بشاراه أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 5 - 19:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في موضوعنا السابق قلنا إنَّ ما تناوله الكاتب إسلام بحيري عن الإلحاد والملحدين بعنوان: (الدين والإلحاد وجهاً لوجها) لم يكن ملفتاً لنظرنا أو إهتمامنا بذاته, وإنما الذي دفعنا للحديث عنه هو بعض ما جاء به من أفكار وتصريحات رصدنا فيها محاولة لتوريط الدين الإسلامي والقرآن في أمر ليس لهما به شأن, ولإحتوائ الموضوع برمته على أمور خطيرة لم يتحسب لها الكاتب مما دعانا إلى تفنيدها وتصحيح المفاهيم حولها في ظل كتاب الله تعالى وآياته البينات المبينات.
وقلنا إنَّ ردود الكتاب على تعليقات القراء قد غلبت عليها سمة العرض والإجتهادات الشخصية غير الموفقة لغياب المرجعية الصحيحة لديه على ما يبدوا, والموضوعية والغاية الهادفة. وإنَّ الذي شدنا وأقلقنا أكثر هو ردوده على ما جاء ببعض تعليقات القراء على ما أثاره وصرح به في موضوعه وما تضمنه من تناقضات وإقتراءات نسبها إلى القرآن الكريم, فكانت سالبة للغاية مما جعل الأمر علينا لازماً على الأقل لمناقشة أهم السلبيات التي وردت فيه لذا رأينا أن نضع بعض ملاحظاتنا على مختارات من تعليقات القراء لأنها تمس العقيدة بل وتضربها في صميمها. لأن الردود التي قالها إسلام بحيري هي الدافع الأساسي للتصدي لها ومجابهتها بكتاب الله تصحيحاً وتقويماً للإعوجاج والجنوح الذي لمسناه فيها. فنقول وبالله التوفيق وعليه السداد:
أولاً:,, قال له أخ يدعى "سرحان" في أول تعليقاته ما يلي:
1. ((... الفاضل اسلام: أستاذ ، بغض النظر عن تناولك لأشياء كثيرة أقول لك، كنت مؤمنا لأكثر من أربعين سنة ، بدأت بالنظرة العلمية للأحاديث والسيرة و الفقه فوجدت فيه العجب
2. تحولت للقرآن فوجدت ياجوج و ماجوج و ذو القرنين و (إما أن تعذب أو ..) (إله يخير شخصية أسطورية أن يعذب مخالفيه أو يعفو عنهم) و هاروت و ماروت و السحر و (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..) و (حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون..) وغروب الشمس في عين حمئة و شروقها على أناس لم نجعل لهم من دونها سترا و ... و القطع و القطع من خلاف و الجلد و ...
3. سيدي لم أعد اتحمل فلم تعد اسطوانة لكل شيء منظم تجوز علي خاصة و أن الكون مليء بالفوضى و عدم النظام و انفجارات النجوم .. الخ ، و كوكبنا مليء بالكوارث و البلاوي ... المنظم جعل آدم يغويه ابليس و برمج ابليس لكي يعصى و الجنة و الحور العين (مقصورات في الخيام) و الولدان المخلدين و الخمر و انهار اللبن و العسل و النار و العذاب الأبدي ...
4. بعد أربعين عاما و حفظ القرآن تركته لكم سيدي فمعذرة.
هذه الصورة المأساوية, ليست الوحيدة ولا أظنها ستكون الأخيرة في ظل التردي الذي وصل إليه حال الواقفين في طريق العلم بإدعاء انهم علماء, ويتصدون لكل من قال لهم لا أنت على خطأ وضلال,, والملاحظ أن الذين يصلون إلى هذه النهاية المأساوية أغلبهم من المطلعين القارئين,, فما أن يدخل أحدهم في مكتبة صغيرة كانت أم كبيرة, يفاجأ بأنها عبارة عن وادٍ من المجلدات الأنيقة لعدد من الكتاب المقدسين تقديساً بدءاً من غلاف المجلد, وأول جملة صادمة له هي عبارة (إختلف العلماء), وحتى التي إتفقوا عليها أحاطوها بسياج من المستحيلات وبيت عنكبوت من العنعنة والروايات التي لم يتركوا منها حتى ما أجمعوا على انه ضعيف او موضوع أو غريب,,,. فناضلوا من أجل تصحيحه من جهة أخرى يكون غيرهم قد ضعفها ووصفها بالكذب أو التدليس.
إذاً يجد الشخص أنه ليقرأ كل هذه الجبال من المغالطات والإجتهادات,,, الخ قد يحتاج إلى عمري إدريس ونوح عليهما السلام معاً حتى يصل إلى ضالته وسط هذه الغابة من الخلافات المذهبية والطائفية والصوفية والشيعية والخوارج والزيدية والعلوية والإثني عشر,,, فيخرج على الأقل بالقنوط الذي لا يلبث أن يتحول إلى شك فهجر إن لم يكن إلحاداً, لأنه بلا شك سيجد القرآن الكريم أصبح عبارة عن آيات مقطعة ومتفرقة هنا وهناك بين أسطر وفقرات صفحات المتون والأسفار فلا يعرف مراد الله منها إلَّا من خلال ذلك الكاتب الشيخ الإمام العلامة والفهامة والولي المقدس الذي لا يجوز الإقتراب منه والتصوير.
