أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - كانت هذه هي فتوى -الفقيه- العثماني الحمار(مع اعتذاري للحمار)















المزيد.....

كانت هذه هي فتوى -الفقيه- العثماني الحمار(مع اعتذاري للحمار)


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 22:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




السياسة والدبلوماسية وفنون الإدارة علوم أكاديمية تُدرَّس في الجامعات , ويمارسها رجال يتمتعون بقدرات خاصة وخبرات رفيعة تختلف تماما عما يدرسه المشايخ من علوم دينية لا يتاح لهم غيرها وتراثيات محنطة ثبتت سذاجتها وباطلها . فإذا أقحم رجل الدين نفسه في أمور السياسة والدبلوماسية والحرب , يكون قد أوتر غير قوسه , ورمى غير غرضه , وتؤول معه أمور الناس إلى بوار وخسران . وإذا كان فقيه السلطان قديما قد أقحم نفسه في تلك الأمور فلأن ذلك كان ضروريا للسلطان وبناء على طلبه , فهو من يبرر للناس سلوكيات سيده , فضلا عن أن أمور السياسة والحرب قديما لم تكن بمثل ما هي عليه الآن من تعقيد لا يصح معه إقحام المشايخ فيها , وإن قيل إن دورهم سيقتصر على تقديم المشورة والرأي , نرد بأن لا رأي لمن لا يعرف ما يقول فيه برأي .واسمع الرأي الذي أفتى به فقيه الديار عَلِي جمالي أفندي للسلطان سليم الأول العثماني لما أراد غزو مصر سنة 1516 , سأل السلطانُ فقيهَه قائلا: "إذا كانت أمة من الأمم التي تدين بالإسلام (أي المصريون) تؤثر تزويج أبنائها من الكفار (أي الشراكسة)بدلا من تزويجهم بالمسلمين فهل يجوز مقاتلة هذه الأمة ؟ فأجاب جمالي أفندي جوابا موجزا بقوله: "بلا مبالاة ولا مقاضاة" , وأضاف السلطان قائلا :
وإذا كانت أُمة تنافق في احتجاجها برفع كلمة الإسلام فتنقش آيات كريمة على الدراهم والدنانير مع علمها بأن النصارى واليهود يتداولونها هم وبقية الملاحدة من أهل الأهواء والنحل المنتمين إلى إحدى الفرق الاثنتين والسبعين أعاذنا الله منهم , فيدنسونها ويرتكبون أفظع الخطايا بحملها معهم إذا ذهبوا إلى محل الخلاء لقضاء حاجتهم فكيف ينبغي معاملة هذه الأمة ؟ فأجاب المفتي بأن هذه الأمة إذا رفضت الإقلاع عن ارتكاب هذا العار جاز إبادتها " .والفتاوى التي تحيل الباطلَ حقا , جاهزة في جراب الفقيه السلطاني مادامت أكياس الدنانير هي المقابل . ولم يبال "الفقيه" الضِّلِّيل بألوف الأرواح التي أُزهقت في هذه الحرب والتي لم ير لها سببا غير أن الناس يحملون دنانيرهم وهم يتبرزون , ولأنهم يتزاوجون مع الشركس الذين وصفهم بالكفار في حين أنهم كانوا من المسلمين . ومضى القول إن الأديان السماوية كلها تضمن حقوق الناس وتسوى بينهم , وترفع الظلم عنهم , واسمع قول الله وهو يحدد بجلاء سبب إرسال الرسل :" {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } الحديد 25 , هكذا بوضوح تام : ليقوم الناس بالقسط , فالغاية القصوى من الدين السماوي هو قيام الناس بالعدل وفقا لما جاء في الكتاب ( التوراة والإنجيل المنزليْن والقرآن ) .ويقول الله :وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ{44 المائدة}, .... ويقول :
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{ 45 المائدة } ..., ويقول :
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{47 المائدة} ,
و"حُكم" الله - بمعنى القضاء والفصل بين حقوق الناس وليس بمعنى الإدارة والحكومة أو السلطة السياسية - لا يكون إلا بما سن الله من قواعد عادلة لا تحابي أحدا على حساب آخر, ولا طبقة على حساب أخرى , ولا تمنح سلطات مطلقة للحاكم على حساب المحكومين , فتلك أسس الحق التي سنها الله ليحكم بها الناس , ومن يعطل هذا "الحُكم" فهو "الكافر" الذي وصفته الآية 44 من سورة المائدة , وهو "الظالم" الذي وصفته الآية 45 من نفس السورة , وهو الفاسق الذي وصفته الآية 47 من نفس السورة وقد تشابهت ألفاظ الآيات تماما .وكان فقيه السلطان قد فسر لفظ "حُكم" بأنه السلطة السياسة والإدارة ولم يفهمه على الوجه الصحيح من أنه "القضاء" بين الناس , ولم يتأمل الآية :{ وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ }النساء58 , فمعنى التقاضي والفصل بين الناس شديد الوضوح في الآية . والله يقول : " إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ " الأنعام 57 , أي خير من يفصل ويقضي بحكمه . وإن قال قائل بأن المراد من الحكم هنا هو السلطة السياسية والإدارة , يكون مطالَبا بإيجاد تفسير معقول لقول الله تعالى :
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً } مريم 12 , فيحي لم يكن حاكما بالمعنى السياسي , وإنما أعطاه الله الحكم صبيا , أي أكسبه القدرة على الفصل بين المتقاضين وممارسة القضاء بين الناس , وكذلك النبي لوط يقول الله أنه آتاه حكما :" وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً " الأنبياء 74 .وفي الآية 47 من سورة المائدة يقول الله تعالى :" وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " وفيها يطلب الله من النصارى القضاء بالأحكام التي أنزلها في الإنجيل , فعدم الحكم " القضاء" بها فسق .
ويقول : {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ } آل عمران 3 , فالأصول والغايات واحدة , والمشرِّع واحد في كل الكتب وهو الله العالم بمصالح الناس جميعا, لا يظلم أحدا , ولا يسمح لأحد بظلم أحد , فكتبه المنزلة كلها تعدل بين الناس . والقرآن مصدق للتوراة والإنجيل , ومهيمن عليهما , أي جامعا شاملا لجميع الأقضية والأحوال بحسب الزمن اللاحق الأكثر تعقيدا , وعدل الله يصادم أحلام الصفوة والسلطة والكهنوت , وتحُول أهواؤهم - الرامية إلى الاستحواذ على المال والنفوذ - دون تحقيق غايات دين الله من المساواة بين الناس , إنها الأهواء , لذا يقول الله للنبي مرتين للتأكيد في آيتين متتاليتين 48 , 49 , (ولا تتبع أهواءهم) , وفي الآية 50 يقول :" أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" المائدة 50, فحكم" قضاء" الجاهلية لا يحقق العدل بين الناس , وإنما يحابي جماعات المصالح والملأ والأرستقراطية والطبقية .
ويعقّب اللهُ في نفس الآية مقررا حقيقة مطلقة ثابتة : " وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ " , إنه الله الذي يُشرِّع , وأي مشرع سواه سيكون محابيا لطبقة مَّا , أو جماعة ما , أو أسرة ما , أو عرق ما , وحكم الله (قضاؤه) هو الوحيد الذي يعدل بين الناس , كل الناس : المؤمن والكافر, الأبيض والأسود , الحر والعبد , العربي والأعجمي ,الرجل والمرأة , الكبير والصغير .
وإذا أفسح الفرعون المجال للكهنة كي يشاركوا في أمور السياسة, فذلك يكون من باب تبادل المصالح , وسرعان ما يتحول رجل الدين المقدس إلى رجل بلا دين .

