محمد بهى
الحوار المتمدن-العدد: 4777 - 2015 / 4 / 14 - 16:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انشغل الشارع المغربي مؤخرا بقصة مثيرة أخذت أبعادا غير مسبوقة في تاريخ العمل الحكومي , بسبب " إشاعة" تفيد بأن وزيرين من الحكومة القائمة هما علاقة غرامية ببعضهما ,
منطق العقل يقول بأن لا دخل لأحد في هكذا موضوع , وأنه لا يهم سوى صاحبيه لولا أن التداعيات المترتبة عنه جاءت بخلاف هذا المبدأ .
فأول خروج علني للخبر جاء في صيغة تسريب صحفي يفيد بأن رئيس الحكومة أوصى بمراعاة أن لا يلتقي الوزيران في مهمة واحدة .
ومن كثرة الاهتمام بالحالة أن بعض الوزراء لم يجدوا بدا من الإدلاء بتصريحات في الموضوع أمام إلحاح الصحافة أوجوابا على أسئلة الحضور ضمن لقاءات حزبية بحيث تلقف الإعلام ردودهم , وهي أخذت إجمالا طابع الدفاع على الحق في الحرية الشخصية وفي الحياة الخاصة للوزراء .
على أن أبلغ هذه الردود هو الجواب الذي علقت به وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية مستنكرة , " هل الحب الحرام " الأمر الذي اعتبر في حينه تأكيدا للإشاعة , ليعقب ذلك إعلان الوزيرة الممسوسة بالاشاعة الطلاق من زوجها ,
فما الذي يمكنه أن يعنينا نحن من هذه الواقعة ؟
من المؤكد أن الوزراء , لهم كل الحق في احترام حياتهم الخاصة وحرياتهم الشخصية , غير أن هذا القول يظل مجردا من أي معنى ما لم يكن مرفوقا بإقرار الحق نفسه بالنسبة للمواطنين كافة دون تمييز . والحال أن الافعال ذاتها يضعها القانون الجنائي المغربي تحت طائلة التجريم
من خلال الفصل 490 بالنسبة لجريمة الفساد والفصل 491 بالنسبة للخيانة الزوجية .
ومن ثم فهلا يكون من الأجدى والأضمن لفرض احترام الحياة الشخصية للناس بمن فيهم الوزراء , هو أن يتم تغيير القانون بما يحمي من التمييز ويحترم الحريات الأساسية على قدم المساواة بالنسبة للمواطنين كافة .
وهنا أتذكر واقعتين مما يمثل مساسا بحرية الاخرين من ذات الوزير وحزبه :
- الاولى قبل نحو سنة من اليوم خلال شهر أبريل 2014 , حين لجأ الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني وهو الحبيب الشوباني نفسه ، إلى مطالبة صحفية بمغادرة البرلمان في الحال ، بدعوى أن لباسها غير محتشم . مخاطبا إياها بالقول »لباسك يمس بحرمة المؤسسة البرلمانية وعليك بمغادرة القاعة». الأمر الذي أثار مباشرة استياء عدد من النواب بالبرلمان.
- والثانية إثر حادث مماثل لما أوقف عبد الإله بنكيران الرئيس الحالي للحكومة جلسة بالبرلمان بدعوى أن مصورة صحفية لباسها غير محتشم واشترط مغادرتها للقاعة . وقد كان حينها رئيسا للفريق البرلماني للعدالة و التنمية بمجلس النواب الذي كان في المعارضة ،
فما الذي يمنح هؤلاء الحق في إصدار هكذا أحكام قيمية بإزاء الآخرين في أمور لا تهم سوى شخصهم , والتدخل بهذه الأريحية في أسلوب حياة الناس وطريقة لباسهم .
وما الذي لم يعجب الوزير الشوباني في طريقة لباس الصحفية مع أن لباسها كان عاديا جدا ؟ وليتطاول من خلال موقفه ذاك على شأن خاص لا دخل له فيه ولا يهم غيرها . وهو من صميم حرياتها الشخصية وحرياتها الأساسية .
