|
حان الوقت لانبثاق اقليم البصرة ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 19 - 13:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدستورالعراقي بمادتيه 116 و 117 يخول اية محافظة او مجموعة من المحافظات لتنظيم الذات ضمن اقليم و يكفل الدستور الحقوق الشرعية للاقليم الجديد ضمن الدولة العراقية كما يفرض الواجبات التي تلقى على عاتقه من نواحي متعددة . ان المجتمع العراقي الذي مر بمآسي كبيرة و لم يسترح منذ عقود، له الحق بان يجد اية طريقة غير مكلفة للعبور الى شاطيء الامان دون المس بحقوق الاخرين . و لكن هناك مناطق تضررت من مغامرات و ظلم الدكتاتور اكثر من غيرها و هذا بائن بشكل واضح للجميع، ان كنا صريحين في قول الحقيقة، يجب ان نعترف ما كانت عليه السلطة السابقة من الخصائص المشينة ضمنا او علنا، فان لم تكن السلطة الدكتاتورية محسوبة على مذهب و دين ما الا انها كانت تضمن استمراريتها باعتمادها على حلقات ضيقة دائرة حول بعضها، من القريبة الى البعيدة حسب الثقة و ضمان الولاء من العائلة الى الفخذ الى العشيرة الى المنطقة و من ثم المذهب . اي، اضافة الى الحكم المخابراتي و جمهورية الخوف التي زرعتها في كل بيت و بقعة، و ضمنت حكمها بابشع طرق الفزع و التخويف و العمل على زرع الشكوك بين حتى الاخوة و الاقرباء، فانها عملت على الترهيب و الترغيب ضمن الحزب الحاكم ذاته . منذ مجيء البعث لم تستفد المناطق النائية او البعيدة عن المركز و ان تطورت الحال في العراق بعض الشيء من نواحي مختلفة و لكنها لم تصل ان حد المساواة في الحقوق و الواجبات بين المناطق العراقية المختلفة، وحدثت تغي ايجابي نسبي في مناطق معينة فقط قبل اعتلاء الدكتاتور الكرسي و اشعل حرب الثمان سنوات، و ازدادت الطين بلة على المناطق البعيدة و الحدودية . البصرة اكثر المدن تضررا بهذه الحرب اللعينة نتيجة كثافة الهجمات عليها و محاولة الطرف الايراني قطعها عن المركز هادفا الى حدوث تخلخل و عدم السيطرة، و لم يدع النظام العراقي حدوث هذا ليس دفاعا عن البصرة بقدر الحفاظ على السلطة و لم يدفع الثمن غير اهل البصرة و المدينة بذاتها، و ساعدته في هذا دول الخليج لضمان امانهم و استقرارهم لانها تقع على عتبتهم او حسب العرف العسكري في عقر دارهم . لم تكن المدن الحدودية الاخرى بامان او بعيدة عن الاضرار كما كانت حال العمارة و الاقضية كخانقين و حلبجة و منها التي هجرت اصلا و سويت مع الارض كمندلي . بعد سقوط الدكتاتور و انصدم الشعب بعدما لقى ما هو الاسوا من نواحي عديدة و لم يتحقق ماتمناه و توقعه الشعب، و لم يتحقق لحد الساعة و ليس هناك من الامل في تغيير الحال في المستقبل القريب، لما وقع فيه العراق من المشاكل المستعصية التي تحتاج الى عشرات السنين لحلها و تصفيتها لظروف موضوعية و ذاتية، اي الاسباب الاجتماعية و الثقافية و السياسية و الاقتصادية، اضافة الى ما تمخض عن ترسيخ الارضية الشاسعة لتدخلات الكثيرين عالميا و اقليميا . و لكن هناك اقصر الطرق للوصول الى المبتغاة و تحقيق الخطوة الاولى لضمان امن و استقرار العراق بشكل شامل، و هو اللامركزية و توزيع المهامات الصعبة على القدرات المتوزعة في البلد وفق الاقاليم، و حسب الانتماءات المتجسدة و الفكر و الايمان المزروع غريزيا في كيان الانسان من الناحية النفسية الاجتماعية قبل السياسية . ان انتماء الانسان الى عائلته اكبر من حتى عائلة اخيه و جيرانه و هذا لا يعني عدائه لهم، فان انتماء و حب اي منا لبلدته و محافظته يختلف بشكل كبير عن حبه الكبير لبلده، هذا من جهة، اما من الناحية السياسية؛ فان كثرة المشاكل و القضايا الكبيرة المتوزعة على كافة بقاع العراق من الموصل الى البصرة لا يمكن ان يسيطر عليها المركز و يجد لها الحلول في الوقت المطلوب بهذه الامكانية و العقليات و ما حل بالبلد من التعقيدات . اما عند تكليف الامر و فرضه على اصحاب الامر انفسهم للتوحد و التلائم و تسوية الامور من كافة النواحي يمكن توفر الوقت و الجهد و حتى الامكانية لايجاد المنافذ من اجل ايجاد الحلول المامولة . ان البيروقراطية المميتة التي كانت العائق الاكبر امام سير امور المواطن و المناطق نتيجة الثقافة المركزية التي زرعتها السلطة الدكتاتورية و اهتمامها بالقريب