أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد هيهات - النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (22/)














المزيد.....

النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (22/)


أحمد هيهات

الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 5 - 22:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وعيا منها بخطورة النكتة السياسية ودلالتها المباشرة على وعي الأوساط الشعبية التي تنشأ وتروج بينها اهتمت الأنظمة الشمولية بأمرها، فقد خصصت المخابرات المصرية في عهد جمال عبد الناصر مثلا فرقة مخابراتية مختصة في رصد النكت المنتشرة في كل فترة زمنية بغية تحديد الاتجاهات التي يسلكها تفكير الجماهير ، وبالتالي استباق تحركاتها من خلال اتخاذ اجراءات احترازية تفسد من خلالها مشاريع الجماهير الناقمة على تردي الأوضاع، والأكيد أن الأنظمة الاستبدادية بصفة عامة تتعامل بالمنهج نفسه مع النكتة السياسية وإن اختلفت بعض التفاصيل والجزئيات التي تفرضها خصوصيات كل نظام شمولي ، وذلك بسبب إدراك هذه الأنظمة العميق لضعف الواقع الإعلامي الرسمي وتخلفه واستناده إلى الرؤية والرواية الرسميتين ، وأن النكتة السياسية هي الوسيلة الإعلامية الشعبية التي تصور الحياة السياسية بمنظور متحرر ومتجرد عن الإملاء والممالأة والتبعية والتوجيه .
وفي اتجاه مختلف تماما لما سبق تتوسل الجماهير العريضة الفاقدة لقوة الإرادة ونفاذ الفعل بالنكتة السياسية ،وذلك تعلقا بأهذاب خلاص مؤقت مزيف، وهروب فاضح إلى الأمام من واجب شحذ الهمم وقدح زناد العزائم ، وتصحيح وعي الجماهير المنحرف الذي يجعل عرقها لغيرها ، فتستحيل النكتة السياسية مسكنا للآلام التي تسببها يقظة الضمير إلى أن تتعود الشعوب على الواقع الجديد الذي لا يرتفع ، فتصير النكتة بذلك بلسما وبردا وسلاما على قلاع الاستبداد الحصينة، وقوام هذا البلسم إرجاء المواجهة مع الفساد ، والزيادة في جرعة التواكل ، والاكتفاء بطعن الحاكم سرا وتمجيده جهرا .
وقد اتخذت الجماهير الضعيفة المسحوقة المهمومة النكتة السياسية سلاحا ضد كل مسببات العدوى بكراهية الظلم والتسلط ، كما اتخذتها رفيقا حميما في دروب الاكتئاب والحرمان والمعاناة ، وسكرية لا ينضب معينها لتحلية الواقع المر وأصباغا مختلفة الألوان لتجميل صورة الزمن الرديء ، بعد أن كسّرت الجماهير فكها العلوي من الغيض ، وعادت برأس مبطوح وجسم مقروح دون أن تحرك في بدن الطغيان قيد أنملة فآثرت هذه الجماهير الخلود إلى الراحة وعدم أكل التفاحة .
و عموما قد تعبر النكتة السياسية في أحسن أحوالها عن نهاية الثورة والتمرد واكتفاء أصحابها بالنكتة التي تسحب من المقهور قسرا ابتسامة عريضة يفسد من خلالها الثائر المنهزم فرحة انتصار الظالم المستبد ، ومنه تغدو النكتة السياسية آهات وأنينا يؤكد استمرار الشعوب المستضعفة على قيد الحياة رغم انعدام أبسط شروطها ، بعد أن كانت هذه النكتة كابوسا يؤرق الظالمين فتتجافى جنوبهم عن المضاجع خوفا وقلقا من آثارها .
وخلافا لوظيفتها التحسيسية التحريضية على التمسك بقيم الحرية وامتلاك الإرادة أضحت النكتة السياسية صمام أمان للأنظمة السياسية من خلال تحويلها إلى غرفة عازلة يفرغ فيها المواطن شحنات غضبه المتراكمة وضغوطه وآلامه ومكبوتاته ، وبناء على ذلك تساهم النكتة في تقوية التعاون الاجتماعي على الصبر والتحمل وعدم التبرم ، وكذلك تنشيط الإبداع والخيال للتعالي عن الواقع والعيش في أبراج عاجية تحميها أسوار الأحلام الحصينة ، وتتحقق فيها المطالب بعيدا عن عالم الواقع الدنيء الملوث برغبات النفس الأمارة بالسوء .
نكتة :
وضع جثمان محمد أنور السادات في غرفة مغلقة ،وتجمع فيها جنرالات مصر يتقدمهم محمد حسني مبارك ، وفجأة انفتحت إحدى النوافذ ودخلت عبرها رياح خفيفة منعشة ، فقال أحد الجنرالات بما يشبه التأوه :" الله .. هذا نسيم يرد الروح " فأردف حسني مبارك قائلا :" أغلقوا النافذة بسرعة ، فال الله ولا فالك " ( خوفا من عودة الروح إلى السادات وضياع الحكم ).
(-;-روى لي هذه النكتة - مشكورا - زميل عزيز( م . ش ) بعد نشر الجزء الأول من هذا المقال)
أحمد هيهات



#أحمد_هيهات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (1)
- لماذا ينتخب المغاربة العزوف والمقاطعة ؟
- جائحة إيبولا تجرف -الكان-
- -شارلي-: الإساءة بين الحماقة والإحسان
- عام الحزن 2014
- هل يحكم -الاسلاميون- في المغرب
- - الاسلام ديانة حرب -
- بداية الحكم الشمولي في الإسلام
- حسن التوقع وحسن الظن
- من الثورة إلى التغيير
- الآكلون على كل الموائد
- أهل الكهف الجدد
- معاناة أبي نواس مع المنهج النفسي - العقاد -
- حج الفقراء
- أسرة التعليم وقابلية الاستصغار
- غزة تقطر دما وعزة
- -ثورة- السيسي وانقلاب أوتشا
- تعليمنا والسكتة القلبية
- محنة القوارير مع فتنة التحرير
- -مسار-إصلاح -مثالي- للتعليم


المزيد.....




- قد يصل وزنه إلى ألف كيلوغرام.. كيف تتصرف عند مصادفة ثور هائج ...
- مقتل ثلاثة إسرائيليين في هجوم مسلح بالضفة الغربية، وحماس تشي ...
- السلطات الصحية في غزة تبدأ حملة تطعيم لمكافحة شلل الأطفال وس ...
- شتاينماير من زولينغن: الدولة لم تفِ بوعدها بتوفير الحماية
- بيسكوف: العلاقات الروسية الأمريكية بلغت حد الانهيار في عهد ب ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدتين جديدتين في دونيتسك والقضاء ...
- تاياني يستنكر تصريحات بوريل حول السماح لكييف بقصف أراضي روسي ...
- -أفضل طريقة- لخفض شعور كبار السن بالوحدة
- العراق.. المجلس الأعلى للسكان يحدد موعد فرض حظر التجول في ال ...
- الضفة الغربية.. تواصل المعارك الدامية في مخيم جنين لليوم الخ ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد هيهات - النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (22/)