للأسف لم يستطع بحيري أن يرد على سرحان, على الرغم من أن الرجل قد كفر بالله بعد إيمانه بأربعين عاماً كما يقول, والغريب في الأمر أنه قد بين له سبب ذلك الكفر, ولكنه قابل الحادثة ببرود وفتور وتدله وبلادة, وكأنما الأمر لا يعنيه, أو الحالة التي أمامه عادية ولا تعني في عرفه ما يستحق الرد عليه على الأقل لرفع كل أو بعض الشُبَه الخطيرة التي بهت الرجل بها الإسلام والقرآن وبلغ نقده حتى لله نفسه (تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا),,, وذلك في محاولته اليائسة لتبرير كفره الذي حقيقةً كانت بذرته تنخر في وجدانه قبل قراءته القرآن, فبلورها الله تعالى وأخرجها عليه ليشهد على نفسه, وكفى بالله شهيداً.
وأظن والله أعلم أن بحيري لم يرد عليه لأن جوابه بلا شك سيزيد الطين "بلة" لأن ثقافته الطائفية والصوفية تجعله جزء من المشكلة وليس جزء من الحل. على أية حال,,, فلنناقش ما جاء بتعليق هذا الرجل لنعرف خطورة إخفاقات بحيري التي لم تجلب على الدين سوى تثبيت الشبه عليه. ولكننا بالطبع لن نترك الأمر على هذه الحالة بل سنحاول أن نضع الأمور في نصابها الصحيح ما دامت مرجعيتنا هي الحق المبين بكتاب الله الكريم. فماذا قال هذا الرجل لإسلام بحيري؟؟؟
(أ) أولاً: قال له: ((... كنت مؤمنا لأكثر من أربعين سنة، بدأت بالنظرة العلمية للأحاديث والسيرة و الفقه فوجدت فيه العجب ...)). وعلى الرغم من أن الرجل لم يحدد ما وجده من عجب, إلَّا أنه قد يكون محقاً بعض الشيء فيما أشار إليه بالتعميم, بل إلى حد كبير فيما قال, وليس هو وحده الذي رأى مثل هذا العجب, رغم أن كلاً قد رأى من الزاوية التي تتفق مع مقاصده ومراميه وقدراته الفكرية والعلمية والعقدية ودرجة الإيمان وصدق اليقين,, ولكن هل معنى هذا أن نُحَمِّل القرآن والدين القويم أخطاء وتجاوزات وإخفاقات البشر وشطحاتهم؟
نعم الذي ينظر إلى الدين الإسلامي عبر هذه الكتب والمجلدات والأسفار المتناقضة أو المتناسخة, "فقط" دون مراجعتها وتصحيحها بالقرآن الكريم "حصرياً", ويظن أن عبرها فقط يمكنه أن يبقى على الإيمان الكامل يكون مخطئاً. ومع ذلك فهي بلا شك تتضمن السنة والسيرة الحقيقية ولكنها تاهت وسط الركام والحشو والإجتهادات من أهل الذكر غيرهم كما تاهت آيات الله من سور بعد تحويلها إلى قصاصات وشظايا من آيات, كما يفعل الآن الكاتب وغيره من أمثال القبانجي والقصيمي وكامل النجار, وعباس عبد النور,, وغيرهم ممن طمس الله على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم. فإن كانت حجته للكفر بسبب إجتهادات غيره بما لم يتفق مع الشرع فحجته هذه داحضة عند ربه, ولن تفيده شيئاً.
(ب) ثم قوله بأنه ((... تحول إلى القرآن فوجد فيه ياجوج و ماجوج و ذو القرنين و...)).. فهو بالطبع لم يتحول إليه متدبراً مستنجداً, باحثاً عن الحق والحقيقة, ليصل إليها بأقصر الطرق وأوثقها, ولكنه لم يتحول إليه مستنيراً بآياته ومصححاً للعجائب التي وجدها في غيره من كتب الأحاديث والسيرة والفقه والإجتهادات وحتى الروايات والقصص الخيالية والفلسفية,, وإنما تحول إليه "شاكَّاً" متشككاً, ومكذباً مستهجناً ومستنكراً معجزاً وملحداً في آياته, وناقداً, وباحثاً عن مبررات لما كان يتنامى ويتصاعد في داخل وجدانه من تشكك لم يستطع أن يكظمه أكثر من ذلك, فقد تحمل كظمه وإخفاءه لمدة أربعة عقود.
وبالتالي فمن البديهي المنطقي والمتوقع أن يصرفه الله تعالى عن آياته ويصيبه بالعمه ويطمس على بصيرته فهذا هو حال كل متشكك وناقد لكتاب الله تعالى فتولى أمره إبليس اللعين فأصغى إليه وصدقه ووجد ضالته فيه لينقذه من وطأة الكتمان والكظم. فهل غاب عن بحيري ما عرف من الدين بالضرورة أم كان من الجاهلين بحدود الله تعالى؟
ألا يكفيه كفراً مجرد تشككه في كلام الله, فمثلاً إستهجانه وإستنكاره لقول الله تعالى في ذي القرنين (.. "إما أن تعذب أو ..), فظنَّ أن هذا مأخذ على القرآن, بل وصرح بذلك قال: "إله يُخَيِّرُ شخصية أسطورية أن يعذب مخالفيه أو يعفو عنهم",،، ثم كل ما ذكره بعد ذلك عن (هاروت و ماروت و السحر ... و غروب الشمس في عين حمئة ... الخ.
