مهدي أمين ستوني
الحوار المتمدن-العدد: 4777 - 2015 / 4 / 14 - 00:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ما هو النظام الرئاسي ؟ وهل النظام السياسي في كوردستان رئاسي؟
مهدي أمين ستوني
ونحن نقترب من نهاية الفترة الممتددة لرئيس الإقليم مسعود البارزاني والسجال حول الدستور والنظام السياسي المناسب للإقليم بداء يطفو على السطح بين الكتل والأحزاب السياسية, حيث هناك اصوات تنادي بان النظام البرلماني هو الأنسب لإقليم كوردستان وليس النظام الرئاسي مدّعين أن التجارب أثبتت أن الأخير غير مناسب وذلك لان تركيز السلطة بين رجل واحد من خلال الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الرئيس في النظام الرئاسي ستؤدي الى الدكتاتورية.
لذا إرتأيت كأكاديمي بتسليط الضوء في هذا المقال على النظامين الرئاسي والبرلماني وبيان خصائص كل منهما وعيوبهما ليقوم القارئ الكريم بنفسه بالحكم على النظام الذي أقر في مشروع دستور إقليم كوردستان العراق. وهل هو رئاسي أو برلماني أو غير ذلك ومدى صحة الإدعاءات التي يدعيها المعارضون لهذا الدستور وهل هم فعلا وراء مصلحة الإقليم في دعواهم أم ..؟؟!!!. أرجو أن يتضح للقارئ الكريم هذا اللإلتباس من خلال قراءته لذا المقال.
أولا: النظام الرئاسي
النظام الرئاسي هو نظام يقوم على أساس الاستقلال والفصل التام بين السلطة التشريعية والتنفيذية وعدم إمكانية تأثير إحداهما على الأخر ، ويعتبر النظام الأمريكي هو النموذج المثالي للنظام الرئاسي، ويقوم النظام الرئاسي على دعائم وتتمثل فيما يلي:
وجود رئيس جمهورية منتخب من قبل الشعب ويجمع بين الرئاستين (رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة) ويتم انتخاب رئيس الدولة بصورة مباشرة من قبل الشعب. ومسؤولية الرئيس مطلقة وهو مسؤول أمام هئية الناخبين, وليس أمام الكونكريس. وفي هذا النظام يقوم الرئيس بتعيين مساعدين و وزراء (مستشارين) له للقيام بالمهام التنفيذية ويكون الوزراء والمساعدون مسؤولين أمامه وليس أمام الكونكريس. ويخضع الوزراء خضوعا تاما للرئيس وهم مسؤولون أمامه فقط وهم لا يشكلون مجلس وزراء. والرئيس مسؤول عن حماية الدستور, وتطبيق القوانين ودعوة الكونكريس إلى عقد دورات استثنائية. هو أي الرئيس رأس الدبلوماسية, لذا فهو المسؤول عن العلاقات الخارجية, وعن تعيين السفراء والقناصل واعتمادهم. ولا يستطيع الكونجرس استجواب الرئيس او الوزراء في هذا النظام . ولا يجوز الجمع بين عضوية البرلمان والحكومة في هذا النظام وكذلك لا يستطيع الرئيس حل الكونجرس.
ثانيا: النظام البرلماني
هو نظام يقوم على الفصل المرن بين السلطات, ويعتبر النظام البرلماني البريطاني هو النموذج المثالي لهذا النظام. ويتميز بثنائية السلطة التفيذية وبالعتاون والتوازن بين السلطة التنفيذية والتشريعية. وثنائية السلطة التنفيذية تعني أن هناك رئيس دولة غير مسوؤل ويعتبر الركن الأول للسلطة التنفيذية ولا يتمتع بسلطات فعلية وهو غير مسوؤل من الناحية السياسية وذلك لانه منتخب من قبل البرلمان وليس الشعب. وأما الركن الثاني فهي حكومة أو وزارة مسؤولة وهي مسؤولة أمام البرلمان وهي التي تحدد السلطات العامة للدولة. وأما السمة الأخرى فهي التوازن بين السلطة التنفيذية والتشريعية هذا يعني أن للسلطة التشريعية حق توجية الأسئلة والإستجوابات لأعضاء الحكومة وكذلك تمتلك السلطة التنفيذية حق سحب الثقة من الحكومة بكاملها أو من أحد أعضائها. مقابل ذلك تمتلك السلطة التنفيذية حق حل البرلمان والإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة. وبذلك يكون هناك توارزن بين السلطتين. وأما من ناحية التعاون بين السلطتين فيكون من حق السلطة التنفيذية إقتراح مشاريع قوانين, وحق دعوة البرلمان للأنعقاد. بالمقابل يحق للسلطة التشريعية تشكيل لجان تحقيق في بعض أعمال السلطة التنفيذية.