وبأي حق سمح لنفسه بأن يقرر طردها من مبنى البرلمان فيما هي كانت بصدذ تأدية واجبها وعملها ؟ وهلا يعتبر تصرفه يومها سلوكا تمييزيا فجا لا يليق بدولة أو حكومة تحترم نفسها ؟ ثم ألا يمثل تعامله معها أعتداء على شخصها بالعنف بسبب نوع جنسها ؟
لا يجب أن يفهم من الطريقة التي أستغل بها الموضوع أنني أبحث عن الأعذار لزعيم حزب الاستقلال في تشهيره بالوزرين , بالعكس و"بالفم المليان" فإن أقوال الزعيم "شباط " تقتضي الإدانة بالمبدإ ودون تردد , ومن حق الوزير "الشوباني" علينا أن نعبر له عن تضامننا اللامشروط . لكن ولربما وجب أن نأخذ بالاعتبار أن الشخصيات العمومية في كل بلاد العالم تصبح بحكم مواقعها تحت طائلة المتابعة وتحظى تصرفاتها بالاهتمام وتغري العمل الصحفي . وهي ضريبة لا يمكن لأحد من المسؤولين لإي البلاد الديمقراطية إلا أن يتحملها ويتقبلها , من الاسرة المالكة في يريطانيا : وكلنا يتذكر الأميرة ديانا , إلى كلينتون مع مونيكا لوينسكى ، إلى تفاصيل "الحياة الشخصية" للرئيس الفرنسي ساركوزي الى حين طلاقه من زوجته سيسيليا ؟ الى "الحياة الخاصة " لفرانسوا هولاند وفراقه عن شريكته سيجولين روايال ثم انفصاله عن فاليري تريرويلر ؟ . الى فصول الحياة الشخصية للوزيرة الفرنسية من أصل مغربي رشيدة داتي ؟ إلى فضائح برلسكوني -;- ودومينيك ستروس كان ..الخ .
وجه الاختلاف مع هذه الحالة عندنا . هي أن البعض يطلب للوزير ما يرفضه لبقية الناس . وكأنه يتعين تفصيل القانون بالنسبة للوزراء ومن على شاكلتهم . على نحو مختلف عما هو عليه بالنسبة لعامة المواطنين .
والحال أن الحق في الحرية الشخصية وفي الحياة الخاصة لا يمكنهما أن يكونا على المقاس بحسب الناس : حلال على الوزير كائن من كان وحرام على الآخرين .
فالقاعدة القانونية يجب أن تكون عامة وليس خاضعة للإنتقاء والتمييز , بحيث يعتبر حكمها واحدا بالنسبة للجميع , وهو ما يعبر عنه بمبدأ المساواة أمام الحق والقانون .
والحال أن مشروع القانون الجنائي المعروض الآن باسم الحكومة التي يرأسها حزب الوزير الشوباني , لا زال يجرم أفعالا هي من المرتبة ذاتها , ومن صميم خصوصيات الناس وحرياتهم الشخصية .
وبالتالي كيف يمكن لنا أن ندين تصريحات السيد شباط .(وهي فعلا تقتضي الإدانة ) , من دون أن ندين المقتضيات التي يعرضها القانون الجنائي بنصه الأصلي والمشروع المعروض حاليا لتعديله .
فهلا يحق لنا أن ندخل من هذا الباب لنطالب بالتحلي بالشجاعة اللازمة لمراجعة القانون الجنائي كلية وعلى نحو جذري عوض أن نجد أنفسنا مع كل مرة نلتمس الأعذار من خارج إطار القانون القائم الذي يبتز ويتابع ويسجن بسببه الآخرون . وتنقيتة من تشوهاته الخلقية الموروثة عن عقود سابقة , بما يضمن المساواة ويحمي من العنف والتمييز . ويوفر الاحترام والحماية للحريات الفردية من الشطط في استعمال القانون وجعله سيف ديمقليس على رقاب الحياة الخاصة للناس ,
*********
وهذه عينة من حالات الإعتقال حتى لا أقول الإبتزاز والإنتقام بسبب من الإمعان في عهد الحكومة الحالية في المساس بحق الآخرين في حياتهم وحريتهم الشخصية.
- أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط في 30 مارس 2015 حكما قاسيا ب 10 أشهر سجنا نافذة وغرامة مالية قدرها 40 الف درهم بتهمة المشاركة في الخيانة بحق الصحفي هشام منصوري ,
- نونبر 2014 اعتقال زوجة قيادي بجماعة العدل والاحسان يقيم بمدينة صفرو بتهمة الفساد والخيانة الزوجية .
- شتنبر 2014 اعتقال قيادي استقلالي يرأس أحد فروع الحزب بإقليم أكادير إداوتنان، وإيداعه السجن المحلي لآيت ملول، بتهمة الفساد والخيانة الزوجية.
- شتنبر 2014 إعتقال الكاتب الإقليمي لحزب النهج الديموقراطي بمدينة صفرو " متلبسا مع متزوجة في منزل هذه الأخيرة بمدينة فاس بتهمة الفساد والخيانة الزوجية.
- في يونيو 2012 اعتقال زوجة أحد قياديي جماعة العدل والإحسان بجهة فاس، برفقة أستاذ ينتمي إلى الزاوية البوتشيشية، بتهمة الفساد والخيانة الزوجية.
-(...) الخ
#محمد_بهى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