كان كل هذا بمثابة تأكيدات لما قد وقر في قلبه سلفاً, وإستقر في وجدانه من كفر مركب صريح لم يكن بسبب الآيات المحكمات البينات التي ذكرها كما يدعي ولكنه نبعاً بديهياً من كوامن نفسه التي أنهكها الكفر وتوغل فإنتهى أمره إلى حيث أراد. قال تعالى في سورة الشمس: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7), (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8), (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا 9), (وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا 10), فالرجل كانت لديه الفرصة أن يتجه وجهةً إيجابية في نظرته للقرآن الكريم إن كانت لديه خميرة إيمانية كما يقول, مع معرفته الجيدة باللغة وكان قصده تزكية النفس,, ولكنه خاب فدساها, فأصبح أمره إلى ربه الذي هو ملاقيه حتى إن أنكر ذلك.
(ج) ثم قال لبحيري أيضاً: ((... سيدي لم أعد اتحمل فلم تعد اسطوانة لكل شيء منظم تجوز علي خاصة و أن الكون مليء بالفوضى وعدم النظام و انفجارات النجوم .. الخ ، و كوكبنا مليء بالكوارث و البلاوي ... « المنظم » جعل آدم يغويه ابليس و برمج ابليس لكي يعصى و الجنة و الحور العين (مقصورات في الخيام) و الولدان المخلدين و الخمر و انهار اللبن و العسل و النار و العذاب الأبدي ... الخ...)).
فخرج بذلك من الكفر بالقرآن الكريم المقروء إلى الكفر بالقرآن المشاهد,,, ذلك الخلق البديع الشاهد على خالقه ومبدعه ومدبر أمره, والناطق بأن الله هو العليم الحكيم. فكانت وطأة الكفر عليه بكل أركانه (كفراً صريحاً بواحاً بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, وباليوم الآخر وبالقدر خيره شره), والغريب في الأمر انه لم يُسَمِّ الله تعالى بإسمه فسماه "المُنظم", وقد صرف الله تعالى لسانه إسمه عن, ولكن قهره على أن الكون منظم وليس فوضى وأن الله تعالى وحده هو الذي "نظمه", فقال عنه "لا إرادياً" (المُنظِّمُ).
(د) وأخيراً قال له: (بعد أربعين عاما و حفظ القرآن تركته لكم سيدي فمعذرة) وهذا يذكرني بقول عباس عبد النور الذي قد ألحد حين بلغ أرزل العمر, وقد إستدرجه الله تعالى حتى بلغ الثامنة والثمانين من عمره, فقارب الرحيل, فكشف الله ستره الذي كان يتستر به أمام الناس وهو يخادعهم بالعلامة السوداء التي على حبينه والتي أتاحت له الفرصة للوقوف أمامهم واعظاً وخطيباً وهو في حقيقته غارق في مستنقع الكفر والإلحاد حتى شحمة أذنيه,، ثم ما لبث أن قهره الله تعالى فشهد على نفسه بنفسه قائلاً على الملأ وموثقاً بخط يده "بأن بذرة الشك كانت لديه منذ نعومة أظافره, وليس بسبب التبريرات التي ساقها فيما بعد, فكشف الله الشك الذي كان بداخله منذ نعومة أظافره, فقهره الله على فضح ما كان يخفيه عن الناس والله يعلمه, فطرده من رحمته وأشهده على نفسه, وهذا ما حدث أيضا مع القصيمي وأبي العلاء المعري وأمثالهم,, وكذلك الحال مع صاحبنا هذا قال ما قاله المعري والقصيمي, و عباس وغيرهم ممن مكروا مكراً ومكر الله مكراً... والله خير الماكرين, فكان إلحاد الأوَّلَينِ, وكفر الثاني آية من آيات الله تعالى.
أين أنت أيها البحيري من كل هذا؟ .... ألا ترى أنك بهذه السلبية والغفلة ستكون مسئولاً يوم القيامة عن شبهة لكافرين يريدون أن ينسبوها إلى ربك ودينك وكتابك, فهل الأمر لديك بهذه البساطة, أم هناك من الأسباب والمبررات التي قد ترفع عنك الحرج أمام الناس أو قد يقبلها الله منك يوم تلقاه؟؟؟
ثم أنظر فيما يلي إلى ما جاء في تعليق آخر, رداً وإستنكاراً لما ذكره إسلام بحيري عن ألظاهر والباطن,, وذلك بعنوان (الظاهر و الباطن), قال له سرحان فيه:
1. ((... تقول سيدي: أن المسخ الذي حكاه القرآن يرى الصوفية أنه مسخ باطني،لا مسخ ظاهري) يمكنناعلى نفس الوزن القول: إن عذاب النار باطني لا ظاهري و قصة إبليس و آدم رمزية لا حقيقية و إن آية (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..) مقصود بها لا تبتسموا في وجوههم أو حيوهم بفتور..الخ ، و هكذا تصبح اللغة لا قيمة لها فكل ما لا يعجبنا نرمي دلالات اللغة و معانيها جانبا و نأتي بالمعنى الذي يتوافق مع مزاجنا ...)),
ثم قال أيضاً: ((... أهم شيء الآن أن نبحث عن معنى باطني للسبي، أي (ما ملكت ايمانكم) و (.. لمسنا السماء فوجدناها قد ملئت حرسا شديدا و شهبا.. أنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع..) فنجد معنى باطنيا لتلصص الجن على الاجتماعات العلوية و نقلها لأسرارها ... و أن النجوم زينة السماء الدنيا هي الشهب (و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح و جعلناها رجوما للشياطين..) فنقول المقصود بالنجوم هي الغبار الكوني و الجن يعني طبقة الاستراتسفير .. لنلعب باللغة كما نشاء فليس وظيفة اللغة هي نقل الأفكار و المفاهيم .. غدا عندما أطلب من ابني أن يأتيني بكوب ماء سيأتيني بحجر و عندما أساله: ما هذا يا بني؟ سيجيبني: ألم تعلم أن المعنى الباطني للكوب هو الحجر.. و تقبل تحيتي ...)).
