|
أمريكا الدينية وإسرائيل3-3
بيسان عدوان
الحوار المتمدن-العدد: 1328 - 2005 / 9 / 25 - 13:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لعبت القراءة الحرفية للكتاب المقدس والأفكار الطهرانية في الولايات المتحدة دورا مشابها لما شهدته أوروبا في القرنين السابع والثامن عشر وانتشرت الفكرة الألفية في منتصف القرن التاسع عشر على يد المبشر البريطاني جون داري الذي قسم التاريخ إلى حقب تحددها كيفيات التدخل الإلهي وما سمى بالحقباتية Dispensationalists ، وأعطى سفر الرؤيا في العهد الجديد أهمية كبري لم تكن من قبل، كما بشر بقرب تحقيق النبوءات كجهة عودة اليهود إلى فلسطين والمجيء الثاني الذي يليها، ورغم أن الحقباتيين لم يلق رواجا بين المسيحيين الأمريكان وتم اتهامهم بالهرطقة طيلة عقود القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين، إلا أنهم حظوا بالأهتمام وبنوع من الصدقية في أوساط الإنجيليين في العشرينات من القرن العشرين، وقد تداولت أدبياتهم في الوسط الإنجيلي بأعتبارها رؤى لم تتحقق بعد، المهم في نبوءات الحقباتيين تلك المتعلقة بإسرائيل وقيامها على أرض إسرائيل كبداية لتحقيق النبوءة الأخيرة بعودة المسيح الثاني، ورأى كثير منهم ومن الأنجيليين المحافظين أن قيام دولة إسرائيل عام 1948 بداية النهاية لذلك سروا بنتائج حرب 1967 والتي تعني إستيلاء إسرائيل على أرض الكتاب المقدس كلها، ولأن القدس – ولأول مرة- وقعت بكاملها تحت السيطرة اليهودية، كما يجدد في نظرهم الثقة بصحة الكتاب المقدس وخاصة إنجيل لوقا .
تثير علاقة تعلق فئة واسعة من الإنجيليين المحافظين بإسرائيل قدرا من الاستغراب، وقد تطورت بسرعة في العقديين الأخيريين؛ ومبرر ذلك أن كثير من الإنجيليين قد تربوا على محبة إسرائيل في مدارس الأحد، ولا تفسر الألفة مع العهد القديم وحدها التعلق بإسرائيل، حيث أن معاشرة الأمريكيين البروتستانت للكتاب المقدس واستعارة صور منه للحديث عن تاريخ أمريكا وخصوصية رسالتها بين بين الأمم تجعل من الأراضي المقدسة نوعا من الوطن الروحي بعيدا من الوطن الأم، وتعزز عند الأمريكيين المتدينيين لعقود أنهم أصحاب مصلحة في تلك الأرض حيث إنها مسرحا للاحداث النهائية وتمهيد لمجيء المسيح الثاني ، وهناك عدد لايستهان به من الإنجيليين المحافظين يقرأ الكتاب المقدس وكأنه مجموعة نبوءات متقاطعة مركزها الأرض المقدسة " فلسطين " وهم يؤمنون أن التاريخ البشري يتبع مخطط إلهى وأن لإسرائيل دور محوري فيه. شهدت الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية زخما " كبيرا " مع مطلع السبعينات، وذلك بفعل حركة اليمين المسيحي " الانجيليين المحافظين " من جانب، وما حققته إسرائيل بعد حرب يونيو 1967 وسيطرتها على الأرض التوراتية بكاملها بما فيها القدس، وقام الانجيليون المحافظون والحقباتيون بتطوير وسائلها وأساليبها وتكوين تشكيلات عديدة داخل المجتمع المدني الأمريكي لدعم إسرائيل، في الوقت