أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم الشامي - امريكا واعادة تاهيل العالم الاسلامي















المزيد.....


امريكا واعادة تاهيل العالم الاسلامي


حاتم الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 1329 - 2005 / 9 / 26 - 08:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد وجدت في السنوات القصيرة الأخيرة ظاهرة إغراق الساحة العالمية في المفاهيم والنظريات والفرضيات والمصطلحات مثل النظام العالمي الجديد، العولمة، وعسكرة العولمة، حرب الايدولوجيا، الحرب على الإرهاب، الإصلاح مشروع الشرق الأوسط الكبير، الحوار مع الإسلاميين المعتدلين، وأخيرا ظهرت نظرية الفوضى الخلاقة وترددت على السنة الساسة الأمريكان. وستركز هذه المقالة على هذه النظرية وربطها مع الحوار مع الإسلاميين المعتدلين.

يعتبر معرفة وإدراك نوايا الولايات المتحدة المتمثلة بزعامة المحافظين الجدد أمراً في غاية الأهمية خصوصاً لمن يسعون لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة التي لابد لها من أن تكون الدولة الأولى في العالم بلا منازع، حتى يتسنى لهم الحكم على فحوى الأعمال السياسية والقدرة على اتخاذ وصنع القرار السياسي والتأثير في الحلبة الدولية.

حتى نستطيع تصور ما يدور في خلج قلوب الأمريكان من نوايا سيئة تجاه العالم الإسلامي، لا بد لنا من بعض التفصيل في أفكار سياسية تبلورت في عقول الساسة الأمريكان قد تترجم إلى أعمال ممنهجة ومنمطة بأساليب خبيثة قد تخفى على كثير ممن يراقبون الأحداث السياسية.

سياسة أللاستقرار( نظرية الفوضى الخلاقة أو البناءة) في الشرق الأوسط:

إن سياسة اللاستقرار سياسة جديدة أصبحت تتربع على الصفحات الأولى من الأجندة الأمريكية عموما لاسيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط ( وقد تنتقل إلى أمريكا الجنوبية) وقد بدأت هذه السياسة منذ تولي الإدارة اليمينية الحكم في أمريكا (المحافظون الجدد). ولإدراك خطورة هذه السياسة وما يندرج تحتها من برامج في الفترة الحالية لابد لنا من تصور ومعرفة التالي:

لقد كانت الولاية الأولى للإدارة الأمريكية تتزعم منفردة حملة القضاء على الإرهاب بعد أحداث 11/9/2000 وضرورة تغيير بعض الأنظمة بمنطق القوة العسكرية. وبعد أربع سنوات من هذه الحملة التي انطفأت شرارتها نوعاً ما، كان لابد للولاية الثانية من أن تغير من اسم الحملة إلى حملة القضاء على الاستبداد والديكتاتورية ونشر الديمقراطية والحرية في العالم والإصلاح، ولكنها في مضمونها تحقق نفس الأهداف وزيادة التي كانت تراودها ومازالت على الصعيد السياسي والاقتصادي خصوصاً.

وبما أن الولاية الحالية تسيطر عليها عصبة من المحافظين الجدد الذين أدركوا كيف يتقنوا اللعبة في فترة الولاية الأولى بجعل العالم يقف ضد الإرهاب كان لابد من التفنن الإبداعي في الولاية الثانية لتحقيق مزيد من الأهداف والمصالح بجعل العالم ينفر من الديكتاتورية والاستبداد التي عانت منها أوروبا وأحلت بدلاً منها الحرية والديمقراطية. فكان مصطلح الفوضى الخلاقة الذي يعبر عن سياسة أللاستقرار.

