أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورين كيلو - الأصولية وأشكال التردي الحضاري















المزيد.....

الأصولية وأشكال التردي الحضاري


جورين كيلو

الحوار المتمدن-العدد: 4774 - 2015 / 4 / 11 - 00:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المؤكد وما لا شك فيه أن للأصولية الدينية جذورها النفسية وعوامل بيئية إجتماعية خاصة وعامة (من سلطة وولاية مجتمعية ـ أسرية) تبدأ من مرحلة مبكرة في حياة الأفراد لتخرج لاحقا على شكل عدم الرضا والإحتجاج على الأوضاع ثم تشمل محاكمته النفسية الأسرة والمجتمع من خلال إصلاحه والعودة به إلى طريق الخلاص والفداء الديني وينتهي بأوهام الهيمنة على العالم عبر قواعد ترشيد الحياة الراديكالية وأخلاقياتها الصارمة فسرعان ما ينخرط هذا المضطرب نفسياً إلى مجموعات صغيرة على شكل حركات إحتجاج أو جمعيات وتنظيمات سرية تنظم عمليات الخطف والإغتيال والتحريض وبث الفتن والكراهية ضد الأخر المختلف تحقق بدينامياتها بعض طموحاته ليقف بذلك التردي في موقف ضار أمام حضارة إنسان ما بعد التنوير. وبالعودة إلى تجارب الأصولي السيئة مع البيئة فغالباً ما نقف أمام هيكل فصامي ثنائي القطب تغلب عليه متطلبات الحكم الذاتي الناتجة عن الإنطوائية والخوف والوسواس القهري من مخاطر العالم المفتوح يشكلان شحنات عاطفية أصولية وروحانية.
ولعل أهم عامل في كاريزيمية الأصولية هو الخوف من الموت وأمان بوابات السماء (بحسب والد التحليل النفسي سيجموند فرويد) فالعلاقة هنا بين الوعي في الموت والخوف من الموت في اللاوعي كما يؤكد عالم النفس المعاصر في جامعة لوفان البلجيكية مايك فريدمان وهما القطبين المتصارعين اللذين ينتج عنهما ردود فعل نفسية معقدة حيناً وغامضة أحياناً أخرى بيد أن هذه الجماعات الأصولية وتأثيراتها النفسية ذات الصلة أصبحت إشكالية لاطوعية في مجتمعات الإيمان لتؤثر على فصائل عدّة تعيش في بيئة يوتيوبيا أنشغلت بأحكامها مجموعة المتعلمين وغير المتعلمين الناشئين للأطفال كبذور للغد الأكثر ظلامية.
وفي التصورات الدينية الإسلامية نصاً وقيمة تتضح الإشتقاقات النظرية للنهج والفعل الإجرامي المستمد من سلطة عليا ماورائية خارج البحث والتقصّي تحدده شروط أولية أخلاقية ومعنوية وسياسية إيمانية كعنصر عصامي غير قابل للتفاوض والإستنارة هو ليس وليد العصر بقدر ما هو سياق للتوجه المحافظ دينياً المحارب لظواهر الحداثة والنقد والمكافح لحركة التثقيف العلمية والأحكام العقلانية. صنعت هذه السلطة نفر أو كائنات يوازي عالمهم لعالم الإنسان يخضعون للتقسيم المانوي للعالم إلى الخير النقي والشر النجس، فهم إذن أشرار وخيرين، كفرة ومؤمنين، يستجمع المسلمون على وجودهم، والتراث يزخر بهم قصة وسيرة وحديث بل حتى أن بعض الجرائم علقت في ظهر الجن ليتخلص مرتكبيها من العقاب الجسدي والممسوس روحياً يحتاج إلى أداة تخريج لهذا الكائن وشيء من هذا القبيل يسمى في المسيحية عملية طرد الأرواح الشريرة التي تتلبس المرء وللجن سورة في القرآن إذ أنه بالنسبة للمسلم المؤمن لا لبس في وجودهم أبداً وهو معرض للمس والإثارة والإغراء الشيطاني ولا سبيل للشفاء إلّا على يد رجل دين تقي عالم بشؤون القرآن تتواجد هذه الكائنات في الأمكنة التي يقل فيها الإيمان وملائكة الإله ويكثر المجون المتمثل بالتفكر والفن والموسيقا والجمال وكل محرمات الإسلام وليس ذلك فحسب فهناك أيضاً السحر والعين والحسد وألخ وكل هذه الأمور محركات قوية لإحداث الفصام سواء كيميائياً أو عصبياً.
