حاتم الشامي
الحوار المتمدن-العدد: 1328 - 2005 / 9 / 25 - 13:48
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بعد فوز جورج بوش الابن برئاسة وولاية ثانية للولايات المتحدة الاميركية قام باتخاذ بعض القرارات يُستحق الوقوف عندها والقاء نظرة عليها لمعرفة ملامح ومعالم السياسة الامريكية إضافة لمدى الاستهتهار والاستغلال الامريكي للعالم بأسره، ومن احد القرارات التي سنتناولها:
القرار تعيين بول ولفوفيتز رئيساً للبنك الدولي:
حتى ندرك خطورة تعيين شخصية من هذا النوع في هذا المنصب لابد لنا من لمحة عن البنك الدولي بإيجاز.
البنك الدولي هو شركة مساهمة عامة تملك الولايات المتحدة16% من أسهم راس ماله و الباقي موزعا على سائر الدول الكبرى وقد جرى العرف الدولي (إتفاق غير مكتوب) على أن يكون رئيسه امريكيا ً ، وهدف البنك الدولي تحقيق التنمية في العالم والقضاء على الفقر وتقديم القروض والمساعدات (التي من خلالها يتم ربط اقتصاد الدول المقترضة بالعجلة الاقتصادية الامريكية ) وتحسين مستوى الحياة في العالم وان يساعد في تقديم الماء والكهرباء والمواصلات للشعوب الفقيرة والمتخلفة ومنع انتشار الامراض بين اواسط العالم ، ويضم البنك الدولي 184 دولة ، ومن المنطق ان يعمل رئيس البنك الدولي على تحقيق جميع مصالح الدول المشاركة فيه وأن يوافق سياساتها، وليس عن مصالح دولة معينة وحيدة ،فهل يكون بول ولفوفيتز رئيسا جيدا للبنك الدولي؟
بول ولفوفيتز يحمل شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو وقام بممارسة العمل الاكاديمي أي مهنة التدريس في أكثر من جامعة امريكية متخصصا في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية واغلب المناصب التي تقلدها كانت تتعلق في الابحاث الفكرية ، أي لا علاقة له بأهل المال والاقتصاد والتجارة فهل من المنطق تعيين شخصية غير اقتصادية لادارة منشاة اقتصادية تحتاج الى متخصصين اقتصاديين فما هو سر هذا التعيين؟
لمعرفة سر هذا التعيين لابد لنا من معرفة بعض أفكاره وأعماله لتحديد ما يريده بوش من هذا التعيين
كان قد قام بول ولفوفيتز بإعداد وثيقة " دليل التخطيط العسكري" عندما كان يتولى منصب مسؤول السياسة الدفاعية وهو ثالث أعلى منصب في البنتاغون بعد انتهاء الحرب الباردة من اهم ماورد فيها :
• منع ظهور قوى عظمى معادية
• حماية المصالح ونشر قيمها الامريكية
• القدرة الامريكية على التحرك العسكري ولو بصورة انفرادية
ويعد بول ولفوفيتز من اللاعبين البارزين الذين أعدوا التقرير الخطير والمشهور بمشروع القرن الامريكي الجديد الذي رأى النور عام 1997م ويعتبر هذا التقرير بمثابة المرشد السياسي وانجيل المحافظين الجدد في الادارة الامريكية الجديدة وأهم مايتناوله هذا التقرير ويرتكز عليه و الذي يعبر عن افكاره مايلي:
• تغيير النظم المناهضة لامريكا ولو اقتضى مسحها من الوجود
• ترويج المفهوم الامريكي عن الحرية الاقتصادية والسياسية وفرضه بالقوة ان لزم الامر
• الحفاظ على التفوق العسكري الامريكي الكاسح من خلال زيادة الانفاق العسكري
• تشكيل النظام العالمي على الوجه الذي يخدم المصالح الامريكية
فهو من اكبر المؤمنين بان القرن الحالي يجب أن يكون امريكيا وهو على استعداد لاستخدام كل الاساليب و الوسائل الاخلاقية وغير الاخلاقية لتحقيق هذا الهدف فهو مجرم حرب من الطراز الرفيع ودليل ذلك أنه كان من منظري ومهندسي غزو العراق والمحرك الاول وراء الحرب بعد أحداث الحادي عشر من أيلول فكان من نتائجها أن لقي أكثر من 15000 ألف عراقي حتفهم ناهيك عن الجرحى والاسرى والثكالى والايتام.