طبعاً كل الذي قاله عن القرآن الكريم وآياته البينات التي حجبها الله عنه وجعلها عليه عمى كما وعد ,, إنما هو نتاج طبيعي متوقع من حالة الكفر التي وصل إليها هذا الرجل,, فلا مجال لمناقشته فيها, وذلك لقوله تعالى لنبيه الكريم (بلغ ما أوحي إليك من ربك وأعرض عن الجاهلين), ولكن الذي صدق فيه هو إستهجانه بما إدعاه بحيري من مسخ ظاهري وآخر باطني, وما بناه على هذه التخريفات من أوهام صاغها حتى بلغ بمحدثه حد الضجر والسخرية. خاصة وأن هذا الرجل واضح أنه يجيد الصياغة وفقه اللغة بدرجة أكبر مما لدى محدثه الذي أخفق في أن يفهم إستهجانه بل وسخريته من قوله.
فماذا كان رد إسلام بحيري على هذه المواضيع المعقدة التي تقتضي الحكمة مع العلم والمعرفة والتجارب الكافية التي يفتقر إليها وهو لا يدري ولا يعلم.
فرده على مخاطبه قائلاً: أستاذ سرحان
1. ((... قول حضرتك: ويصبح آية (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..) مقصود بها لا تبتسموا في وجوههم أو حيوهم بفتور..الخ ، و هكذا تصبح اللغة لا قيمة لها فكل ما لا يعجبنا نرمي دلالات اللغة و معانيها جانبا و نأتي بالمعنى الذي يتوافق مع مزاجنا اهـ
لابد أن تتوفر لديك منهجية البحث الفلسفي وتعرف معنى التأويل لكي تفهم الفرق بينه وبين التفسير الظاهري الذي اعتمده الفقهاء والخوارج واللادينيين معا ...)).
واضح هنا أن الكاتب بحيري هذا لم يفهم ما قصده محدثه فكرر سؤاله, ورد عليه بجزء من قوله, ثم حاول أن يغطي عدم فهمه لما قاله أو قرر الهروب من الجواب - لأنه خارج نطاق علمه ومعرفته - فدخل معه في متاهة (منهجية البحث الفلسفي ومعرفة التأويل والفرق بين التفسير الظاهري وما إعتمده الفقهاء والخوارج واللادينيين),,, فضرب بهم مثلاً ونسي نفسه. علماً بأن الرد المباشر والمفحم يكمن في الآيات نفسها التي ذكرها له محدثه الذي كان أكثر تركيزاً في الموضوع الذي كان يخاطبه به, بغض النظر عن قيمته الفكرية والعقدية.
2. ثم قال بحيري له أيضاً: ((... أنا لم أصرف اللفظ عن ظاهره، وإنما أصرفه إلى حقيقته بحسب مقتضيات اللغة العربية، فمثلا مسألة المسخ وقوله (كونوا قردة خاسئين) هل تختلف عن تعبير العربي (عنترة بن شداد أسد) ؟ لماذا تقوم بتأويل قول العربي ثم تعتبر تأويل القرآن العربي تحايل ولف ودوران وتشهي؟ يا سيدي هناك منهجية في البحث وهناك تفاسير كاملة للصوفية من أفضلها تفسير أسرار القرآن للسيد محمد ماضي ابو العزائم ...)).
فأعاد الرجل إلى الوادي الذي هرب منه مرة أخرى محاولة منه خداعه وصرفه عن فكرته المسيطرة عليه فأكدها ووثقها له هذا الكاتب الذي يقول بما لا يعلم,,, فما حاجة شخص كفر بالله -بالصورة التي عرضها – لتفسيرات إمامك أبو العزائم أو شعر إليا أبو ماضي.
وطبعاً لا يخفى على أحد أن هذا الرد كان أسوأ بكثير عن سابقه,, لأن فيه لجاجة ومماحكة ولف ودوران ومحاولة مكشوفة للخداع في رد على سؤال مباشر وواضح وله جواب مثله, ولكنه خلط الأمور خصلة ذميمة مدمرة, فجعل الحق مستوياً بالباطل والصدق بالإدعاء.
كيف يتأتى له أن يقارن قوله تعالى (كونوا قردة خاسئين), وهي آية بينة و قد حدثت حقيقةً فعلاً,, بعبارة تشبيهية ليست هي المقصودة بذاتها وإنما المقصود منها المبالغة, كعبارته (عنترة بن شداد أسد), التي ليس لها حظ من صحة, ولم يكن عنترة في يوم من الأيام أسداً.