وحتى لا نطيل فإن المقصود من الفوضى الخلاقة أو البناءة هي تفضيل أللاستقرار على الاستقرار( الذي بات لا يلبي مطامع أمريكا ونواياها في المنطقة) بدرجة معينة تقبلها الولايات المتحدة الأمريكية بحيث يتم تحريك الركود والجمود السياسي في المنطقة. وقد قدم روبرت ساتلوف(كان مستشار في مجلس الأمن القومي والمدير التنفيذي "لخزان الأفكار" معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، التابع للوبي اليهودي. وجاء كثير من خبراء اللوبي اليهودي من هذه المؤسسة مثل مارتين إنديك). دراسة من حلقتين تتناول تقييم هذه السياسة بعد تداعيات اغتيال الحريري، وما هو الواجب على الإدارة الأمريكية عمله في سوريا ولبنان على وجه الخصوص (يفهم من التقرير أن اغتيال الحريري فُرض على أمريكا). ولأن التركيبة اللبنانية مختلفة عن سائر الدول، كان التقرير مقتصرا على سوريا ولبنان، ولكن هذا لايعني أن لا تعمم أمريكا هذه النظرية على سائر الدول وتشرع إلى إخراجها إلى حيز التطبيق مثل العراق وهذا ما نبهت إليه كونداليزا رايس بشان العراق أنها تفضل الفوضى القليلة (ولسنا في معرض التفصيل على ما يحاك لكل دولة بحد ذاتها) ولكن ما هي الدوافع التي دفعت أمريكا لتبني هذه السياسة، وما علاقتها بمشروع الشرق الأوسط الكبير؟

يمكن وضع الدوافع التالية التي يراد تحقيقها من اختراع وتطبيق الفوضى الخلاقة:

1) بقاء الوضع في العالم الإسلامي على ما هو عليه لم يعد أمرا مقبولاً في أروقة السياسة الأمريكية لذلك كان لابد من تغييره بشتى الأساليب والوسائل سواء كان عن طريق القوة الاقتصادية أو القوة العسكرية أو القوة الشعبية ليحقق مصالح أمريكا المتشعبة في المنطقة بشكل فعال وفاعل، وهذا ما قامت به أمريكا في تغير بعض الأنظمة مثل العراق وأفغانستان بالقوة العسكرية، وبالتالي ينتج عنه انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي والدخول في حالة الفراغ السياسي المؤقت لإيجاد بديل جديد يحمل مشاريع أمريكا في المنطقة ويكون له مد جماهيري وشعبي مستساغ.


2) ضرورة فتح قنوات مع شعوب المنطقة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر أي غير ملموس من خلال تكتلات وحركات مقبولة أمريكياً (بغض النظر عن منظومتها الفكرية وميولها الإسلامية ) وذلك لشعور أمريكا بأن الشعوب وصلت إلى حالة شديدة من الاحتقان ضد كل ما تقوم به أمريكا في المنطقة وخصوصاً دعمها المطلق لكيان يهود، وضد أدواتها الحكام العرب، وما يدلل على هذا صدور أكثر من تقرير في هذا المجال مثل التقرير الذي أصدره الخبير السياسي الأمريكي ادوارد جرجيان والذي عنوانه "دور الدبلوماسية الأمريكية بمعركة كسب العقول والقلوب"، وتقرير أخر بعنوان "من الصراع إلى التعاون: كتابة فصل جديد في العلاقات الأمريكية العربية" وأصدرته لجنة استشارية أشرف على عملها مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن وابرز ما يطالب التقرير به هو تقوية العلاقات التبادلية مع الشعوب العربية من خلال المنح المتبادلة، والاستثمار في جيل القيادات العربية القادم والهدف من ذلك السيطرة على الشعوب وجعلها أداة بيد أمريكا تنفذ ما تريده سواء بالانقلابات أو بمعارضة مشاريع لدول كبرى غير أمريكا أي جر الشعوب إلى تنفيذ مخططاتها وبذلك تتحكم بإرادة الشعوب فأمريكا لم تعد تكتفي بالعمالة.


3) القليل من الفوضى التي يجب أن تبلغ درجتها النسبة التي ترضاها أمريكا ليس أمرا سيئاً لأنها ستقضي على الوضع القائم وتكون بداية لولادة الديمقراطية في المنطقة ولا بد من وضع الثقة بالمؤسسات النيابية وهذا ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في مقابلة صحفية مع ال واشنطن بوست في 22/4/2005 وذلك في رد على سؤال أحد الصحفيين فيما إذا كانت متأكدة من ايجابية النتائج المترتبة على انتقال الديمقراطية إلى المنطقة العربية وذلك لان طبيعة المصالح الأمريكية تقتضي تحريك الركود الذي يسود المنطقة بالقدر الذي لا يسمح بالانزواء الفوري للأنظمة الراهنة وهذه هي لعبة الفوضى الخلاقة.


4) جعل المنطقة تعج بتيارات فكرية متعددة ضمن إطار الديمقراطية وحقوق الإنسان (الحضارة الغربية) ومن ضمن هذه التيارات والتموجات الفكرية الإسلام المعتدل الذي يوافق أفكار الغرب ولا يعارضها وقد بات ظاهرا أن الإسلام المعتدل دخل في مرحلة الغزل الأمريكي وأن الولايات المتحدة أصبحت لا تخشى ظهور الحركات الإسلامية بشكل مؤثر على الساحة السياسية والدولية.


