|
في ذكرى يوم الهول الأمريكي3-3
إكرام يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1326 - 2005 / 9 / 23 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ذئب داخل البيت
وإذا كنا استعرضنا في الحلقتين السابقتين عددا من المنظمات والتيارات المناهضة للنفوذ الأمريكي في العالم، فلا يجب أن يغيب عن بالنا أيضا قوى التطرف داخل الولايات المتحدة نفسها والمتمثلة في جماعات اليمين العنصري والديني داخل الولايات المتحدة، والتي يرى فيها بعض المحللين محاولات للتمرد على مساوئ الحضارة المدنية الحديثة التي تفتقر إلى الحس الروحي. غير أن ما اقترفته هذه الطوائف التي ذاع صيتها منذ أوائل التسعينيات يوضح أنها جميعا تشترك في هدف واحد هو تخريب الكيان الأمريكي. وكان أول أحداث العنف التي أشارت إلى خطورة هذه الجماعات في عام 1992 عندما أعلن "راندي ويفر" وعائلته من الانفصاليين أن الحكومة الفيدرالية هي معبد الشيطان، وأنهم كمسيحيين بيض، منشقون على هذه الحكومة، وجرى اشتباك بين ويفر ورجال المباحث الفيدرالية، الذين أرادوا سحق الجماعة المتهمة بتخزين الأسلحة وتوزيعها على الأعوان لمواجهة الحكومة. واسفر الاشتباك عن مصرع ثلاثة أشخاص. ووقع الحادث الثاني الذي عرف بحريق معبد الديفيديين واقترن باسم ديفيد قورش، الذي انضم إلى جماعة فرع الديفيديين (أي نسل الملك داوود) الانعزالية في تكساس، و كان أعضاؤها يعتقدون أنهم سيحولون اليهود إلى المسيحية، ليشملهم خلاص المسيح؛ وان ديفيد قورش هو المسيح المنتظر وكانت الجماعة تخزن الأسلحة انتظارا للمعركة الكبرى مع حكومة الشيطان الفيدرالية. و حاصرت قوات المباحث الفيدرالية المجمع لمدة 51 يوما غير ان قورش رفض الاستسلام، وأحرق المجمع مما أسفر عن مصرع74 شخصا منهم قورش نفسه و21 طفلا تقل أعمارهم عن 15 عاما. وكان ثالث حوادث عنف هذه الجماعات هو تفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما عام 1995 الذي راح ضحيته 168 قتيلا وحوالي 500 مصاب. ولاحظ محللون أن تفجير أوكلاهوما وقع في 19 ابريل في اليوم الموافق للذكرى السنوية الثانية لإحراق مجمع الديفيديين، ومع ليلة ميلاد الزعيم النازي أدولف هتلر المولود في 20 ابريل 1889 وبعدما سارعت وسائل الإعلام كالعادة إلى اتهام المسلمين، تبين أن الفاعل هو تيموثي ماكفي الذي كانت تربطه علاقات بهذه الجماعات.
المخطط المحتمل بقي أن ننتقل إلى القوى التي يحتمل ـ في رأينا المتواضع ـ أن تكون هي المخطط لهذه الهجمات؛ مستعينة بالطبع بمنفذين تمجد ثقافتهم فكرة الاستشهاد فيقبلون القيام بعمليات انتحارية ، قامت بتمويل تدريبهم على أرقى مستويات، حتى استطاعوا في فترة لا تتجاوز نصف الساعة توجيه هجمات قوية وقاسية وناجحة إلى أهم رموز الهيمنة الاقتصادية والعسكرية وان فشلت محاولتهم لضرب رمز الهيمنة السياسية ممثلا في طائرة الرئيس الأمريكي أو البيت البيض. ولعل أبرز القوى التي نعتقد أنها تستطيع تدبير التمويل اللازم لمثل هذا التخطيط وتدريب المنفذين وتسليحهم بتلك القدرات فائقة الدقة هي جماعات الجريمة المنظمة (ولا مانع من أن تحمل بعضها أسماء عربية أو إسلامية) بمعاونة القوى الصهيونية. فهذه الجهات، بالقطع؛ تمتلك من الموارد والإمكانيات ما ييسر لها القيام بمثل هذه العمليات، التي تم التخطيط لها وتمويلها وتنفيذها من داخل الأراضي الأمريكية. ولا شك أنه لم يعد سرا أمام الجميع مدى ما لهذه القوى من نفوذ وعملاء داخل دوائر السلطات و أجهزة الأمن و المخابرات الأمريكية. ويمكنها بالقطع تجنيد العملاء داخل المطارات وشركات السياحة والطيران لتسهيل مهمة المنفذين.
ترويع اليهود فالجماعات الصهيونية كما أثبت التاريخ تسعى منذ تنظيمها قبل أكثر من قرن إلى السيطرة على العالم. ولم يعهد عنها أنها تحترم صداقة أو عهدا. بل أن الوكالة العالمية للصهيونية التي أنشأها هرتزل في أواخر القرن التاسع عشر رغم تمسحها باليهودية وإعلان نفسها متحدثة باسم يهود العالم، لم تتورع عن ترويع اليهود وقتلهم في مختلف البلاد لدفعهم للهجرة إلى أرض فلسطين. حتى أنه انفضح مؤخرا اتفاقها مع هتلر على الضغط على اليهود لدفعهم إلى ترك أوروبا والذهاب إلى «ارض المعاد». وقد فضح ذلك في مذكراته «إيخمان» مساعد هتلر والذي كان يقوم بدور الوسيط بينه وبين الوكالة، ولقي جزاءه بالطبع على يد الاسرائيليين الذين اختطفوه ثم أعدموه. ولاشك أنه ما من صهيوني يرضى بأن يخسر حياته، أو أن يقوم بعملية انتحارية في سبيل غاية ما ، ومن ثم فلا غرو أن تعمد مثل هذه المنظمات إلى استغلال مشاعر السخط والغضب لدى ضحايا السياسات الأمريكية في أي مكان بالعالم، ودفعهم لتنفيذ مخططاتها الإرهابية محققة بذلك هدفين: الهدف الآني، وهو تكريس الصورة المشوهة للعرب والمسلمين باعتبارهم إرهابيين وقاتلي الأبرياء. أما الهدف الثاني فبعيد الأجل، وهو بذر بذور الاضطراب في مختلف مناطق العالم على نحو يمكنها من استخدام عملائها النافذين إلى مختلف دوائر صنع القرار العالمي في بسط سيطرتها على المعمورة في نهاية الأمر.
#إكرام_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى يوم الهول الأمريكي 2-3
-
في ذكرى يوم الهول الأمريكي.. الفاعل والمستفيد 1-3
-
إحياء روح مصر القديمة
-
المرأة التي حيرتهم وحيروها معهم
-
قبل فوات الأوان..علم الإدارة هو الحل
-
الاستثمار في البشر..حل يحمي جميع الأطراف
-
ديمقراطية مدفوعة الثمن مقدما
-
الفيشاوي والحناوي.. أزمة مجتمع يفقأ عينيه بأصابعه
-
نعم..هي مؤامرة
-
لا للتمديد.. لا للتوريث .. و-لا- غائبة...
-
-مصر واجعاني- ..حكومة سلطها الله على نفسها
-
انتهى الدرس ياغبي
-
فجر طفولته في وجوهنا أشلاء!!
-
-عندما -نستوردنا
-
ديمقراطية -هوم دليفري-
-
العصيان المدني سلاح لايجب ابتذاله
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|