|
التحدي المقدس
احمد الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 19:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل القرآن قمة سامقة في البلاغة ؟ والكلام كل الكلام منحصر في الجانب البلاغي للقرآن فحسب . والجواب : بكل تأكيد هو كذلك ، فالصور البلاغية التي تضمنتها الحوارات والقصص القرآني شئ مبهر الا يطربك الحوار بين نوح وربه : فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ-;- أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ لاحظ الاستعارة التمثيلية في شدة انصباب الماء وكأنه مدخر وراء باب موصود في اسفله يمنع من انصبابه وفجأة يفتح الباب فينصب الماء صبا كاشد ما يكون ، ثم يلتقي الماء الذي هو اسم جنس لا يثنى بين ماء السماء وماء الارض ليشكلا الطوفان المعروف ... وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ هكذا صورت نهاية الطوفان بأجمل صورة . وهذا يقودنا الى تساؤل مخيف ظل طوال قرنين من الزمن شبحا يطارد افكار الاحرار من المفكرين المسلمين ، لكن سطوة القداسة التي يتمتع بها القرآن كانت سدا منيعا يحول دون الخوض في كنه ذاك الشبح ...الى ان جاءت صحوة العصر الثالث للهجرة ليطرح التساؤل من جديد ، فتظهر وتتبلور افكار جديدة لحل لغز التحدي المقدس : هل القرآن اعجاز في البلاغة ؟ هل هو تحد لا يقاوم في البلاغة ؟ هل الاتيان ولو بكلمة واحدة تقاوم ببلاغتها بلاغة القرآن امر خارج مقدرة فحول البلاغة والبيان والخطابة ؟ كيف حصل ذلك ؟ كيف عجز ائمة الفصاحة و البلاغة من العرب عن الاتيان ولو بكلمة واحدة تضاهي ببلاغتها لفظة " مدهامتان " ؟ والتاريخ ينبئناعن كتب الفت في تلك الفترة ادعى اصحابها انها وحي يوحى من السماء ، ككتاب صاحب دعوة رحمان اليمامة مسلمة بن حبيب الحنفي ، وسجاح بنت الحارث التميمية ، وغيرهما كثر ... دع عنك ما قيل ويقال من خزعبلات تضمنها كتاب مسلمة وانها مضاهاة فاشلة ومثيرة للسخرية لآيات القرآن ، لانها تدخل في باب دجل الرواة وسياسة تسقيط الخصوم ، ولست في مقام التقييم بقدر اثبات امكانية قبول التحدي المقدس من مسلمة ومن غيره وقد فعلوا ... حتى لو اطرت القصة بأكملها بأطر التنافس على الزعامة يثبت ان التحدي واقع ايضا ، لكن البقاء للاقوى وسيف الردة مسلول دائما ، رغم ان المدعين لم يدخلوا ضمن دائرة الاسلام ليوصفوا بالارتداد . لقد اجاد ابن خلدون اي جود في مقدمته واصفا ظاهرة المتنبئين في تلك الفترة بان العرب "... يحبون المنافسة والرئاسة، وفي اعتقادهم أن الملك لا يحصل عندهم إلا بصبغة دينية من نبوة، أو ولاية، أو أثر عظيم من الدين " وللتنبيه اقول : ان أشهر وأعرف آية نُسبت إلى مسلمة هي أية الضفدع نقلها الرواة بصور متعددة ومختلفة، هذا إلى جانب أن الرواة يناقضون أنفسهم كثيرًا فيما نسبوه إليه مما لا يعقل صدوره عن رجل استطاع أن يتنبأ مكان الصدارة في قومه. انظر الى هذه الآية الا تعلوها حالة من السخرية اللاذعة : " " ياضفيدع نقّي كم تنقين، نصفك في الماء، ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين، ولا الشارب تمنعين من الصعب ان اصدق كلاما كهذا يصدر من شخص ظل كتابه يقرا عند الكوفيين الى زمن زعامة ابي موسى الاشعري ، بل ان عبد الله بن مسعود اوصى بعقوبة الاعدام في أحد مواطني الكوفة واسمه عبدالله بن النواحي لما قيل انه عمل لفترة قصيرة حاجبًا أو مؤذنًا لمسلمة ، فقطعوا رقبة الرجل على الطريقة الداعشية . روى هذا الخبرالبلاذري في فتوح البلدان،وابن حجر السعقلاني في كتابه الرجالي الإصابة في تمييز الصحابة. ونص الخبر عن ابن حجر: ينسب إلى مُعيز السعدي أنه مر على مسجد بني حنيفة، فسمعهم يذكرون مسيلمة، ويزعمون أنه نبي، فأتى ابن مسعود فأخبره، فبعث الأخير لهم الشرط، فجاءوا بهم، فاستتابوا فخلى سبيلهم، وقدم ابن النواحه فضرب عنقه. فلو كان الرجل يتكلم بهذه السذاجة فما هي دواعي كل هذا الخوف من اتباعه حتى تشن الحروب ضدهم وتقطع رقابهم ... اذن هناك قلع من الجذور واجتثاث للرجل واتباعه . واكتفي بشهادة امام من ائمة البلاغة في مناقشته بعض ما نسب الى مسلمة ، ولم يستبعد كذب الرواة عليه ، ذلك هو الجاحظ في كتابه البيان والتبيين ، فيتساءل كيف يكون هذا الأمر ولا يقول فيه شاعر ولا يشيع خبره ، ويذهب الجاحظ إلى أبعد من هذا عندما يشكك في مقدرة مسيلمة على قول الشعر والقدرة على الخطابة، ناهيك عن تأليف قرآن يضاهي به قرآن الإسلام، وهو فن يستوجب قدرات لا يملكها بشر. ويرى الجاحظ أن الايات المنسوبة الى مسلمة ذاعت بعد مقتله وانتشرت، وهي تدل على سخرية لاذعة بصاحبها. ثم ان عقول مفكري القرن الثالث الهجري ابدعت فكرة الصرفة لحل اشكالية التحدي القرآني لاثبات الاعجاز بأي نحو كان فما هي نظرية الصرفة ؟ والاجابة ترجئها الى الحلقة القادمة .
#احمد_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايكارت تولي 2
-
Eckhart Tolle
-
حق الخصوصية
-
الدجل الديني ...الاستخارة
-
صور من دجل الرواة 2
-
مهزلة الجزية
-
رسائل السلام
-
اضواء على خطبة الخليفة (رض)
-
خيارات ما بعد الازمة
-
الفدرالية الحقيقية .. ماذا تعني ؟
-
الحاجة الى اعادة هيكلة التفكير
-
المرأة والتدين .. وجهة نظر سوسيولوجية دينية
-
الوجه الاخر للشراكة الحقيقية
-
انتخابات الخارج والدعوة الى الغائها
-
امثال مقدسة : الجمل وثقب الابرة
-
المرجعية الدينية والموقف المزدوج من الانتخابات
-
منهج الجابري في فهم النص ..عرض و تقييم (3)
-
منهج الجابري في فهم النص .. عرض و تقييم( 2)
-
منهج الجابري في فهم النص .. عرض و تقييم (1)
-
زواج الصغيرة بين الشريعة و القانون
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|