|
نحن العدوّ الخطأ، أيها الأشاوس
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4784 - 2015 / 4 / 22 - 15:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قلْ لي مَن عدوُّك، أخبركْ مَن أنت. هل تجيد اختيار عدوّك؟ ذاك درسٌ تعلّمته باكرًا من أديبٍ كبير في مستهلّ حياتي الأدبية: “اعرفي كيف تختارين عدوَّكِ، وليس صديقك، وحسب.” كان ذاك في بداية مشواري الأدبي، عام 2000، بعدما صنعتُ انعطافة حادة في مسار حياتي: من مهندسة معمارية ناجحة، تعمل في أحد أكبر المكاتب الاستشارية بالقاهرة، إلى شاعرة وكاتبة تتلمّس أولى خطاها في هذا الحقل الجديد "الوعر" المزروع بعضُه أحلامًا وزهورًا وطِيبًا ووجوه أساتذة كبار يمدّون للصغار يدَ التشجيع والدعم، في مقابل بعض أرضٍ مزروعة ألغامًا ورصاصًا، ووجوهٍ تبتسم، فيما تُخفي كفوفُها خناجرَ خلف الظهور. بعد صدور ديواني الأول: "نقرة إصبع" 2001، بدأت كبرياتُ دول أوروبا وأمريكا والوطن العربي في دعوتي للمشاركة في مهرجانتها الأدبية الدولية. وفور صدور أولى كتبي كتب الناقد الكبير د. صلاح فضل مقالا احتفائيًّا مطوّلا بجريدة "الحياة اللندنية" عنوانه: "المصرية فاطمة ناعوت التي جاءت الشعرَ من الهندسة"، افتتحه بقوله: “شاعرةٌ شابة تحترف الهندسة المعمارية، وتكتب الشعر بالعربية والإنكليزية، فتخترق حواجز اللغات والثقافات،...” وقامت الدنيا ولم تقعد، وبدأت الحروب الصغيرة والمكائد الرخيصة والاغتيالات المعنوية، للأسف، من شعراء من جيلي، ومن الجيل السابق، لم يرُق لهم أن أجد "مرقد عنزة" في حقل الشعر والآداب الواسع الشاسع؛ فقرروا قتلي مبكرًا. استلمني شاعر عامية في جريدة "المساء" وسلّط قلمه ضدي متخفيًا وراء اسم حركي "فريد شوقي" يكيل لي وابلاً من رصاص الكلام من قبيل: “هبطت علينا بالباراشوت من هندسة عين شمس، لتزاحمنا في أرض الشعر، نحن خريجي كليات الآداب!” وكنتُ أبكي وأنا لا أفهم ما الخطيئة التي ارتكبتُها ليكرهني الكارهون، وقد دخلتُ هذا العالم فاتحةً ذراعيَّ وسعَهما للمحبة والمشاركة في حراك أدبي وثقافي حقيقي مع زملائي الأدباء والشعراء والنقاد. وقررتُ ترك عالم الشعر والرجوع إلى عالم الهندسة "الآمن"، الذي معاركه أهدأ وأكثر موضوعية وشرفًا. لكن أساتذةً كبارًا من النقاد والشعراء والمفكرين وقفوا ضد اعتزالي "المبكر"، وساندوني لأصمد وأستمر. منهم الأساتذة: محمود أمين العالم، رجاء النقاش، الطيب صالح، السيد ياسين، جمال الغيطاني، عبد المنعم رمضان، سلوى بكر، فريدة النقاش، أمجد ريّان، حلمي سالم، أحمد الشهاوي، ميرال الطحاوي، محمود سالم، وغيرهم. أخبروني أن الهجوم الضاري ضدي معناه أنني أخطو نحو النجاح. لكن الدرس الأخطر جائني حين فكرت في الردّ على التجريح والتشنيع الذي طالني من "الزملاء". هنا جاء درس "فن اختيار العدو"، الذي علّمني إياه الشاعر الكبير: “عبد المنعم رمضان" قائلا إن عليّ أن أتأمل عدوي جيدًا، وأسألُ نفسي: هل هو العدو الصحيح؟ وهل هو في قامتي؟! لأن العدو الأقلَّ قامةً، يجذبك نحو الأسفل، أما "الندّ" فيستحق النزال. كذلك هناك عدوٌّ يدفعك لأن تتقدم. مثله مثل "الحواجز" التي يضعونها أمام الحصان حتى يقفز فوقها ويجتاز العقبات ويمضي نحو نقطة الانتصار حيث الهدف. وكان هذا عدوي المزعوم. أكملتُ طريقي دون أن أناصبَ أحدًا العداء مهما آذاني، ونجحت. لكن السؤال هو: "لماذا تذكرتُ كل هذا الآن؟" لأنني أرى أن حُرّاس العقيدة، أو الأدق، من يزعمون أنهم حرّاسُ العقيدة، يختارون العدو الخطأ دائمًا ليقاتلوه. داعش، اختارت العدو الخطأ، وحاربت العالم أجمع، من أجل مطامع سلطوية، تحت مسمى الدفاع عن الإسلام! وهل يحتاج محاميَ. نصّبتْ نفسها حارسة للإسلام، بينما داعش أول من "يُهين" الإسلام بنحر الرقاب وترويع الأطفال، وسبي النساء، وتهجير الساكنين وترويع الآمنين. كذلك المسلمون "الحقيقيون" الذين ينتقدون داعش "هامسين": "ليسوا كفارًا بل خوارجُ"! يقولونها "بحنوٍّ ولين ورقة". ثم يرفعون ألوية التكفير والطعن وهدر الدم نحو صدورنا نحن والذين يحاولون تخليص الإسلام من الكهنوت الزائف، وتنقيته ممن يعبثون به لصالح أهوائهم ومصالحهم. كم صفحة "فيس بوك" أو هاتش تاج في تويتر شُيدت ضد داعش وبوكو حرام وكتائب القسام وأنصار بيت المقدس وغيرها ممن يشوهون صورة الإسلام؟ لا شيء! كم صفحة قامت تلعن المودوي وحسن البنا وسيد قطب وكل من أظلمَ السماء بفكره الدموي؟ لا شيء! كم لجنة إلكترونية إخوانية ربعاوية صفراوية انطلقت تسبّ داعش عدوة الإسلام، بألفاظها البذيئة و(الجنسية) أيضًا التي يسبوننا نحن بها؟ لا شيء! كم مظاهرة ووقفة احتجاجية خرجت تندد بجرائم داعش ضد الإسلام وضد الإنسانية؟ لا شيء! كم مؤتمرًا محليًّا ودوليًّا أُقيم ضد ممارسات داعش الوحشية؟ لا شيء! أيها السادة "المؤمنون" حُرّاس العقيدة، أنتم لا تجيدون "فنَّ اختيار العدو" ونحن عدوّكم الخطأ!
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزبون دائما على حق
-
قدِّموا الأطفالَ للمحاكمة
-
آن أنْ أكتبَ عن العصفور
-
علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!
-
عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت
-
سعفةُ نخيل من أجل مصر
-
هل لحرية التعبير قيود؟
-
سفاحُ الأطفال، صائدُ العصافير
-
الحاجة صيصة وذقن حتشبسوت
-
طلّعى الكمبيالة يا حكومة!
-
أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
-
مصرُ أينما جُلتَ
-
الرئيس.. والأم
-
شكرا ونكتفي بهذا القدر
-
أمي -الملاك-... التي لم تنجبني
-
شارعُنا
-
هل تذكرون لوزة وتختخ؟
-
مفتاحُ الحياة في يدِ مصر
-
لأنها مصرُ، احتشد العالم
-
قطط الشوارع
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|