أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عدنان عاكف - يا سارق من عيني النوم














المزيد.....

يا سارق من عيني النوم


عدنان عاكف

الحوار المتمدن-العدد: 4780 - 2015 / 4 / 17 - 08:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


" يا سارق من عيني النوم " !!

عدنان عاكف
وقف مرافق المرحوم حافظ الأسد ذات صباح وسأل :
_ سيدي الرئيس! هل من خَطـْبٌ ؟ أراك مهموما . بقي النور مولعا في غرفة سيادتكم، حتى الصباح. وقد تكرر الأمر ثلاثة أيام !
بدأ الرئيس يحدث مساعده بنوع من المودة عن همومه وكيف انه يشعر أحيانا بالعجز أمام بعض المشاكل المستعصية . والمشكلة ان مشكلتي لا تكمن في المشكلة ذاتها، بل فيّ أنا ! هل فهمت ؟
_ نعم سيدي فهمت كل شيء. وبعد صمت ثقيل لا أحد يعرف كم دام قال الرئيس :
_ أنت فاشل حتى في كذبك! ليس بمقدور مخلوق ان يفهم ما قلته توا، سواي ! وليس من المستبعد اني لم أفهم جيدا ما كنت أريد قوله. المشكلة تكمن في طباعي وفي أحاسيسي.. على أية حال ليس المهم ان تفهم، ولكن اسمعني جيدا. ما يقلقني كثيرا هذه الأيام هي أحوال أصاحب الدخل المحدود، وأكثر من يقلقني ويسلب النوم من عينيّ هو المواطن، الذي لا يزيد مرتبه الشهري عن 2000 ليرة؟
في الصباح الباكر استفاق سكان منطقة المرجى في دمشق على صوت النشيد الوطني، مع مجموعة من الأغاني الثورية التي لا تعزف في العواصم العربية إلا أيام الثورات والانقلابات، والحروب الخاسرة مسبقا. واستغرب السكان من وجود نقاط تفتيش في المركز، وكان على كل مواطن الاجابة على سؤال: كم هو مرتبك الشهري
وكانت الاجابات تتوالى بذكر مبالغ تتراوح بين 2500 ليرة ومجموعة من الآلاف، التي ليس من السهل استيعابها من قبل الجندي.فجأة يتوقف أحد كبار السن ويذكر بصوت غير مسموع رقم
1538 ليرة ...
لم يشعر المرافق بالسعادة كما شعر بها الآن. انقض على العجوز برفق ، وسحله الى العربة بكل حنية ومودة ، ورفعه بكلتا يديه ورماه برفق، ما بعده رفق، داخل العربة.. وقبل ان تنطلق العربة صفعه بقوة على وجهه وقال:
_ أيها الارهابي الحقير ! أنت من أقلق فخامة الرئيس وسرق النوم من عينيه...
انطلقت العربة العسكرية الى جهة مجهولة وهي تحمل الارهابي العجوز، في حين واصلت الفنانة الكبيرة شادية في ساحة المرجى تشدو بصوتها العذب :
يا سارق من عينى النوم ان نمت دقيقة تصحينى
وبقالى كام ليلة ويوم .. يا سارق النوم من عيني
بعد ان أراح الرئيس ضميره وارتاح في نومته الأزلية انتقلت الشكوى من تأنيب الضمير الى الكثير من مسؤولينا، وخاصة بعد العاشر من حزيران ليلة سقوط نينوى.. لقد شكل احتلال داعش للموصل، بالسرعة والطريقة التي تم بها، مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا جميعا. لكن مفاجئتي كانت أكبر بكثير من ردة فعل الجهات الرسمية، على المستويين التنفيذي والتشريعي، وخاصة وزراء الحكومة الجديدة، التي وعد رئيسها المكلف باحداث تغيير جذري، واعتماد مبدأ الكفاءة والخبرة والنزاهة.. لقد جاءت ردود الأفعال على عكس ما كان يتوقعه الشعب، ومخالف لكل منطق يتسم بالحد الأدنى من الحكمة والمعقولية. لا بل والأدهى من ذلك شكلت ردة الفعل هذه انقلابا على تصريحات المسؤولين أنفسهم، بعيد استلامهم " الجناطي الوزارية ". بعد انفضاض الاجتماع الأول لمجلس الوزراء، والذي شكلت خلاله لجنة وزارية من وزراء المالية والتخطيط والنفط