أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - ذاكرة الدم في صبرا وشاتيلا : عن ابو سلمان الذي لم يخذله حماره














المزيد.....


ذاكرة الدم في صبرا وشاتيلا : عن ابو سلمان الذي لم يخذله حماره


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 4769 - 2015 / 4 / 6 - 22:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


من الصعب على الذاكرة بعد مرور أكثر من ربع قرن على الحدث المجزرة، إسترجاع أدق التفاصيل التي تبدو ضرورية لإعادة تقييم مجريات الأحداث، والخروج مع شيء من التوثيق بشهادة على تلك المرحلة التي تبدو عصيّة على النسيان. ومما يزيد في صعوبة لملمة جزئيات التفاصيل يرجع في أحد أهم أسبابه إلى غياب شخوص الحدث نفسه، فقد غيّب الموت الكثيرين منهم، وحالف الحظّ البعض فاحتوته المنافي البعيدة ودول اللجوء.

لذا يظلّ التعكز على الذاكرة التي أجهدتها الأحداث وألمّت بها المحن أمراً مفروغاً منه في محاولة التصدي لإستعراض ما حدث ظهر يوم الجمعة السابع عشر من أيلول سبتمبر 1982، كان الجو ينفث سموماً ودخاناً رمادياً , وكانت رائحة الموت تغطي ساحة المخيم، لكن التكهن بما سيحصل لم يراود مخيلة أحد، ولم يقطع قدسية الصمت في شوارع المخيم سوى موسيقى جنازير دباباتهم التي كان ينبعث منها لحن الموت، وصوت جارةٍ لنا، تصرخ بأعلى صوتها مجزرة..مجزرة....مجزرة. كانت الجارة شبه عارية، والدماء تسيل من جسدها. كانت تطلب منّا الذهاب إلى تمثال أبوحسن سلامة عند تقاطع الرحاب ومفرق صبرا. كان الناس ينظرون إليها بإستغراب، كانت المرأة في وضع مأساوي جداً، يوحي للرائي بأنها ربما فقدت عقلها؟! لا أدري بالضبط كيف وصلنا إلى تمثال أبو حسن سلامة، في وقت بدأ الجنود الصهاينة التدقيق في هوياتنا، طلبوا منا نحن الفلسطينيين والسوريين أن نقف إلى جهة الشرق من التمثال وإلى اللبنانيين الوقوف إلى جهة الغرب منه وقفت مع اللبنانيون دون أن يتنبه الجند الصهاينة إلى ذلك. كان وجه الأرض مغطى بحرامات زرقاء رُصفت عليها بلطات وسكاكين. مرّت ساعات ونحن نقف في الطابور، كانت الحياة تختلط بالموت على قارعة الطريق، والصمت سيد الموقف، وأن مناخاً من مناخات القبور كان قد ألقى بظلاله على الجميع بما فيه المكان، يوحي بأن شيئاً ما سوف يحدث، كان جنود وضباط صهاينة قد تخندقوا بالقرب منّا فوق مدارس المهدي - قيد الإنشاء وقتذاك - لم تكن مسافة المئة متر تلك كافية في حسابات العسكر كي تقينا نيرانهم. نسيت نفسي من أكون ولماذا أنا في هذا المكان، هذا ما قاله لي يوسف علي ناصيف الناجي من مجزرة صبرا وشاتيلا، لم يبق في ذاكرتي عالقاً من أحداث ذلك اليوم سوى صورة الشيخ المسن فوق حماره بوريد مقطوع شبه ميت ودم نازف، يطل على المكان فجأة من جهة حي عرسان، يرافقه جنود صهاينة يملؤهم الزهو وتغطي ضحكاتهم الهستيرية مساحة المكان. مروا من جانبنا وإستمروا في سيرهم إلى جهة بئر حسن عرفت الرجل للوهلة الأولى وتابعته بنظري حتى إختفى في إحدى الأزقة بصحبة الجنود الصهاينة، كان الرجل هو حسين محمود زينه (أبو سلمان) المولود في بلدة الجش - فلسطين 1911. هذا الشيخ العاشق لأرضه وتراب وطنه خذله ثوّار العلب الليلية وتّجار الكلام... إلا أن حماره لم يخذله وظلّ وفياً له، حمله مسافة الطريق ليوصله إلى بيته في مخيم برج البراجنة...بعد ثلاثة شهور من وقوع المجزرة رحل أبو سلمان شاهد عصره في ذلك اليوم الحزين بعد أن سجّل بدمه حضوره على صفحات التاريخ الإنساني. رحل قبل أن يسمع تصريحات بعض المارقين على القضية الفلسطينية، الذين لم يخلصوا لدم الشهداء، ولعذابات الأسرى والجرحى ولأمهات الثكالى. رحل أبو سلمان بعد أن أعطى الأميركيون ضمانات خطية بعدم دخول القوات الصهيونية إلى بيروت الغربية وبحماية المدنيين في المخيمات.

رحل أبو سلمان ولا زال قبره بلا شاهد، ينتظر عدالة السماء لتثأر له ولجميع الضحايا في مذبحة صبرا وشاتيلا



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود سعيد أدار الى جهة الليل ظهره !!!
- أنيس صايغ... قامة لم تنحن يوماً
- ذاكرة الدّم ، في صبرا وشاتيلا
- اذا حان وقتها ، ستدكُ عروشٌ ويُداس طغاةٌ !!!
- ناجي العلي / لو غاب او تغيّبَ !!! من يمسك الريشة والقلم !!!
- ذاكرةُ الثّلجِ ...!!!
- أنْجزَ ما عليه وَرحلَ
- عندما لا يستمعُ أحدٌ لندائِكَ سِرْ بمفردِك !!!
- هان الرحيلُ حتى تساوى به النسيانُ !!!
- عشيرة عرب السواعد
- الطلاق !!!!!!!
- عشيرة عرب القليطات / الخريشات
- عشيرة عرب الهيب / المرادات
- عشيرة عرب الحميرات
- عشيرة عرب السويطات
- عشيرة عرب الطوقية
- عشيرة عرب المواسي
- عشيرة عرب العرامشة
- عشيرة عرب الجنادي
- عشيرة عرب الحجيرات


المزيد.....




- شون -ديدي- كومز يواجه ضحيتين أخريين في لائحة اتهامه
- ترامب يتحدث عن السبب في حادث اصطدام الطائرتين في واشنطن
- رئيس الوزراء العراقي يعلن القبض على قتلة المرجع الديني محمد ...
- معبر رفح: متى تخرج أول دفعة من الجرحى من غزة ومن سيدير المعب ...
- أول ظهور لتوأم باندا نادر في حديقة حيوان في برلين يثير إعجاب ...
- هل خطط المحافظين في ألمانيا بشأن الهجرة قانونية؟
- هل -يستعين- ميرتس بأصوات البديل مجددا؟
- استعدادات لفتح معبر رفح ونتنياهو يهدد باستئناف القتال مع حما ...
- إسرائيل تنفذ ضربات على مواقع لحزب الله في لبنان وتقول إنها م ...
- -الويب تون-.. قصص مصورة نشأت في كوريا الجنوبية وتتطلع لغزو ا ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - ذاكرة الدم في صبرا وشاتيلا : عن ابو سلمان الذي لم يخذله حماره