وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4779 - 2015 / 4 / 16 - 16:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مقدمة :
في استعراضي لكتابي الباحثين , الفيلسوف السوداني ,( د. هشام عمر النور)في كتابه :
( تجاوز الماركسية الى النظرية النقدية ),وكتاب الباحث:
(ابو النور حمدي ابو النور حسن ) ( يورجين هابرماس:الاخلاق والتواصل )وجدت اختلافا بينهما من موقفهما من النظرية النقدية كما عبر عنها الفيلسوف هابرماس , ففي حين يؤكد ابوالنور حمدي بان هابرماس قام بتطوير الماركسية , الا ان الدكتور هشام عمر النور وبحكم عمله الطويل في قيادة الحزب الشيوعي السوداني وبصفته رئيس قسم الفلسفة في جامعة النيلين يرى ان النظرية النقدية قد تجاوزت الماركسية مع الاحتفاظ بمنجزات الماركسية باعتبارها ابنة ظروفها .
(1 ) :
الحاقا بالجزء الثالث والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=463403
( ان النظرية النقدية تتخطى الماركسية لانها تعبر عن معارف عصرنا وخبراته وخصائصه ومشكلاته فيما فشلت الماركسية في ذلك ).
الفيلسوف السوداني د .هشام عمر النور
(ان نظرية المعرفة الماركسية هي الموطن الرئيس الذي تمتد اليه جذور الاداتية والوضعية في الماركسية . فنظرية المعرفة الماركسية هي التي جعلت الماركسية احادية البعد .. وبسبب ذلك اكتست الماركسية بطابع وضعي صارت به نظرية محافظة اكثر من كونها نظرية للتغيير).
الفيلسوف السوداني : د . هشام عمر النور
(2 ) :
يؤكد الفيلسوف د . هشام عمر النور في كتابه :
( تجاوز الماركسية الى النظرية النقدية):
( بان الانتقال الى نموذج فلسفة اللغة عند هابرماس يجعلنا ننتقل الى نظرية في المعرفة تقوم فيها الحقيقة على النظرية التخطيطية Configurative Theory of Truth تتعدد فيها الحقائق دون ان تقع في النسبية , اذ ان بعضها يكون خاطئا تماما بينما تتم المفاضلة بين البقية على اساس الحجج .ونستطيع القول اننا بذلك نوفر لاول مرة اساسا معرفيا وفلسفيا للديمقراطية في مشروع التحرر الانساني , اساسا قبل التعدد والاختلاف دون ان يمتلك احد الاطراف الحقيقة ).
بين عالم النسق وعالم الحياة
ان نجاح هابرماس في فتح المادية التاريخية على التعدد وتحويلها الى نظرية في الحداثة يعتمد بدرجة كبيرة على مفهومي عالم الحياة وعالم النسق, بحسب د . هشام عمر النور.ففي هذين المفهومين تنعكس سائر جوانب التعددية التي اسسها هابرماس في نظريته للمعرفة بعقلانياتها المتعددة وفي نظريته للفعل التواصلي وماتنطوي عليه من علاقات متعددة ومركبة بين الذات والاخر والموضوع , وهي العلاقات التي تقوم عليها عوالم هابرماس الثلاثة : الموضوعي والاجتماعي والذاتي وكذلك انماط سلوك الذوات تجاهها والتي هي اساس العقلانيات المتعددة :الاداتية والتواصلية والنقدية .
لقد استعارهابرماس مفهومي عالم الحياة والنسق من هوسرل وبارسونز .
عالم الحياة صاغه هوسرل ليقول ان المعنى الاصيل لموضوعات العلم الطبيعي يتكون في خبرتنا المعاشة .وبفصل العلم الطبيعي لموضوعاته عن عالم الحياة, دخل العلم الطبيعي ازمته وصار معاديا للانسان (اسلحة التدمير الشامل نموذجا لذلك) .
ان العلم قد اصبح يتطور بصورة معادية للانسان . وبذلك يكون قد حصل الاغتراب للانسان Alienation .لقد رد هابرماس كلا من العلم الطبيعي والوصف الفينومينولوجي الى عالم صوري مختلف عن الاخر , بحيث يصبح عالم الحياة مفهوما صوريا تداوليا .
فعالم الحياة عند هابرماس يقوم على العقلانية التواصلية وينتج عن الخبرة المشتركة بين الذوات , ومحاولة الوصول الى الفهم المشترك والاجماع . وهي الخبرة التي تعبر عنها اللغة .