نفسه استغل الاعلام المرئي أفضل إستغلال للترويج لذلك، ومن هنا نشأ ما يسمي بالكنيسة المرئية ، وبمرور الوقت باتت إسرائيل أحد الموضوعات الرئيسية لليمين المسيحي الأصولى، وتحمل مسؤلية الدفاع عنه ودعمه من جانبهم من جهه، ومن جانب جماعات الضغط الموجهه من جانب آخر . ساهمت عدة عوامل في نهوض وبروز وتزايد الحركة الصهيونية المسيحية داخل الكنائس الإنجيلية والأصولية أعتبارا من عام 1967 ولعل أهم هذه العوامل ما يلي: 1- وصول الرئيس الأمريكي جيمي كارتر 1976 واعلانه في بيانه الانتخابي " تأسيس إسرائيل المعاصرة هو تحقيق للنبوءة التوراتية " ، ولقد سجل الرئيس كارتر في عهده انجازات كبيرة لمصلحة إسرائيل والحركة الصهيونية، وعبرت مواقفه عن إيمان لاهوتي بإسرائيل بالتزام بدعمها للأبد. 2- تحول في علاقات المنظمات الصهيونية اليهودية مع الحركة لمسيحية الأصولية لتصبح هذه العلاقة معها حليفاً " طبيعىاً" مهما، وأخذت المنظمات الصهيونية تمد جسورها مع الحركة المسيحية الأصولية سواء في شكل اجتماعات ومطارحات لترجمة الإيمان اللاهوتي بإسرائيل إلى دعم سياسي صلب لسياسات إسرائيل . 3- بروز وانتشار الكنيسة المرئية وبروز قيادات صهيونية مسيحية وسيطرتها على وسائل الاعلام وتقديم برامج دينية وسياسية مليئة بالاتجاهات الصهيونية، ومساهماتها المالية في دعم منظما النداء اليهودي الموحد والسندات الإسرائلية . 4- وصوال اليمين السياسي للحكم في الولايات المتحدة مع مجيء ريغان 1980 وتم تتويجهم سياسياً مع وصول جورج دبليو بوش في نهاية الألفية الثانية . قد كان لنشاط جماعات الضغط المسيحية الأصولية تأثيراً قوياً في الإدارة الأمريكة منذ الثمانينيات؛ فهى تعمل في الداخل السياسي باتجاه تدعيم وتبني برامجها باتجاه تقديم أكبر عون لإسرائيل ودعماً لسياساتها، وممارسة الضغط المنظم على الكونجرس والإدارة الأمريكية والتأثير في الرأى العام لمصلحتها، ومنذ بداية التسعينيات اصبح للحركة الصهيونية المسيحية دوراً هاماً في تأمين كل ما من شأنه تفعيل ما جاءت به النبوءات الخاصة بالدعم لإسرائيل تمهيداً لمجئ المسيح ثانية، ومن تلك التأثيرات موقف الكونجرس الأمريكي في نوفمبر 1995 باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، وفي ابريل عام 1997 نشر الحقباتيون المسيحيون إعلانا مؤيدا لإسرائيل في صحيفة نيويورك تايمز واستخدموا عبارات من الكتاب المقدس للتأكيد علي ان القدس هي العاصمة الروحية والسياسية للشعب اليهودي طوال ثلاثة آلاف عاما ، وبوصول بوش للرئاسة عام 2001 مثل وصول لليمين المسيحي للمشاركة في الحكم مما عني دعماً مطلقاً لإسرائيل وتشجيعاً لها علي ضرورة الحفاظ علي الأراضي الفلسطينية. أهم تلك المنظمات الضغط بترتيب قوتها وقدرتها علي النفوذ في السياسة الأمركية هي كالآتي : أولا : منظمات اليمين المسيحي: • منظمة الأغلبية الخلاقية لمؤسسها جيري فالويل والذي يعتبر من قيادات الكنيسة المرئية ويعلن: " أن الوقوف ضد