثم اعادة هيكلة الرأسمالية بشكل لا تعرقل فيه البيئة، ثم انتهوا أخيرا الى الرجوع الى "الصواب" عبر الاعلان عن نشر وحدة الايكولوجية والاقتصاد الرأسمالي. وقد نجح عدد كبير من الناطقين باسمهم الى احتلال الصالونات الوثيرة في الشركات الرأسمالية الكبرى. نجدهم اليوم يتغذون فقط بطريقة بيولوجية، ويقودون سياراتهم ب"الوقود البيولوجي" فقط ويعيشون تحت سقف منازلهم الفردية المغطاة بال " photopiles "، لكن وظيفتهم لا تتعدى سوى عملية مسحوق "الغسيل الأخضر" للمشروع السياسي البرجوازي. إنهم يخفون في الغالب تحولهم البديهي أكثر فأكثر إلى مدافعين كليا عن الشركات البرجوازية عبر خطابات مناهضة للشيوعية المعاصرة".
ويصف الكتاب في صفحاته من 241 إلى 248 كيف حدث ذلك التحول:
"الحركة الايكولوجية ذات الطابع البرجوازي الصغير في ألمانيا الغربية عرفت نموا خلال نصف عقد السبعينات، وارتبطت بشكل وثيق بأبناء الحركة الطلابية البرجوازية الصغرى. ودون توقف، دفعت مبادرات محلية مواطنية، مستقلة أكثر فأكثر عن الأحزاب البرجوازية وفي أغلب الأحيان بموقف نقدي في مواجهة الحكومة والاحتكارات. في سنة 1980، أحصى المكتب الفدرالي من أجل البيئة 11.238 مجموعة جهوية لحماية البيئة و130 مجموعة ما بين الجهات ... وفي قلب هذه الحركة الايكولوجية، فإن صراعا قويا اشتعل ما بين نمط التفكير التقدمي البروليتاري والاشتراكي من جهة ونمط التفكير البرجوازي الصغير الاصلاحي والبرجوازي الصغير التحريفي من جهة أخرى.
رفض تشكيل منظمة خاصة مناضلة كان معروفا لدى الجميع، وذلك تحت تأثير مناهضة السلطوية. وفي المقابل يتم الدفاع بصبر عن "الارتباط الداخلي" بدون التزام بالمجموعات المحلية. "لا للعنف" انتقل كمبدأ حديدي برجوازي صغير وتطور كشعار ضد المقاومة النشيطة. بعض المجموعات مارست حركية متأثرة بالفوضوية مع، جزئيا، بأشكال الصراع الطائفي والمغامراتي حيث القاعدة كانت التقليل من شأن جهاز الدولة القمعي.
العلامات الأولى للمقاومة الشعبية النشيطة تشكلت بمناسبة التظاهرات الوطنية الكبرى واحتلال المواقع مثل ويهل Wyhl سنة 1975 وفي بروكدورف Brokdorf سنتي 1976-1977 ، وب كورليبن Gorleben بعد سنة 1976، وكروهند Grohnde سنة 1977 وويكرسدورف Wackersdorf من سنة 1985 الى 1989 ... الحركة ضد المراكز النووية تم عزلها بشكل واسع عن الحركة العمالية. المسؤولية الرئيسية تعود الى الادارة النقابية اليمينية والحزب الاشتراكي الديموقراطي SPD. وكانوا ينظمون تظاهرات من أجل المراكز النووية والتي كانت موجهة بشكل واضح ضد الايكولوجيين وكانوا يدينون لمدة طويلة كل حماية للبيئة كتدمير للشغل. ومنذ 1977 هاجم جهاز الدولة البرجوازية بعنف الحركة بواسطة عمليات حربية مدنية ببروكدورف Brokdorf و كروند Grohnde وولكيغسدورف Wackersdorf. أوهام برجوازية صغرى من قبيل "المشاركة في تنظيم" المجتمع تطايرت فجأة الى أشلاء.
