أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - إبراهيم إبراهيم - الحركة الكردية في سورية: اشتراط المرجعية وضرورة تأسيس الخطاب















المزيد.....

الحركة الكردية في سورية: اشتراط المرجعية وضرورة تأسيس الخطاب


إبراهيم إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 353 - 2002 / 12 / 30 - 15:05
المحور: القضية الكردية
    


 

أخبار الشرق - 30 كانون الأول 2002

في تاريخ الأمم والشعوب لحظات حاسمة، إن تفاعلت وتعاملت معها بمنطق اللحظة نفسها حسمتها لصالحها، وإن غلبت عليها الأنانية والمغامرة والعاطفة خرجت من اللحظة بصفتها الزمانية وبقيت خارج التاريخ.

الراصد لمعطيات الشعب الكردي في سورية وأداته التمثيلية (الحركة السياسية) والمؤلفة من مجموعة من الأحزاب ذات أيديولوجيات متناقضة ومتباينة في المعرفة والثقافة والفكر، يرى دون عناء أنها ما زالت خارج التاريخ كعنصر فعّال فيه، أي في التاريخ، بالرغم من أنها جزء من عنصر مؤسس بصفتها البشرية وكممثل لحالة وجود قومي، وهذا ما تعكسه الصورة المباشرة لحركة الشعب الكردي في سورية عبر مواقع تواجدها الضّيق زمانياً (اللحظة الاجتماعية) ومكانياً.

ثمة إشكاليات واسعة في الآلية التي تستخدمها للتعبير عن المفاهيم التي تعمل من أجلها هذه الحركة فيما لو كانت أداة تعبير فعلاً! آلية تعبر عن التصورات المستقبلية لمجموعة بشرية موجودة وتتمتع بميزات نفسية واجتماعية واحدة ووعي تلك المجموعة بهذا الوجود الحضاري القائم والذي يأخذ فيما بعد اسم الوجود القومي، هذا من جانب؛ ومن الجانب الآخر هو اعتبار تلك الحركة تياراً عقائدياً أو أيديولوجياً أو فكرياً يهدف إلى تأكيد ذلك الوجود ليستكمل وجوده أو (ليستكمل عناصره السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية التي هي تأسيس الدولة القومية)، ونحن سنقفز على هذا الشرط القانوني بالنسبة لحركة الشعب الكردي السوري كمنطق نتبناه وواقعية نسلكها، وإذا كان الأمر هكذا فيعتبر الشعب الكردي من هذه الناحية قائماً بمعنى من المعاني. أما العنصران الأول والثاني أي الوجود القومي الكردي في سورية وأداة ممارسة هذا الوجود على أرض الواقع، أي الحركة القومية الكردية في سورية، فكلاهما متوفر بدرجة لا تقل عن وجودهما في أي منطقة أخرى من العالم وكلاهما يجعل من هدف تأسيس خطاب سياسي واحد من أولويات تأكيد هذا الوجود التاريخي والحضاري الذي قد يكون ضحية من ضحايا المتغيرات التي تجري في العالم. ليكون البلوغ إلى الهدف صعباً لا سيما وأننا أمام تشكيل عنصر ثالث يدخل في معادلة الحركة الكردية في سورية والمتمثل في دخول الكرد السوريين كجزء مهم إلى الواقعة الوطنية السورية وبتباين واضح في خصوصيته عن العناصر المشكلة لسورية.

أمام ما يكشفه التحليل التاريخي عن تأثير متزايد للمتغيرات العالمية على الأمة (الهوية) والقومية (المرجعية)، يطرح سؤال كبير نفسه: كيف أو ما هو شكل العلاقة بين الحركة السياسية الكردية السورية وبين مؤثرات هذا الواقع في إطار العناصر البشرية المتنوعة والمتباينة والمتحدة بشكل أو بآخر مع بقعة مكانية اسمها سورية ..؟!