5) تحقيق مكاسب اقتصادية مدخلها الديمقراطية.


أما عن الترابط بين الفوضى الخلاقة وشعار القضاء على الاستبداد والديكتاتورية ونشر الديمقراطية، فإن نشر الديمقراطية يتطلب تعدد وجهات النظر المتناقضة والمختلفة مما يدفع المنطقة إلى مزيد من التشظي والنزاعات، ويجعل المنطقة في حالة من التوتر من خلال اللعب بورقة الحرية والإرهاب الفكري و الأقليات وهذا كله يظهر في الاستراتيجية الأمريكية التي تتبعها في منطقتنا بعد توصية ريتشارد هاس(مدير التخطيط في وزارة الخارجية وسفير متجول، ويعمل كذلك مديراً لبرامج الأمن القومي ومسؤولاً رفيعاً في مجلس العلاقات الخارجية. وكان أحد الصقور المساندين لإسرائيل في إدارة بوش الأب حيث يعمل في مجلس الأمن القومي. وهو أيضا من الداعمين بشدة لشن حرب على العراق وهو عضو في جماعة دراسات الأمن القومي بوزارة الدفاع) وذلك بما يلي:

1) ستسعى واشنطن لوضع "برنامج سري" لتشجيع الديمقراطية.
2) فرض الديمقراطية لن يكون بشكل ثوري ولكن بشكل تدريجي وحسب ما يناسب كل بلد.
3) تشجيع الديمقراطية سيكون بالدعم المالي الذي ستقدمه واشنطن للحكومات بهدف توسيع دائرة النمو الاقتصادي
4) واشنطن مستعدة للقبول بمعضلة الديمقراطية المتمثلة في وصول حزب إسلامي للحكم عبر الانتخابات.
5) هدف أمريكا من تعزيز الديمقراطية هو الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والخوف من انفجار متوقع في هذه البلدان "من أحزاب مخلصة"

يقول هاس:
" إن الأساس المنطقي الأمريكي في تشجيع الديمقراطية في العالم الإسلامي هو في نفس الوقت لمصلحتنا ولمصلحة الغير، فالمزيد من الديمقراطية في البلدان ذات الأكثرية الإسلامية هو أمر جيد للشعوب ولكنه أيضا جيد بالنسبة للولايات المتحدة، فالبلدان المبتلاة بالجمود الاقتصادي والافتقار إلى فرص عمل وبالأنظمة السياسية المنغلقة وبالسكان المتكاثرين ستكون تربة خصبة لخروج المتطرفين، فلابد من بناء الديمقراطية من الداخل دون فرضها من الخارج وتقديم المساعدات اللازمة وسماع شكاوى الشعوب"

وبسبب الأهمية، فإننا سنكمل مع هاس باقتباس أخر مطول، حيث يكمل:

" نحن ندرك تماما عندما نشجع الديمقراطية أن التحرك المفاجئ نحو الانتخابات الحرة في البلدان ذات الأكثرية الإسلامية قد يأتي بالأحزاب الإسلامية إلى الحكم، وحتى لا نترك مجالا لسوء الفهم، فإن الولايات المتحدة لا تعارض الأحزاب المسيحية واليهودية والإسلامية في الديمقراطيات ذات الأسس العريضة ودليل ذلك طريقة استقبالنا لنتائج الانتخابات في تركيا، وقد عبر رئيس وزراء تركيا عبدا لله غول بعد إدلائه القسم" نريد أن نثبت أن الهوية الإسلامية يمكن أن تكون ديمقراطية وشفافة وتتماشى مع العالم المعاصر" إذا فأمريكا تريد أن يكون حزب العدالة والتنمية هو النموذج الذي يجب الإقتداء به.