وفي جلسة مع اللاشعور الإسلامي هناك نشوة من قراءة إنتصارات التراث تظهر سماته الفكرية في الخطاب العلني والصريح من فتوحات وهمية للرسول وصحبته على الكفار واليهود والنصارى تتجلى بالإستدلالات العملية بالأقوال والأفعال كأوراق إعتماد للحكم على أساليب الحياة ومحرماته عند المؤمنين صغاراً وكبار وبإعتبارها أسس مطلقة لا تناقضات فيها أو شكوك فهي تجّردهم من الهويات الإجتماعية والثقافية وتحدد توجهاتهم ضمن المنظمة الأصولية والقيادة السياقية المتشددة.
فعملياً نحن أمام جمهور لا يؤمن بالتحليل الذاتي ومجالاته وطرائق علاجه سيما الفكرية الإنسانية هو عبارة عن حزمة سلوكيات من الإنتقائية والتقليد والتطرف في الإحتجاج والرفض والعنف الإستعراضي العدائي وتصيّد العواطف الإنسانية. ولعل المثال الأكثر شفافية شاهدناه قبل مدة من بضع شباب مسلم يعيش في أوروبا والغرب أغلقوا أعينهم بعصابات وكتبوا لافتات مطالبين بالثقة والعناق فأقبلن عليهم السيدّات الأوروبيات والغربيات في بادرة إنسانية لن تجدها إلّا في الأمم المتحضّرة والمحتكمة لشرائع حقوق الإنسان معانقات في الجانب الأخر هؤلاء الشباب يرفضون رفضاً قاطعاً أن تُعَانق أخواتهم وبناتهم من شباب أخرين وقد تكون مصائرهن القتل إذا فكرن بعملية معاشرة جنسية قبل موافقة الدين. ذات السلوك وعلى صعيد أخر نشهده عند الأفراد والجماعات من مدافعين للتراث وما فيه من عنف وكراهية ومكفرين في ذات الوقت لتنظيمات إسلامية تطبقها حرفياً فذاك الذي يرفض الإحتكام لدستور علماني يفصل الدين عن الحياة العملية للدولة ومؤسساتها المختلفة هو ذاته من يرفض أحكام دولة الإسلام الشهيرة بداعش المطبقة للشريعة الإسلامية وذاته الممجد بمجزرة بنو قريظة ومستنكر مجزرة سنجار والموصل أو مجازر السلمية مؤخراً، هو ذاته مكفر العلوي والشيعي والمسيحي واليهودي والبوذي وألخ والمطالب بأحترام حقوقه ومشاعره. في حين نجد لديه تبلد في المشاعر والوجدان إذ أنه على سبيل المثال لا يحترم قبور غيره ومقدساته وقد يهلل ويطبل لفعل وحشي أو جريمة لا إنسانية كما حدث في شارلي إيبدو وغزوة المتجر اليهودي المباركة المتزامنة له وحقيقة هناك إنتقال سلس ما بين السلوكيات الظاهرة والمبطنة في التراث أو النص والداخلة في حوار مباشر مع الأيديلوجيا المتحالفة فكراً وعقيدة للتشكيلات الأصولية فمحاكاة الأيديولوجيا للأصولي مجرد إدعاء بالتضرر من القوى الشيطانية الغربية ووكلائهم المحليين حيث أنهم أصحاب نظرية المؤامرة الممارسة عليهم منذ الأزل فسادهم وجهلهم وأحقادهم وتخلفّهم خطط وإتفاقيات يهودية صليبية ماسونية ضدّهم وبشريعتهم السمحاء العطوف وقبائلهم وتابوهاتهم وغرائزهم، هم قوة علمية معرفية إنسانية حديثة لا تهزم. ففي حين يطالبون بقطع العلاقات مع الغرباء المتدخلين في شؤون حياتهم وقوانينهم الرجعية وتقاليدهم الدينية القروسطية هم أناس لا تعرف معنى التعددية وإمتيازاتها الثقافية والسياق السيسيوبوليتيكي للحركات الديمقراطية فالفكرة الأخروية تسيطر على عقولهم ولا ضير من إنتقائهم لبعض جوانب الحداثة كالمنجزات العلمية والتكنولوجيا والتقنيات من العدو فهؤلاء سخرهم إله الغيب لخدمتهم وسينزلون عليهم بالدعوات الإنتقامية في كل الخطب فطالما الله هو سيف إنتقام بأيديهم يجزون به عنق من يشاؤون وطالما فضلّهم ذاك الإله على أحفاد القردة والخناير وجميع الكفار.



#جورين_كيلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول منطق العنف الإسلامي
- إكتشاف توبينغن لأقدم قرآن بين المشاريع الزائفة والحقائق التا ...
- مراجعات في أصول الدين الإبراهيمي (1) التوراة ونصوص ما بين ال ...
- الإسلام: من الجذور الشامية للتعريب


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورين كيلو - الأصولية وأشكال التردي الحضاري