وقد نجحت الاحتجاجات في الحصول على امتيازات جزئية، لكنها أخطأت هدفها باقفال جميع المراكز النووية. الحكومة والاحتكارات كان عليها مع ذلك التخلي عن بعض مواقع المراكز النووية وتقليص برنامجها للمراكز النووية ب 50 في المائة وهو ما أغاضهم الى حد كبير. وبسبب تجاربهم في أن الارهاب البوليسي أو اجراءات سياسية أخرى لم تقض على الحركة الايكولوجية البرجوازية الصغرى، فقد عمل المهيمنون على ادماجها في التجارة السياسية البرجوازية. ومن تم فقد عملوا على تحويل الحركة المستقلة غير البرلمانية الى قوة برلمانية برجوازية ...
إن قدوم تحالف ما يسمى بالحمر والخضر، لكل من شرودر / وفيشر الى الحكومة سنة 1998 طبع انتقال حزب "الخضر" من حزب احتجاجي برجوازي صغير الى حزب احتكاري برجوازي مساند للسلطة".
6 – الحركة الايكولوجية الدولية تم تحفيزها من جديد خلال عقد التسعينات مع تطور الأزمة الايكولوجية الشاملة والتنظيم الجديد للإنتاج الدولي. وبما أن الشأن غير حاصل في أية قضية سياسية فإن نضالا على المستوى العالمي تطور في قلب الحركة الايكولوجية. وبعد الكارثة النووية لفوكوشيما، فإن المقاومة الكثيفة الدولية قد قادت الى دفع الكارتيل الاحتكاري للدولة للسياسة النووية الامبريالية الى أن يجد نفسه في موقع دفاعي. هناك احتجاجات على المستوى العالمي بدأت تتطور أيضا ضد غاز الانكسار الهيدرولي la fracturation hydraulique.
في العديد من الدول في أمريكا اللاتينية، وفي افريقيا وفي آسيا، أصبح نضال الجماهير ضد الاستغلال الجامح لمواردها الطبيعية تأخذ أهمية أكثر فأكثر. خصوصا وأن هذه الجماهير أصبحت تتحرك تحت التأثير الحاسم للمنظمات الثورية، النضال من أجل البيئة والنضال من أجل التحرر الوطني والاجتماعي أصبحا متداخلان.
من أجل انجاز المهمة الكبرى لانقاد الانسانية من الكارثة الايكولوجية الشاملة، فإن المطلوب هو التحول الذاتي وتجديد الحركة الايكولوجية، ولكن أيضا الحركة العمالية وثوريو العالم. في الكتاب، هناك دراسة أيضا للوعي الايكولوجي الخاص الذي هو في قاعدة الحركة الايكولوجية. وتحت شكله الأكثر تطورا، فله كمضمون المقاومة النشيطة ضد الأزمة الايكولوجية التي تتعمق، ضد تدمير أساسات الوجود الطبيعي للانسانية وكهدف مجتمع حيث يعيش الانسان في انسجام مع الطبيعة. وتحت شكله الأكثر تطورا فإن فإن الوعي الايكولوجي يصبح متطابقا مع الوعي الاشتراكي / الشيوعي. الحركة الايكولوجية ليس لها قاعدة طبقية وحيدة. بل تتضمن الحركة الايكولوجية البروليتارية والبرجوازية الصغرى والبرجوازية. وهذا ممكن بسبب النقد الموحد الموجه ضد تدمير الأساسات الطبيعية للوجود.
وإلى جانب المطالب المتطابقة، هناك أيضا المصالح الطبقية المتضاربة في الحركة الايكولوجية. ان هذا الواقع يقود بشكل حتمي نحو الصراع بين أسلوب التفكير البروليتاري وأسلوب التفكير البرجوازي الصغير الايكولوجي – أو الايكولوجية الامبريالية. لكن إذا كان هذا الصراع المعقد بالنسبة لأسلوب التفكير الذي حدث موضوعيا وتمت معالجته بشكل واع، فإن وعيا ايكولوجيا يمكنه أن يولد اليوم في المستوى المطلوب وأن يتطور نحو مستوى أعلى.
