أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - على جناح ذبابة















المزيد.....

على جناح ذبابة


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 10:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل شعرت بالقليل من الاشمئزاز بسبب العنوان؟؟..إذا كنت إجابتك نعم فاسمح لي أن أشدَّ على يدك مهنئة..فتلك الفطرة السليمة لدى البشر على ما يبدو أصبحت للانقراض تتجه..لماذا قلت عبارتي الأخيرة بصوتٍ مرتفع و شبه غاضب؟؟..حسناً لأني أشعر أني تعرضت لخديعةٍ ما و لذلك حكاية ستعرفها لو حركت عينيك قليلاً نحو اليمين.

فقبل قليل أضعت الكثير من الوقت من بين أصابع حياتي الثمينة في نقاشٍ لا طائل منه..ذلك النقاش لم يكن حول ما يحدث في اليمن حالياً من قصفٍ جوي و لا عن سوريا التي تنزف يومياً و ليس أيضاً عن الفظائع التي تبعثرها داعش فوق رؤوسنا يميناً و شمالاً يومياً..نعم كم كنت أتمنى أن أخبرك أن النقاش كان عميقاً بطريقةٍ ما أو على الأقل يدور حول موضوعٍ يحاول جاهداً أن يتسم بتلك الصفة و لكنه كان يدور حول ذبابة تمتلك أجنحةً ثمينة!!.

و لكن لحظة فلنتفق أولاً على أمرٍ أفترض أنك عرفته عني ألا و هو أنني لست من النوع الذي يعترض على أي أمرٍ يرد في الأحاديث النبوية طالما أنه لا يعترض طريق العلم أو الفطرة السليمة ليصرعهما أرضاً..بل أني أجد أن الاعتراض على الأحاديث النبوية لمجرد الاعتراض هو تطرفٌ و لكن من نوعٍ آخر..تطرفٌ يسير بذات قوة التطرف الأول -و الذي يؤمن بصحة تلك الأحاديث صحةً مطلقة- و لكنه يسير فقط في الاتجاه المعاكس له..لهذا السبب لا أعترض إلا على ما تقوم صحته بالضرورة على إلغائي طواعيةً لعقلي من أجل أن أعلن أفضلية هذا الدين على سواه بمعجزاتٍ قد لا يمتلكها في هذا الجانب بالضرورة..و في ذات الوقت لا أستطيع أن أتجاهل من يحاول جاهداً أن يقنعني بأن دينه يمتلك نوعاً من أنواع الإعجاز العلمي فقط لأنه يؤمن أن دينه قد أثبت نظرية لا يمكن إثباتها لمخالفة مضمونها لقياس العقل كما العلم و لعدم ميل النفس البشرية للقيام بأمورٍ معينة تشمئز منها بالفطرة.

فقبل قليل أراد شخصٌ ما أن يقنعني بصدق فكرة أن الذبابة تحمل في إحدى أجنحتها مضاد حيوي للبكتيريا التي تبعثرها في محيط تواجدها..تلك الفكرة مقدسةٌ لدى العديد من عامة المسلمين كما من قبل علمائهم ربما لهذا السبب كان يدافع ذلك الشخص عنها بشراسة بل إنه أرسل لي مقالةً "علمية" تتحدث عن إثبات هذه النظرية مخبرياً..و عندما أخبرته أن المقال -رغم تحفظي الكبير على بعض ما جاء فيه- يشير إلى أنه في وجود عشرات الآلاف من أنواع الذباب في العالم -ما يتجاوز المائة و عشرون ألف نوع تم اكتشافه بخلاف أضعاف ذلك الرقم يُعتقد أنه لم يتم اكتشافه بعد- فلقد تم إثبات تواجد أحد المواد التي تدخل في تركيب المواد المضادة للبكتيريا في أحد أجنحة نوع أو نوعين فقط من أنواع الذباب المعروف علمياً دون غيرها من الأنواع الأخرى الكثيرة..و بعد هذا الحديث "الأحمق" و الغير علمي و الصادر من طرفي قام هذا الشخص بوصفي بالحُمق لرفضي "تعميم" ذلك الأمر على كل أنواع الذباب!!..أي أن ذلك الشخص -و غيره الكثيرون- يجدون أن نظريتهم الغريبة تلك هي نظريةٌ قابلةٌ للإثبات طالما أن هناك حالة إثبات واحدة في مقابل عشرات الآلاف من حالات النفي لها!!..فبالنسبة إليهم كان الرسول الكريم يقصد هذه الذبابة بالذات دون غيرها عند حديثه المزعوم عن تواجد المضادات الحيوية في مكونات أجنحة الذباب..و هو الأمر الذي يُعد كافياً بالنسبة إليهم أيضاً لكي يمنحوا دينهم نوعاً من أنواع الإعجاز العلمي لمعرفته المُسبقة لما لم يكتشفه العلم بعد.

بل أن أحد تجار الدين المشهورين في اليمن -لا خطأ هنالك في تلك الصفة- قام قبل عدة شهور بوضع منشورٍ "علمي" يتحدث فيه عن تحليله المخبري لجناحيَّ ذبابة اصطادها يوماً ليجد و بما لا يدع مجالاً للشك أن في أحد أجنحة تلك الذبابة توجد ملايين الجراثيم و لكن و للإعجاز "الدرامي" ففي جناحها الآخر يوجد مضاد حيوي لتلك البكتيريا..و لم يكن تعريف المهزلة يُجاهر بحضوره في حديثه ذك بل إنه كان في أن العديد من متابعيه كانوا لحديثه من المُهلِّلين و المُكبِّرين لهذا الدليل العلمي القاطع الذي يثبت تفوق دينهم على بقية الأديان الأخرى التي تعتمد على الخرافة لإثبات صدق مضمونها!!.

أي أن هذا "التاجر" كما سواه من التجار الذي يتحدثون ليل نهار عن معجزاتٍ علمية لا وجود لها يضعون اختراع الفريد نوبل في أركان عقول أتباعهم لكي يتم نسفها بكل عنف..و لكنك بالرغم من ذلك لا تجد أي مقاومة تُذكر لذلك الأمر بل لعلك ستجد أن الأغلبية تبدي الكثير من السرور و ربما التشجيع تجاه ما هو على وشك الوقوع لها!!..متجاهلين في ذات الوقت أن ديناً بأكمله قد ينهار ساقطاً بسبب إصراره على التمسك بأطراف أجنحة تلك الذبابة دون البحث عن أساسٍ أكثر متانة لدينه من سُمك ذلك الجناح!!.

و لا تستهن بتلك الذبابة فالإيمان بها ما هو إلا قطعةٌ صغيرة في لوحة فُسيفساء كبيرة تحتوي على العديد من القطع المماثلة لها..فتلك الذبابة كما بقية تلك القطع هي من المُسلَّمات التي لا "يفكر" المسلم غالباً في أن يناقش أو حتى يناقض مضمونها مهما بلغت في ذلك المضمون من اللا عقلانية..و هكذا و بعد أن تضع تلك القطع بتناسقٍ مع بعضها البعض ستجد أنه قد أصبح لديك دينٌ يكاد يمتلئُ بالخرافات و التي تشجع على ممارساتٍ كثيرة يؤدي القيام بها أو حتى مجرد الإيمان بها دون الوصول لمرحلة التطبيق العملي إلى إلغاء عقل الفرد تدريجياً ليصبح فارغاً كما أصبح الدين الذي يؤمن به.

ترغب في المجاهرة بعصيانك لتلك الأفكار؟؟..لا أشجعك على الإقدام على ذلك الأمر علانيةً على الأقل لأنك ستجد أن بعض علماء المسلمين يتهمون من يناقض تلك الحقائق العلمية بالكفر!!..أي أنك لو لم تؤمن بتلك الخرافة التي لا يدعهما العلم فأنت إما كافر مصيره القتل و إما أحمق مصيره السخرية..و لو تحدثت عن أن العلم لم يثبت هذا الأمر فستجد العشرات ممن يؤمنون بأن العلماء في معامل و مختبرات دول العالم المتقدم قد أثبتوا تلك الحقيقة منذ عشرات العقود و لكنهم يخفونها عن العامة حتى لا يلج البشر في دين الله أفواجاً!!.

لهذا أشعر بأني تعرضت للخديعة لأني أضعت الكثير من وقتي فوق جناح تلك الذبابة محاولة إثبات وهمية فكرة هي -كما أسلفت- من المُسلَّمات لدى نسبةٍ لا بأس بها من المسلمين..كما أشعر أيضاً بأن تلك الفئة قد أصبح قلبها كما عقلها يمتلئ باليأس تجاه مصداقية ذلك الدين الذي تؤمن به..ذلك اليأس ستجد دليلاً على وجوده في استماتتهم تجاه إلصاق أي معجزات و لو كانت وهمية بهذا الدين لإثبات ديمومته بطريقةٍ لا يحتاج إليها فعلياً خاصةً لو كانت هذه الديمومة قد تجسدت في ذبابةٍ أصبحت تحمل ديناً بأكمله فوق ظهرها الملوث بالجراثيم دوماً.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤل
- داعشي حتى يثبُت العكس
- أنامل عاهرة
- لائحة اتهام
- الكتابة بمدادٍ من نار
- رجل الستة ملايين دولار
- أن يكون مُسلماً
- من بدَّل دينكم فاقتلوه
- وُلِدوا من العدم!!
- كل عام و أنتِ قُبلتي
- اللعنة على اليهود
- تفاصيل من الماضي التعس
- إجماع
- نقاب
- إذن بالسفر
- و ثالثهم الله
- أستار الكعبة
- رجل الكهف
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - على جناح ذبابة