أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - القيم الأخلاقية














المزيد.....

القيم الأخلاقية


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4766 - 2015 / 4 / 2 - 12:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عرف (لالاند) الأخلاق بأنها مجموع قواعد السلوك التي تحكم المجتمعات وتضبط سلوكهم( 1) ، وثمة العديد من التعريفات المشابهة ، والتي تربط القيم الإنسانية بالأخلاق ، وقد صنف لالاند القيم ضمن أربعة خواص مختلفة وفقاً لأهميتها كما يلي :
أ‌- كون هذه الخواص تلاقي تقديرا أو رغبة من قبل شخص أو جماعة معينة من الأشخاص.
ب‌- كون هذه الخواص تستحق هذا القدر أو ذاك من التقدير.
ج‌- كونها تلبي غرضاً معيناً.
د‌- واقعة اجتماعية معينة، يجري تبادلها واعتمادها من قبل شخص أو مجموعة من الناس.
ومع أن الأمر يتعلق بمدى تقدير هذه الخواص ، إلا إنه يجري تقييمها تبعا للمنفعة التي تقدمها للناس ، لذا يمكن القول بأن شيئا ما ذو قيمة يعني الاعتراف الضمني بأن ذلك الشيء يحقق خيرا، كما أن التفكير في القيم الأخلاقية هو التفكير فيما هو خير اجتماعياً أو فردياً.
ومن منظور الفلسفة اليونانية أو بعبارة أخرى ( الإفلاطونية)(2 )، فأن الإنسان يستمدُ كافة قيمه من السماء، حيث ثمة عالم فوق الزمان والمكان ، وتوجد فيه كافة الحقائق ، وتلك القيم ثابتة وغير قابلة للتغييرمطلقاً، وطبقاً لهذا الإتجاه، تعتبرالقيم الإنسانية حقيقية وصادقة بمقدار ما تتوافق مع حقائق العالم الفوقي ، غير أن هذا الإتجاه يُقصي عقل الإنسان تماماً ويتجاهل تفاعله مع المتغيرات المحيطة به والخبرات المتراكمة لديه ومدى تأثيرها على نظرته للقيم الأخلاقية.
وعليه فإن القيمة الأخلاقية وفق الفلسفة اليونانية تتحقق بثلاثة محاور، أولاً بالهدف الذي يسعى المرء لتحقيقه ، فإذا كانت السعادة هدفاً فتعد حينها قيمة أخلاقية ، وثانياً في الفعل الذي تمارسه ، فإذا كان الفعل خيراً فهو يمثل قيمة أخلاقية ، والمحور الثالث يتحقق بالشعور ، فإن رأى المرء الجمال بشيء ما، كان له قيمة أخلاقية ، فالقيم في الفلسفة عموماً تدور حول السعادة والخير والجمال( 3) ، فاذا لم يكن للأمر أي علاقة بالسعادة او الخير او الجمال فهو ليس من القيم في شيء.
ونجد ذات المحاور بتعاليم الأديان السماوية، غير أن هذه القيم وفقاً لتلك الأديان مشروطة بعبادة الله لأن الأديان السماوية قسّمت حياة الانسان لدنيا وآخرة، فاذا حصرنا السعادة والخير والجمال في الدنيا فقط فانها ستكون مؤقتة وزائلة، بل وسبباً للشقاء والشر المُفضي إلى العذاب الأليم في الاخرة، لذا فمن اراد دوام السعادة والخير والجمال ، فعليه الايمان بالله تعالى وطاعته في اوامره واجتناب نواهيه فكل السعادة والخيروالجمال في اتم صورها لا تكون الا بطاعة الله تعالى فيما امر وفيما نهى ، ومن هنا فالالفاظ واحدة ولكن التفسير المنُشيء للقيم يختلف من فكر لآخر.