والخلاصة:
يتضح أن أمريكا تريد من الفوضى الخلاقة أو البناءة مع الديمقراطية ومشروع الشرق الأوسط الكبير أن تجعل المنطقة الواحدة في البلد الواحد مزعزعة من جميع النواحي الفكرية والاقتصادية والسياسية من خلال أزمات تبدعها هي بين الأحزاب السياسية لتحقق أهدافها ومآربها بحجة الإصلاح والتغيير و حرية التعبير والتعددية والانفتاح على العالم، حيث يلتقط هاس ذلك ويردف قائلاً" ولعل النماذج الديمقراطية التي ترسمها أمريكا لكل بلد مع ما يتناسب مع احتياجاته أصبحت جاهزة ( في مصر: إقامة كيان قبطي، السعودية: تسليم المنطقة الشرقية لشركة ارامكو، ناهيك عن السودان والجزائر والمغرب ولبنان وسوريا وفلسطين)"
من هنا يتضح العلاقة بين سياسة الفوضى البناءة والديمقراطية، إذ بدون الديمقراطية والقضاء على الاستبداد لا يمكن جعل المنطقة مضطربة ومتوترة ومزعزعة وهشة تصمد أمام العواصف والرياح السياسية القادمة من الغرب، ولكن مع هذه الفوضى كان لابد أن يكون هناك من يحمل مشاريع أمريكا في المنطقة بغض النظر عن علمه أو جهله، ويبدو أن هؤلاء هم الإسلاميون المعتدلون.

الحوار مع الإسلاميين

أما فكرة الحوار مع الإسلاميين المعتدلين وجعل لهم حصة ومشاركة في صنع القرار السياسي للبلد وليس المقصود أن يستلموا الحكم، فما هي الدوافع التي دفعت الأمريكان بالتعاون مع هؤلاء الإسلاميين وناهي مصلحتها من ذلك؟ وهل أصبح الصراع الدولي على هؤلاء الإسلاميين ممكناً؟ وهل تتعارض فكرة الفوضى الخلاقة (أللاستقرار ) مع فكرة الحوار مع الإسلام المعتدل؟

دوافع أمريكا من استغلال وامتطاء الحركات(الإسلامية) المعتدلة:

الدوافع الموضوعية والذاتية:

1) فشل الأنظمة الحاكمة في إعادة العلاقة بينها وبين الشعوب بعد خروج الاستعمار الأجنبي إلى حالتها الطبيعية علاقة الراعي برعيته مما أدى إلى انكشاف عمالة الحكام وخيانتهم ورغبة الشعوب بالتغيير.

2) انتشار الصحوة الإسلامية في أوساط المسلمين على امتداد الحقبة الزمنية الماضية خصوصا بعد النصف الأول من القرن العشرين.

3) تنامي التحركات الإسلامية التي تطالب وتعمل على قلب الأنظمة الحاكمة بإعادة دولة الإسلام.

4) جعل الحركات الإسلامية المعتدلة تقاوم الأفكار المبدئية المطروحة وهي الحل الجذري.

5) حرف رغبة التغيير الحقيقية عند الأمة الإسلامية والقيام بعملية استباقية لإجهاض التغيير الجذري المتمثل بإعلان الخلافة الإسلامية.

6) في حال خروج من يناهض أمريكا ولا يرضى بما تقوم به هذه الحركات الإسلامية المعتدلة، فإنه لن يكون سوى نائب تحت قبة البرلمان الذي ارتضته له أمريكا، وقد يعد من "المتطرفين" ولكنه يبقى داخل المظلة الأمريكية وهي البرلمان.

7) الضغط على كيان يهود من خلال الحركات الإسلامية المعتدلة التي تملك حصة مهمة في صنع القرار السياسي في بلد معين بمعارضة تنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية معها.

8) تحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية التي لا يمكن تحقيقها إلا بمزيد من الديمقراطية.

9) إحكام القبضة والهيمنة على العالم وضمان عدم خروج السيطرة من أيديها.

لقدت أدركت الولايات المتحدة بأن المعركة الأيديولوجية وحرب الأفكار لن يتم كسبها والانتصار فيها إلا إذا خاضتها عبر الحركات الإسلامية نفسها حتى يتسنى كسب عقول المسلمين وقلوبهم لان الساسة الأمريكان قد أدركوا ذلك. يقول رامسفيلد" الصراع الجاري في العالم الإسلامي لن يفوز في أخر المطاف إلا أناس من قلب هذه الديانة ". إن الحركات الإسلامية المعتدلة تشكل حصان طروادة الأمريكي، وهم الحصان الإيديولوجي الذي قررت أمريكا أن تمتطيه لعقد صلح بين الحضارتين الغربية والإسلامية. فهذا واضح أنه مؤامرة من الخارج ستعود فائدتها إلى الخارج، والمراقب للحركات الإسلامية المعتدلة التي أثبتت أنها أقوى في التعاطي مع الشعوب الإسلامية من الحركات العلمانية التي لم تجد لها سوقاً ولا قواعد شعبية للتحرك والاعتصام والعصيان المدني يجد أن تلك الحركات الإسلامية تسعى لامتلاك كراسي جديدة في الأنظمة السياسية المختلفة.

ولكن أمريكا لها شروط على من يريد من الإسلاميين المعتدلين أن يكون له حصة في صنع القرار السياسي في بلده:
1) الديمقراطية والحرية والحوار وتبادل الآراء خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال
2) عدم استخدام العنف بأي شكل من الإشكال
3) التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات

ودليل ذلك تأجيل الانتخابات الفلسطينية إذ إن هذا التأجيل ليس قرارا ذاتيا صدر من محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وإنما صدر من بوش نفسه لان محمود عباس كان يرفض التأجيل، ولكن بعد زيارته لأمريكا أصدر قرارا بتأجيله، وسبب ذلك أن أمريكا تعتبر حماس بمثابة حركة "إرهابية" ولا يمكن إن تندمج بالسياسة العامة إلا بعد أن تنبذ "العنف" أي الجهاد وتلقي السلاح لذلك لن تتم الانتخابات إلا بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة حتى لا يوجد مبرر لحركة حماس للمقاومة. قال بوش في مؤتمره الصحفي مع عباس25/5/2005 في رسالة واضحة منه لحماس إن أردت المشاركة في السياسة فعليها التخلي عن السلاح"لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية قائمة على القانون إذا كانت هناك عصابات مسلحة تستعمل السلاح لأغراض سياسية".

وهذه الشروط فهمت من تصريحات مسئولين رفيعي المستوى بأنه لابد من مشاركة الأحزاب الإسلامية والتعامل مع الأمر الواقع مثل " مادلين أولبرايت، كونداليزا رايس، رامسفيلد " ناهيك عن التقارير التي تنصح أمريكا بالتعامل مع هؤلاء الإسلاميين لما فيه مصلحتها.

ومن المتوقع أن يكون لهؤلاء الإسلاميين نصيب من الدعم الأمريكي وذلك على النحو التالي:

1) إزالة بعض التكتلات الإسلامية عن لائحة الحركات الإرهابية بعد أن وصمت بالإرهابية.
2) إعطاء تلك الحركات الإسلامية أكبر قدر ممكن من التغطية الإعلامية لسماع أفكارها وبرامجها السياسية( إن وجدت)
3) دعم المجتمع المدني لتمكين وتوطيد العلاقة بين الحركات الإسلامية المعتدلة المختلفة.
4) الاستعانة بالمسلمين المغتربين واعتبارهم راس حربة لإحياء الديمقراطية والتعددية في العالم الإسلامي بسب ما لديهم من مخزون ثقافي عالي عن الحضارة الغربية.
5) تشجيع إصلاح المدارس الدينية والمساجد لتكون منطلقاً للأفكار الإسلامية "المعتدلة".

وبهذا تكون أمريكا قد أوقعت الحركات الإسلامية المعتدلة في فخ لا يمكن الخروج منه، وغيرت طريقة التفكير عند الأمة الإسلامية من خلال تضليل هذه الحركات لها.

ولكن قد يطرح تساؤل إذا كانت أمريكا تريد زعزعة المنطقة وجعل التوتر هو السمة البارزة فيها فإن هذا يتعارض مع فكرة الحوار مع الإسلاميين المعتدلين الذين بوصولهم إلى الحكم من خلال المد الجماهيري ربما سيزيد من فرض استقرار المنطقة؟ وبمعنى أخر فان نظرية الفوضى الخلاقة تتعارض مع نظرية الحوار مع الإسلاميين المعتدلين.

نقول
1) لن تجعل أمريكا كل الإسلاميين في سدة الحكم وإنما سيكون لمعظمهم حصة مؤثرة في صنع القرار السياسي وقد يكون بعضهم في سدة الحكم.
2) تأثير الإسلاميين في (صنع القرار السياسي) لا يعني استقرار الوضع فالبلاد لا تخلوا من الحركات العلمانية ذات الميول غير الإسلامية ناهيك عن الأقليات الطائفية والعرقية التي تعد ورقة رابحة لزعزعة الوضع كلما أرادت(كالأقباط في مصر، والنصارى في السودان..).
3) الديمقراطية كفيلة بتقسيم وتفتيت المنطقة وجعلها في دوامة أزمات ومشاكل.
4) زعزعة المنطقة ستكون حسب ما يتناسب مع كل بلد بالإضافة إلى حجم الثقل الإسلامي المعتدل في ذلك البلد وحجم الأقليات.

