|
اذكروا هذا التاريخ
فؤاد قنديل
الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 22:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعم .. علينا جميعا أن نتذكر هذا التاريخ ( 26 مارس 2015)الذي يمثل قفزة هائلة في المسار العربي الذي يمتد لأكثر من قرن من التخبط والعشوائية وافتقاد الرؤية والاستسلام للقوي الغربية التي عاثت في المنطقة كما شاءت طولا وعرضا وقسمت وهدمت ونهبت وسيطرت وغيرت ودهست وقتلت وسارت بيننا كما تسير الطواويس . لقد ظلت الدول العربية لقمة سائغة وفريسة ممدة على الأرض في انتظار الذبح والسلخ والتمزيق دون أن يرفع حاكم واحد راية العصيان اللهم الزعيم الخالد عبد الناصر الذي تمني معظم الحكام العرب زواله ، كما تمني ذلك الغرب وانطلقت عشرات بل مئات النصال إلى جسده وروحه حتى فارق الحياة ، وإن كان لا يزال حيا بمبادئه النضالية الثابتة . لقد شاءت إرادة الله أن تتفاقم مشكلة اليمن حتى يخرج المارد من القمقم تحت ضغط بخار الأزمة ولهيبها الذي كان قادرا على أيدي الحوثيين الموازين لداعش من هدم المنطقة الجنوبية من الوطن العربي والاستحواذ علي كل مفاصله وكتم أنفاسه والتمدد باتجاه شبه الجزيرة العربية وخنق مصدر مهم من الأوكسيجين الضروري لتنفس مصر وقناة السويس بالذات بل و كانوا قادرين بمعاونة الفرس على التحكم الكامل في باب المندب وهو معبر رئيس ومصيري للتجارة العالمي . إن البعض لا يبدو متنبها لخطر المد الإيراني المتطلع بشدة لإعادة تأسيس الإمبراطورية الفارسية البائدة بالانتشار في المنطقة عبر كماشته الرهيبة حيث استولي تقريبا على المنطقة الشمالية حيث يمارس تأثيره التوسعي في العراق وسوريا ولبنان ، والطرف الآخر من الكماشة يمضي كالسكين في الزبد عبر الطرف الجنوبي وتحديدا في اليمن ، ومن ثم تستطيع الدولة الإيرانية الصاعدة بقوة ودهاء أن تحط رحالها في كل المنطقة العربية التي تمثل لها حتى 26 مارس فريسة سهلة حيث تسقط مواقع كثيرة منها تحت مطرقة الفقر والسذاجة والجهل والمرض وسندان الاختلافات والانقسامات والتمزق الداخلي والتناحر بين جماعات تنشأ كل يوم ..
كانت هذه هي الصورة البائسة المتربصة بالعالم العربي وهذا هو المشهد الذي انكشفت مؤخرا أطرافه سواء من الشرق أو الغرب ومن الوسط حيث إسرائيل ذلك الثعلب الذي يختبئ في الأدغال في انتظار سقوط التفاحة العاطبة . أخيرا نظر الله إلى العرب نظرة عطف فقد كفاهم ما تجرعوا من السم والعذاب والتشرد وقلة الحيلة وكثرة الطامعين وقرر أن ينقذ هم بتعظيم الخطر الداهم في اليمن والذي تم التعامل معه على مدي شهور باستهانة حتى تصاعد الدخان وانطلقت الروائح العفنة تملأ الفضاء وتطرق أبواب العقول الغافلة والآذان المنصتة في غير وعي أو تأمل حتى امتدت النيران إلى كل الأركان وبدأ الكل يستشعر الخطر بعد أن اقتحم البيوت وتجاوز الحدود فألقي الله في روع القادة العرب الأشاوس بحق أن يندفعوا بقوة الإرادة والعزم في حملة " عاصفة الحزم " بعد سبات تجاوز القرن ، وكانوا خلالها كأهل الكهف فانقضوا على الفئة الضالة المضلة ليردعوها ويكسروا عظامها وأسرعت إيران صاحبة الأفكار الاستعمارية التعسة تحاول إنقاذ أبنائها ومؤيديها وعملائها فلم تفلح ولن تفلح إلا إذا عاد العرب للمسالمة والمهادنة وإيثار الحوار والوقوع مجددا في شرك الخديعة . فانطلق العرب في حملة كبيرة تكشف حجم الصبر والمعاناة والرغبة في سحق الوحش الصغير المتضخم قبل أن يبتلع الأرض والسلطة العربية خاصة أنه يمضي بقوة وسرعة مستفزة ومدهشة والشعب اليمني لا يملك إلا الغضب والموت. انقضت نحو مائة وسبعين طائرة على مواقع وثكنات وعتاد الطغمة المارقة وأنزلت بها في الساعات الأولي هزيمة مؤثرة ، وأعلنت عن مخزون إرادتها وحماسها وقوتها وفكر أبنائها العسكري والخططي القادر على الفعل إذا بلغت الأمور في أية قضية إلى ذروة الأزمة التي يمكن أن تهدد سلام وأمن وحياة شعب من شعوب المنطقة .
