|
قوانين في المغرب تمهيدا لدوعشته
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 4768 - 2015 / 4 / 5 - 18:13
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
قوانين في المغرب تمهيدا لدوعشته يتطلع المغرب في الآونة الأخيرة إلى عصر أنوار جديدة، مختلفة تماما على عصر ما عرفه الجيران في شمال الضفة المتوسطية التي انتفضت من عصور مظلمة مندسة بالموت السحيق إلى فجر الحريات، في الأيام الأخيرة مررت قوانين جنائية تؤسس لسلطة الله في الأرض بخلق آلية لتجنيد جنوده الصالحين مهمتهم هي دحض "النرفزة" للمواطنين وخلق مواطن وديع صافي القلب كالكلب، لكن ليس كل "النرفزة"، بل بعض منها يخص الجدب والعويل احتجاجا على سوء خلق الأرزاق، وطبيعي جدا ان دولة مسلمة بالدستور، عليها أن تمتثل لسلطة النص الديني الحاكم على الأرض باعتباره شرع الله، ومن ثمة فكل بمس بجلاله ولو من خلال "النرفزة" عليه قبل أن يتنرفز أن يستحضر حكمة الخالق في توزيع أرزاقه، وعليه أيضا أن يحمده على سوء أحواله، على جوعه وبطالته، وعلى نومه في العراء لأن ذلك كان لحكمة ما، هذه "الحكمة ما" الملغزة أكثر بحيث لا يفهمها المرء مهما اتسع علمه، المبنية للمجهول بغير معلول، الحكمة هنا تتأسس كبداهة لا تحيل على شيء سوى الغيب المطلق، وهذا الغيب المطلق لا يفهمه غير جمهور أمة مغيبة أيضا على الإطلاق.. أمة بالطبع لا وجود لها على الإطلاق فوق الأرض.. أمة لا تتنرفز ولا تتفجر حتى وإن أوقعت في الجحيم.. عصر الانوار الذي يرنو إليه المغرب هو هذا اللاوجود على الإطلاق بحكمة ما هي لغز الكائن المتدين... لا تسب الله ولا الرسول ولا اوليائها على الأرض ولو على سبيل الإنفجار، على العكس من ذلك يجب أن تفتتن بتكبير الله وأنت تذبح باسمه، هذا هو العصر الذي يبتغيه اولياء الله في المغرب: القاتل يكبر بالله والمقتول أيضا، هذه أيضا هي ظاهرة العصر عندنا، عصر الأنوار عندنا هو التوغل في العدمية بإعدام كينونتك كإنسان متقلب الأحوال حسب الظروف، أن يكون شكل التعبير على اعتبارك هو موتك بالإرادة أو موتك رغما عن أنفك.. لم أر في حياتي شكلا للعدمية إلا في اللغة السفسطائية، التجلي الوحيد لكياننا في عصر دوعشة العقل وسعودته(من داعش ومن السعودية). المادة 219، قانون الصم والبكم والحقيقة أن هذا البند لا يمكن تأطيره بعنوان برغم أني أدرجت كلمة الصم والبكم، فهو يتجاوز هذين الفهمين إلى الإماءة والتمثيل والتعبيير بالقلب أيضا، يمكن وضع في سياق عام هو التمهيد لدوعشت المغرب. المادة تقول « يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 20 الف ردهم إلى 200 الف درهم كل من قام عمدا بالسب والقذف والإستهزاء إلى الله والانبياء والرسل بواسطة الخطب والصياح (الجدب) او التهديدات المفوه بها في الاماكن والإجتماعات العمومية او بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو بواسطة مختلف وسائل الإتصال السمعية البصرية والإلكترونية سواء كان ذلك بالقول أو الكتابة او الرسم التعبيري او الكاريكاتوري أو التصوير او التمثيل او الإيماء أو أي وسيلة أخرى». انتهى. لم ارى في حياتي نصا صغيرا بهذه الكثافة الإنشائية من التكرار والإحالات المملة أكثر من هذا النص الذي يدل على اضطراب وجداني لمشرع يقول الشيء ويهذيه (من الهذيان) في نفس الوقت، كأن الله والرسل ضاقت بهم الآفاق.. جميع الانبياء والرسل كما لو انهم جميعهم خرجوا إلى الامم جمعاء، والحال انهم جميعا باستثناء واحد أو اثنين خرجوا إلى شعب الله المختار، بمعنى أن رسالات أغلبهم لم تكن تعنينا لا من قريب ولا من بعيد (المشرع هنا وهو متدين بالضرورة لم يتحسس أنه يصهين عقيدته التي بالدستور هي الإسلام). في التنزيل القانوني: لتطبيق النص يفترض آلية تصريفه (وهو ما نسميه في المغرب بالتنزيل)، يفترض وجود وصي على الشعب يقوم بدور المشتكي (في السعودية فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وتوضيح المس القانوني بحيث يتطلب الأمر في حالة الإيماء أو التعبير بالقلب خبراء في علم الغيب والتفكيك الرمزي بخصوص الكاريكاتور والتمثيل و"الوسائل الأخرى".. هذا القانون الروحي