اما النسق فهو ذلك الجزء الذي انفصل عن عالم الحياة, نتيجة لتعقد الحياة واعتماده وسطا غير اللغة كالمال في السوق والسلطة في الادارة ,لذلك فان النسق لاينتج عن محاولة الوصول الى الفهم المشترك والاجماع , وانما ينتج من السعي لتحقيق اهداف معينة .
اي ان الانساق لاتقوم على العقلانية التواصلية وانما تقوم على العقلانية الاداتية . وتنشا المعارك في الحياة السياسية بين الفكر الشمولي واليمين المحافظ من جهة وبين اليسار واحزابه من جهة اخرى عندما يمد اليمين عقلانية النسق والتي هي العقلانية الاداتية الى عالم الحياة بحيث لاتصير هناك عقلانية للتواصل ويصير النسق هو عالم الحياة هو المجتمع نفسه .
هذا المثال نجده في اغلب مجتمعاتنا العربية , بينما يحاول اليسار ان يجعل من نسقي السوق والادارة مجرد مؤسسة تمتد بجذورها الى عالم الحياة , اي تتحدد اخر الامر بالعقلانية التواصلية .
لقد طغى النسق وعقلانيته الاداتية على المجتمع الانساني معبرا حقيقيا عن الراسمالية .
يصف هابرماس نظرية المعرفة في الماركسية بانها نظرية تفتقر الى طابع اجتماعي , بينما النظرية النقدية طابعها الاساسي هو انها نظرية اجتماعية . فارتبطت نظرية المعرفة في النظرية النقدية بالمصالح الانسانية :السيطرة على الطبيعة والتفاعل الاجتماعي بين الذوات الانسانية.وهو ما اسمته النظرية النقدية بالتذات Intersubjectivety .
وقد ادى ذلك الى ان تتسم النظرية النقدية بتعددية عقلانية :
العقلانية الاداتية والعقلانية التواصلية والعقلانية النقدية , وتعددية انطولوجية في عوالمها :العالم الموضوعي والعالم الاجتماعي والعالم الذاتي , وتعددية منهجية في معارفها :
منهج التحليل التجريبي ومنهج التاويل والفهم ومنهج التامل الذاتي ( التفكير المنعكس على الذات Self Reflection ).
ومن ثم لم تعد الحقيقة في النظرية النقدية عند هابرماس تعني الانطباق مع الواقع , بل صارت فيما يسميه هابرماس بالتداولية الكلية Universal Pargmatics , زعم صحة فرفعه في الكلام يدعي التطابق مع الواقع والتوافق مع القيم والتعبير المخلص عن الذات .وندعم هذه المزاعم بالحجج حينما نختلف فيها مع الاخرين , فتصبح الحقيقة ليست بنتا للواقع والانطباق معه وانما بنت المحاججة , وهكذا تتاسس نظرية الخطاب , ومنطقه عند هابرماس . كما يصير للديمقراطية اساسا معرفيا وتتحول الى نظرية .
ان التعددية والاختلاف والتعقيد والتركيب في النظرية النقدية لم تودي بالنظرية النقدية الى الشراك التي وقعت فيها مابعد الحداثة ومابعد البنيوية,شراك التعدد اللامتناهي للمعنى ( اي اللامعنى ) والتعدد اللامتناهي للعقل ( اي اللاعقل ) . لان النظرية النقدية وحدت عقلانياتها المتعددة فصارت عقلا صوريا اجرائيا واحدا مجزا الى عناصره وبذلك تمتعت العقلانية في النظرية النقدية بتفكير نقدي لم يكن من الممكن ان يتوفر لولا هذه الوحدة الشكلية .
(3 ) :
وجهة نظر كاتب المقال:
في عودتي الى كتاب الفيلسوف السوداني د. هشام عمر النور :
( تجاوز الماركسية الى النظرية النقدية) اتفق مع د.هشام عمر النور في تحليله للنظرية النقدية وانجازاتها , كما استعرضها الفيلسوف هابرماس, وتبيان نقاط الضعف في الماركسية القائمة على فلسفة الهوية والانساق , وكذلك علموية ووضعية الماركسية .
يكتب د . هشام عمر النور في مقدمة كتابه:
( الضرورة النظرية لتجاوز الماركسية والتي ادت اليها التطورات الهائلة التي حدثت في العلوم الطبيعية والاجتماعية والانسانية , بحيث صارت الماركسية لاتعبر عن خصائص عصرها في المعرفة السياسية والاقتصاد والاجتماع , بينماالثاني :
النظريةالنقدية بوصفها استجابة لهذه الضرورة وللحاجة الى نظرية للتحرر تحمل طابع عصرها في التعدد والاختلاف ).
