أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - الارهاب كمؤشر على انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي















المزيد.....

الارهاب كمؤشر على انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 00:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أدت حصيلة العمليات الإرهابية المرتكبة ضد أسبوعية شارلي ابدوا بباريس يوم 7 يناير 2015 الى تفجير شحنة عاطفية عميقة الدلالات وسط الجماهير الشعبية، ليس في فرنسا فقط، وانما أيضا في مختلف بلدان العالم. ففي فرنسا فقط تظاهر حوالي أربعة ملايين من الغاضبين رجالا والنساء، ضد تلك العمليات الفاشية. وهي لحظة صحوة مهمة من ذلك الاغتراب الجماهيري العام اتجاه الهيمنة الدينية والايديولوجية الطبقية على المستويين المحلي والعالمي.

لكن في مواجهة هذا الغضب الشعبي العارم، لجأ ممثلو الحكومات البرجوازية الى استغلال ذلك الغضب وتلك التظاهرات الوجدانية المبررة من أجل اعادة تعميق الاغتراب الجماهيري العام. فخلال المسيرة الشعبية ليوم الأحد 11 يناير بباريس، تمت فبركة الصور لكي تبين كما لو أن الطبقة السياسية، خادمة الامبريالية العالمية، كانت في مقدمة تلك المسيرات الجماهيرية، بينما كانت تتواجد في الحقيقة في احدى الأزقة الخالية من أجل التقاط صورة تذكارية دعائية انتخابوية وهي محاطة بالشرطة الأمنية من كل جانب.

فقد وظفت القوى المهيمنة هذه العمليات الإرهابية ذات الطبيعة الفاشية بشكل جيد، من أجل فرض المزيد من الاغتراب والقيود على الحقوق الديموقراطية وعلى الحريات، وبالتالي طبع جهاز الدولة بالمزيد من العجرفة الفاشستية والمزيد من فرض القيود من شتى الأنواع على العمال المهاجرين ومحاصرتهم، وهي العملية التي تستهدف الابقاء على الطبقة العاملة المهاجرة في مستوى استدامة خنوعها من أجل الاستمرار في تشديد استغلالها أولا، ومن أجل الاستمرار في اخضاع البروليتاريا المحلية ثانيا، ثم من أجل خلق تناقضات عميقة في صفوف البروليتاريا المحلية والمهاجرة حتى لا تشكل قوة مستقلة في مواجهة الاستغلال البرجوازي.

العمليات الارهابية التى ارتكبها اسلاميون فاشستيون أو التي تمت فبركتها بتلك الصورة لتوجيه التهمة لعينة معينة من الاسلام السياسي(تحاول الامبريالية وضع تمييز بين صنيعتيها –كأدوات استراتيجية- من اسلام سياسي متطرف واسلام سياسي طيع) ليست شيئا جديدا كذلك، خصوصا منذ فبركة أحداث 11 شتنبر 2001 لغزو وسط آسيا كمنطقة جغرافية استراتيجية لتقدم هيمنة رأس المال المالي العالمي.

وقد شاهدنا مثل هذه العمليات الارهابة في دجنبر 2014 في بيشاوار بالباكستان، حيث أدت تلك العمليات الارهابية الى مصرع 141 شخص، يوجد من بينهم 132 طفل، تمت ابادتهم بوحشية في مدرستهم. أو ما حدث في ليبيا في شهر فبراير حينما تم ذبح 21 عامل اجنبي من طرف وحدات داعش. وأيضا ما حدث صباح يوم 2 أبريل 2015 حينما دخلت قوى ظلامية، تسمي نفسها بالشبيبة الاسلامية، عبر الحدود الصومالية الكينية وارتكبت مجزرة رهيبة في حق 140 طالب وطالبة بجامعة كاريسا بكينيا، وهذا عدا ما يرتكب من فضائع في سوريا والعراق واندنوسيا من جرائم وأيضا ما يرتكب من عدوان ضد اكراد سوريا في روجافا وكوباني...