وكلما أستطاع أسلوب التفكير أن يكتسب تأثيرا في الحركة الايكولوجية، كلما ارتفع مستوى الوعي الايكولوجي، وكلما تزايدت سرعة امتداد قتالية حركات ايكولوجية جديدة. وفي الشروط الحالية، فإن درجة نضج الطبقة البروليتارية ترتبط أيضا أساسا بالوعي الايكولوجي في الحركة العمالية. إن العمال الواعون طبقيا اليوم، يجب أن يتوصلوا الى فهم أن معالجة القضية الاجتماعية ترتبط بشكل وثيق بمعالجة القضية الايكولوجية، ومع النضال ضد التهديد بالكارثة الايكولوجية. هناك سوء تقدير كبير للقضية الايكولوجية تفرض نفسها في الحركة العمالية، ليس فقط في الحركة العمالية الاصلاحية وإنما أيضا في الحركة العمالية الثورية. تجاوز سوء التقدير هذا للقضية الايكولوجية في الحركة العمالية والثورية العالمية عبارة عن قضية حاسمة لكي يكتسب النضال ضد الكارثة الايكولوجية الشاملة مكانة قوية في الاعداد وانجاز الثورة الدولية. في الكتاب، تمت درسة الجذور التاريخية والايديولوجية لسوء تقدير القضية الايكولوجية. فقد بدأت انطلاقا من النزاع بين ماركس وانجلز من جهة وقادة الديموقراطيون الاجتماعيون من جهة أخرى أثناء اعداد وانجاز مؤتمر غوتا سنة 1875. ان مشروع البرنامج الذي تم تقديمه قال بشكل مقتضب أن "العمل" يعتبر "مصدرا لكل الثروات". لقد شكل ذلك مواجهة ضد مواقف الماركسيين، والتي كانت تعتبر إلى ذلك الحين مقبولة في قلب الحركة العمالية الثورية. وبدون أي غموض انتقد ماركس هذا الموقف: "ليس العمل هو مصدر كل الثروات. الطبيعة تشكل أيضا إلى حد بعيد مصدرا للقيم الاستعمالية ... مثل العمل، الذي هو نفسه لا يشكل سوى تعبيرا لقوة طبيعية، قوة عمل الانسان." (الاشارة في الصفحة 53)
القسم اول من هذه الفقرة : "العمل مصدر كل ثروة وكل ثقافة". ان العمل ليس مصدر كل ثروة. فالطبيعة هي مصدر القيم الاستعمالية (التي هي بالضبط تؤلف الثروة المادية !) بقدر ما هو عليه العمل الذي ليس هو نفسه سوى ظاهرة لقوة من قوى الطبيعة أي لقوة عمل الانسان.
لقد شكل ذلك مفخرة تاريخية "لنقد برنامج غوتا" من طرف كارل ماركس الذي جعل من الوحدة الديالكتيكية بين الانسان والطبيعة قاعدة برنامجية للماركسية. ان واقعة أن هذا الموقف تم اخفائه بعد ذلك في الحركة الثورية والعمالية الدولية كان يشكل أحد مظاهر التأثير الاصلاحي التحريفي والذي ما زال يحدث مفعوله الى يومنا هذا.
7 – الحركة الايكولوجية ستستفيد من نوعية جديدة، عندما تفهم انه ليس عليها فقط أن تحقق هذا الاجراء أو ذاك لحماية البيئة، ولكن يجب أن يكتسب النضال الايكولوجي طابعا يتضمن السياسة بكاملها، ويحول المجتمع في نهاية المطاف بشكل ثوري. إن هذا يعني قبل كل شيء أن العمل الثوري اليومي للحزب الماركسي اللينيني يجب أن يتغير.