ثم,, من قال له إنَّ قوله تعالى: (كونوا قردة خاسئين) تحتاج إلى تأويل؟ ... وحتى إن كانت كذلك,, فمن ذلك الذي سمح له بأن يؤول كلام الله تعالى (ولا يعلم تأويله إلَّا الله)؟؟؟,
ثم, من قال له إن هذه الآية البينة المبينة تحتاج إلى منهجية بحث ومنهجية فلسفة؟؟؟ أيريد أن يقول بالهوى مع وجود قول الله الفصل؟
والأدهى وأمر من كل ذلك عبارته الغريبة التي قال فيها لمحدثه: (وهناك تفاسير كاملة للصوفية من أفضلها تفسير أسرار القرآن للسيد محمد ماضي ابو العزائم), فمن قال له إنَّ القرآن الكريم يحتاج إلى تفسير؟, علماً بأن الله تعالى قال عنه "قرآناً عربياً غير ذي عوج" والتفسير لا يكون إلَّا لما به عوج, لإزالة ذلك العوج عنه حتى يكون بيناً مفهوماً, أو لمُفَصَّلٍ إذا كان ذلك التفصيل من الله غير كافٍ فيحتاج إلى مفسر ليكمل ما نقص منه (تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا), وأيضاً ليس في القرآن ما هو مبهم, وقد فصله الله تفصيلاً.
ثم قوله بأن « التفاسير الكاملة للصوفية » - « أفضلها تفسير محمد ماضي أبو العزائم »,, هذا في الحقيقة إدعاء يلزمه عليه دليل وبرهان مبين ليخرجه من دائرة التدليس. فما هي المعايير التي إستخدمها هذا الكاتب, وما هي منهجية البحث العلمي أو الفلسفي أو العنتري التي إتبعها لتقييم كل التفاسير التي يقول عنها ثم يرجِّح تفسيراً بعينه ويفضله على غيره؟؟؟ فإن لم يتبع منهجية متفق عليها فهل له أي معنى آخر لما قاله سوى القول بالهوى لا أكثر؟؟؟
3. وقال إسلام أيضاً: ((... كما أن هناك علماء كبار يجب أن نرجع إليهم ونسألهم عن معنى الأمر بالقتال في القرآن، وهل هو في الحرب والسلام أيضا أم في حالة العدوان من الطرف الآخر... وليس عيبا أن نسألهم عن الدليل على كلامهم لكن أن تطرح دينك دون أن تحصل علما ولا معرفة، فسوف تخسر ..... تحياتي وتقديري ...)).
نقول له في ذلك: عجباً أمرك أيها الرجل,, ألا ترى في قولك هذا تناقض ولف ودوران؟؟؟ .... أنت للتو قلت بأن لديك التفاسير الكاملة للصوفية, وإن أفضلها تفسير إمامك "محمد ماضي أبو العزائم",, إذاً, من هم كبار العلماء أولئك الذين يجب أن ترجع إليهم كما تقول وتسألهم عن معنى "الأمر بالقتال"؟ ولماذا لم ترجع إليهم من قبل وتكون جاهزاً للردود على السائلين قبل أن تتورط وتكتب في مواضيع أنت لست أهلاً لها ؟ ولماذا لم تذهب للعلماء الكبار أولئك ثم تأتي للرجل السائل بالجواب الذي لم تسعفك به النظريات العلمية والفلسفية, ولم يسعفك به تفسير الصوفية بصفة عامة ولا تفسير أبو ماضي بصفة أخص؟؟؟
ألم تجد ما تقوله لسائلك مقتبساً من الإمام المرجع أبو العزائم الذي كانت معرفتك به وبعلمه وقدراته قد جعلتك تزكيه وتعطيه الأفضلية على غيره من المفسرين الذين سبقوه بقرون وهو بلا شك قد تحسس خطاهم ونهل من علمهم وأثرهم, فإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم،، لأنك حينئذ ستفتي بالهوى وهذا هو الذي يولد اللجاجة واللف والدوران الذي نشاهده في ردك على هذا السائل الذي - على ما يبدوا - يفوقك تمكناً من اللغة.
بل هناك ما هو أكبر وأنكى وأبشع من كل هذا,, فلنناقش معاً ما قاله هذا الكاتب "بحيري" في باقي ردوده على سرحان:
أولاً: قال له ((... بالنسبة لجهنم فهي غير نار الدنيا و « ليست مادة حارقة »، فليس في الآخرة مثل هذا، وإنما « جهنم هي نار الحجاب عن الله » كما قال الله تعالى (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) أي لا يصلهم من الروح والريحان والطمأنينة ما يجعل حياتهم جنة. وهذا يجده الناس في الدنيا ومن لا يعالجه بسلوك التصوف، يستمر معه في الآخرة.
وفي سورة ص تجد حوارات بين أهل النار وكلام طويل، مما يعني أنهم ليسوا في حالة إحراق ولا شئ من ذلك...).
