|
حكومة الوفاق وضريبة حماس
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 23:40
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد كل ما سمعناه على لسان قادة حركة حماس من توصيف للحكومة بأنها حكومة أبو مازن أو حكومة رام الله الخ ، ومن اتهامات وتشكيك بالحكومة وتصرفاتها ، وبعد ما تعرض له الوفد الوزاري بعد وصوله للقطاع يوم الأحد 19 أبريل من فرض إقامة إجبارية على الوفد الوزاري ومرافقيهم ، ومنع الوزراء الدخول لمقر الوزارات ، و منع التواصل مع الموظفين حتى منع الموظفين من زيارة الوزراء في مقر إقامتهم الإجبارية ، وبعد استباق حركة حماس لحضور الوفد الوزاري بصدور مشروع قانون من المجلس التشريعي المعطل بفرض ضريبة على تجار ومواطني قطاع غزة فقط ... بعد كل ذلك يحق للمواطن أن يتساءل هل حكومة الوفاق الوطني حكومة وفاق بالفعل ؟ وهل هي حكومة الضفة والقطاع ؟ ومن يحكم في قطاع غزة حكومة الوفاق أم حركة حماس ؟. من الجيد أن تستمر الحكومة لمدة عام وان يُصر الرئيس أبو مازن و رئيس الوزراء على استمرار الحكومة وعلى الحضور لقطاع غزة بالرغم من خطاب التحريض والرفض من طرف حركة حماس بل واستباق الزيارة بتفجيرات لإرهاب الوزراء ومنعهم من القدوم لغزة ، ولكن إلى متى ستستمر حكومة الوفاق الوطني حكومة شكلية أو شاهد زور على واقع الفصل والانقسام ، وإلى متى سيصبر الشعب على التلاعب بمصيره ومستقبله ،مرة تحت شعارات السلام والتسوية والمفاوضات ، ومرة أخرى تحت شعارات المقاومة والجهاد ، ومرة تحت عنوان حكومة الوفاق الوطني والمصالحة الشكلية واللفظية ؟ . لا يحق للنخب السياسية وللأحزاب التلاعب بمشاعر الشعب وبفقره وجوعه و بتوقه للمصالحة وللوحدة لتخفي فشلها وعجزها عن القيام بمهامها الأساسية ، وهذه المهام ليست توفير رواتب للموظفين- مع حق الموظفين بتلقي مقابل عملهم - ولا مناصب للمسؤولين ، بل مواجهة الاحتلال والاستيطان والتهويد في الضفة والقدس ، لأن معركتنا الرئيسية هناك وليس في قطاع غزة ، والمحك الفعلي للحكم على نجاح أو عدم نجاح المصالحة الوطنية الحقيقية والنخب السياسية والفصائل ليس من خلال القدرة على توفير الرواتب أو النجاح في الشراكة في إدارة قطاع غزة ، بل في القدرة على وقف الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس . يبدو أن الطرفين متواطئان على افتعال وتضخيم مشاكل غزة وتضخيم الخلافات لإخفاء فشلهما ، فشل السلطة ومنظمة التحرير في وقف الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس والفشل في الحفاظ على السلطة كسلطة وطنية حقيقية تشكل نواة للمشروع الوطني بل وفشلهم في تغيير وظيفة السلطة وإعادة النظر بالتنسيق الأمني كما قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دورته الأخيرة ، وفشل حركة حماس في مشروعها للمقاومة بعد تكبيد الشعب وخصوصا في القطاع آلاف الشهداء والجرحى وإلحاق الخراب والدمار بالمساكن والمؤسسات دون أي مردود وطني حقيقي سوى خطاب النصر المزعوم ، وبعد فشل مشروع الإسلام السياسي للإخوان بعد افتضاح حقيقة ما يسمى بالربيع العربي . حتى مع مسايرتنا لمن يتحدثون عن (غزة أولا) وفي داخل (غزة أولا) يقولون بالراتب أولا ،فمع تفهمنا لمطالبة موظفي حماس بدفع رواتب لهم وخصوصا أنهم حتى الآن ما زالوا على رأس عملهم ، ولكن لقضية الرواتب وجهان ، وجه إنساني ومالي وهذا يعطيهم الحق بالراتب ، وهذا الجانب من مشكلة الراتب قابل للحل ، ولكن هناك وجه أو بعد آخر للمشكلة وهو البعد السياسي والأمني ، حيث من يطالب بالراتب عليه أن يعرف أنه سيتقاضى راتبا من حكومة سلطة الحكم الذاتي ، أو (حكومة أوسلو) كما تصفها حركة حماس ، ومن يريد أن يتقاضى راتبا عليه أن يخضع لقانون الخدمة المدنية وللقانون الأساسي الفلسطيني ولبرنامج الحكومة ولاشتراطات الجهات المانحة للسلطة سواء أعجبنا ذلك أم لا ، أيضا يحتاج الأمر للتوفيق بين حق موظفي حماس بالراتب وحق الموظفين القدامى بالعودة لعملهم وحق آلاف الشباب العاطلين الآن وحق الجيل القادم بالوظيفة والعمل، وهذا يحتاج لمعالجات إبداعية ، وفي هذا السياق نتمنى تطبيق (العدالة الانتقالية) وهو نهج يحتاج في البداية لحسن النية ولتوفر إرادة حقيقية بتجاوز الماضي . من حق حركة حماس أن تثير تخوفات وشكوك حول نوايا الحكومة ونوايا الرئيس ونوايا حركة فتح من تشكيل حكومة الوفاق الوطني – مع أنها حكومة وفاق وتم تشكيلها وقبول كل وزير من وزرائها بموافقة حركة حماس حتى برنامج الحكومة فقد قال الرئيس عند تشكيل الحكومة إن برنامجها هو برنامج الرئيس وقبلت حركة حماس بذلك - ،لأن ثمان سنوات من الانقسام انتتجت أحقاد وكراهية وانعدام ثقة ، ولأن السلطة ما زالت سلطة حكم ذاتي وملتزمة بالاتفاقات الموقعة وبالاعتراف بإسرائيل ، ولأن هناك ممن يحيطون بالرئيس يمارسون التحريض وإثارة الكراهية ويعيقون كل مسعى للمصالحة حتى لا تتضرر مصالحهم، ولكن أيضا من حق الرئيس والمنظمة وحركة فتح إثارة تخوفات من نوايا حركة حماس ، وهل هي جادة بمصالحة وطنية حقيقية تطوي صفحة الماضي وتنهي الانقسام ؟ أم تناور للتغطية على اتصالات سرية غير مباشرة مع الإسرائيليين للتوصل لهدنة طويلة المدى مع حركة حماس مع رفع الحصار وفتح ميناء لدولة غزة تحكمها حركة حماس ؟ . نعم ، من حق حماس التخوف من قرارات رئاسية وحكومية خارج إطار الوفاق كما تقول حماس ، ولكن بماذا نفسر تشريعات حماس المستمرة بالرغم من وجود حكومة وفاق وطني ، وكيف نفهم ونفسر وبأي حق تقوم حركة حماس بفرض ضرائب على تجار ومواطني قطاع غزة ؟ وهل يتم تحويل أموال الضرائب لوزارة مالية حكومة الوفاق الوطني أم لحركة حماس ؟ ومن يُشرف ويراقب هذه الضرائب ؟ وأليس تشريع كتلة حماس في المجلس التشريعي لضرائب في غزة فقط هو إقرار بالانقسام وبان المجلس التشريعي هو سلطة تشريعية لدولة غزة فقط ؟. من المعلوم حتى للمبتدئ في السياسة أن فرض الضرائب مظهر من مظاهر السيادة والسلطة ، ولا يجوز لأي جهة غير الحكومة أن تفرض ضرائب على المواطنين ، وإذا حدث ذلك فهذه تعتبر (خوة ) أو ابتزاز ؟ وإذا فرضت حركة حماس ضرائب فلماذا لا تفرضها حركة الجهاد والجبهة الشعبية الخ . توقيت قانون (ضريبة التكافل الاجتماعي) كما تسميها حركة حماس لا يعبر عن حسن نية حتى وإن كان الهدف منه كما قال النائب عن كتلة حركة حماس في التشريعي أحمد أبو حلبيّة لوكالة الأناضول للأنباء إن "المجلس أقرّ مشروع قانون ضريبة التكافل الاجتماعي، بهدف التخفيف من معاناة الفئات الفقيرة في القطاع". لا يجوز وليس من اختصاص أي حزب أو جماعة أن تفرض ضريبة للتخفيف عن معاناة الناس . ولكن الهدف الحقيقي لفرض الضريبة كشفه بيان لكتلة حركة حماس في التشريعي حيث جاء فيه: "لو التزمت حكومة التوافق والسلطة برام الله بعدم المشاركة في الحصار على القطاع، ورفعت الضرائب (البلو) عن الكهرباء، ورفعت يدها الثقيلة عن موضوع الإعمار وإدخال مواد البناء، وقامت بواجباتها المكلفة بها في اتفاقات المصالحة؛ لما كان هناك حاجة لأي خطوات جديدة". إذن فالموضوع ليس إنساني بل سياسي وخطير أيضا لأنه يتضمن عدم الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني . بالرغم من كل ذلك نتمنى أن تستمر الحكومة في عملها وان لا تلتفت إلى من يريد تعطيل مسيرتها ، وان تستمر ،بمشاركة مع كل الفصائل والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، في حل مشكلة الرواتب ولكن بتساوق مع الملفات الأخرى كالأمن والمعابر والمصالحة الاجتماعية والانتخابات والإعمار الخ ، لأنها ليست حكومة رواتب فقط . لو فشلت حكومة التوافق الوطني كما يريد البعض فستفشل كل جهود المصالحة وسيتم تكريس الانقسام إلى الأبد . Ibrahem [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استهداف مخيم اليرموك استهداف لحق العودة وللكرامة الفلسطينية
-
فلسطين بوابة العرب لاستنهاض مشروعهم القومي
-
القادة العظام يصنعون أمجادا والقادة الصغار يبددون حقوقا وأوط
...
-
استخلاصات من نتائج الانتخابات الإسرائيلية
-
عودة مشروع -غزة أولا- ولكن بثمن أفدح
-
لكل أمة مشروعها الحضاري القومي إلا الأمة العربية
-
مقاربة مفهومية لتفكيك ظاهرة الإرهاب
-
المطلوب من المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
-
انقلاب هادئ وخطير في أراضي السلطة الفلسطينية
-
مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة
-
هل سيغطي إرهاب داعش على الإرهاب الإسرائيلي ؟
-
صناعة دولة غزة
-
هل توجد استراتيجية فلسطينية لمواجهة الحرب القادمة ؟
-
الحذر من تعويم مفهوم الإرهاب
-
كيف ستنجح حكومة التوافق الفلسطينية في ظل غياب التوافق !
-
المؤتمر السابع لحركة فتح : عليه المسؤولية والرهان
-
فشل التصويت على القرار العربي في مجلس الأمن (رب ضارة نافعة)
-
الفريضة الغائبة وطنيا
-
حول مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن حول فلسطين
-
إسقاط صفة الإرهاب عن حركة حماس إنصاف لحق المقاومة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|