المؤتمر التاسع للحزب الماركسي اللينيني الألماني كان قد قرر لهذا السبب ما يلي:
النضال ضد الكارثة الايكولوجية الكوكبية يجب أن يصبح المهمة الثانية الأكثر أهمية في عمل الحزب. لكن لكي يمكن لهذا النضال ان يكتسي طابعا جماهيريا – وليس الا هكذا لكي يصبح قوة مادية – ونحن أيضا في حاجة لأشكال جديدة من العمل والتنظيم الجماهيري.
وبمناسبة المجلس الدولي من أجل البيئة في أكتوبر من سنة 2011 تم لأول مرة اقتراح نقابة بيئية، غير منخرطة في أحزاب، ديموقراطية ومستقلة ماليا في ألمانيا – مع تفادي سياسة التعاون الطبقي للنقابات الحالية، المعروفة بشكل كافي. ويمكنها أن تشكل خطوة مهمة الى الأمام في النضال الايكولوجي للجماهير، لكونها تحمل في ذاتها عناصر أساسية للتغيير الذاتي الضرورية. فهي تستهدف الرأسمال المالي الدولي والدول البرجوازية كمسؤولين رئيسيين. ويمكنها أن تجمع المناضليين الايكولوجيين المشتتين نسبيا في منظمة وحيدة وقوية. انها تتيح توحيد العمال وشرائح أخرى من السكان. إن مثل هذه النقابة الايكولوجية لن تصبح منافسة للنقابات الصناعية والنقابات الأخرى ل ال DGB (كنفدرالية النقابات الألمانية) كما تتخوف من ذلك بعض الانتقادات. ذلك لأن مجال نشاطها يوجد أساسا على مستوى آخر. فيجب ان تشتغل في جميع القطاعات الاجتماعية حيث الناس يناضلون من أجل الحماية وضد دمار البيئة الطبيعية والصحة الانسانية وأيضا ضد أولائك الذين هم المسؤولون الرئيسيون عن ذلك، الاحتكارات الدولية. الحزب الماركسي اللينيني الألماني يشجع بناء وتطوير المنظمات الجماهيرية الحقيقية غير الخاضعة للأحزاب، وهذا ليس بمعزل عن تعزيز بناء الحزب.
لكن انعاش بناء النقابة الايكولوجية لا يمكن تتويجها بالنجاح الا عن طريق بناء الحزب كعامل قائد. لأجل ذلك فإن الحزب حقق اعادة تنظيم قواه بعد مؤتمره الأخير، وقام بخطوة أولى مهمة مع تأسيس الخلايا البيئوية العشرين. ويتضمن الكتاب برنامجا للنضال الايكولوجي، مع الانجاز المتمثل في أن الحزب الماركسي اللينيني الألماني سيضاعف استفادته على المستوى السياسة الايكولوجية وسط الجماهير.
8 – يعتبر من البديهي أن هذا التغيير في الاستراتيجية لا ينعكس فقط على العمل اليومي، وانما يستند أيضا على مقترب الثورة الاشتراكية الدولية. فالمؤلف مقتنع تماما بأن الثورة الاشتراكية الدولية ستنجح فقط إذا كان لها كمضمون ليس فقط القضية الوطنية والاجتماعية، وإنما أيضا القضية الايكولوجية. ان هذا يتطلب عملا تحالفيا متعددا مع كافة المضطهدين من طرف نظام الهيمنة الامبريالية. المجموعة الأكبر من بين المضطهدين هم الجماهير المسحوقة بواسطة تأثيرات الأزمة البيئية الشاملة، والذين سينخرطون في النضال ضدها.
