أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - ثلاث صُلبان














المزيد.....


ثلاث صُلبان


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 4766 - 2015 / 4 / 2 - 09:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طريق لا يجتازه الكثيرين، صعب غير مُمهد، ترابي وعر مملوء بالصخور، يأخُذك إلي خارج مدينة أورشليم، المشهد يُبين طابور مُكون من ثلاثة رجال يشُقُون طريقهُم بصعوبة بالغة، يُخيل إليك أنهم سكاري يترنحون، ولكن حينما تُدقق تجد أن كل منهُم يحمل خشبة ثقيلة جداً، خشبة صليبهُ!

يتقدمهُم رجُل في ريعان الشباب، جماله لا يوصف، تبدو عليه سمات الملوكية، بعكس الأثنان الآخران فملامحهُما تُجسد الإجرام والدونية، ولكن الثلاثة علي نفس الدرب، نفس المُعاناة والألم، كل منهُم يحمل الموت علي كتفيه، انه ليس موتاً عادياً بل موتاً قاسياً عنيفاً وعذاباً مريراً، موت العار والذل والهوان علي الصليب، الثلاثة يعرفون جيداً محطة الوصول!

الآن كل منهم يئن تحت صليبه، ولكن عند وصولهم الجلجثة، الصُلبان ستحملهم ليس للراحة ولكن للألم والعذاب والموت!

أخيراً وصلوا إلي ربوة صغيرة خارج أورشليم مُخصصة لتنفيذ عقوبة الإعدام بالصلب على المُجرمين، تُعرف بجبل الجلجثة أي الجُمجمة.
يري البعض أن كلمة "جمجمة" مُترجمة عن الآرامية "جلجثة" وقد سُميت هكذا لأن شكلها المُستدير يشبه جمجمة الإنسان، ولقد جاء في التقليد أن الموضع دُعي "جمجمة" لأن فيه قد دفن آدم رأس البشرية، وكأن الصليب قد رفع علي مقبرة آدم حيث تحولت جمجمته إلي تراب خلال فسادها وقد صلب المسيح بين أثنين أثمة يمُثلان فساد العالم، وجاء صلب المسيح لينقذنا من خطية آدم وخطايانا الفعلية.

ياللسُخرية! اللصان كُل مِنهُما حمل صليبهُ وتَبعَ يسوع إلى الجُلجُثة بينما تلاميذ يسوع المُختارين إختبأوا من الخوف!

عندما صُلِبَ يسوع أخذَ مكانه وسط إثنان من اللصوص المُجرمين، وهُما أخذا مكانهما واحداً عن يمينه والآخر عن يساره.
هؤلاء اللصوص لم يكونوا مُجرد لصوص صِغار أو عاديين ولكن لصوص مُجرمين، المُجرمين الذين يسعدون بتعذيب ضحاياهُم بِقسوة وقتلهم.

رُبما كان هذان اللصان صديقان لِباراباس الذي كان مُقدراً لهُ أن يُصلب بينهُما قبل أن يُطلق سراحه ويحل يسوع مكانه.

عموماً كان دافِعْ زُعماء اليهود أن يُصلب يسوع بهذة الطريقة بين المُجرمين لكى يبدو شكلهُ بغيضاً ومذلولاً ولكى يظهر على أنهُ مُجرِمْ كبير!

ولكن بشكل غير مُتوقع تَغيرْ المشهد وأصبح صليب العار هو صليب النُصره .. كيف؟

يصور المشهد وكأن ساحة الصلب، أصبحت محكمة، القاضي في النصف ولصان واحداً عن يمينه والآخر عن يساره.

المشهد يُصور كما لو أنهُ في يوم الدينونة العظيم، ويسوع المسيح هو القاضى في الوسط، وعلى جانبه شخص مُذنِبْ غير نادم، وعلى الجانب الآخر شخص نَدمَ وتابْ.
تقول الكلمة الإلهية في (متي 25: 31-34)، "ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين فحينئذ يجلس علي كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مُباركي أبي رثوا المُلك المُعد لكُم منذ تأسيس العالم."

نحن ظلمنا أنفسنا وأجرمنا في حق الله، ولكنه أخلي ذاته وجاء لكي يحُصي مع أثمة من أجلنا، جاء ليُصلب مع اللصان ولأجلهما ولأجلنا نحن أيضاً، جاء ليُصلب فاتحاً ذراعيه علي عود الصليب، فاتحاً أحضانه للعالم كله ليخلص من يؤمن به.