ومما يدل على تطرفه وتعصبه واصراره على تحقيق السيطرة والهيمنة من خلال الاستراتيجية الكونية الامريكية هو تعريفه لمعنى القيادة ولا يتصور أن يكون هذا التعريف لشركة تجارية أو اسرة اجتماعية وانما هو تعريف لمعنى قيادة العالم لأنه شذ عن كل علماء ومفكري الادارة في هذ التعريف إذ عرفها بأنها" شيء يختلف عن القدرة على تقديم النصح واتخاذ المواقف الاستعراضية وانما تعني القدرة على حماية الاصدقاء ورعايتهم ومعاقبة الاعداء وردعهم ودفع كل من يرفض تقديم العون للندم" فأنا أساله هل هذه قيادة أم سيادة استعبادية؟؟
نعود للتساؤل ما هو سر التعيين؟
علمنا أن بول ولفوفيتز من المحافظين الجدد ( الصقور) كان النائب الاول لوزير الدفاع انتقل الى رئاسة البنك الدولي، عنده احتقار شديد لكل المؤسسات الدولية وخصوصا التي لا تهيمن عليها أمريكا وينظر الى اعمالها بعين من الشك والريبة علاوة على انها تضر بالمصالح الأمريكية، عمل 35 عاماً في المجال الاكاديمي يفتقر بشكل ملحوظ الى الخبرات المباشرة بالبنوك أو التنمية ناهيك عن القضاء على الفقر الذي هو المهمة الاساسية للبنك الدولي، ويعد من أشهر مؤسسي مشروع القرن الامريكي الجديد ، وهو من منظري الحرب على العراق، ومن مروجي فكرة الاصلاح الليبرالي في الشرق الاوسط بلد بعد بلد بدء بالعراق.
اذا نستطيع القول ان الغاية من هذا التعيين هو تسخير هذه القوة الاقتصادية من خلال هذه المؤسسة الدولية لتقديم العون والمساعدات الخارجية للدول التي تخدم امريكا ومنع المساعدات والقروض لكل من تسول له نفسه بمعاداة امريكا اي تحويل البنك الدولي الى بنك امريكي بحت ، وقد يجر كثير من الدول الى ازمات اقتصادية للتدخل في شؤنها من خلال المديونية والخصخصة0 كما يجري في العراق حاليا من خصخصة النفط وغيره ومن خلال هذه القوة يستطيع أن يدعم كل ما كان يدور في ذهنه وكل مايتم تخطيطه في دهاليز السياسة الامريكية التي يتزعمها المحافظون الجدد بل وقد يكون هذا التعيين لهذه الشخصية المتطرفة هو لإضافة اعمال جديدة ليست من مهام البنك الدولي وذلك مثل ان يقوم البنك الدولي بشراء أو استئجار بعض المستوطنات الاسرائيلية ويمكن فهم ذلك من خلال لقاء شارون بولفوفيتز أثناء زيارة شارون الاخيرة الى الولايات المتحدة الامريكية مع العلم أن البنك الدولي لم يتحدث يوما عن الاستيطان والمستوطنات الاسرائيلية وليس من مهمته التحدث في هذه المواضيع والامور فلماذا يتم عقد لقاءات بين ولفوفيتز ومسؤولين اسرائيلين مثل بيرز؟؟
بالاضافة الى ان هذا التعيين لقي معارضة شديدة من الاوربيين اللذين لا يملكون سوى الانتقاد فهاهو شيراك يقول لبوش بلهجة ساخرة عند ترشيح ولفوفيتز " تذكر من فضلك انك تتحدث عن البنك الدولي" ولكنه لايملك سوى المناشدة بعدم ترشيح هذا الشخص، ناهيك عن قبول الاوربيين بهذا التعيين جبرا عنهم وذلك بسب العرف الدولي الذي جرى بين الدول الفاعلة في المسرح الدولي وهوأن رئاسة البنك الدولي امريكية دائمية، وهذا يدل ايضا على ان تعيين شخصية مكروهة اوروبيا هو استخفاف بالخصم الاوروبي.
#حاتم_الشامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