هنا نراه قد تناقض وإختلف تماماً مع كتاب الله عز وجل بإدعاء ما ليس فيه ونفي ما فيه وذلك تفصيله فيما يلي:
1. قوله ((... بالنسبة لجهنم فهي غير نار الدنيا و « ليست مادة حارقة »، فليس في الآخرة مثل هذا...))، إنما هو منكرُ ومكذِّبٌ لقول الله تعالى في عشرات الآيات البينات، ما يؤكد كل ما نفاه هذا الجاهل, منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
في سورة الحج, قال: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ « وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ » 9), فهل الحريق في عرف صوفيته وفلسفته ليس بمادة حارقة؟؟؟ وقال تعالى أيضاً: (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا « وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ» 22), فهل الحريق هنا هو الحجب عن الله؟؟؟
وفي سورة البروج, قال تعالى: (وَلَوْ تَرَىٰ-;- إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ « وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ » 50), وقال أيضاً: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ « وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ » 10), وهل عذاب جهنم وعذاب الحريق بمادة غير حارقة, أو هي الحجاب عن الله يوم القيامة ؟؟؟
وفي سورة آل عمران, قال: (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ « ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ » 181),
وفي سورة النساء قال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ « نُصْلِيهِمْ نَارًا » - « كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا » - لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا 56).... أكل هذا عن جهنم بكتاب الله تعالى يقول فيه صراحة إنَّه عذاب الحريق, وأن جلودهم تنضج ويبدلها الله بجلود غيرها ليذوقوا العذاب فيأتي هذا المتحدث بإسم الصوفية المتألهة فيقول إنَّ نار جهنم في مفهوم ومعتقد أوليائه المقدسين « ليست مادة حارقة »، أليس هذا هو الضلال المبين؟؟؟
وقد بين الله تعالى عن النار الكثير من الصفات كلها حارقة : من ذلك: قوله: ("نار وقودها الناس والحجارة", وفي القارعة قال: "نَارٌ حَامِيَةٌ 11", وفي البلد قال: " عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ 20", وفي فاطر, قال: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ-;- عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَٰ-;-لِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ 36", وفي التوبة قال: " يَوْمَ يُحْمَىٰ-;- عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ-;- بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰ-;-ذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ 35", وفي البقرة, قال: "فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ 24", وفي المرسلات, قال: "إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ 32" "كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ 33").
فهل الغباء والضلال قد بلغ بالبعض درجةً متدنية حتى أنهم لم يفهموا النار فحرفوها إلى أنها غير حارقة, وهم يسمعون قول الله تعالى عنها بأن وقودها ليس حطباً أو قشاً أو تبناً وإنما وقودها الناس والحجارة, ليس ذلك فحسب, بل قال عن شدة تلظيها (إنها لظى, نزاعة للشوى), وقال عن شراسة تلظيها (إنها ترمي بشرر كالقصر, كأنه جمالة صفر).... على أية حال (ويل يومئذ للمكذبين).
2. والغريب في الأمر أن تحريفه لكلام الله تعالى بلغ الذروة, فقد إدعى أنَّ (جهنم هي نار الحجاب عن الله,, ثم إستشهد على فريته هذه بقول الله تعالى في سورة المطففين: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ 9), (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ 10), (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ 11), (إِذَا تُتْلَىٰ-;- عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ 11), (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ-;- قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ 12), (« كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ » 13), (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ 14). ولكن،، لماذا وقف عند قوله "لمحجوبون", ولم يكمل بالآية التي بعدها وهي قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ), هل هذا جهل منه أم تجاهل أم تساهل؟؟؟ ..... وهل الجحيم في مفهومه "الصوفي" أو الفلسفي هو مادة غير حارقة" كما يقول ؟؟؟
3. لم يقف عند هذا الحد, بل عرج على سورة ص, فقال عنها: ((... تجد حوارات بين أهل النار وكلام طويل، مما يعني أنهم ليسوا في حالة إحراق ولا شئ من ذلك...)). إذاً فلنذهب معاً إلى سورة ص الكريمة "المبهوتة", ونستفتيها رأيها فيما قاله الكاتب إسلام بحيري عنها. قال تعالى: (هَٰ-;-ذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ 55)، (« جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا » فَبِئْسَ الْمِهَادُ 56)، (هَٰ-;-ذَا فَلْيَذُوقُوهُ « حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ » 57)، (وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ 58) ..... (هَٰ-;-ذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ « صَالُو النَّارِ » 59)، (قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ 60)، (قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَٰ-;-ذَا فَزِدْهُ « عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ » 61), فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة, وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
- فهل يعرف الكاتب المعني اللغوي لكلمة "صلى"؟ .....
- فهل هي في عرفهم الشواء بالنار أو النار نفسها أو وقودها,, أم لهم عنها معنى آخر يدل على أنه ليس داخلةٌ فيها المادة الحارقة؟؟؟
- وهل يعرف معنى الحميم والغساق؟
- وهل بعد كل هذا التفصيل الرباني للكلام الطويل في سورة ص، الذي قال عنه - لا يزال يعني لديه أو لدى الصوفية "أنهم ليسوا في حالة إحراق ولا شئ من ذلك"؟؟؟
ثم أنظر كيف حور قول الله تعالى: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون), فقال عنه ("أي لا يصلهم من الروح والريحان والطمأنينة ما يجعل حياتهم جنة. وهذا يجده الناس في الدنيا ومن لا يعالجه بسلوك التصوف يستمر معه في الآخرة"), أليس كل هذا الكلام غريب وشاذ, ومفترىً, لم نعرفه في شرعنا, فما هو مصدره إذاً أيها الكاتب الصوفي؟؟؟
4. ثم جاء بما هو أخطر من كل ما سبق, ولعلها بشرى بوحيٍ غير الذي أوحاه الله تعالى على خاتم أنبيائه ورسله,, فأنظروا إلى هذه الفرية التي أتى بها, وقال فيها:
((... أيضاً الأكل من الشجرة ليس أكل ثمرة تفاح ولا بطيخ وإنما الإمام أبو العزائم يقول: "وإنَّ ما أكل آدم، ما فيه من امانة باريه" يعني هو أكل من « شجرة الأسماء والصفات »، « فظن أنه حي بذاته عليم بذاته ».. « اغتر ونسي ربه » "فنسي ولم نجد له عزما" « والنسيان هنا خروج عن العبدية إلى الربوبية » « وكذب ودعوى هذه هي معصية آدم التي تاب منها ». « فليس هناك شجر مادي نهى الله آدم عن الأكل منه » ... لماذا يعني؟ هل الأكل حرام لا سمح الله ؟ ...)).