ومن الجدير الانتباه إلى أن الحوار مع الإسلاميين أصبح موضع اهتمام عند الدول الفاعلة في المسرح الدولي وقد بدا الصراع عليهم وكأنهم ثروة أو مواد خام يحتاجونها لتنفيذ مشاريعهم الاستثمارية فهاهي أوروبا تصدر وثيقة للحوار معهم إذ كشف مسئول ألماني ملامح إستراتيجية أوربية جديدة للحوار مع العالمين العربي والإسلامي وربط الشعوب العربية بأوربا، ‏ تعتمد على فتح قنوات الحوار المباشر مع القوى الإسلامية والمنظمات غير الحكومية، وتركز على مخاطبة أجيال الشباب‏.

وهكذا نستطيع الربط بين امتداد السياسة الأمريكية في الولاية الأولى والثانية، والربط بين الحرب على الإرهاب و الفوضى الخلاقة والحوار مع الإسلاميين المعتدلين. وحتى نحكم الربط، لا بد لنا من بعض الفواصل التي تربط وتوضح الامتداد السياسي لأمريكا.

كان معنى الحرب على الإرهاب في مفهوم الساسة الأمريكان وحتى عند مجموع الأمة الإسلامية تعني الحرب على الإسلام وما قول بوش " إنها حرب صليبية" إلا دليل على ذلك، وهي في حقيقتها ليست زلة لسان عند من يعي حقد الكفار والصليبيين على الإسلام وأهله ولكن ما هي نتائج هذه الحرب؟

1) الإطاحة ببعض الأنظمة من خلال القوة العسكرية للخروج من أزمة اقتصادية بلغت أوجها، فالحرب هي المخرج المفضل والسريع الوحيد من الأزمات الاقتصادية التي تؤدي إلى الانتعاش الاقتصادي و ما سينتج عنه من زعزعة الأوضاع في (العراق، أفغانستان) وهذا ما تسير عليه أمريكا في الولاية الثانية ولكن بأساليب مختلفة.

2) إحكام القبضة والهيمنة على العالم بوجودها العسكري المباشر في المنطقة، ومنع قيام تحركات إسلامية مخلصة.

3) جعل شعوب المنطقة تميل إلى الإسلام (الذي تريده أمريكا) من خلال تكتلات معينة تستثمرها أمريكا في الولاية الثانية من خلال الحوار مع الإسلاميين المعتدلين.

وبذلك تكون أمريكا قد أحكمت قبضتها على (الأنظمة العميلة )، وعلى التحركات والتفاعلات التي تحصل في الشعوب وعلة التنظيمات والأحزاب والغريب أن الأحزاب والحركات التي تستخدم العنف وتلك التي يقال أنها معتدلة كلا النوعين أصبح مربوطاً أو مخترقاً من الولايات المتحدة الأمريكية.

إن جملة هذه التغيرات يمكنها أن تجلس مشاريع الإصلاح في مكانها السوي. فالانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية وبوجود ضغوطات خارجية فإنها كلها بأنواعها ما هي إلا مشروع أمريكي ويأتي ضمن خطة أمريكية لوضع الشعوب على السكة الأمريكية المقررة سلفا فالانتخابات الفلسطينية والعراقية والشيشانية والسعودية البلدية وغيرها كلها تأتي لتندرج في هذا المخطط لذلك لا بد من الحذر الحذر في السير في هذه المؤامرات الخبيثة والمهلكة.

هذا ما تريده أمريكا من إعادة تأهيل العالم الإسلامي حسب رؤيتها، ولكن ماذا إذا تم أعادة تأهيل العالم الإسلامي إلى أمر أخر وهو قيادة العالم من خلال دولة الخلافة الإسلامية بعد قلب بعض أنظمة الحكم المتهاوية والساقطة وتوحيد الأمة الإسلامية تحت راية خليفة واحد نسأل الله أن يعجل بقيامها.



#حاتم_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولفوفيتز والبنك الدولي
- جون بولتون والامم المتحدة


المزيد.....




- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم الشامي - امريكا واعادة تاهيل العالم الاسلامي