الجميل والرائع جدا يقابله في تأطير "النرفزة" قانون آخر مشكلن هو الآخر في إماءاته، لكن يمكن وضعه بين قوسين كبيرين، فالنرفزة حال وأحوال أيضا، وإن تم بغض الطرف على الجناة فيها بما أنهم مختلفون بالضرورة من منطلق الدوافع المتناقضة: يتطلب الأمر رسم كاريكاتوري حقا لمختلف الاوضاع في خلوة العشاق، الحب حرام في المجتمعات الإسلامية إلا بشهادة خنزير اسمه فقيه أو إمام أو عدول (طز لمدونة الأحوال الشخصية في وجود قوانين أخرى تخالفها) وعليه فكل خلوة وإن كانت عشقا بالقلب والروح باعتبارهما فطرة إنسانية وحيوانية يعاقب عليها شرعيا (لا بالنص المدني كما يوحي الدستور، بل بالنص الديني، وكتذكير لأولئك الذي وخزو خراء العلمانية بالقول بأنه يمكن التوافق بين الدين والدولة بشكل يكون كل منهما في فلك يسبحون، فالخلوة بين شخصين ذاتيين مالكين ملكا طبيعيا لجسديهما تخضع بالنص الديني شرعنتها إلى فاتحة وعقد الكهنة وتؤسس لمجتمع شاد يبدأ بسملته في الجنس بالإستمناء لمن لا يستطيع الزواج الشرعي (تابو مسكوت عنه تماما في مجتمع المسك)، لكن مع ذلك، هذا التمهيد يبعدنا قليلا على النص وتناقضاته الغير مرئية، بحيث ان منطوق النص يحدد الجاني بالخطإ مستندا إلى طرف هو كما بينا في النص السابق أعلاه طرف المشتكي (مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المفترضة في التنزيل أو في حالة الإتصال الجنسي غير "المشروع” أحد أفراد الأسرة) ولا يحدد العكس مثلا حين يحدث القتل من طرف المجني عليه، سنضع النص لتوضيح هذه الفكرة: المادة 420 او قانون التخفيض والعذر في الفواجع : «يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم الجرح أو الضرب دون نية القتل، حتى لو نتج عنها موت إذا ارتكبها احد أفراد الأسرة على أشخاص فاجاهم بمنزله وهم في حالة اتصال جنسي غير مشروع». بداية يفتقد هذا النص إلى ملكة التخيل والإبداع، لا يحدد افراد الأسرة مثلا هل هم اهل الذكر أم اهل الأنثى، ام هم اهل المكان الذي فعلت فيه الفاحشة (يمكن للفاحشين اختيار المسجد لذلك لانه بيت الله والله لا يقتل في بيوته كما نعلم )، لا يحدد هذا النص الجاني الذي يفترض له العذر المخفض، هل هو احد الفاحشين خصوصا إذا كانا هما معا من أفراد الأسرة ممن تحل لهم الخلوة (ابناء العمومة مثلا)، فأحد افراد الأسرة مهما كان قد يكون هو المقتول في حالة ردة فعل الجناة في الفاحشة (أي أنه قد يكون المقتول هو المتهجم من افراد الأسرة، والقاتل في وضع الفاحشة أيضا قد يكون من أفراد الأسرة، هل لهما نفس الوضع؟)، ثم لماذا يفترض مثل هذا القانون مرتبطا بالأسرة، فهل يعني رأفة بالأسر مثلا؟.. ما علاقة القانون بالأسرة أصلا إن لم يكن قانونا يضمر تشريعا بالقتل للأسر وتبريره وفقا لمفهوم العار؟ أي أنه يسمح بعذر القرابة بتخفيض العقوبة والسماح فيها ايضا أو أني لم أفهم شيئا على الإطلاق في مثل هكذا قانون؟ غير أني أفهم بعدا فيه تمهيد يؤسس للطائفة في المغرب.. وجود قانون تسامحي للأسرة يعطينا بعدا جينيا للطائفة سواء بالعرق او بالدين .. الخطير في هذا النص أيضا هو التشجيع على مناهضة المراة وسوء معاملتها، لا يحدد أصلا افراد الأسرة كما أسلفنا، لكنه ضمنيا وانطلاقا من هيمنة الفكر الذكوري يحدد نسبيا نوع الأسرة وهي الملطخة بالعار، ومع ذلك فالقتل حين حصوله يلطخ الكل بالعار ويسمح بتشعب الإقتتال الأسري
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخبز والياسمين وما بينهما
-
مساهمة في الجدل حول علمية الدياليكتيك
-
يقظة ضمير
-
حول العلمانية
-
خلفيات الحكم بالإعدام على محمد امخيطر
-
مظاهرة باريس برأس أفعى سامة
-
أنسنة الإسلام هي موت شكل منه
-
بخصوص التعليقات المشوشة على الحملة
-
إعادة النظر في التنزيه الإلهي: موضوع على خلفية حكم الإعدام ف
...
-
ملاك الدفن
-
عاصمة -الرههج- والديبلوأعرابية
-
بهذه الأخلاق ستكون أشقر الرأس في أوربا
-
نمط الإنتاج الهمجي
-
أعرور 3 : تاعبوت
-
أعرور 2
-
أعرور
-
صلاة عيد الكبش
-
عودة إلى أبرهامي
-
في لاس بيدرونيراس
-
حول القضية الفلسطينية
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|