أنظروا جيداً يا أمة محمد,, ها هو ذا دينكم يمرغ في الرغام تحت سمعكم وبصركم وأنتم قد أصابكم الوهن وتركتم الجهلاء والدراويش والمشعوذين يعبثون بآيات الله البينات, بل ويكفِّرون أنبيائه الذين إصطفاهم وأنتم تتجادلون وتتحاربون في حديث بعضكم يقول عنه موضوع وآخر يريد أن يثبت أنَّه ضعيف أو غريب ليسجل إنتصاره على الفرق الأخرى التي تخالفه الرأي ..... كيف ستلقون الله تعالى؟ وماذا ستقولون له؟؟؟
قال بحيري إن الإمام أبو العزائم يقول: "وإن ما أكل آدم، ما فيه من امانة باريه" يعني هو أكل من شجرة الأسماء والصفات. وطبعاً لن أسأله من أين جاء بهذه الإدعاءات,, فهناك كثير من الموهومين الذين يظنون أن الوحي لم ينقطع عن الأرض, وأنه لا يزال يأتيهم ليغير ما أوحاه الله للنبي الخاتم ويصدقهم كثير من البلهاء والجهلاء,, فقط أريد أن أذكر أمة محمد بما قاله الله تعالى لنبيهم في خاتمة الرسالات.
أولاً: قال تعالى في سورة البقرة: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ « وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا » وَلَا تَقْرَبَا « هَٰ-;-ذِهِ الشَّجَرَةَ » فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ), إذاً جاء ذكر الشجرة في سياق المباح لهم بالأكل منه من كل ما بالجنة لقوله « رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا », فيكون النهي عن الإقتراب منها تفادياً للإشتهاء والأكل منها فتقع المعصية, فمن أين جاء هذا الدعي الضال المضل بشجرة الأسماء والصفاة المفتراة على الله تعالى؟؟؟ ..... وإن سلمنا جدلاً بأن هناك شجرة أسماء وصفات,, فلماذا لم يسمها أو يذكرها الله لنبيه الكريم وحياً ويضمنها كتابه قرآناً,, هل تركها ليختص بها هؤلاء الأولياء المقدسين؟؟؟
ثم بين الله تعالى موقف آدم عليه السلام, ناسباً الجريمة للشيطان والغواية لآدم, قال: (« فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا » فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ-;- حِينٍ 36), فمن أين جاء بحيري وإمامه بهذه السخافات القبيحة التي قالاها عن آدم عليه السلام؟، منها قولهم عنه: ( "فظن أنه حي بذاته عليم بذاته".. و"اغتر ونسي ربه"),, فهل قال الله تعالى في القرآن إن نبيه آدم "ظن أنه حي بذاته عليم بذاته؟", وهل قال الله تعالى عنه إنه "إغتر ونسي ربه"؟؟؟ وهل قال الله تعالى عن نسيانه إنه " نسيان خروج عن العبدية إلى الربوبية" ؟؟؟ ألا فُضَّ فوكم وضلَّ سعيكم,, ما هذا السفه والجنون الذي فيه هؤلاء الجهلاء المفسدين؟؟؟
وها هو ذا قد تمادى في غيه فقال عن نسيان آدم: (والنسيان هنا خروج عن العبدية إلى الربوبية), وبهذه العبارة الجاحدة والطاعنة في الإفتراء على الله وأنبيائه قد وضعوا بها "نبي الله آدم" في مرتبة مستوية مع فرعون ما دام انه إدعى الربوبية كما يقول هذا الجاهل الزنديق. لم يخرج نبي الله آدم من عبوديته, بل حتى الشيطان نفسه لم يخرج عن عبوديته لله تعالى وإنما أعماه الحسد والكبر والتعالي إلى المعصية فلم يطع الله ويسجد لآدم, وكان هذا الذنب كافياً لطرده من رحمة الله تعالى, فجاء هؤلاء السطحيون الجهلاء بوصف آدم بما لم يبلغه الشيطان نفسه فآدم عليه السلام لم يخرج عن عبوديته "حاشاه, نبي الله وصفيه", ولا ينبغي له ولا يكون, إنها الغفلة التي نعاني منها كلنا على مدار الساعة, وقد عذره الله تعالى لقلة تجاربه فقال إنه « نسى وصيته له وتحذيره من عدوه, فغوى », قال تعالى في ذلك: (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا), ولم يقل عنه إنه كذب ربه كما يأفك الزنادقة المجرمون, بل قال بكل وضوح: (فَتَلَقَّىٰ-;- آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 37).
أما بهتهم لنبي الله آدم "أول المصطفين", بقولهم: (... وكذب ودعوى هذه هي معصية آدم التي تاب منها) فهذا كله إفتراء عليه, ومن إفكهم ومخيلتهم ليس إلَّا. على أية حال لم يترك الله الأمر للتخرصات والإدعاءات والشطحات الفارغة, وإنما حسمه في سورة طه, حيث جاء بكل تفاصيل القصة في بضع آيات كما يلي:
بيَّن الله تعالى إن آدم عليه السلام قد نسي ما عهد الله تعالى به إليه, وعزى ذلك إلى قلة عزمه, قال: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ-;- آدَمَ مِن قَبْلُ « فَنَسِيَ » - وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا 115), فما هو ذلك الذي عهد الله به إليه فنسيه لقلة عزمه؟؟؟
حكى الله تعالى قصة آدم من بداية عداوة إبليس له, حيث إستكبر عليه ورفض أن يسجد له وإدعى انه خير منه لأنه من نار وآدم من طين,, قال: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ-;- 116). فحذره الله تعالى من هذا لإبليس وقال له بوضوح إنه عدو له ولزوجه, وان غايته وسعيه سيكون منصباً على إخراجهما من الجنة لشدة عداوته لهما.