الضامن في ذهنية الجميع و ترسخت في عقلية حتى النخبة المركزية الموجودة في العاصمة و هي تتعامل مع البعيد و كانه التابع و ليس الشريك، لا يمكن ازاحتها في اذهان الناس الا بتطبيق اللامركزية و الحكم الذاتي على الارض و من ثم التعاون و التواصل القانوني بين المركز و الاقاليم على الاقل في العقود القريبة الاتية. و عند ارتقاء النظام و ارتفاع نسبة الثقافة العامة و الوعي المطلوب لتجسيد الديموقراطية الحقيقية بعيدا عن التمايز و المناطقية و في حال يمكن تطبيق مبدا تكافؤ الفرص و المساواة و العدالة الاجتماعية، لن تظل الاسباب الموجبة لتطبيق الاقاليم و تنتفي اسباب استمراريتها من ذاتها، و به يمكن ان يفرض الشعب نفسه ازاحة الاقاليم و العيش ضمن دولة الرفاه، كما هو المنتظر منه . فان كانت الدول اتحدت و كانوا ضمن الفدراليات او الكونفدراليات بعد ان فرضت المصالح المشتركة نفسها عليهم، فكيف باقاليم التي تجد نفسها منعزلا ان استوجبت التنظيم الاداري و المنافع و المصالح المشتركة نفسها دون بقاء الاقليم . ان حال العراق بحاجة الى جهود جبارة و امكانيات انسانية و عقليات كبيرة، لا يمكن ان نتفائل في ايجادها فقط في المركز لينظر الى البعيد و يتعامل معه كما تمس القريب، و لم يحدث هذا ليس من قبل و لا الان ايضا بعد سقوط الدكتاتورية، و الدليل ما مررنا به بعد سقوط الدكتاتورية خلال العقد الماضي و ما تعاني منه المحافظات و المناطق البعيدة عن المركز . اما من جهة ثانية و هي الاكثر اهمية هو؛ توزيع المهام على مجموعة العقول التي فرضت المركزية على تناثرها دون ان تُستغل لحل المشاكل التي تخص كافة مناطق العراق، و لا يمكن تركها على الاقل لحل مشاكل مناطقها و محافظاتها في اضعف الايمان . اننا لنا تجربة اقليم كوردستان المتالفة من ثلاث محافظات حتى اليوم، و اصبحت اربع بعد محافظة حلبجة عدا المحافظات و المناطق المتنازعة عليها التي تقع خارج الاقليم رسميا، فاننا نلمس حتى هنا في اقليم كوردستان، المركزية الخانقة و يتامل الجميع اللامركزية لحل مشاكل المحافظات، و تبرز احيانا الصراعات المناطقية، فكيف بالعراق الواسع المبتلى بالمشكل التي لا تُحصى و لا تُعد . اضافة الى ان اهل اية منطقة ادرى بشعابها، اي؛ لا يمكن ايجاد الحلول المناسبة لاقليم بعيد عن العين بعقلية منطقة اخرى او مركز و بمن يعيش في حياة مغايرة اخرى . لذا تطبيق نظام الاقاليم في العراق بدءا من البصرة سواء ضم الاقليم العمارة و الناصرية او اي عدد من المحافظات الاخرى معها او لوحدها باديء ذي بدء، و التي هي اَولى من الاخريات لتاريحها الماساوي و ما حل بها و الضرورة الملحة لانقاذها من باسها و من ما مرت به، الى ان تصبح نموذجا يُحتذى به نتيجة غناها بالعقول المتمكنة لادارتها و من ثم نقل التجربة الى المحافظات الاخرى . و به يمكن ان يُساعد المركز و يرفع عنه الجهود الكبيرة التي تحتاجها لايجاد الحلول للمناطق البعيدة بجهود قليلة من اهلها، و به يمكن ان نقصر طريق الوصول الى الامن و الامان و الاستقرار و توزيع الادوار المفروضة اداءها على كل فرد من الشعب العراقي لاستنهاض البلد و انقاده من محنته .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما يقصده العبادي من تصريحاته في امريكا
-
هل تركيا حليف السعودية و الغرب ام ؟
-
عراق الدولة ام المذهب
-
لماذا اكاديميا السياسة و الفكر الديموقراطي ؟
-
تداعيات الاتفاق النووي الايراني الغربي على محاربة داعش
-
منطقة الشرق الاوسط ما بعد لوزان و كامب ديفيد الجديدتين
-
هل هناك كامب ديفيد ثانية ؟
-
منفذ المرور الى العلمنة
-
الاعتراف بالخطا فضيلة يا المالكي
-
هل سيتحول الحشد الشعبي الى المهربين ؟
-
على الكورد ان يقفوا مع الامبراطورية الساسانية ام العثمانية ؟
-
سبل انقاذ العراق من محنته
-
هل تتلاقى اليسارية بالتنمية الديموقراطية في العراق
-
القائد الذي لا يُعوض ابدا
-
هل ستبتعد تركيا اكثر عن حلفائها ؟
-
العنف و العنف المضاد
-
كيف يُعوٌض فراغ المرجعية الكوردستانية ؟
-
من جسٌدَ التواكل المذموم في المجتمع العراقي ؟
-
لماذا كل هذه التصريحات في هذا الوقت بهذا الشكل
-
حتمية التغيير بين الفساد و الاصلاح
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|