أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاله ابوليل - هاله ابوليل – قراءة في رواية (طابق 99) للروائية - جنى فواز الحسن -المصعد لا يصل للطابق الأخير - سباق البوكر















المزيد.....

هاله ابوليل – قراءة في رواية (طابق 99) للروائية - جنى فواز الحسن -المصعد لا يصل للطابق الأخير - سباق البوكر


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 00:56
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



في روايتها ذات الغلاف المهندس بطريقة مدهشة ( الطابق 99 ) المرشحة من ضمن ست روايات في اعلان القائمة القصيرة للبوكر , للروائية جنى الحسن الأصغر سنا من بين المرشحين نجد سردية , بلغة سلسة و رشيقة .
وتم تعريف الرواية على أنها من أدب الحرب , ولا أجدها تنتمي إليه
لسبب واحد , وهي إنه لم تقطر نقطة دم حمراء في الرواية , التي تستذكر بما يشبه الاسترجاع قصة أحد الضحايا , وليس كل الضحايا .
فهي رواية حب بإمتياز , بمضمون حربي , حب من نوع خاص .حب فريد تحمله البطلة , ولا ينسب فيه أي مشاعر للبطل مجد.
فلو لم تكن رواية حب , لأردناها كذلك , لأن ما حملنا على حب جنى وروايتها , هو ذلك الفيض الإنساني - الذي أغدقته علينا البطلة ,وكأنها تقول لنا : بالله عليكم ,,,إنسوا لعنة الماضي ولنفتح صفحة جديدة .
ترتكز الرواية على قضية محورية لمحاورة التاريخ الذاتي لعائلتين , ذاقتا طعم مرارة الحرب , وتلوثت أيدي بعضهم , بطعم الدم المرّ . لتبدأ محاكمة الطرفين , ليس بمحكمة عسكرية , وليس من أجل إعتذار يريح الضحية , بل في غرفة مغلقة في بلد بعيد , يجمعهما سرير الحب ليعلو على كل تلك الجّراح ؛ لعل ذلك يخفف من محاكمة الماضي . ويريح الجميع .
ولكن أي مصادفة هذه - التي صنعتها هذه المخيّلة الجميلة للروائية
جنى فواز , وكيف جعلت من ثيمة الحب ما يؤسس لمعمار السّرد بطوب الغفران والندم والصفح و التسامح في محاكمة عقل بعيدًا عن لون الدّم المسفوح هناك , وبدون إشتراطات أو إعتذارات من الطرف الذي أوقع الضحايا وكأنها تقدم نفسها قربانًا للصفح والغفران . " هيلدا , لماذا لا ترددين معنا فعل الندامة ؟"
هيلدا , لم تفعل شيئا لتردد فعل الندامة , بل كانت تظن أنّها تحمل خطيئة الحرب وأنّ البنادق الكثيرة في منزلهم عقاب آلهي ما.
هيلدا البطلة , تلك الذات المتمردة , الثائرة على أهلها وما أرتكبوه من جرائم تعاندهم لتذهب , وتضمد جراح إحدى الضحايا هناك في نيويورك إنه مجدي الفلسطيني الذي وقف حائرًا في سؤال المغفرة
هل تحبهم؟
هل تستطيع أن تحبهم ؟
هل أستطيع أن أحبّهم ؟ , ربّما. ليسوا يهودا في نهاية الأمر ( ص55)
.... .أبراج عالية ذات هندسة معمارية , ولكن بلا نوافذ تشيء بإنفساح حقيقي لتحرك الشخصيات في المكان المُشار إليه . ففي صعودنا حتى الطابق 99 لا نلّهث كثيرا , لأن مصعد السّرد محكم و سريع , ويصل بك إلى مرادك.
ولكن ما نجده هناك , مجرد سقوف عالية ذات نهايات مبتورة , أشبه بالبطل الذي يجترّ حزنه وذكرياته في بيت الألم القديم , أشبه بالمسوخ التي صنعها "
الدكتور مورو الذي أجرى عليهم تجاربه الملعونة في جزيرته المقصية , كما فعل اللبنانيون في مخيم صبرا و شاتيلا , ( في كناية لما أحدثوه من شروخ نفسية للضحايا) ومنهم بطل الرواية الفلسطيني , مجدي وهو بدوره , رجل ذو عاهه يعيش بشرنقته , ولا يريد ان يخرج بعيدا عنها , وكأنه سادي يحب تعذيب نفسه ويحب تعذيب الآخرين برؤيتهم لعاهته فأحيانا تجده يقصّ عليهم حقيقة ماحدث في المجزرة وأحيانا أخرى يروي لهم قصصا لا تمت للموضوع بِصِلة ,وكأنه ينتقي ضحاياه إنتقاءً , لكي يتألموا معه, فلم ينسى بيت الألم , بل كان يلتصق به , وينشد له كما كانت ضحايا الدكتور مورو تفعل - كلما صادفوا صاحب المشرط - تذكروا بيت الألم وأنشدوا له :