وتشكل مختلف هذه الأحداث والوقائع سواء كان اغترابا طبقيا قديما تم السماح بتطويره واستغلاله ايديولوجيا كالإسلام السياسي بكل من سوريا والعراق وليبيا ونيجيريا أو اغترابا شرع في اصطناعه في العديد من البلدان كالمغرب وتونس مثلا يشكل تعبير واضح عن تقدم بربرية نمط الانتاج الرأسمالي، وعن مدى التفكك الحاصل في المجتمعات التي تنعت بالمتمدنة. انها مؤشرات عميقة الدلالة عن عمق الأزمة العامة لنمط الانتاج الرأسمالي ولشكل المجتمع الذي يفرضه هذا النمط، وعن مدى تعفن المجتمع الرأسمالي ككل. ولا مجال هنا للادعاء الميتافيزيقي على أن ما يحدث عبارة عن قوى شريرة خارجية تستهدف تخريب الحضارة الرأسمالية، واعتبار ذلك شبيها بالحملات البربرية للقبائل الماغولية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، والتي تمكنت من تخريب مختلف الحضارات القديمة بآسيا وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط، بل أن ما يحدث من اعمال ارهابية اليوم، مهما اختلفت مصادرها، يمكن اعتباره كانتاج خالص لنمط الانتاج الرأسمالي سواء تمت فبركته من قبل هذا الاخير لعلاج ازماته المتفاقمة أم كان بمثابة رد فعل عنيف على بلوغ نمط الانتاج الرأسمالي مرحلة انحطاطه النهائي؛ راجع بخصوص نظرية انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي المقال التالي:

https://www.facebook.com/groups/matin.rouge/400729810080140/


ان انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي وتفكك المجتمع القائم عليه ينعكس أيضا في العمليات الارهابية المماثلة المرتكبة من طرف شباب تائه، مغترب اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ودينيا في كل مناطق العالم. وهناك أمثلة عن ذلك لدى المتطرفين الارهابيين الهندوس بالهند والمتطرفين البوديين بسيريلانكا ... الخ.، ونجدها أيضا وسط الارهابيين المسيحيين بأوروبا وفي القارة الأمريكية بأكملها ... الخ.

فمع غياب الأفق الواضح للأزمة العامة لنمط الانتاج الرأسمالي الحالية، فإن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية، ما فتئت تتعمق مع تعفن المجتمع الذي لا يفرز سوى الموت والتدمير على كافة الواجهات، فإن حياة العديد من هؤلاء الشباب أصبحت، من وجهة نظرهم، بدون معنى أو قيمة وبدون آفاق مستقبلية واعدة. وهذا ليس غريبا على اي نمط انتاج سابق في مرحلة انحطاطه، حيث نجد نفس العوارض رافقت انحطاط نمط الانتاج العبودي وانحطاط نمط الانتاج الاقطاعي وها نحن حاليا نعيش نفس الشيء في مواجهة عوارض مرحلة انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي.

إن سيرورة نمط الانتاج والمجتمع الرأسماليين لا يمكنه الا أن يجر الإنسانية بكاملها تدريجيا نحو الكارثة الدموية، والجنون القاتل والموت بل وتخريب وحدة الانسان والطبيعة. وكما يبين ذلك الارهاب، فإن هذا النمط لا يتوقف عن صناعة دائمة لأكبر عدد من الأفراد اليائسين بالكامل، المحبطين والقادرين على ارتكاب أفظع الجرائم؛ فمبدئيا، يتكيف هؤلاء الارهابيون بشكل متطابق مع صورة المجتمع الرأسمالي التي تزايدت توحشا مع انطلاق مرحلة الانحطاط. وإذا كان من الطبيعي أن يتواجد مثل هؤلاء "الوحوش" فذلك لأن المجتمع الرأسمالي أصبح "متوحشا"؛
إن القيادات السياسية خادمة نمط الانتاج الرأسمالي في مرحلة انحطاطه، لا يترددون في اللجوء هم أنفسهم الى ممارسة سياسة نشر الرعب، والاغتيالات، وقمع الجماهير المتحضرة وكل شكل من أشكال المعارضة حتى وسط القطاعات الطلابية والتلاميذية، عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح هذا النظام وطبقاته المهيمنة، البرجوازية. وقد لاحظنا مؤخرا كيف يحاول التحالف الطبقي الحاكم في المغرب تمرير نصوص جديدة ضمن مقترحات تعديل القانون الجنائي تمنح لها سلطات دكتاتورية فعلية في مواجهة مجتمع ما فتئ يزداد اغترابا على كافة المستويات. فإقرار مثل هذه النصوص الدكتاتورية من شأنها بحد ذاتها ان تفجر التناقضات والمواجهات الدموية العنيفة داخل المجتمع.