نبيل هلال هلال البنا








#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارفعوا أيديكم عن إسلام بحيرى :
- أصفاد في الأيدي ,وأحجار في الأفواه-أو كيف تكون محتالا بلا عن ...
- هذه هي الآيات القرآنية التي ينصب بها التيار الديني منذ الخوا ...
- فتوى: جواز قتل من دخل الكنيف ومعه دينار-لهذا وأشباهه نحذر من ...
- المؤمن المغفل في الدولة الثيوقراطية-المقال الحادي والعشرون م ...
- لم نجرؤ نحن المسلمين أن نفعل ما يفعله -(أبناء القردة والخناز ...
- رب ملوم لا ذنب له-المقال التاسع عشر
- أشكرقناة الجزيرة القطرية أن وضعت وساما على صدري- المقال الثا ...
- عفوا !هذا المقال مخصص للمغفل الذي ينكر أن اليهودي والمسيحي س ...
- في دولة الخلافة ,كان الناس هم -الحمير- التي يركبها ولي النعم ...
- الدنيا تنطق بغير لسان , فتخبر عما يكون بما قد كان -المقال ال ...
- الكهنة كالدابة الحَرُون التي تقف حين يُطلَب جريُها- الجزء ال ...
- هذا المقال لغير المغفلين- الجزء الثالث عشر من سلسلة خرافة اس ...
- قبل أن تنحر أخاك المسلم ....اقرأ هذا الكتاب- الجزء الثاني عش ...
- قبل أن تلقي زجاجة المولوتوف ....اقرأ هذا الكتاب- الجزء الحاد ...
- قبل أن تلقي زجاجة المولوتوف ....اقرأ هذا الكتاب- الجزء العاش ...
- الظمآن يقنع بيسير الماء -قبل انضمامك إلى جماعة إرهابية ....ا ...
- لاأنصح بقراءة هذا الكتاب ما دمت لا تنوي الانضمام إلى جماعة إ ...
- ( الخلافة) مجرد مصطلح تراثي - قبل انضمامك إلى جماعة إرهابية. ...
- اليد الخفية - وفصل من التآمريتكرر ويتكرر - المقال الثاني


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - كانت هذه هي فتوى -الفقيه- العثماني الحمار(مع اعتذاري للحمار)