لقد حاز التحالف العربي لنصرة الشرعية في اليمن رضا وترحيب بل وإعجاب كل الشعوب العربية كما أثار دهشة العالم الذي رأي العرب لأول مرة يتحدون ويردعون الأخرق من بينهم ولا ينتظرون عونا من أية قوة خارج أمتهم ، فلديهم كميات هائلة من السلاح لم تستخدم في أية عملية مشبوهة وظلت مكدسة في المخازن ساكنة وباردة ولا جدوى منها.، إنها البداية الجادة والحاسمة للتخلص من أي تدخل أجنبي حيث أصبح قرار العرب بأيديهم،وهو ليس جديدا تماما إلا من حيث الفعل والنزول إلى أرض الواقع ، وإنما كان مشروعا مسجلا ضمن بنود إنشاء مجلس الجامعة عام 1945 ، كما تم الإعداد له مجددا في عام 1964 ولم يفعل حتى جدد الدعوة له منذ أشهر الرئيس السيسي الذي طالب بتكوين قوة دفاع عربي مشترك نظرا لتعاظم التحديات المحدقة بالمنطقة وتهدد الدول العربية في الصميم. ليس من شك أن هذه الهبة وتلك الحملة التي خلصت فيها النوايا واتحدت فيها الإرادة تمثل رسالة واضحة لكل دول العالم خاصة أمريكا وإسرائيل وإيران والجماعات الإرهابية بكل أطيافها وألوانها المقيتة. ، وقد بلغت الرسالة بالفعل وأطلت في الأفق بعض ملامحها ونقلت ذلك العديد من وكالات الأنباء عن الإحساس الذي استشعره بعض الرؤساء الغربيين من أن العرب أخيرا تحركوا للنظر بأنفسهم في أزماتهم دون اعتمادهم التقليدي على قرار الدول الغربية وأسلحتها و دون انتظار دعمها وتدخلها . وغير مستبعد أن تشهد المرحلة القادمة من تاريخ العرب الجديد والمشرق تدخلا عربيا في ليبيا لحمايتها من التمزق والتشتت إذا لم ترتدع المليشيات المخربة التي لا يعنيها الوطن بقدر ما يعنيها الانتماء لجماعات متطرفة تلعب بحماقة ضد الدين والأمن والحاضر الشعوب ومستقبلها في غباء لا مثيل له .، إضافة إلى أن الأزمة المتفاقمة في سوريا تحتاج تدخلا من هذا النوع لوقف نزيفها الذي شرد مئات الآلاف وقتل مثلهم وهدم أكثر منازلها و جعل من المدن الجميلة ذات الطلعة البهية خرائب وتشوهات معمارية تعسة يبكي من تقع عليها عيونه ولو في الصور.. حان الوقت إذن ليرفع هذا الشعب قامته ، لأن القرار العربي أصبح بأيدي الحكام العرب، وانتهي العصر الذي كانت فيه البلاد العربية ملعبا لكل من هب ودب ، ولنا أن نتفاءل لبزوغ الوحدة في تشكيل القوة العسكرية ..قوة لا تجعلنا دائما نتسول الإنقاذ من الأجنبي وننتظر كرمه وقت يشاء ، وقد اجتمع القادة العرب في شرم الشيخ ليؤكدوا مجددا ما انتهوا إليه بشكل تشكيل قوة الدفاع العربي المشترك التي ستكون خطوة كبري نحو التفاهم والانسجام والتعاون في مجالات عدة ، عاش عبد الناصر ومات من أجلها والتي تتمثل في كيان عربي موحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر. على أن الحكام العرب عليهم تقليم أظافر الذئب الإيراني وألا يسمحوا ولا لحلفائه بالتوغل في عروق العالم العربي من أجل نشر المذهب الشيعي ، والمسألة ليست فقط نصرة المذهب ولكنها ترمي لسياسات توسعية مرعبة ، ولا أظن الحكام العرب غافلين عما يحيق بالمنطقة .
#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى إرهابي
-
استيقظوا واتحدوا أو موتوا (2)
-
استيقظوا واتحدوا أو موتوا 1
-
سليمان فياض .. الحكّاء الفريد
-
أنا والحكيم والسقف
-
تقدموا للجنائية الدولية بهذا الفيلم
-
الحكمة تقتضي تحريرهم
-
صعود كتابة المرأة المشهد والأسباب
-
فرانداعشتاين
-
مستقبل النفط العربي مهدد
-
لماذا تحكم علي مفكر بالإعدام ؟
-
كشف حساب 2014
-
صديقي الضخم بحجم عصفور
-
يجتهدون لتمزيق الوطن
-
من يشتري الأحزاب المصرية؟
-
مقاييس التعاسة في مصر والعالم
-
رحلة ممتعة إلى أيرلندا
-
في حضرة شيخ الأدباء
-
رحيل مبروك .. رحيل عصفور الكناريا
-
رسالة ريحانة إلى بنات الشرق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|