ومما ينبغي ذكره بأن الثقافة اللاتينية بشكل عام ، رغم انها اعتمدت الإتجاه الأخلاقي لتعريف القيم الإنسانية، إلا أنها ميّزت بين القيم والأخلاق، فالقيم وفق الفلسفة اللاتينية عبارة عن منظومة القواعد السلوكية الملزمة، والتي تستمد منها الجماعة التوجيه في حياتها العملية واختياراتها الفكرية وتصدر عنها أحكامها المعيارية العامة الأخلاقية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، أما الأخلاق فهي الخصال أوالصفات التي يتحلى بها المرء في سلوكه والتي تجعل هذا السلوك مقبولا وممدوحا في المجتمع(4 )، ذلك أن الناس يتفقون بوصف الواقع ولكنهم يختلفون في تفسيره ، فاذا نظر شخصان لغروب الشمس فانهما لايختلفان بواقعة الغروب لكنهما يختلفان في تفسير ما قد يثيره غروب الشمس من مشاعر لكل منهما ، فقد يتفاءل احدهما بينما يتشاءم الاخر .
لذا ينبغي مراعاة تباين الثقافات والرؤى بين الناس عند اعتماد الإتجاه الأخلاقي لتعريف القيم، فمثلاً يُشكل جسد المرأة مادة للربح وخيراً بالنسبة لشركات الألبسة الداخلية النسائية ، بينما يرى آخرون بأن جسد المرأة فتنة وشر ، وبصرف النظر عن رأي كِلا الطرفين، فإن ما يؤمن به الناس يبقى قيماً إنسانية هامة لهم ، وترقى لمستوى القوانين ، لذا يجب التقيد بها ، فالمرأة مجبرة على لبس الخمار في الأماكن العامة بمكة المكرمة حتى ولو لم تكن مسلمة ، في حين أن المسلمة مجبرة على نزع الخمار في فرنسا ، ولذا فإن الأخيرة إن كانت مجبرة على السفر إلى فرنسا والعيش ضمن المجتمع الفرنسي عليها العلم بأن منع الخمار ليس حرباً على قيمَها الدينية ، وإنما هو مخالفاً للقيم الفرنسية ، كما أن على المجتمع الفرنسي العلم بأن سير المرأة المسلمة في الأماكن العامة أثناء لبسها للخمار لايعني بالضرورة فرض القيم الإسلامية عليهم ، بل أن الخمار لايشكل ضرراً على فرنسا مقارنة بالكثير من السلوكيات التي يعتبرها المجتمع الفرنسي قيماً إنسانية ، كحرية المثلية الجنسية والتحرر الإجتماعي والأخلاقي المطلق ، وحرية سب وشتم الأنبياء والتي تعتبرها فرنسا حرية رأي وتعبير.
المحامي محمد ابداح
الهوامش
___________
1- أندريه لالاند (Andre Laland) فيلسوف فرنسي (1867-1963) ولد في ديجون، ودرس بدار المعلمين العليا ، نال شهادة الدكتوراه في الآداب عام 1899م وفي سنة 1909م، عمل أستاذاً للفلسفة بحامعة السوربون، يعد أندريه لالاند أبرز فلاسفة العقلانية ومن أهم كتبه : النوايا أو المقاصد الحرية، الحقيقة، ماهية العقل، ، قانون الطبيعة ، أخلاق العقل، الاستيعاب والاجتماعيات والجماليات والحال .
2- تاريخ الفلسفة اليونانية ، م1 ، ترجمة د. زكي نجيب محمود ، ص22 ، لجنة الترجمة والتأليف بمكتبة الإسكندرية، 1957م.
3- فلسفة القيم لجان بول رزفيبر ، ترجمة د.عادل العوا، ط1، ص6، دار عويدات للنشر والطباعة، بيروت لبنان، 2001م.
4 -لغة المصطلح ومضمونه، ناصر الدين الأسد ، ط1، ص49، مطبعة أكاديمية المعارف الجديدة ، الرباط 2002م.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيم الدينية
- التطرف الفطري
- للحرّ خيارات
- أسرع من نكاح أم خارجة
- تغذية الشر
- الخضوع الفكري
- أدركتُ النجوم
- موسوعة القيم الإنسانية ج1
- ياليت قومي يعلمون
- فؤادي
- أحزاني الجميلة
- عينيكِ
- حاضرة إذا غبتِ
- وعد بلفور
- الحوار القاتل
- ابتسمي كما شئت !
- مواساة القلوب
- عيد ميلادك
- أدوار البطولة
- انا وأنت أيام جميلة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - القيم الأخلاقية