وباختصار :
سيشكل النضال البيئي مكونا أساسيا لتحضير وانجاز الثورة الدولية. ويمكن نجر قوى جديدة أيضا وتجعل العمل الثوري معقدا أكثر رغم أنه معقد أصلا بدون ذلك. حدوث التحول نحو الكارثة الايكولوجية الكوكبية ليست قضاء حتميا لا يمكن احتوائه ! فمع تطور قوى الانتاج المعولم، ومع التقدم الهائل في العلوم الطبيعية والتقنية، فإن القواعد المادية من أجل معالجة القضية البيئوية قد وصلت مرحلة النضج. فاليوم، يمكن للإنسانية بشكل واسع أن تتفادى أن يحدث نمط إنتاجها وحياتها، آثارا غير متوقعة. المشكل الرئيسي يتمثل في واقعة كون الرأس مال المالي الدولي المهيمن بدون شريك يتجرأ متعمدا تقريبا في كل مغامرة، يضع الانسانية والطبيعة فيها في خطر ويدفع الانسانية نحو الخراب بهدف تحقيق مصالحه في السلطة والربح. الثورة الاشتراكية الدولية والتحضير لها يعني احداث انقلاب اجتماعي ضخم.
في هذا الاطار فإن الكتاب "الاندار بالكارثة، ما العمل ضد التدمير الارادي لوحدة الانسان والطبيعة؟" عبارة عن كتاب بوليميك جدلي: ينظر بدون تحفظ وبشكل مباشر في تهديد قواعد الوجود الطبيعي للانسانية ويطور بشكل بصير في مسألة علاج القضية الايكولوجية. انها مساهمة علمية للحزب الماركسي اللينيني في النقاش حول الاستراتيجية في قلب الحركة الايكولوجية الدولية والحركة الثورية والعمالية الدولية. من أجل هذا السبب يعتبر نشر هذا الكتاب على أوسع نطاق، وأن يباع بشكل هجومي وأن يقرأ من طرف عدد مهم من القراء.
9 – إذا كانت الحاجة ملحة اليوم الى نظام اجتماعي جديد يعمل على قاعدة وحدة الانسان والطبيعة، فمن البديهي أن ينشغل الكتاب أيضا بقضية معرفة كيف يمكن علاج هذه المشاكل في اطار الاشتراكية. لأجل هذا السبب، تطرق الكتاب أيضا، إلى معالجة بعض التجارب المهمة للدول الاشتراكية سابقا في ما يتعلق بحماية البيئة. التأريخ البرجوازي يتهم الاتحاد السوفياتي الاشتراكي فيما يتعلق بالقضية الايكولوجية، بالجهل الفادح، وبالعجز في أغلب الحالات ويحمله حتى المسؤولية الرئيسية بالنسبة للتهديد بالكارثة الايكولوجية الكوكبية. لكن ذلك لم يكن مدهشا للمتتبعين، فقد تطرق الكتاب لبحث دقيق في الاشياء منها ما يلي:
في العديد من المجالات، كان الاتحاد السوفياتي الاشتراكي السباق للإعلان عن سياسة ايكولوجية واعدة.
كما أن القرار التالي للينين يعرفه العالم أجمع: "الشيوعية، تعني قدرة السوفييتات زائد كهربة البلاد بكاملها." فقد أطلق لينين ليس فقط المخطط المسمى ب جيولغو GOELRO، بل حقق أيضا الادارة عند انجاز الكهربة ونظم نجاح خط الجماهير. وكان يرى هذا المخطط ليس فقط كجزء من بناء الاقتصاد وانما كذلك كتغيير ذاتي ثوري للمجتمع بكامله. كهربة هذه البلاد الضخمة، والتي ضربت على نطاق واسع بواسطة الحرب العالمية الأولى والتدخل الذي أعقب ذلك من طرف 14 دولة امبريالية، كان يقوم بالأساس على القوة الهيدرولوجية force hydrologique، وإذن على الطاقة المتجددة. هذا الاتجاه، تمت متابعته وتوسيعه بإصرار تحت ادارة ستالين خلال عقود وفي العديد من المجالات من السياسة البيئية.