يده التي تجرح
.يده التي تُداوي
يده التي ترسل النّار , فتقتل
البطلة هيلدا , لبنانية , وليست أي لبنانية بل مارونية تنتسب بحكم أهلها إلى حزب الكتائب الذي شارك اليهود في قتل الفلسطينيين في مجزرة المخيّم , ذهبت لنيويورك بعيدا , لكي., تتدرب لتكون راقصة , ربما. لكي تتحرر من نفسها , فالرقص يحتاج لشريكين ذو رشاقة , والبطل ذو عاهة بقدمه , فأي رقص ستنتظم خطواته , بين هذين البطلين
احدهما بكل رشاقته والآخر بكل عجزه وربما كانت هي المفارقة التي أرادت أن تحدثها جنى ليكتمل العمل بعلاقة مبتورة ولكنها محتملة , وقائمة
ولما الرقص !!
ومتى يرقص الإنسان , ألم يقولوا قديما : " لا تحسبن رقصي بينكم طربا , فالطير يرقص مذبوحا من الألم "
هل كانت تبحث عن خلاصها بالرقص لكي تتحرر من نفسها ومن قيود عائلتها فما سر كل تلك الحمولة البشرية المعذبة التي تحملها البطلة في جوانحها لكي تكفر عن ذنب لم ترتكبه , ولكنها عايشته وهي صغيرة , وسمعت طرفا منه ولكن من جانب واحد ولم تسمع من الضحية , ولكنها ها هي تعايش الضحية المبتورة وتلتحم بالضحية جسديا لعل ذلك يكون تكفيرا عن ذنب لم ترتكبه .
فهل كانت تحمل عقدة الشعور بالذنب لدرجة أنها كانت مستعدة لتفاجئ أهلها كعقاب لهم , وتخبرهم بعلاقتها بفلسطيني هو ضحية ما أقترفته يداهم
وجاء الرد الحاسم كإنتصار للطائفة التي استولت على الحكم وهو معادل حقيقي لقذارة العمل السياسي الذي لا يرتبط بأي مشاعر في نزوعه للإستيلاء على كرسي للوزارة .
وهو كرسي لطالما حلموا بإنتظاره , كمكافأة على خدماتهم الإجرامية في إنقاذ لبنان كما كانوا يدعون , ففائض الخوف على لبنان يجعلهم يقفون مع العدو المجرم ضد الضحية في إشارة لإنتصار السياسة على الأخلاق .
ربما تكمن مشكلة هيلدا في إنها لم تجد عند اصحاب المجزرة أي مشاعر للندم كالّتي تعتريها , سوى فائض ما تحمله هي لوحدها وربما خفف عليها ماكان شاهدا على الجريمة , بغرفة التماثيل المبتورة التي كانت هي الشاهد الوحيد على الندم أو ربما تخليصا لعذاب الذات , ولكن بدون القدرة على الإعتراف بذلك . لذا فقد عادت هيلدا لنيويورك لتكمل رقصتها هناك . فهي في خروجها عنهم , لا تنتمي لهم , وظهر هذا واضحا في خروجها من بينهم في رحلة عودتها إليه.
.... البطل في شرنقته الذاتية - بدوره - لم يعمل على طمس تلك العاهة , رغم ازدهار أعماله وأمواله , بل كان يريدها لكي يتألم , وربّما لكي يبقي هيلدا معه , فلا تتركه , في استغلال نفسي وابتزاز عاطفي ظهر بتمنعه عن تواصله معها
طيلة سفرها فلو كان هناك مشاعر للحب لما أخذ هذا الموقف المتعنت , وخاصة أنها ليست طرفا في الجريمة , بل إنها تبدي فعل الندامة حقا .
الروائية التي تعتبر أصغر روائية بالبوكر , تبشّر بمستقبل زاهر فهي ذكية في إلتقاط الأفكار الجّدليّة , وما قصّة الحُب بين طرفين متقاطعين إلّا واحدة من تلك الإلتقاطات الذّكية , ولكن كما في روايتها " أنا وهي والآخريات , بقيت محبوسة بجدران مغلقة .