ويكتب في موضع آخر :
( ان تخطي الماركسية ضرورة نظرية ..لان تخطي احادية الماركسية الى ابعاد النظرية النقدية المتعددة يعني ان تصير الماركسية بعدا من ابعاد النظرية النقدية . ومن هذه الزاوية فان الماركسية نظرية نقدية تم تجاوزها وليست النظرية النقدية حصرا,شانها في ذلك شان النظرية النقدية عند هوركهايمر وادورنو وماركيوز , بينما لايمكن وصف النظرية النقدية بانها ماركسية ..
..فان مايبقى من الماركسية في النظرية النقدية في نسختها الاخيرة عند هابرماس هو جانبها النقدي او مايعرف بنقد الايديولوجية).
ان انفتاح الاحزاب الشيوعية والماركسية واليسار بصورة عامة في عالمنا العربي على التعددية في المادية التاريخية يحول هذه الاحزاب وقوى اليسار الى تيارواسع جدا يتبنى برامج سياسية ومطلبية واقتصادية وثقافية وفكرية مشتركة , ويقود فعاليات مشتركة, حيث يسود بينها الاحترام والتواصل والتفاهم المتبادل , وهي بذلك تضع اللبنة الاولى في مشروع التحرر الانساني .
( 4 ) :
مسك الختام :
يكتب د . هشام عمر النور :
(ان النظرية النقدية تتخطى الماركسية لانها تعبر عن معارف عصرنا وخبراته وخصائصه ومشكلاته فيما فشلت الماركسية في ذلك .الماركسية ولانها احادية تطرح صيغة واحدة للتعامل مع التيارات الفلسفية اللاحقة لها . فهي تفشل في ادماجها في نظامها الفلسفي .ولايبقى لها من خيار سوى محاولة دحضها والحاقها بخصمها النظري ( الايديولوجية البرجوازية).. وهو امر لايوفر لنا غير وصف الماركسية ب (السلفية الجديدة ). فكل من بعدها في ضلالة وكل ضلالة هي ايديولوجية برجوازية . اليس هذا هو موقف الماركسية من البنيوية حتى بعدما صارت ماركسية على يد التوسير ؟) .
لماذا فشلت الاشتراكية في مشروعها ,ونجحت الراسمالية في تخطي ازماتها ؟
يجيب عن هذا السؤال د.هشام عمر النور قائلا :
(ان انتصار الراسمالية في مبارتها مع الاشتراكية يؤكد حقيقة ان المشروع الراسمالي ينطوي على اسس نظرية ومعرفية تنتمي الى خصائص تكوين النوع الانساني . كما ان فشل الاشتراكية يؤكد ايضا ان مشروعها ينطوي على اسس نظرية ومعرفية تعيق تحرر الانسان . ولذلك لابد من التفكير النقدي في كليهما لاستخلاص اسس نظرية ومعرفية جديدة لمشروع تحرر الانسان ).
العلاقة بين الفيلسوف هابرماس ومدرسة فرانكفورت
يكتب د .هشام عمر النور عن علاقة هابرماس بمدرسة فرانكفورت قائلا:
( ان مدرسة فرانكفورت قد تخطت في انعطافتها اللغوية مع هابرماس اسسها الابستمولوجية ( المعرفية),ومع ذلك تظل النظرية النقدية عند هابرماس باقية ضمن الاطار العام لمدرسة فرانكفورت .. ان النظرية النقديةعند هابرماس هي اكمال المشروع النظري لمدرسة فرانكفورت .فرواد مدرسة فرانكفورت قد فشلوافي انجاز مشروعهم النظري القائم على فتح الماركسية على ابعاد متعددة , بينما حققه هابرماس .
صحيح ان تحقيق المشروع النظري قد احدث تحولا جذريا في النظرية النقدية وتجاوزا نظريا للماركسية , ولكنه مع ذلك يظل مشروعا لمدرسة فرانكفورت ويتوفر لها كامل الحقوق في ملكيته . فهي التي اقترحته وبدات تنفيذه , الا انها انصرفت عنه لتنشغل بمهمة نقد العقل الاداتي , وهي مهمة ضرورية جدا لعمل هابرماس النظري , بل يمكن اعتبارها مقدمة ضرورية لازمة لهذا العمل بحيث يصعب تصوره بدونه).
تم الموضوع...
مقالات ذات صلة :
مقالتنا ( من الماركسية الى النظرية النقدية ):
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446592
مقالتنا (من الماركسية الى النظرية النقدية – ج 2 ):
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=448670
مقالتنا ( من الماركسيةالى النظرية النقدية – ج 3 ):
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=449248
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