لمعالجة الازمة الاقتصادية الناجمة عن خواء الميزانية.. وخلال أقل من اسبوع تداولت وسائل الاعلام تصريحات لأكثر من مئة مسؤول ، جميعها وبدون استثناء، أكدت على أهمية تجاوز الخلافات بين الكتل السياسية المتناحرة ، والعمل الجاد سوية من أجل محاربة الفساد واقتلاعه جذريا من البلاد.. وانتقلت أجواء التفاؤل الى العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لتمنحها القليل من الطراوة والنداوة ووصل الغزل بين الحكومة ومجلس النواب، ذروته – التي لم تعرفها ديمقراطيات عريقة مثل امريكا وبلدان اوربا الغربية– عندما تنازلت الحكومة بجلالة قدرها، عن صلب واجبها التنفيذي، وطالبت مجلس النواب الاسراع في البحث عن مصادر وموارد مالية جديدة غير تقليدية، وتقديم برامج لمشاريع جديدة لرفد الاقتصاد بمصادر جديدة ودعم الجهود للقضاء على الارهاب، . وعلى اثر ذلك عقد مجلس النواب جلسة استشارية تشاورية للبحث عن استراتيجية عصماء ، تكون قادرة ان تضع العراق المنتفض على السكة الصحيحة التي ستوصله الى دحر الغزاة ومن ثم مواصلة خططه التنموية التي قادت البلاد الى الفقر والخراب..
لم يكذب مجلس النواب الخبر، ولبى طلب الحكومة الجديدة، وشرع بمرحلة تفكير عميقة، وعلى اثرها تمخض فولد أول خططه، التي تمثلت بعقد أول مؤتمر للإستثمار. وخلال أقل من لمح البصر عقد المؤتمر، بمشاركة الوزراء والنواب، وخرج بقرارات يمكن تلخيصها بمجموعتين: الأولى البدء بحملة معادية للقطاع العام وللعاملين في مؤسساته، واتهامهم بانهم المتسبب الحقيقي في كل ما تعانيه البلاد. لم استطع ان أفهم كيف استطاعت تلك الكتل والأحزاب التي عاثت في البلاد فسادا، ان تتجاوز خلافاتها المسعصية على الحل، وتتفق بتلك السرعة على شعار موحد : العمل السريع على تصفية القطاع العام .. كنت بحاجة لمن يجلي عني الغُمّة.. لدي الكثير من المعارف والأصدقاء المثقفين والمتبحرين في أمور السياسة والفكر، لكني لم أكن في حالة تسمح بمزيد من الثرثرة الفلسفية.. بعثت برسالة مقتضبة الى صديق وطلبت منه ان يسأل والدته العجوز، التي أطلت على الثمانين، سؤالا واحدا فقط: ما هو سر هذه الحملة ضد القطاع العام ؟؟ فجائني الرد بسرعة تفوق سرعة سقوط الموصل:
" أبوي ما يقدر إلا على أمي " !! وذكرتني بالنكتة السورية التي رويتها لكم، وكانت قد سمعتها مني بعد عودتي الى العراق عام 2003. وهي بالفعل يمكن ان تنفع في فهم سر هجوم سياسيينا على
مؤسسات القطاع العام !!
وللحديث صلة



#عدنان_عاكف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا قال مارك توين .. فلا تصدقوه !!
- من دالغات جاسم المطير
- بس إلا مضيع وطن وين الوطن يلكاه
- فهد في ذاكرة كريم مروة
- ذكريات من غرفة مهدي محمد علي
- الذي رأى على ظهر جبل سمكة
- هل يعود الماءُ الى النهر بعدما !
- مَن شَرَمَ الشيخ !!
- تحية لمن جدد فينا الأمل
- حضارة السلب والنهب !!
- الإسلام بين النجارين
- الإسلام بين كامل النجار وصادق العظم
- لماذا أخفق العرب في انجاز - الوثبة الأخيرة - نحو العلم الحدي ...
- أفتخر بكوني شيوعي
- البحث عن الإسلام الآخر
- شيء من كتاب - تاريخ العلم العام -
- قوموا انظروا كيف تزول الجبال -2
- حرية الفكر بين البيروني ودافينشي
- قوموا انظروا كيف تزول الجبال
- المسيحية وعمر الأرض


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عدنان عاكف - يا سارق من عيني النوم