ولكل من هذين النظامين عيوبه أما عيوب النظام الرئاسي فتكمن في أن سلطات الرئيس كثيرة وتؤدي في الكثير من الأحيان إلى التسلط والأستبداد في السلطة وقيام القائد الأوحد. وقد نجح هذا النظام في أمريكا . وفي اعتقادي أن هذا النوع من النظام لا يصلح لشعوب الشرق الأوسط وذلك لان الوعي الديمقراطي وثقافة قبول الآخر في مجتمعاتنا ما زالت لم ترق الى المستوى المطلوب بحيث تجعلنا مهيئين لنطبق هذا النوع من النظام.
وكذلك الحال في النظام البرلماني له عيوبه منها أن هذا النظام يؤدي إلى عدم الإستقرار السياسي في الدولة وذلك لان في هذا النظام يكون من الصعب تشكيل حكومة قوية وهذا سببه النظام الإنتخابي الذي يطبقه الإقليم طريقة (سانت ليغو) هذا النظام يساعد الأحزاب الصغيرة للوصول الى البرلمان. وأحيانا هذه الأحزاب تستفز الأحزاب الكبيرة وتصبح بيضة القبان التي ترجيح الفائز برئاسة الوزراء. وكان هذا واضحا في العراق عند تشكيل الحكومة وفي الأنتخابات المحلية في السليمانية. وبذلك يدخل الى البرلمان كيانات كبيرة بحيث لا يساعد على الأستقرار السياسي في البلد. وحتى بعد تشكيل الحكومة هذه الأحزاب تهدد بالأنسحاب من الحكومة بين الفينة والأخرى. وهكذا فإن العملية السياسية مهددة دائما. وكثيرا ما يؤدي هذا الصراع الى حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في البلد.
وهناك من يدعي أن هناك خلل قانوني في اتباع النظام الرئاسي لان النظام السياسي في العراق هو برلماني ولا يجوز أن يكون رئاسيا في كوردستان واقول لهم في ماليزيا هناك ثلاث عشرة ولاية تسع ولايات النظام فيها ملكي والباقي ويتم فيها أختيار الرئيس عن طريق الأنتخابات. وفي أمريكا كل الولايات الأمريكية تتبع نظام المجلسين إلا ولايتين لها مجلس واحد. فلا حرج في ذلك. لانك لا تستطيع نقل تجربة نظام سياسي في دولة ما وتطبيقها بحذافيرها في دولة أخرى لان كل دولة لها ظروفها وبيئتها الخاص بها.
واما ما يقال بأن النظام الرئاسي يؤدي الى الاستبداد في السلطة وظهور القائد الاوحد. فأقول أولا: بأن النظام في كوردستان ليس رئاسياً لا من بعيد ولا من قريب, وحتى لا يرقى الى الشبه الرئاسي. ولو دققنا النظر في سلطات رئيس الأقليم في مشروع الدستور لوجدنا أن أغلب هذه الصلاحيات هي مقيدة إما بالتشاور أو بموافقة البرلمان أو مجلس الوزراء ولا يحق لرئيس الإقليم حل البرلمان إلا في حالة واحدة نص عليها الدستور في المادة: 96
ثانياً: يحل البرلمان بمرسوم من رئيس الاقليم في الحالات الآتية:
أ- استقالة أكثر من نصف عدد أعضائه.
ب- عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاده خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ دعوته للانعقادلبدء دورته الانتخابية.
