أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت














المزيد.....


عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 15:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


[مشهد افتتاحي: رجلٌ مصريٌّ فقير بائس، في ملابس رثّة بالكاد تغطي عورته. يستيقظ من نومه، ليجد حجرته غارقةً في مياه الصرف الصحيّ. لا يعترض. يعبر فوق أجساد أطفاله المكوّمة على الأرض. هم في إجازة طويلة لأن مدرستهم مهدّمة بلا جدران، وبلا كراسي، وبلا مدرسين. لم يعترض. يذهب ليشتري الخبز فيجد فيه مسامير وصراصير. لا يعترض.
مشهد الذروة: ترتفع حرارةُ طفله السابع. تتدهور حاله، فيذهب به إلى الوحدة الصحية. لا إسعافًا وجد، ولا طبيبًا، ولا دواء. لا أحد ثمة، إلا ممرضة بدينة حامل تحشو الكرنب. لا يعترض. يعود الرجل إلى أسرته الفقيرة وطفله المحموم بين يديه جثّة هامدة. ولا يعترض.
مشهد ختامي: صديقنا المصري الفقير البائس أبو الأطفال الذين بلا مدارس ولا علاج ولا طعام ولا ملابس، وارى طفلَه التراب في صمت ودون اعتراض. في طريق عودته لعُشّته الصفيح سمع من بعض الجيران الفقراء غير المعترضين، أن هناك كنيسة ستُبنى في القرية. هنا، انتفخت أوداجُ صاحبنا غير المعترض، واحمرّت عيناه، وأرغى وأزبد، وانضم إلى جيرانه في مظاهرة ليعترض.]
هذه المسرحية القصيرة تنتمي إلى "مسرح العبث" أو اللامعقول Absurd. لكنها ليست من تأليف عُمدة مسرح العبث الأيرلندي "صمويل بيكيت"، ولا تلميذه البريطاني "هارولد بنتر"، إنما وجدتها على صفحة الطبيب والكاتب التنويري الصديق "خالد منتصر"، ونقلتها ببعض تصرّف.
بالرغم من ذلك، ذكّرتني تلك العبثية الواقعية بمسرحية "في انتظار جودو" Waiting for Godot وهي أجمل مسرحيات بيكيت ودرّةُ مسرح اللامعقول وأشهر مسرحيات القرن العشرين. "جودو" بطل المسرحية الذي لم يظهر أبدًا، تدور حوله الأفكارُ والأحداثُ والشخوص. هو الحلم البعيد، والرعب القادم، هو المُخلّص المُنتظَر، والطاغية الذي بقدومه تنتهي الحياة. هو المستحيلُ ذاته، لأنه انتظارُ الذي لا يأتي.
وعودٌ لمسرحيتنا القصيرة، تُطلُّ علينا حزمةٌ من الأسئلة نطرحها على بطلنا الفقير المعدَم الذي لم يعترض على بؤسه وعُسر حياته وموت أطفاله فقرًا ومرضًا وجهلا، فيمَ اعتراضه على بناء كنيسة أو هيكل أو معبد بوذيّ؟! ما الخطرُ الذي سيهدد حياته وإيمانه إن شُيّدت دار عباده هنا أو هناك؟! هل ستزداد حياتُه تعاسةً؟ هل يُهدد إسلامَه وجود دينٌ آخر سبق دينه بمائات السنين؟! هل اعتراضُه دليلُ صحّة إسلامه وتقواه؟ هل يُخشَى على الإسلام من وجود كنيسة أو هيكل أو معبد؟ هل الإسلامُ ضعيفٌ يستأهل الذود عنه؟ هل أمر الإسلامُ بهدم الكنائس؟ هل يشكُّ في أنها رغبةُ الله في اختلاف البشر بدليل قوله: “ولو شاءَ ربُّكَ لجعلَ الناسَ أمّةً واحدة، ولا يزالون مختلفين.” هود 118؟ وسؤال هامشي: “متى يعترض على ما يوجب الاعتراض؟!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعفةُ نخيل من أجل مصر
- هل لحرية التعبير قيود؟
- سفاحُ الأطفال، صائدُ العصافير
- الحاجة صيصة وذقن حتشبسوت
- طلّعى الكمبيالة يا حكومة!
- أيتها المرأةُ الملعونة، أين عضلاتُ فخذيك؟
- مصرُ أينما جُلتَ
- الرئيس.. والأم
- شكرا ونكتفي بهذا القدر
- أمي -الملاك-... التي لم تنجبني
- شارعُنا
- هل تذكرون لوزة وتختخ؟
- مفتاحُ الحياة في يدِ مصر
- لأنها مصرُ، احتشد العالم
- قطط الشوارع
- مصرُ على بوابة الأمل
- لو كان بمصر هندوس!
- زوجة رجل مهم
- قُل: داعش، ولا تقل: ISIS
- ماذا قال السلفُ القديم


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عبثيةٌ لم يكتبها بيكيت