أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عز - حرق الكتب، خطوة على طريق المجهول














المزيد.....

حرق الكتب، خطوة على طريق المجهول


محمد عز

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 08:59
المحور: حقوق الانسان
    


صورة كابوسية ومقززة، تمنيت لو كانت حلمًا ولم تكن حقيقة البتة. تعصب وتطرف ينم عن جهل يفوق أشد المتطرفين الذين يبحثون عنهم. استفزاز للمشاعر ومعاداة للمثقفين وقتل لحرية الفكر والإبداع. تحريض على العنف الذين يتظاهرون بأنهم ينبذونه بفعل مبتور، فالفكر لا يناقش إلا بالفكر، والعقل والقلم لا يرد عليهما الا بمثلهما. إقدام على عمل بليد ينم عن عدم وعي أو إدراك لخصائص القرية الكونية التي نعاصرها. أترى هل يستطيع هؤلاء منع الأفراد من الولوج إلى عالمهم الافتراضي واستقاء أفكارهم بل ثقافتهم وجُل تصوراتهم وسلوكياتهم؟ هل يستطيعون تحجيمهم عن قراءة هذا أو ذاك؟.
يُخيل لي مشهد حرق الكتب بمدرسة "فضل" بمنطقة فيصل بالجيزة، بأننا نعيش عصرًا شبيها بتلك التي عاشتها أوربا في عصورها الوسطى، ثلاثة تشابهات واختلاف، أو قل ثلاثة أسباب ونتيجة كالتالي:
1- مشهد حرق الكتب الشبيه بمشهد حرق الكتب والعلماء في العصور الوسطى، واعدام أي تجديد من شأنه تعطيل سطوة الكنيسة أو الإضرار بمصالحها.
2- رفع علم مصر أثناء الحرق الشبيه برفع الصليب في العصور الوسطى.
3- الحرق على أنغام "أغاني وطنية" وتصريح وزارة التربية والتعليم الذي جاء تحت مانشيت "الوزارة أحرقت الكتب في فناء المدرسة على أنغام يا أغلى أسم في الوجود"، واعتبار هذه الأغاني بمثابة صك للعبور وعدم المحاسبة على مثل هذا الفعل البغيض الى النفس، يشبه تمامًا "صك الغفران" الذي بمقتضاه يعبر الفرد إلى حياة هانئة "الجنة" دون حساب.
أما النتيجة، فإنه، إذا كانت أوربا في ذلك الوقت تحكم "بالحق الإلهي"، فإننا نُحكم الأن "بالحق الوطني" إن صحت العبارة أو "الفاشية الوطنية". تشابهت الأفعال واختلفت القوة التي يستمد منها الحاكم أو المسئول مشروعيته، اعتبرنا كل مخالف لقوانينا إرهابيًا يريد الخراب والدمار وان لم يكن كذلك.
إن كارثية مشهد الحرق الذي حدث لا تكمن فقط في معاداة حرية الفكر والتعبير، ولا في أنه مشهد لا تربوي يحض على العنف ونبذ الآخر بدل من مناقشته وإقناعه، ولا أنه وقع في حرم مدرسي من المفترض أنه يدعم الفكر وحرية التعبير وبناء عقلية ناقدة تستطيع تمييز الخبيث من الطيب. إن ثمة كوارث أخرى عديدة تتمثل أهمها فيما يلي:
1- عدم وعي من قاموا بهذه العملية بأن التطرف ليس تطرفًا دينيًا فحسب، ولكن التطرف أي فعل يبعد عن الوسطية والإعتدال، وأنهم بذلك مارسوا تطرفًا لا يقل بحال عن تطرف الفكر الديني الذي يعتقدون في وجوب محاربته.
2- أن عملية الحرق طالت كتبًا لمؤلفين لم نعهدهم من ذوي الفكر المتطرف أو تم تصنيفهم بالإنتماء لجماعة بعينها، أمثال الكاتب الكبير سمير رجب. إن هذا من شأنه أن يثير في النفس الشكوك، ويقمع القلم، ويبتر عزيمته وحريته. كذا، فإن هذا من شأنه أن يقذف بنا إلى الهاوية، إلى حيث لا ندري، ولا نعرف، ويقلل فرص ظهور أية كتب بناءه أو ناقدة.
3- أن اللجنة –وان كنت أعترض كليًا على أي تدمير أو إعدام لكلمة واحدة ينشرها صاحب فكر أيًا كانت- لم توضح المعايير التي تم بناءًا عليها اختيار هذه الكتب للحرق، فهل كان اختيارًا عشوائيًا أم مدفوعًا بتوجهات سياسية؟.
4- ما ورد في صحيفة الشروق من صور ومانشيتات مثل "اللجنة تلوح بأعلام مصر بعد إتمام العملية"، ما قد يدعو للتصنيف والتحزب، ويجعل الوطنية غطاءًا يبرر الأفعال.
إن الوطنية لا تحتكر، فكلنا مصريون، وأعود مرة أخرى لأقول "إن صبغ جماعة بكاملها أو على الأصح كل مخالف لما تعتقده صواب، من شأنه أن يزيد من اختلافه ويدعمه، لا يصلحه ويقومه"، إن اختلاف الأراء في إطار من الحب والإحترام وقبول الآخر لهو بعينة أرقى معاني التقدم والإزدهار. الفكر بالفكر والقلم بالقلم والعقل بالعقل والعنف بالعنف والسلم بالسلم.



#محمد_عز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري: رؤية ...
- وهما المساواة والعدالة
- الحلقة المفرغة
- ثلاثية الجهل والفقر والإهمال
- دلع الشباب الثوري: الرأي والرأي الآخر
- سوسيولوجيا الكلام ومرشحي الرئاسة
- رؤساء مصر بين مقتول ومعزول


المزيد.....




- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...
- كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا ...
- -المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على ...
- 5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عز - حرق الكتب، خطوة على طريق المجهول