ج- عدم منحه الثقة لثلاث تشكيلات وزارية مقترحة مختلفة ومتتالية.
بينما في النظام الرئاسي في أمريكا والشبه الرئاسي في فرنسا للرئيس حق حل البرلمان. وهذه النقطة هي التي تعطي الرئيس القوة والسلطة. وأن الأستبداد وظهور القائد الأوحد ليس سببه الدستور أو النظام السياسي كما يدعي اصحاب هذا القول. ففي العراق مثلا النظام السياسي المتبع هو برلماني ولكن المالكي بهذا النظام اصبح دكتاتورا واستحوذ على السلطة. ومسعود البارزاني بهذا النظام الذي يدعون أنه رئاسي قاد كوردستان افضل قيادة وهذا بشهادة العدو والصديق.
وأما الذين يقولون على أنه لا يوجد من يشك في أننا نحتاج الى الرئيس البارزاني ولكن هناك خلل قانوني في ذلك يجب أخذه بنظر الأعتبار, فهذا يضع سمعة كوردستان والديمقراطية على المحك خارج الإقليم. أقول كان في أمريكا العرف الدستوري الذي يقضي على أن للرئيس فترتين رئاسيتين فقط واستمر هذا العرف الى الرئيس الأمريكي الثاني والثلاثين فرانكلين روزفلت (من تاريخ 4 مارس 1933 إلى 12 أبريل 1945 )حيث كسر هذا العرف وانتخب لأربع دورات متتالية ومات في الرابعة وكان هذا لأن أمريكا كانت تواجه أسوأ كساد اقتصادي في تاريخها. ثم الدخول في الحرب العالمية الثانية. هل قال الأمريكيون حينها لا .. ؟؟!!وأن العرف يقضي بدورتين للرئيس!! هذه هي امريكا التي علمت العالم الديمقراطية حين تبين لها أن مصلحة البلد تقضي بذلك لم يترددوا ولو لحظة واحد ولم يفكروا في سمعة امريكا مهد الديمقراطية. وكذلك الحال في المانيا فإن المستشار الألماني هلمت كول أعيد انتخابه لأربع دورات متتالية من 1982-1998 واصبحت المانيا من أقوى الأنظمة السياسية في هذه الفترة وذات الأقتصاد الأول في ربوع أوربا. إذاً هذه يحدث في الدول المتقدمة والديمقراطية ايضا. لان في السياسة هناك مصلحة الأمة والدولة فوق كل الأعتبارات. فماذا لو كان هذا العارض هو قانون أو نص.
وأخيرا, أرجو ان الأمور قد اتضحت للقارئ الكريم. وبهذا فإن النظام السياسي في مشروع الدستور هو ليس رئاسي ولا يرقى حتى إلى الشبة الرئاسي لان الرئيس في النظام الشبه الرئاسي هو رئيس الدولة ويرأس مجلس الوزراء أيضا ولهو الحق في حل البرلمان كما أشرنا آنفا. فأين رئيس الأقليم من هذه الصلاحيات. وبذلك من يقول بان النظام السياسي في كوردستان هو رئاسي إما هو ليس له إلمام بالأنظمة السياسية المتبعة في العالم أو هو لا يريد أن يعرف ويردد كالببغاء ما يقوله الآخرين.
من كل هذا يتضح أن القضية في كوردستان هي ليست قضية دستور ولا قضية نظام رئاسي أو برلمان وإنما هي مسألة حقد وكراهية لشخص مسعود البارزاني وللإنجازات التي حققها رئيس الإقليم والكل يعلم بأننا اليوم في أمس الحاجة إليه, لأن الإقليم يمر بظروف استثنائة ولابد من وجود مسعود البارزاني على رأس هرم السلطة اليوم لما يتمتع به هذا الرجل من شخصية كارزمية قوية وتشعب علاقاته التي كانت السبب الرئيسي في الرد الفعل الأمريكي السريع عند مهاجمة داعش لأربيل. والكثير من الأنجازات الأخرى التي حققها الرجل والتي لا مجال لذكرها الآن.
#مهدي_أمين_ستوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