في سنة 2010، نشر العالم الأمريكي ستيفان برين Stephen Brain مقالا لامعا تحت اسم "السياسة البيئية لستالين". ويعرض كيف قامت الادارة السوفياتية بحماية مناطق غابوية كبيرة من التدمير. هناك مبادئ حاملة للمستقبل تمت مناقشتها، وقوانين واجراءات تم اقرارها، من أجل معالجة الغابات بشكل دائم، وتوقع الحرائق ومن أجل تشكيل عشرات الآلاف من الاخصائيين. وأمام هذه الوقائع، فإن ستيفان برين أقر بشكل واضح في مواجهة التوافق السابق للعلماء البرجوازيين قائلا: أن "ستالين (قد يكون) غير متسامح وعدوا مقارنة بمبادراته البيئوية". السياسة الغابوية الحاملة للمستقبل للاتحاد السوفياتي الاشتراكي لم تكن حالة خاصة. أريد فقط الاشارة الى نظام الترافوبولنايا Travopolnaja. هذا النظام لحقول النباتات دعم الفلاحة على المستوى الوطني بدون سماد كميائي، ومبيدات الحشرات والمبيدات – حمى وفضل بهذه الطريقة الأراضي والفضاءات الخصبة. كل هذا كان عملا رائدا بيئويا وذو أهمية تاريخية على المستوى العالمي ! في 5 مارس 1953، مات ستالين. ان واقعة أنه حتى بالنسبة للثوريين لم يقدروا السياسة البيئوية حق قدرها تحت ادارة ستالين، يبين أثر الدعاية المناهضة للشيوعية والتشويه الفضيع لجوزيف ستالين. مات ستالين في 5 مارس 1953، ستة أيام بعد دفنه، تم حل وزارة الاستغلال الغابوي.
وفي المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي في فبراير 1956، قامت البرجوازية الجديدة بالامساك بالسلطة تحت ادارة خروتشوف. فقد قامت بتدمير ديكتاتورية البروليتاريا، واستعادة خطوة خطوة الرأسمالية البيروقراطية في الاتحاد السوفياتي. وفي أقصر الآجال، راهنت البرجوازية الجديدة على تغير في المسار بالنسبة للسياسة البيئوية والتي سبق تصورها وتحضيرها. خروتشوف والبيروقراطية الجديدة وضعت اهتمامها في الاستغلال المكتف للفحم، والبترول والغاز الطبيعي وفي لحظة متأخرة على الطاقة النووية. وفي نفس الوقت هاجمت حماية البيئة تحت ادارة ستالين باعتباره فرملة للتنمية الاقتصادية.
الحزب الشيوعي الصيني أدان خيانة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي تحت ادارة ماو تسيتونغ. خاصة خلال الثورة الثقافية البروليتاريا الكبرى فان اجراءات مثالية تتعلق بالسياسة البيئوية تم اتخاذها. ولأول مرة تم تطبيق المنهج الديالكتيكي من طرف الملايين من الناس من أجل وحدة الانسان والطبيعة. وكان من بين العديد من النتائج التعرف أن ليس هناك متلاشيات بالمعنى المطلق. لأجل ذلك، تمت اقامة محطات للإنتاج بشكل يمكن من خلاله استعمال متلاشيات المعمل كموارد في انتاج معمل مجاور. الملايين من الأبنية للغاز الحيوي biogaz تم بنائها، والتي عبرها يتم استخلاص غاز الميثان méthane من سيرورة التفكيك المعتمد لتوليد الطاقة – وذلك كمنهجية بسيطة لاقتصاد اعادة التدوير recyclage.
الخيانة التحريفية بعد وفاة ماو تسيتونغ سنة 1976 وضع حدا أيضا للنجاحات الكبرى لجمهورية الصين الشعبية المتعلقة بحماية البيئة. ومع التعمير والتصنيع الوقح والتلويث الهائل للأرض، والهواء والماء، فإن الصين تجاوزت كثيرا بلدان رأسمالية أخرى في التدمير الوقح للبيئة.