إسرائيل هو معارضة لله" ويقول أيضا :" إننى صهيوني وأؤمن نظريا وبنبوءة وسياسيا بأن أراضي فلسطين والأردن هى للشعب الإسرائيلي، ولا أحبذ أن تتخذ إسرائيل أى قرار بإعادة أى أرض لجيرانها العرب .." ، وقد برز فالويل كقوة سياسية اعتبارا من منتصف السبعينيات، وقام بإنشاء عدة مؤسسات تعليمية بلغ عددها 18 ألف مدرسة في عام 1980 كما تم إنشاء جامعة تضم أربع كليات لاهوتية واكاديمية، بجانب مؤسسة سياسية والتي غدت جماعة ضغط منظمة تضم في اعضائها 5 إلي 7 مليون ونصف أمريكي ولها جذورها العميقة في الثقافة الأميركية • شبكة الاإذاعة المسيحة ومنظمة التحالف المسيحي لمؤسسها وأبرز قياداتها بات روبرسون حيث ينظر للعرب على أنهم أعداء الله لأنه يعتبر صراع العرب مع إسرائيل ومعارضتهم لها تحديا لإرادة الله ، تملك هذه الشبكة المسيحية أربع محطات تلفزة وشبكة سلكية وبلغ صافي دخلها السنوي 233 مليون دولار في عام 1985 ، كما يملك روبرتسون جامعة معتمدة منذ عام 1977 وبها كليات لدراسة الاعلام والتربية وادارة الاعمال والقانون والدراسات التوراتية . ثانيا : جماعات ضغط منظمة بشكل رئيسي من أجل إسرائيل والقدس: • منظمة السفارة المسيحية الدولية – القدس : تنشط تلك المنظة في ثلاثين بلدا في أوربا وأمريكا الشمالية وأسيا وأستراليا، ولها 20 قنصلية في الولايات المتحدة للإشراف على نشاطاتها، وتحث الناس على شراء منتجات إسرائيلية وتبيع سندات إسرائيلية للجماعات الأصولية في أمريكا، وتتبرع وتقدم الدعم للمستوطنين في الضفه وغزة، ويؤمن أعضاءها بأنهم يفعلون هذه الأعمال وغيرها نيابة عن إسرائيل فإنما ينفذون إرادة الله . • مؤسسة جبل الهيكل : وهى ذات أهداف صهيونية محددة تهدف إلى إنشاء جبل الهيكل في القدس، ويقع مقرها الرئيسي في لوس أنجيلوس ولها إمتدادت داخل إسرائيل نفسها، وتقوم المؤسسة بتقديم المساعدات المالية لتدريب عدد من الكهنة اليهودعلى كيفية خدمة المعبد " الهيكل" الذي تنوي بناءه، ويقومون بتزويد علماء أثار بأحدث التقنيات وتمويل حملاتهم للتنقيب عن الهيكل تحت المسجد الأقصى. • المائدة المستديرة الدينية: تأسست هذه المنظمة في 1979 على يد عدد من القيادات المسيحية الأصولية والسياسية من أمثال جيرى فالويل وبول ويرشي والقس إدوارد ماك آتير، والهدف منها هو تنظيم لقاءات بين القيادات السياسية والقيادات الإنجيلية والأصولية بشكل عام، وأبرز نشاطاتها حفلات الأفطار السنوية التي تقيمها للصلاة من أجل إسرائيل ودعم سياسياتها وأغراضها، وتشارك في تنظيم رحلات وزيارات لإسرئيل لدعمها لوجستيا وماديا . • مؤتمر القيادة المسيحية الوطنية لأجل إسرائيل : تشكل تحالف من اجل إسرائيل من قبل جماعات ومؤسسات وقيادات مسيحية صهيونية غير يهودية عام 1980 يهدف إلي العمل من أجل إسرائيل وتطوير ائتلاف أوسع وجبهة موحدة لدعم الصهيونية داخل المجتمع المسيحي الأميريكي. • البنك المسيحي الأمريكي لأجل إسرائيل : من المؤسسات التي تكرس نفسها لخدمة