هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1327 - 2005 / 9 / 24 - 11:01
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كيف يكون العالم بدون نشرات الأخبار؟! ربما تكون أهم فائدة حينها.. أن نتوقف عن سماع أعداد القتلى العراقيين!.. فلا نعود بعدها نشعر بذلك الوخز.. الذي تحسه عندما تضبط نفسك ضجرا من مشهد القتل اليومي للعراقيين.. لم يعودوا يمثلون بالنسبة إلينا سوى مجرد أرقام يومية نسمعها.. نسمعها فقط! أو مجرد صور متشابهة لسيارات محترقة وقطع لحم بشري تعبرها الكاميرات سريعا.. ونعبرها نحن أيضا بسرعة طالما السيطرة ما زالت لنا على الريموت كنترول! مشهد لأم عراقية مر في نشرة أخبار.. كانت تصرخ بحرقة يقشعر لها بدنك مهما كنت مسترخيا في مقعد وثير أمام التليفزيون.. أمام أشلاء ابنها:(ما تشوفون؟ ما تحسون؟ وينك يا رب؟ وينك؟ ليش ها اللعنة.. وإيش سوينا.. وينك يارب؟ الله لا يسامحكم.. الله لا يسامحكم)! نهرب بسرعة من ذلك المشهد ومن القناة برمتها.. إلى فتيات راغب علامة الملونات! ثم ننسى هذه الصرخة التي اقشعرت لها أبداننا منذ لحظات.. من المؤكد أنه كانت هناك صرخات أخرى لم نسمعها أثناء تبديل القناة! من أين يجيء هذا الاعتياد المشين؟ هل (تكرار) نشرات الأخبار هو السبب.. أم أنها لعنة تخص العراقيين وحدهم.. بعيدة عنا؟.. ماذا يفعل بنا التليفزيون.. لماذا حبسنا أنفسنا وأنفاسنا أمام شاشاته يوم ضرب بغداد بالصواريخ أول ليلة في الحرب الأخيرة.. ثم أصبحنا الآن نضجر من الخبر العراقي في نشرات الأخبار.. حتى لو كان هدم مدن بأكملها على رؤوس ساكنيها؟ هل كانت تلك (الألعاب النارية) يوم ضرب بغداد أكثر إثارة؟! رغم أن الحالتين نقلتا مشهدا واحدا.. دم أبرياء يسيل، في الأسابيع الأخيرة فقط ومنذ حادثة جسر الأئمة المريعة هناك مئات من العراقيين الذين رحلوا عن عالمنا عبثا.. أخذتهم ماكينة القتل الجنونية التي تعبث بالعراق في حالة غريبة من الهياج القاتل.. هذا موت بلا معنى.. ينقل بالبث الحي على كل شاشات العالم، لكن مهلا ً.. من يقتل من هناك؟!
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