يتحتم علينا القول - من باب - الأمانة النقدية أن نرفع قبعاتنا لها لتطرقها لهذه الحقبة المؤلمة ولكن علينا أيضا أن لّا ننسى أن روايات ( جنى ) تفتقر للحياة الفسيحة - فهي دائما - محصورة بين أثنين , والعلائق الإجتماعية بين أبطالها تكاد تكون غير موجودة في مكان أبعد من المكان نفسه , فعدد أبطالها قليل و لا يخرجون للحياة ولا يتسكعون في طرقاتها ,وهي تحكم عليهم بالانغلاق , فتحّرمهم متعة التريّض في الغابات الفسيحة أو السفر عبر البحار أو التّوهان في وسط الصّحراء .
من الجدير بالذكر القول أن الرواية تخلو من العقدة , والنمو الروائي للأشخاص يقتل الزمان , فأنت تجهل كم من الوقت بقيت معه في نيويورك ,ومتى عرفته, وكم استغرق سفرها لتعود
ومشاعر تلك الإمريكية وزوجها المفقود في العراق كان من الممكن أن تخصص لها فصلاَ تتكلم فيه عن جدوى الحرب التي تحصد أزواجهم من وجهة نظر إمرأة مكلومة , , وكأنها تقدم الحدث وتنمو به , لكي تساير حركة الزمن القريب جدا .
وكم كانت جنى جميلة ولئيمة , وهي تجعلنا نقع في فخ إنتظار فصل يحمل (نيويورك 2001) فالّكل كان يتوقع نهاية روايتها , بنهاية سقوط أبراج نيويورك , وإنتهت الرواية قبل ذلك لكي لا تتورط الكاتبة بكتابة ذات حمولة سياسية كبيرة بحجم أحداث 11 أيلول 2001
انتهت , ولم نعرف شيئا عن نيويورك , ولا أسماء شوارعها سوى شارع هارلي الفقير و ذلك المبنى اليتيم الذي يقيم فيه ذلك البطل الثابت في مكانه في الطابق 99 ..
انها حقا رواية مونولوج داخلي لا غير , وعوّلت على احداث الصّدمة بغرفة التمائيل المبتورة الأطراف أو ما يمكن تسميتها (( بغرفة االندم ))
ورغم ان هذه النتيجة الحتمية ,قد تم تداولها من باب علم النفس الّا انها كانت ستوفّق أكثر لو جعلت تلك الحبكة من اكتشاف الغرفة (غرفة الألم) في بداية السرد كنوع من الصّراع الدّاخلي , وإحداث الصدمة , الذي سيحتم عليها :
أمرين ؛إما العودة لإكتشاف الحقيقة أو الرحيل بعد إكتشاف الحقيقة .
وفي كلّ الحالات لو تمهّلت في إصدار روايتها لسنة أخرى , لكانت أكثر عمقا ,
و ربّما أدخلت شخصيات أخرى , كشفت جوانبا أخرى من المأساة التي تحدثت عنها .
..... البناء شاهق طبعا ولا أحد ينكر ذلك , ولكنها تتسامق بالعلوّ بدون أن يكون حدودها السّماء , إنما غرفة مغلقة في برج مرتفع حيث يكون الإرتفاع والتّسامي عن الألم معادلا موضوعيّا لتوق ذلك البطل في العلو والارتفاع عن ندوبه , ولكنه يتقصد بقاءه في بيت الألم , بحيث لا يقوى على مسحها أو تغييرها , فهو صنيعة راوي يجيد معنى الألم ,ومعنى الحب و لعل أجمل ما في الرواية , فعليّا هي علاقة الحب والتسامي على الجّراح حيث لا عداوة ولا أحقاد , فقط شروخ قد تلتئم بالحب والغفران .

ملاحظة : بخصوص ( أسا ) التي وردت في الرواية كلهجة فلسطينية , الصحيح هو (هسا ) وتقال لأغراض كثيرة ؛ الإنتظار مثل (هسا بدرس) أو الشروع بالعمل مثل (هسا بقتلك ) (هسا بعصّب عليك )
التعجب مثل (هسا ما في غيري تتشطر عليه !! والكثير غيرها
وعلى الأرجح يقابلها كلمة (هلأ ) باللبناني الإّ إذا سمعتها الكاتبة من نابلسي , فتصبح كلمة ( قاسم) بقدرة قادر آسم .وقلبي تصبح ألبي ...الخ.



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية - شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق الب ...
- شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق البوكر
- قراءة في رواية - حياة معلقة - للكاتب عاطف أبو سيف (سباق البو ...
- قراءة في رواية الطلياني - الطلياني رواية تشيّد على ركام العم ...


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - هاله ابوليل - هاله ابوليل – قراءة في رواية (طابق 99) للروائية - جنى فواز الحسن -المصعد لا يصل للطابق الأخير - سباق البوكر