إن التحرر من نمط الانتاج الرأسمالي الذي بلغ مرحلة انحطاطه واصبح منتجا صافيا للبربرية، لا يمكنه ان يحدث سوى عن طريق اسقاط هذا النظام محليا وعالميا بواسطة اتحاد البروليتاريا العالمية، أي عن طريق الطبقة التي تنتج بشكل اجتماعي الثروات الأساسية للمجتمع، واستبداله بمجتمع انساني حقيقي عالمي لا يقوم على الربح والمنافسة واستغلال الانسان لأخيه الانسان وانما يستند على الغاء هذا التدمير "الما قبل التاريخ الانساني". مجتمع كما وصف ذلك كارل ماركس "قائم على "اشتراكية تتحقق في اطارها ذات كل فرد، كما تشكل شرطا للإشباع الحر للجميع".
من أجل بلوغ الحركة العمالية العالمية إلى مرحلة نضجها الثوري، فلا بد من التغلب على الأزمة الذاتية للحركة ومنها على الخصوص التغلب على الازمة الذاتية للماركسيين اللينينيين. فعوارض الانحطاط والتفكك لنمط الانتاج الرأسمالي، أثرت اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وايديولوجيا وثقافيا بشكل سلبي على مختلف مكونات المجتمع الرأسمالي وبطبيعة الحال أن يمتد هذا التأثير لكي يطال حتى الحركة العمالية وأيضا الماركسيين اللينينيين كذوات مناضلة فتتفاحش داخلها الامراض القاتلة ومن بينها تفاقم العجرفة البرجوازية الصغرى والمنافسة الهدامة والانتقاد الاعمى للجميع ضد الجميع، وهو ما يشتت أكثر مما يبني الذات المناضلة القادرة على التفاعل مع الحقيقة الموضوعية للأزمة الثورية.

تجاوز أزمة الحركة العمالية وأمراض الماركسيين اللينينيين ينطلق من نشر ثقافة الحوار البروليتاري الصريح، ومواجهة الفكر البرجوازي الصغير الهدام بتفوق الفكر البروليتاري في ممارسة ثقافة الحوار البروليتاري والانتصار الأكيد فيه. فالتناقض غير التناحري القائم بين الماركسيين اللينينيين يمكن تدويبه عن طريق هذا الحوار وليس عن طريق الانغلاق على الذات. فالانتصار الفكري لهذه الخطوة الأولى تفتح المجال لانتصارات متصاعدة ضد تأثيرات عوارض انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي. على شرط ان يواكب هذه الانتصارات تطوير آليات التحليل الملموس للواقع الملموس واستخلاص القوانين التي تحكم الصراع في ظل هذا الانحطاط فقد سبق للرفيق لينين أن أكد على أن لا حركة ثرية بدون نظرية ثورية.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى مرور مائة سنة على جريمة ابادة العنصر البشري في حق الشعب ...
- ماذا بعد اضراب 29 اكتوبر؟
- دلالات التناقض السياسي في المغرب في مواجهة منظومة حقوق الانس ...
- معضلة البطالة و السياسة التشغيلية للحكومة
- البطالة افراز مباشر للسياسات الحكومية البرجوازية
- حصيلة سنة 2014 بالمغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا
- سياسة الميزانية في ظل القانون المالي لسنة 2015
- مأزق الأداء الحكومي في المغرب سنة 2014
- تجربة التدبير المفوض في المغرب تحت المجهر
- التصريح الختامي لملتقى الاحزاب والمنظمات الثورية حول الشرق ا ...
- الاقتصاد المغربي لا يتماشى مع البنوك الإسلامية
- مؤامرة خطيرة ضد الجمعية المغربية لحقوق الانسان
- بين استباق”حذر” لمواجهة الارهاب.. وإلزامية “الحذر” من الغضب ...
- التوجهات العامة لمشروع ميزانية 2015
- الاحكام الصادرة في حق المعطلين سبب وجيه جدا لاحتجاج كافة مجم ...
- صندوق النقد الدولي يكذب على المغاربة من جديد
- الصراع الطبقي في المغرب واقع وآفاق
- عبد السلام أديب - باحث يساري ومناضل نقابي - في حوار مفتوح مع ...
- حول احالة مشروع قانون الأبناك التشاركية على أنظار المجلس الا ...
- الأبناك لم تعد قادرة على تلبية الطلب المتزايد على تمويل الاق ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - الارهاب كمؤشر على انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي