|
مشروع قانون تغيير وتتميم القانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب :اجهاز على الجامعة العمومية بشراكة الريع
محمد حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 00:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أقدمت وزارة التعليم العالي، و بشكل أحادي في بداية شهر غشت 2014، على إصدار مشروع قانون، يقضي بتغيير وتتميم القانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والبحث العلمي، لتحيين القانون المذكور (الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2000) وملاءمته مع مقتضيات الدستور الجديد، حسب تصور وزارة التعليم العالي و البحث العلمي . القانون المحين جاء في إطار تصريف مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي كان محكوما بشروط إنتاجه و بظرفية 1999 وحيثياتها المعروفة، و الميثاق يحتاج اليوم إلى تحيين أو تغيير إذا توفرت الشروط السياسية بعد التقويم الموضوعي لما حدث إلى اليوم. ومند إصدار هذا القانون 01.00 في سنة 200، سجلت عليه ملاحظات قوية ومبدئية، كنا ندعو في النقابة الوطنية للتعليم العالي الى تصحيحها، و بالتالي كنا على استعداد تام للعمل المشترك مع الوزارة الوصية، لمناقشة التعديلات و شكلت لجنة وظيفية لهذه المهمة (: سميت لجنة تعديل القانون 0100)، اجتمعت مرة واحدة يتيمة، بحضور السيد الوزير. إلا أن الوزير اختار صيغة العمل المفرد / بمفرده، بعيدا عن منهجية التشارك المطلوبة و المتفق عليها، و فاجأ النقابة بمشروع قانون بتغيير و تتميم القانون 01.00، المتعلق بتنظيم التعليم العالي والبحث العلمي، بعد أن كان المشروع هو تعديل القانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والبحث العلمي، في إطار مخطط شامل لإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي وضمنه النظام الأساسي للأستاذة الباحثين. النقابة ترى أن القانون يحتاج إلى نقاش تشاركي، وهو - أي القانون - ليس إلا حلقة من حلقات أخرى، لا ينفصل عن نقاش مضمون الإصلاح الشامل للجامعة و لا ينفصل إطلاقا عن النظام الأساسي للسيدات و السادة الأساتذة الباحثين، والذي يأخذ بعين الاعتبار المهام الجديدة للأساتذة ووضعيتهم المادية والمعنوية وشروط عملهم. لكن السيد الوزير سيختار المبادرة باجتزاء هذا القانون 0100 وحده وعزله عن السياق، و يدخل عليه تعديلات عميقة مستعجلة و تغيير عميق للفضاء الجامعي، بخلق بدائل مؤدى عنها للجامعة العمومية ( اعتبرتها النقابة الوطنية للتعليم العالي بدائل ريعية و غير منتجة ) تؤسس لتعليم عال بسرعتين مؤسسات 5 نجوم للأغنياء، و مؤسسات آيلة للسقوط للطبقات الفقيرة وأبناء أصحاب الدخل المحدود، مما يعيد إنتاج التفاوتات الطبقية، وضرب مبدأ تكافؤ الفرص عرض الحائط. إذن ،وجدنا أنفسنا كأساتذة أمام قانون إطار جديد تماما لاعلاقة له بمرجعية الميثاق (على علاته) . المشروع المقترح يبقي على منطق التعيين، و التحكم في اختيار مسؤولي مؤسسات التعليم العالي ، ولم يستجب للحد الأدنى من مطالب السيدات و السادة الأساتذة، كانتخاب المسؤولين لربط المسؤولية فعلا بالمحاسبة ، وإقرار بكافة شروط ومعايير الحكامة الراشدة ،والرفع من سلطة المنتخبين في المسؤوليات والمجالس، والاستقلالية الفعلية إداريا وماليا وبيداغوجيا، مع الإبقاء على إنفاق الدولة على التعليم العالي كمرفق عمومي ... المشروع حسم في البلقنة لما قنن عدم التحاق بعض مؤسسات التعليم العالي المنتسبة و يقصد بها مؤسسات التعليم العالي، التي تنتمي لمختلف القطاعات الوزارية أو تخضع لوصايتها.بالنسبة لهذا الصنف ترى النقابة، أن الأصل هو توحيد المؤسسات في إطار الجامعات العمومية، والفصل يلزم أن يكون حالات معزولة ومبررة، غير أن المشروع لا يضعنا في هذا المنطق فحسب، بل إنه يزيد من مبررات التشتت وتعد الوزارة بتصنيف هذه المؤسسات وبقانونها، غير أن المطلوب هو ما ذهب إليه الميثاق من التجميع كلما توفرت الشروط في غضون 4 سنوات .
المشروع يقنن صنفا ثالثا من التعليم العالي، ( لاهو خصوصي و لاهو عمومي ولا وجود له إطلاقا في الميثاق، أو أية مرجعية وطنية للإصلاح )، تموله مؤسسات الدولة أو دول أجنبية، ويستعمل أساتذة التعليم العالي العمومي ويستفيد من جميع امتيازات الدولة، رغم أنه مؤدى عنه، و يعطي شواهد وطنية معترف بها. ولتسويغ هذا النوع الهجين من التعليم الخصوصي، أطره المشروع في سياق شراكة نعتها عمومي /عمومي. الشراكة عمومي /عمومي، نعتبرها شراكة غير متكافئة، يمكن وصفها بالشراكة السبوعية، حيث يأكل القوي الضعيف. إنها شراكة تؤدي إلى مزيد من تهميش الجامعة العمومية وتفقيرها واستنزاف طاقاتها. هذا المشروع يفتح الباب لخلق بدائل للجامعة العمومية، تقدم التكوينات المؤدى عنها تحت غطاء ما يسمى بـ"الشراكة غير المربحة”، و استنبات الجامعات الخاصة الأجنبية، ويفتح الباب لتخلي الدولة عن تدبير قطاع التعليم العالي، وتفويض مسؤولياتها في هذا الشأن، لأشخاص ذاتيين أو معنويين، أجانب أو محليين غير منتجين مما يشكل خطرا على التماسك المجتمعي وتهديدا للشعور بالانتماء الوطني وضربا للسيادة الوطنية. إنه خطر يهدد الجامعة الوطنية العمومية ويقوض أسسها يتمنى الوزير أن تأتينا الجامعات من فرنسا، أو اسبانيا أو أمريكا أو إيطاليا أو حتى من روسيا وألمانيا.. وهو ما سيجعل نظام التعليم بالمغرب، شبيها بسوق حرة وتعليم البزار بحسب تعبير الأخ و الأستاذ المهدي لحلو(un enseignement de bazar)ما يفتح الباب على مصراعيه، لإشكالات لن يمكن للمغرب مستقبلا إيجاد الحلول لها، ويرهن مستقبل شباب المغرب، بل مستقبل المغرب ككل. الجامعات هي قبل كل شيء، كيان اجتماعي لا يكتب له النمو إلا من خلال الارتباط الوثيق بمجتمعه، و التفاعل الحي مع مشكلاته و تلبية طموحاته، و بالتالي لا يمكن إنزال الجامعات بالمظلات، أو استنباتها بإرادات شخصية. من خلال المقترحات الجديدة، التي جاء بها المشروع في مجال التعليم العالي الخصوصي، يمكن تلمس الخطوط الكبرى للمشروع الوزاري. إن المشروع لم يكتف بتزكية التوجه الذي جاء به المرسوم الأصلي موضوع التعديل، ولكنه مضى أبعد من ذلك، وهو يقر إقرارا صريحا بالتزام الدولة تقديم الدعم اللازم للنهوض بهذا القطاع (يعد التعليم العالي الخاص طرفا أساسيا وشريكا، إلى جانب الدولة، للنهوض بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وتوسيع انتشاره والرفع من جودته، وتسعى الدولة إلى تطويره وهيكلته لكي يقوم بالمهام المنوطة به – ديباجة الباب الثاني). وبهذا المعنى تكون الدولة قد وضعت عجلة القطاع على سكة قانون السوق، وشرعت في التملص من واجبها القاضي بالإنفاق على التعليم العالي كمرفق عمومي. وأسست لفكرة أن التعليم مجال للاستهلاك ينبغي التخلص من تبعاته المادية! هذا المشروع يفتح الباب أمام تقديم تحفيزات أخرى، إضافة إلى ما فتئت الدولة تقدمها للقطاع الخاص، وهو ما يشجع على تهرب الدولة من مسؤولياتها في تمويل التعليم و احتضانه، و اعتباره مجالا للإستتمار الاستراتيجي كما يقول الميثاق . المسكوت عنه في هذا المشروع، هو أن فتح النظام التعليمي العالي بالمغرب أمام جامعات خصوصية، بمال خاص آو مال عام، سياسة استراتيجية للدولة والحكومة إذا كانت بلقنة التعليم العالي، قد أدت إلى الفصل بين المعرفة المهنية (الاستقطاب المحدود)، والمعرفة الأكاديمية ( الاستقطاب المفتوح )، فإن التوجهات الأخيرة، تؤشر إلى تعميق البلقنة بإعطائها صبغة تجارية صرفة. وهكذا سيتم شيئا فشيئا، الانخراط في مسلسل الفصل بين المعرفة "المربحة" والمعرفة غير "المربحة". ان ما يسكت عنه المشروع هو الأداء في كليتا الطب في مدينتي الرباط والدار البيضاء، المنتميتين لمؤسستي الشيخ زايد والشيخ خليفة يبلغ 130الف درهما، و يسميها المشروع مؤسسات غير ربحية و ذات منفعة عامة، والدولة ليس لها الحق في مراقبتها بقوة القانون، وسمح لها باستنزاف الكليات العمومية بالإغراء المادي لأطرها، مما يفند ادعاء الهدف غير الربحي لهذه المؤسسات، ما دام الربح سوف يُصرف مسبقا. في حين كان الأجدر أن يتم دعم المؤسسات العمومية واستفادتها من أسرّة مستشفيي الشيخ زايد والشيخ خليفة على ضآلتها. القانون يمنع الدولة ان تراقب هذه المؤسسات، من الناحية المادية و القانون يعفيها من الضرائب . إن تسليع التعليم العالي و التراجع عن المجانية وخلق بدائل للجامعة العمومية، بتشجيع تعليم جامعي خاص وأجنبي ووطني مؤدى عنه، في بلد مازال يعاني من مختلف مظاهر التخلف على جميع الأصعدة، وغياب الشفافية، وانعدام آليات المراقبة و المحاسبة، وهيمنة اقتصاد الريع، لا يمكنه إلا أن يوجه الضربة القاضية للجامعة العمومية ... ضرب المجانية خط احمر، و يعد مدخلا لمزيد من الإقصاء وتعميق لإعادة إنتاج التراتبات الاجتماعية، القائمة ضدا على مبدأي الدمقـرطـة وتكـافـؤ الفـرص. وحين نتشبث بمبدأ المجانية نربطه بالحق الإنساني في التعليم وتكافؤ الفرص، فإنما يؤكد بذلك قناعة تاريخية، في أن ضرب المجانية ليس إلا مدخلا لمزيد من الإقصاء وتعميقا لإعادة إنتاج التراتبيات الاجتماعية، القائمة ضدا على مبدأي الدمقـرطـة وتكـافـؤ الفـرص. كما يأتـي ذلك التشبث انطلاقـا من تأكيدنـا على أن وطننـا لا ينبغي أن يعمق أسباب التخلف، ولا نريده أن يتعارض ومتطلبات العصر العلمية والمعرفية، القائمة على العنصر البشري في زمن أضحت تتعاظم فيه سلطة المعرفة. كيف إذن لسياسة تعليمية فشلت، كميا ونوعيا في عدد الطلبة المسجلين في الجامعة الوطنية ( حوالي 750000 طالب (ة) مقارنة مع 2 مليون طالب (ة) في الجزائر ) في ظل المجانية النسبية، أن تحقق تقدما في هذا المجال وهي ترفع شعار التراجع أو التخلي عن المجانية؟ أم أن الخلفيات التي تحكم هذا التوجه لا تعدو أن تكون محكومة بخلفيات مالية، تهم مجال النفقات وتنصاع بخنوع لتوصيات الأبناك والصناديق الدولية، التي ترهن حاضر ومستقبل البلاد؟؟.
#محمد_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكمياء العضوية او كمياء الكاربون:من التسليم بالقوة الخفية ا
...
-
في الحاجة إلى وعي بيئي متجدد
-
الجامعات الخاصة و عملية التصحر العلمي
-
تأملات في العلم و المواطنة : الدمقرطة و المشروع الانساني
-
الإعجاز العلمي في بورصة التفسير العصري
-
تأملات في العلم و المواطنة : التركيب و التنوع
-
اعتقال الصحفي أنوزلا يسائل التأويل الديمقراطي للدستور المغرب
...
-
التعليم العالي العمومي المغربي : من التأزيم إلى التفويت و ال
...
-
النقابة الوطنية للتعليم العالي و ملحاحية البرنامج النضالي ال
...
-
ثورات «الربيع العربي» وسؤال العقلاتية السياسية
-
الحاجة إلى ابن رشد أم الحاجة إلى مجتمع المعرفة
-
الحاجة الى عولمة ديمقراطية اشتراكية متحضرة
-
الثورة المصرية و مخاض الانتقال الديمقراطي
-
العدل و الإحسان و سؤال الحكمة الإنسانية
-
من اجل جبهة وطنية للدفاع على الجامعة العمومية
-
المطالب الديمقراطية لحركة 20 فبراير و شعار إسقاط الفساد
-
العلم و المواطنة و دحض فكر-الكل لغز -
-
الإصلاحات الديمقراطية و مجتمع العلم و المواطنة .
-
إضراب هيئة التدريس و البحث و سؤال الجامعة الوطنية العمومية
-
اليسار و أزمة المهام النضالية
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|