أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - آن أنْ أكتبَ عن العصفور














المزيد.....

آن أنْ أكتبَ عن العصفور


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4778 - 2015 / 4 / 15 - 15:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




القلمُ يتحرّجُ من الكتابة عن رجالات الدولة، بالإيجاب. لكنه يستمتع بالكتابة عن الأساتذة المُعلّمين. ويحدث المأزقُ حين يصبحُ الأستاذُ من رجالات الدولة. هنا، تُرفعُ الأقلامُ وتَجفُّ الصُّحفُ، ويُنذرُ للرحمن صومًا عن الكلام، حتى يخلعَ الأستاذُ عنه عباءةَ الدولة، ويدخل من جديد في عباءة المًعلم. هنا، وفقط، يعودُ للقلمِ مدادُه الحُرُّ، ويكتب. فقد عاد الأستاذُ إلى مقعد الأستاذية الذي يليق به، وزال الحرجُ عن القلم. لهذا سأكتبُ اليومَ عن العصفور الذي علّمني وعلّم جيلي والجيلَ السابق لجيلي، والأسبق أيضًا.
لأنه عصفورٌ، فإنه يكره الظلام؛ ذاك الذي يمنعه من رؤية أستاذه الذي انعكست وجوهُه العديدةُ على عديد من "المرايا المتجاورة"؛ شيّدها مرآةً جوار مرآةٍ لكيلا يغيبَ وجهُ المُعلّم عن عينيْ تلميذه، وعن عيوننا.
ولأنه عصفورٌ، فهو يكره الأقنعةَ التي يتخفّى وراءها الصيادون المكرة، ويكره القيود. لهذا كسر السوار الذهبيَّ الذي زيّنوا به معصمه بعد عشرة أيام، فقط، وعاد ليحلّقَ طليقًا في رحب السماء يُغنّي، ويعلّم صغارَ العصافير، كيف تُغنّي في حرية. لم يكن المناخ طيّبًا وصالحًا للعصافير، لهذا طار بعيدًا. وبعد ثورة وعامين، انتظم الشدوُ، وطرد النغمُ الطيبُ، الزعيقَ النشاذ، فوافق العصفورُ أن يعود للسرب من جديد، بشروطه الحرّة، لا بشروط القيد، وإن كان من ذهب. لهذا استقال من حكومة تحمل بقايا سمات من العهد القديم، وألقى في وجوههم حقيبة الثقافة وعاد إلى كتبه وأبحاثه وطلابه. وحين وجد أن ثورة قد اشتعلت تشيرُ إلى أن "التنوير يواجه الإظلام"، ووجد الوجوهَ وقد صَفَتْ، وانقشعت غيومُ الفوضى، وغيوم التخلف، عاد إلى عصافيره الحائرة في أعشاشها، ووافق أن يحمل من جديد عبء الثقافة، حاملاً مشعلَ الحرية والتنوير، وهما ميراثه الثقيل من أستاذه العظيم.
أما أستاذُه، فهو الخالد د. طه حسين. وإنه هَولٌ عظيم أن تكون تلميذًا مباشرًا لطه حسين! هولٌ بالمعنيين: الإيجابي والسلبي. الإيجابي، لأن مَن أسعده زمانُه بالجلوس طالبَ علمٍ أمام عميد الأدب العربي، لابد سيحمل قبسًا من نوره الغامر. فأما لو كان ذاك السعيدُ طالبًا نجيبًا، فسوف يصبح هذا القبسُ مشعلاً وضّاءً، وهذا حالُ عصفورنا. وأما السلبيّ، فلأن هذا المشعلَ التنويريّ، قد يكون أثقلَ مما يتحمل كاهلُ مجتمع يزحف من الظلام نحو النور في بطء وتعثّر. وقد يكون هذا المشعلُ حارقًا، إن لم يكن المجتمعُ، مستعدًا للتنوير، وهذا حال مجتمعنا، للأسف.
عصفورٌ إذن، يعشق النورَ، ويكره العتمةَ، شأنَ العصافير. يعشقُ الحريةَ ويكره الأصفادَ، كما يليق بتلميذ نجيب للدكتور طه حسين. لهذا، فأنتِ يا مصرُ محظوظةٌ أبدًا بأبنائك النجباء، فثمة "طه حسين" في كل جيل، فلا تخافي، ولا تحزني!
في حفل افتتاح "المهرجان القومي للمسرح" في دورته السابعة في أغسطس 2014، ألقى وزيرُ الثقافةُ السابقُ، عصفورُنا، قطعةً من الشعر الصافي دون عَروض ولا قافية؛ بالرغم من ارتجالها، وبالرغم من عفويتها، أو ربما بسبب الارتجال والعفوية. قال: لن يُسمح بأن يُغلَق ستارُ مسرح. ولا تُطفأ أنوار مسرح في أية بقعة من بقاع مصر، بعد اليوم. قال، إن شيطان"داعش" صناعة أمريكية جاءت ردًّا قاسيًّا على ثورة 30 يونيو 2013، التي صنعها المصريون الشرفاء وخرّبت أحلام أمريكا الاستعمارية في بلادنا. وقال إن شيئًا لن يئد هذا الطاعون المدمر، إلا المسرحُ الراقي، والأدب الراقي، والفكر الراقي، والتنوير الحقيقي. وعد وتعهد بأن تنتشر الثقافةُ الجماهيرية المستنيرة في كل نجع وقرية وحارة وشارع من أرض مصر. قال إن القادم أجملُ؛ لأننا شعبٌ عظيم يستحقُّ أن يعيش حياة كريمة، ولا حياةَ كريمةٌ دون فنون راقية، والمسرح أبو الفنون الراقية. ثم قال في الأخير: احلموا، فإن الحُلمَ.... حياةٌ.
د. جابر عصفور، كلمتُك في ذاك الحفل، وفي كل محفل سمعناك فيه، قبل أن تصبح وزيرًا، وبعد تقلّدتَ منصب الوزارة، وبعدما وضعتَ عن كاهلكَ العبءَ الثقيل، هي الريشة التي سنرسم بها أحلامنا، وأثقُ أننا قادرون على تحقيق حلمنا، مادام في مصر مستنيرون يحلمون مشعل طه حسين، وزكي نجيب محمود، ومحمد عبده، وجابر عصفور، وأضرابهم. حلمتَ وحلمنا، ونحلمُ أن تغدو مصرُ كما يليق باسمها العريق الذي كتبتْ به السطرَ الأول في كتاب التاريخ. أن تعود مصرُ كما كانت قبل نصف قرن، وكما تركها لنا أستاذُك وأستاذنا، العظيم طه حسين. هنيئًا لك عودتك لمقعد الأستاذ الذي لا يجفلُ من حمل العقول المنيرة النيّرة. وهنيئًا لنا وقوفنا على بابِك من جديد، لنتعلّم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علامَ يُحاكَم إسلام البحيري!
- عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت
- سعفةُ نخيل من أجل مصر
- هل لحرية التعبير قيود؟
- سفاحُ الأطفال، صائدُ العصافير
- الحاجة صيصة وذقن حتشبسوت
- طلّعى الكمبيالة يا حكومة!
- أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
- مصرُ أينما جُلتَ
- الرئيس.. والأم
- شكرا ونكتفي بهذا القدر
- أمي -الملاك-... التي لم تنجبني
- شارعُنا
- هل تذكرون لوزة وتختخ؟
- مفتاحُ الحياة في يدِ مصر
- لأنها مصرُ، احتشد العالم
- قطط الشوارع
- مصرُ على بوابة الأمل
- لو كان بمصر هندوس!
- زوجة رجل مهم


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - آن أنْ أكتبَ عن العصفور