فبين الله تعالى ما عهد به لآدم محذراً إياه من نسيان هذه العداوة المتأصلة في إبليس, قال تعالى في ذلك: ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ «« إِنَّ هَٰ-;-ذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ-;- »» 117), وبين له أنه في الجنة سيكون مرتاحاً من الشقاء والجوع والعري ولظمأ والهجير, قال له: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ-;- 118), (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ-;- 119), فماذا فعل آدم عليه السلام؟؟؟ ..... نعم, قد نسي كل هذه التحذيرات في لحظة ضعف لم يكن لديه عزم يقابلها بها, فأغراه الشيطان, فغوى.
إنتهز الشيطان هذه الفرصة السانحة, خاصة وهو متربص به ومتحين للفرصة التي ينقض بها عليه, والله تعالى - مصوراً لحظة الضعف هذه - قال: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ-;- شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ-;- 120), فغواه بالأكل من الشجرة فوقع آدم ضحية للغواية والنسيان وقلة العزم, قال: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ « وَعَصَىٰ-;- آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ-;- » 121). لم يخرج من العبودية إلى الربوبية كما يقول المبطلون الكذابون المدلسون.
إذاً كل الإفك الذي أتى به بحيري وإمامه وصوفيته ليس له أدنى حظ من صحة أو منطق إلَّا إتباع الهوى وغواية الشيطان, فإن كان قد " خرج عن العبودية إلى الربوبية ", كما يأفكون, أيعقل أن يجتبيه الله تعالى ويتوب عليه ويهديه؟؟؟ .... قال تعالى: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ-;- 122), ثم بعد ذلك كتب عليه البقاء على الأرض في إنتظار هدى الله هو وذريته, فمن تبع هداه نجا ومن خالفه هوى,: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ-;- 123).
أما قولهم السخيف: (فليس هناك شجر مادي نهى الله آدم عن الأكل منه ... لماذا يعني؟ هل الأكل حرام لا سمح الله ؟), فهذه العبارة وحدها تكفي للحكم عيهم بالسفه والجهل والضلال المبين, لذا لا تستحق أن نقف عندها.
5. ثم قال بكل تبجح وبدون أن مناسبة: (الصوفية عندهم مفاتيح العلم), فإن كانوا كذلك كما يدعي فمن أين جاءت كل هذه الجهالات المحبطة التي كشفنا النذر اليسير عنها؟؟؟.
وفي الحقيقة,, قد وجدت تعليقاً من بين تعليقات القراء,, تحديداً تلك التي رد فيها الأستاذ الفاضل سيف بن ذي يزن على بحيري,, فقال له "حرفياً": ((... من الواضح أنك لست مسلم و بأنك صوفي:
أنت هكذا عينك عينك تحرف المعاني و تخلط. الجهنم عندك هو الحجاب عن الله و ليس النار فكيف يتجادل المشركين في النار! الجواب: يتجادلون و هم يتعذبون. وماذا عن؟ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا ...), أو (نار الله الموقدة), (ذوقوا عذاب الحريق). و ما حاجتك استاذ اسلام لتحريف المعاني؟! وتقول هل الأكل حرام؟ الجواب: ما حرمه الله حرام و ما لم يحرمه حلال. مثلا أكل لحم الخنزير حرام ...)).
ثم قال له: ((... هل أنا أكفرك؟ نعم أكفرك لأنك تحرف المعاني الواضحة للقرآن. و تنشره بين الناس أو لأن كلمة التكفير كلمة كبيرة. أنا لا أعتبرك مسلم بل كما وصفت نفسك صوفي. اي اسلام محرف. و بما أنه محرف فإنه ليس الأصل و بالتالي ليس الإسلام و بالتالي أنت لست مسلم بل أنت مسلم محرف إن أردنا أن نجد كلمة جديدة. أو ببساطة صوفي. أنا لا أقبل من عالِم التحريف و لكن أقبل من جاهل سوء الفهم. هداك الله و هدانا ...)).
في الحقيقة, عندما تناولت هذا الموضوع لم أتصور قط أن يكون بهذه الدرجة من الخطورة ولم أتوقع هذا القدر من التجاوزات والشطحات والتطاول على كتاب الله بهذه الصورة المفجعة. ترى إن لم يتولى الله تعالى حفظ هذا القرآن من يد الآثمين,,, كيف كان في إستطاعة أحد من البشر أن يصحح المفاهيم المعوجة بدون مرجعيته المحفوظة بحفظ الله تعالى ويقومها ويبطل أباطيل وإدعاءات وإفتراءات وتخرصات الجهلاء والمتجهلين والمدعين القدسية والحصانة التي إختص الله بها أنبياؤه ورسله دون سواهم, ولعله رفعها برفع خليله وصفيه وخاتم أنبيائه ورسله إليه بعد أن إنقضى أجله الذي أجله له كسائر البشر؟؟
أرجوا المعذرة للإطالة ولكن للضرورة أحكامها وإحكامها. والله نسأل أن يفقهنا في ديننا ويلهمنا كل ما يرضيه إنه هو السميع العليم.
تحيلة طيبة للقراء
بشاراه أحمد
#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