والسؤال هنا له جانب نظري، كما أن له جانباً تاريخياً. ففي بعض المراحل تحتاج التجمعات البشرية على اختلاف كمها إلى شعارات وعوامل توظفها لحماية نفسها من التهديدات التي تهددها، وهذا لا يدخل في إطار التكوين التاريخي للمشروع القومي الذي تتبناه أو تبنته الحركة الكردية السورية، أما الجانب التاريخي لسؤالنا فهو إشكالي ومعقّد، فالعناصر الذاتية التاريخية المكونة للمشروع القومي الكردي في سورية عناصر متداخلة في تشابك توضعها تماماً كتداخلها في أساس وجودها الموضوعي، فهناك عوامل مستجدة في دائرة التأثير وهي ما زالت غامضة ومبهمة للكثير من المهتمين كالعولمة والقرية الكونية وصراع الحضارات، ومروراً بنهاية التاريخ الفوكويامية وأيديولوجية سقوط الأيديولوجيات، وتنصيب أمريكا نفسها إمبراطوراً على العالم، أخذت اتجاهاً أكثر تعقيداً وإشكالا للحركة القومية الكردية في سورية لتأسيس خطاب سياسي قومي ووطني التي تمثلت في بعض الخطوات الخجولة والمتناقضة أحياناً والمفتقدة إلى الجرأة في التحديد للأهداف وتهميش العناصر التاريخية للمنظومة الفكرية لديها وعلاقة تلك العناصر بأسئلة العناصر الأخرى كالديمقراطية والتنوير والعقلانية والتكنولوجيا والمعرفة التقنية أحياناً أخرى، ليصل بذلك الخطاب السياسي إلى إلغاء البنية المحركة للمنظومة الفكرية للمشروع القومي الكردي في سورية ابتداءً من إلغاء ذاته وانتهاء بنفي الآخر كعنصر قائم ومختلف، وبدأ بتحويل الهدف إلى مجموعة أهداف وفي سياق ذلك تحول الصراع إلى أيديولوجيات تتصارع ليس لبناء موقع لوجودها القومي وحصانته بل لبناء مواقع اجتماعية محتواها منظومة ما تسمى بالفلسفة النرجسية أو العاجية ذات هرم طفيلي تسعى لتحقيق ذاتها الفارغة وسحق شرائح اجتماعية مخالفة فكراً أو انتماءً. لقد أصبحت الحركة السياسية الكردية في سورية تواجه معضلة مزدوجة لا تزال تجد صعوبة في تحديد هويتها السياسية والقومية وتوصيفها، وبدت عاجزة عن الدخول إلى عمق الإشكالية والوقوف على أسبابها والعمل على تجاوزها.

فإذا أقرينا بهذه الإشكاليات قبل الإقرار بأسبابها فإن هذا الإقرار أدى إلى بروز تصورات استحداثية مرسومة بخطوط واضحة وحقيقية يستدعي أصحابها تبنيها لأحقيتها المطلقة كما يدّعون ..!!

المسألة لا تبدو بالبساطة التي طرحناها كسؤال، والإجابة ليست بالبساطة التي يمكن تقديمها، فالخطاب السياسي المنشود يجب أن يكون تحت مجهر المناقشة، والحوار والذي أساسه الـ "أنا" و"الآخر" كقاعدة انطلاق نحو الوقوف على حيثياته وجزئياته لتحديد ورسم توجهات العمل لبلوغ الهدف، فدون تحديد مكوناتها لا يمكن التعامل معها بمنطق العناصر المكونة أو بما تفرض علينا تبرئتها من الشوائب والاتهامات. وبالتالي فإن القراءة الأولية لما يشهده الوضع الكردي السوري يبدو أنه غائب المرجعية وإن بدت الادعاءات غير ذلك. والأمثلة كثيرة في غياب المرجعية الكردية سواء الاجتماعية أو السياسية ويبرز هذا في التنصل والتشكيك في مصداقية التعامل وانعدام الثقة وإلغاء الآخر المختلف وتخوينه وتكفيره.

هذه الحالات تعبر عن الشلل الذي يصيب الفعالية في الخطاب السياسي الكردي والذي بدوره يدفع الخطاب إلى مسار آخر للقضية يتجاوز المنظومة المكونة للفكر القومي والإنساني للشعب الكردي في سورية وبالتالي القفز على تطلعاته المستقبلية المشروعة وعدم مراعاة عناصر الحداثة التي تتحكم بموقع القضية القومية الكردية في سورية ضمن الإطار المركب من (أنظمة رمزية وثقافية واثنوغرافية متعددة) والتي تتبناها الأيديولوجيات الكردية المتباينة بمستوياتها.