لصان أحدهما نَدمَ وتاب، لم يكترث بآلامه، لم يهتم بخلاص نفسه فقط، بل إهتم أيضاً برفيقه لكي ينقذه من الهلاك الأبدي، وحينما أدي رسالته ولم يستجب له رفيقه، إلتفت إلي يسوع وقال "أذكرني يارب متي جئت في ملكوتك" فقال له يسوع "أنك اليوم تكون معي في الفردوس" لقد خطف الملكوت بكلمة عن إيمان فأصبحَ شاهِداً لِلمُخلص، وتدعوه الكنيسة باللص اليمين، وإن لم يذكر الكتاب ذلك صراحة، ولكن ذلك علي حسب الآية " فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار."

أما اللص الآخر فكان أيضاً في نفس الظروف ومعلقاً علي صليب مثل صديقه، ولكنه جدف علي يسوع وعيره وأهانه مثل زعماء اليهود، ولم يندم ولم يتوب فهلكَ، فالصليب عند الهالكين جهالة أما عندنا نحن المُخلُصين فهوه قوة الله.

اللص اليمين كان عنده رجاء، فنال رحمة وخلاصاً أبدياً، أما الآخر ففقد رجاؤه بتعليقه علي الصليب، وهذا حال الكثير مننا في هذه الأيام، يأنون تحت صليب التجربة وينسون أن المسيح حمل صليبه الذي هو في الواقع كل واحد فينا بصليبه، ليس عندهم رجاء، ولا يعترفون ولا يقرون بأن المسيح هو وحده رجاء لمن ليس له رجاء.

حينما ذهبت العذراء مع يوسف النجار لختان الطفل يسوع، بارك سمعان الشيخ الطفل يسوع وقال لمريم أُمه "ها أن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في اسرائيل ولعلامة تقاوم" (لوقا 34:2) وكان يقصد بالعلامة، الصليب الذي سيكون عثرة وسبب لسقوط وهلاك كثيرين وأيضاً سيكون قوة وخلاص للكثيرين.

عزيزي القارئ، قد تكون مسيحي بالبطاقة الشخصية، قد تكون مولوداً في عائلة مسيحية أباً عن جد، ولكنك مسيحي بالأسم فقط، قد تكون قريباً جداً من الخلاص ولكنك مازلت مفقوداً!

اليوم مثل هؤلاء كثير من الناس سمعوا عن الخلاص ولكنهم لا زالوا غير راغبين في المجئ إليهِ، وآخرين كانوا ضائعينْ والآن خَلصوا بِنعمهِ المسيح.
نصلي من أجل خلاص العالم وإلي معرفة الحق يقبلون. آمين.



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذهبي إلي إخوتي
- الرقص علي جُثث الأطفال
- دفتر بفره للسجاير
- شرم الشيخ وأحلام المصريين
- خُبز وورود
- الملكة هيلانة والصليب
- وذهبنا إلي القبر المُقدس
- رسالة بالدم
- 100 ريس !!!
- سانت ديفوت شفيعة موناكو
- غيبوبة
- بينا علي تورينو
- سنة و سنة و لكن ...
- سبعة و أربعة
- حاسب .. لا ترفع مُعولك !!!
- كاتدرائية آخن
- دبكة ولا ربكة!!!
- لغتك مش مفهومه!
- أوعي تفوتك !!!
- ماذا أقول لها ؟؟؟


المزيد.....




- مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية
- الفاتيكان يصدر بيانا بشأن آخر تطورات صحة البابا فرانسيس
- ملك البحرين: نستجيبُ اليوم لنداءِ شيخ الأزهر التاريخي مؤتمرِ ...
- وفد من يهود سوريا يزور دمشق بعد عقود في المنفى
- “اسعد طفلك الصغير” أغاني وأناشيد على تردد قناة طيور الجنة عل ...
- موقع سوري يستذكر أملاك اليهود في دمشق بعد بدء عودتهم للبلاد ...
- فرنسا تناقش حظر الرموز الدينية في المسابقات الرياضية
- شيخ الأزهر يطلق صرخة من البحرين عن حال العرب والمسلمين
- ملك البحرين يشيد بجهود شيخ الأزهر في ترسيخ مفاهيم التسامح وا ...
- احدث تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUR EL-JANAH TV على ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - ثلاث صُلبان