تمت الاشارة في الكتاب بخصوص النضال من أجل الاشتراكية / الشيوعية (...، الصفحة 322 – 327) الى الافكار التالية: "بالنظر الى التجارب السلبية التي تمت مع النمط الرأسمالي للانتاج والاستهلاك، فإن المجتمع الاشتراكي الجديد في حاجة الى تغيير في النموذج Le paradigme الذي يستغرق المجتمع بكامله تحت الخط العام لوحدة الانسان والطبيعة (...). تغيير النموذج في علاقات الانتاج يجب أن يرتكز على تدقيق نقدي ونقد ذاتي لمعرفة أية منتجات وبأية اجراءات في الانتاج وفي اللوجستيك تعتبر معقولة من بين الجميع وأي منها يجب التخلي عنها أو تغييرها بشكل راديكالي. تغيير النموذج في علاقات التدمير يستهدف توزيع يحترم الحاجيات الحيوية للانسانية جمعاء وفي وحدة مع الطبيعة. إذا كان هذا المجتمع الاشتراكي يجب أن ينظم في العالم أجمع، فلن يعيش أي جزء من الانسانية في تبعية للجزء الآخر أو للطبيعة. تغيير النموذج في نمط الحياة يرتكز على نقد مثالية شروط حياة البرجوازية الصغرى.
بهذه الطريقة، فإن التطلعات التسلقية لدى البرجوازية أو الحنين الى العودة الى علاقات الاستغلال السابقة يمكن تجاوزها. إن نمط حياة اشتراكية هو نمط حياة مطورة وصالحة، تضمن جميع حاجيات التغذية الحيوية وتطورها نحو مستوى أعلى جدا وتأخذ دائما بعين الاعتبار للوحدة الديالكتيكية للفرد والجماعة، للانسان والطبيعة، للشباب والشيوخ. (...). تغيير النموذج يستغرق المجتمع بكامله سيشكل جزءا مركزيا من الصراع الطبقي في ظل الاشتراكية، القاعدة من أجل تجاوز جميع مهام الولادة للمجتمع القديم. (...).
فرض وتدعيم بطريقة ملحة نمط التفكير البروليتاري في المجتمع الاشتراكي يتطلب الصراع ضد الأنانية، الفردانية، العقلية الاستهلاكية والتبذير من أجل معالجة مسؤولة للانسان والطبيعة (...). سيرورة ارتفاع الانسان فوق مملكة الحيوان يتحقق فقط في المجتمع الشيوعي دون طبقات. الغاء جميع أشكال اغتراب الانسان نحو الطبيعة يتحقق فقط في الوحدة مع الغاء اغتراب الانسان نحو عمله ومنتجاته اضافة الى الغاء اغتراب الانسان نحو الانسان نفسه. يحدث هذا فقط، كما عبر عن ذلك فردريك انجلز، "مصالحة الانسانية مع الطبيعة ومع ذاتها". ماركس انجلز، الأعمال، المجلد 1، الصفحة 505.
المراجع:
1) - الاستقلاب أو الأيض أو عملية التمثيل الغذائي، بحاجة لمصدر (Metabolism) هي مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الكائنات الحية على المواد الغذائية المختلفة بواسطة العوامل الإنزيمية بغرض الحصول على الطاقة أو بناء الأنسجة (أو هي مجموع العمليات الحيوية الكيميائية التي تحدث داخل الجسم لضمان نموه وأدائه الوظيفي السليم بما فيها هدم المواد الغذائية لإنتاج الطاقة). يسمى ناتج عملية الاستقلاب باسم مستقلَب.
يقصد بالاستقلاب تلك العمليات البيوكميائية التي تتم داخل الجسم عندما يقوم ببناء الأنسجة الحيّة من مواد الطعام الأساسية ومن ثم يفككها لينتج منها الطاقة, ويحتاج ذلك إلى عملية هضم الطعام في الأمعاء وامتصاص خلاصاتها وتخزينها كمرحلة انتقالية لدمجها في أنسجة الجسم ثم تفكيكها إلى ماء وثاني أكسيد الكربون فالطاقة التي تتولد من الاستقلاب لا تتحول كلها إلى حرارة بل تخزن داخل الخلايا وتستخدم عند الحاجة.