ولكن كيف يمكن إذاً أن نواجه هذا الموقف بينما التناقض ظاهرٌ ومحكمٌ في مجمل أوجهه، ويخلق حالة من عدم التوازن في الموقف السياسي من أجل خطاب سياسي كردي مؤهل لمواجهة المخاطر التي تفرزها التطورات المتسارعة للعالم، وعلى هذا الأساس يجب أن ينطلق الخطاب السياسي الكردي في سورية بالاتفاق على بناء مرجعية تتحكم بتعريف مفردات فكرية وسياسية وحتى اجتماعية سواء الآنية أو الإستراتيجية منها لصياغة برنامج عمل يترجم ذلك الخطاب إلى ممارسة عملية تنسجم ومتطلبات الزمن الاجتماعي اللحظي. إن عدم وجود المرجعية هذه يؤدي إلى تعذر وضع تعاريف محددة وواضحة للمفاهيم والمصطلحات والأهداف التي نعمل من أجلها (الوطنية، القومية، الديمقراطية، الكردية، الكردستانية، الحقوق .. إلخ)، ويخلق ما يمكن أن نسميه محاولات استغلال هذا الفراغ الفكري والمعرفي وطرح بدائل غير صحيحة وتتعارض مع الخطوط النضالية التي بدورها غير معرّفة، ما يجعل من الحركة في تخبط فكري وسياسي عبر طرح فلسفات إنشائية فارغة وحذلقات معرفية تكون أحياناً خارج إطار أدنى اشتراطات الوجود الكردي لخصوصية قومية.

وتحت هكذا يافطات يذهب البعض إلى تبني مقولات رائجة لحظية مستهلكة سياسياً وإعلامياً وببدائل جاهزة وفرتها لهم النظام السياسي وحصر القضية في أطر محددة (التجنيس أي الجنسية السورية للمجردين منها من الأكراد) لا أبعاد تاريخية أو حضارية لها. إن ما تفقده الحركة الكردية هي رؤية عصرية علمية ومعرفية تفسر بشكل علمي ومعرفي عميق الظواهر والمعطيات الذاتية والموضوعية للوقائع الإقليمية والعالمية.

إن تحديد ومواجهة الإشكاليات التي تعاني منها الحركة وأسبابها لم يعد مطلباً خيالياً أو دهليزاً من المقولات الهرمية، بل هي ضرورة من ضرورات الاستمرارية، وإلا ستبقى الحركة عنصراً مفعولاً لا فاعلاً وبالتالي ستبقى خارج التاريخ، مع التأكيد على بقاء تلك الكتلة البشرية التي نسميها الأكراد حقيقة لا يمكن تجاوزها.

__________

* كاتب وصحفي كردي سوري - حلب


 



#إبراهيم_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تخطو سورية خطى إيران وتركية وتعترف بأكرادها؟


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي: اقتحام الحوثيين مقر مفوضية حقوق الإنسان بص ...
- -اليونيسف- تحذر من خطر يهدد الأطفال في غرب ووسط إفريقيا
- الحركة الشعبية لتحرير السودان تعلن المجاعة في ولاية النيل ال ...
- ترامب يتحدث عن انتشار -وباء الجريمة- في الولايات المتحدة وخر ...
- تطوان ليس للاستبداد عليها سلطان
- جولة جديدة من مفاوضات تبادل الأسرى بالدوحة الخميس.. هل ستشار ...
- مصر.. القبض على 4 مسنات حاولن تهريب شحنة مخدرات داخل كراسي م ...
- محكمة أوغندية تدين قياديا في جيش الرب بجرائم حرب
- منظمة العفو الدولية: قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن أدا ...
- إصابة 7 أشخاص بهجوم طعن بمركز للاجئين في برلين


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - إبراهيم إبراهيم - الحركة الكردية في سورية: اشتراط المرجعية وضرورة تأسيس الخطاب