إسرائيل وسياستها التهويدية والتوسعية خاصة في شراء الأراضي العربية في الضفة الغربية وقطاع غزة أو الاستيلاء عليها وحيازتها وبناء المستوطنات ، كما تقوم بتوفير دعم مالي وتقني للتدريب العسكري للإسرائيليين في الولايات المتحدة . رغم ما توحيه تصريحات الإدارة الأمريكية حول تجميد الاستيطان ورفضها للأنشطة الاستيطانية في الأراضي المحتلة لاعتبرات تكتيكية، ألا وهي الإسراع بعملية التسوية في المنطقة أم من خلال خطة الفصل الأحادي الجانب أو بتطبيق خارطة الطريق الأمريكية، إلا أن الدعم الأمريكي الرسمي والشعبي لبرنامج الاستيطان يكشف استمرار الرؤية الأمريكية الدينية تجاه إسرائيل ودعمها، هناك مساعدات غير حكومية من قبل افراد وجماعات امريكية لدعم المستوطنيين مما يعكس تغلغل ثقافة دعم إسرائيل في العقلية الدينية الأمريكية . المصادر
Nelson Bell, Christianity tody,july 21,1967,p 28 Timothy Weber, How Evangelicals Become Israel s friends,christianty tody,October 5,1998,p2 يوسف الحسن ، البعد الديني في السياسة الأمريكية ، مركز الدراسات العربية ، بيروت ، ط3 ،2000 ،، ص 81 – 83 المصدر نفسه ،ص 83 المصدر نفسه،ص 86 المصدر نفسه ، ،ص 88 المصدر نفسه ، ص85 طارق المتري، مدينة علي جبل ، الدين والسياسة في أمريكا ، بيروت ، دار النهار ،2004 سمير مرقص اسرائيل من الداخل ،خريطة الواقع وسيناريوهات المستقبل ،المجلد الثاني 2003 ، مركز البحوث والدراسات السياسية ، جامعة القاهرة،ص 1018 يوسف الحسن، مصدر سبق ذكره ، ص 102 سمير مرقص ، مصدر سبق ذكره ، ص 1010 يوسف الحسن، مصدر سبق ذكره ، ص 112 المصدر نفسه ،ص 114 سمير مرقص ، مصدر سبق ذكره ، ص 1019 يوسف الحسن ، مصدر سبق ذكره، ص 136 المصدر السابق ، ص 141 المصدر السابق ،ص 144 المصدر السابق ، ص146
#بيسان_عدوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشهد الديني السياسي الأمريكي 2-3
-
أمريكا الدينية واسرائيل 1-3
-
التحديات الفلسطينية فيما بعد الانسحاب من غزة
-
مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين
-
الدعم الامريكي للاستيطان ثقافة دينية ام سياسة
-
الاستيطان الإسرائيلي في ضوء القانون الدولي
-
هل بدأ العد التنازلي لدمشق؟
-
الوضع الاقليمي الدولي بعد رحيل عرفات
-
ايران النووية في مؤتمر هرتسليا الخامس
-
الفلسطينيون 2004 عام الحزن
-
الانتخابات الفلسطينية هل تحقق الاصلاح والديمقراطية
-
الفلسطينيون في مصر بين السياسات التمييزية و الإقصاء من الجنس
...
-
القضية الفلسطينية ما بين الإرهاب والكفاح المسلح جدلية الشرعي
...
-
القنبلة الديمغرافية في إسرائيل وخداع النفس
-
2003 فيلم أمريكي طويل
-
قراءة في أوراق فلسطيني 1948 : حول الوعي الجماعي والضبط الاجت
...
-
خارطة الطريق المتاهة القادمة للفلسطينيين
-
إشكالية الهوية الفلسطينية بين المركز والأطراف - مقدمة لدراسة
...
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|