تنقسم تفاعلات الاستقلاب إلى:
1 - تفاعلات الهدم Catabolism : حيث يتم تكسير المواد الغذائية الرئيسية سواء كانت كربوهيدرات أو بروتينات أو دهون خلال طرق مختلفة من التفاعلات الحيوية إلى جزيئات بسيطة وينتج عن ذلك الحصول على الطاقة.
2 - تفاعلات البناء (Anabolism): الجزيئات البسيطة الناتجة من عملية الهدم يمكن استخدامها كنواة لبناء مواد أكثر تعقيداً سواء كانت بروتينية أو أحماض نووية من خلال سلسلة من التفاعلات وذلك لبناء الأنسجة وتستهلك طاقة في تلك التفاعلات.
تأخذ عمليات البناء والهدم مسارات مختلفة من ناحية التفاعلات الحيوية داخل جسم الكائن الحي، يتم فيها تحويل المواد الكيميائية عن طريق سلسلة من الأنزيمات.هذه الأنزيمات هي حاسمة لعملية التمثيل الغذائي حيث تعمل على تسريع التفاعلات وتكون مهمة جداً في الحفاظ على حياة الخلية.
أحد السمات البارزة في عملية الأيض هو التشابه في المسارات الأساسية بين كائنات تختلف اختلافاً شاسعاً عن بعضها البعض.
معظم الهياكل التي تشكل الحيوانات والنباتات والميكروبات مصنوعة من ثلاث فئات أساسية من الجزيئات : الأحماض الأمينية، الكربوهيدرات، والدهون. ووظيفة التمثيل الغذائي تتركز في استخدام هذه الجزيئات في بناء الخلايا والأنسجة، أو تقسيمها واستخدامها كمصدر للطاقة. ويمكن أن تجتمع هذه المواد الكيميائية لتشكل بوليمرات مثل الحمض النووي والبروتينات.
و يبدأ استقلاب الكربوهيدرات مع امتصاص الغلوكوز عبر جدران الأمعاء إلى الدم فيحمل البعض منه إلى مختلف أنحاء الجسم حيث يتم استقلابه في حين يتم تخزين البعض الآخر في الكبد والعضلات على شكل سكر أو غلوكوجين وتتفكك بعد ذلك عند الحاجة.
2 - http://www.spiegel.de du 15 octobre 2013, cit. dans VR 35, p. 235
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الارهاب كمؤشر على انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي
-
ذكرى مرور مائة سنة على جريمة ابادة العنصر البشري في حق الشعب
...
-
ماذا بعد اضراب 29 اكتوبر؟
-
دلالات التناقض السياسي في المغرب في مواجهة منظومة حقوق الانس
...
-
معضلة البطالة و السياسة التشغيلية للحكومة
-
البطالة افراز مباشر للسياسات الحكومية البرجوازية
-
حصيلة سنة 2014 بالمغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا
-
سياسة الميزانية في ظل القانون المالي لسنة 2015
-
مأزق الأداء الحكومي في المغرب سنة 2014
-
تجربة التدبير المفوض في المغرب تحت المجهر
-
التصريح الختامي لملتقى الاحزاب والمنظمات الثورية حول الشرق ا
...
-
الاقتصاد المغربي لا يتماشى مع البنوك الإسلامية
-
مؤامرة خطيرة ضد الجمعية المغربية لحقوق الانسان
-
بين استباق”حذر” لمواجهة الارهاب.. وإلزامية “الحذر” من الغضب
...
-
التوجهات العامة لمشروع ميزانية 2015
-
الاحكام الصادرة في حق المعطلين سبب وجيه جدا لاحتجاج كافة مجم
...
-
صندوق النقد الدولي يكذب على المغاربة من جديد
-
الصراع الطبقي في المغرب واقع وآفاق
-
عبد السلام أديب - باحث يساري ومناضل نقابي - في حوار مفتوح مع
...
-
حول احالة مشروع قانون الأبناك التشاركية على أنظار المجلس الا
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|