أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - قِيَامَةُ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ 26 مَارِس!















المزيد.....

قِيَامَةُ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ 26 مَارِس!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 4762 - 2015 / 3 / 29 - 08:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
الفوضى الأمنيَّة والسِّياسيَّة ليست غريبة على المنطقة العربيَّة والإسلاميَّة؛ سوى أنها لم تتَّسم في أيِّ يوم بمثل هذه الخطورة التي هي عليها الآن، والتي يكاد لا يُعرف، وسطها، أين تتماهى وأين تتقاطع منظمات رئيسة، كالقاعدة، وداعش، وربَّما جبهة النصرة بحسب تقديرات أمريكا أواخر 2012م، وتقديرات مجلس الأمن الدَّولي منتصف 2013م.
هذه الفوضى، وإن اقترنت، في غالبها، بأنشطة إرهابيَّة، إلا أنها لم تعُد تقتصر، كما في السَّابق، على عمليَّات معزولة تستهدف، فحسب، تصفية أفراد، أو حتَّى مجموعات سياسيَّة، أو عرقيَّة، أو دينيَّة، أو تعمل على اختراع أوضاع معيَّنة، أو اصطناع تأثيرات محدودة، بحكم ارتباطها، في الخفاء، بأصابع استخباريَّة هنا أو هناك، وإنَّما أضحت تتداخل، أكثر من أيِّ وقت مضى، في استراتيجيَّات وأجندات كبرى.
ومع أن أبرز تمظهرات هذا المشهد يتبدَّى، الآن، من خلال الأحداث الجارية على ساحات كثر تشمل، فضلاً عن سوريا بطبيعة الحال، ليبيا، وتونس، ومصر، ولبنان، وغيرها، إلا أن ما يجري، بوجه خاص، في العراق واليمن، ربَّما يعكس، أكثر من غيره، الخطر الأمضى سحقاً ومحقاً، والذي يستهدف بالطمس والتغيير معالم جيوبوليتيكيَّة كاملة، بل وقد يتهدَّد بالإزالة دولاً وطنيَّة بأسرها.

(2)
في العراق، على سبيل المثال، ما انفكَّت تسترعي الانتباه، مؤخَّراً، إشارات التَّراجع والتَّذبذب الملحوظة في الاستراتيجيَّة الأمريكيَّة، خصوصاً ما يتَّصل منها بلاعبين أساسييَّن كداعش وإيران، بصرف النَّظر عمَّا تُبدي واشنطن من قلق في الظاهر إزاء نشاطاتهما! فمع أن الجنرال مارتن دمبسي، رئيس هيئة الأركان الأمريكيَّة المشتركة، قد عمد إلى التَّأكيد على أن الهزيمة ستحلُّ "في النهاية!" بداعش، نتيجة عمليَّات التَّحالف الدَّولي التي تشارك فيها القوَّات العراقيَّة، إلا أنه أردف ذلك بإشارتين كفيلتين بتثبيط همم كلِّ مَن يعوِّل على قيادة أمريكا لهذا التَّحالف: أولاهما لا تكتفي، فقط، بـ "التَّبشير"، صراحة، ببقاء داعش، وإنَّما تذهب إلى حدِّ التَّيئيس من إمكانيَّة القضاء عليها في المستقبل المنظور، كونها، حسب دمبسي، ماضية في التوسُّع، برغم كلِّ الجُّهود المبذولة لهزيمتها، حيث انضمت إليها، مؤخَّراً، بوكو حرام من أقصى الغرب الأفريقي (!) أمَّا الإشارة الثانية فقد حملت تشكُّك الرَّجل في مدى استعداد الجَّيش العراقي للتَّفاعل، على الأرض، مع وتيرة قصف طيران التَّحالف لداعش، داعياً، بدلاً من ذلك، لـ "التَّروي"، و"التَّخلي" عن تكثيف هذا القصف، ريثما يتمُّ "القضاء، أولاً، على أيديولوجيَّة هذا التَّنظيم الإرهابي، وعلى حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي!" (وكالات؛ 9 مارس 2015م). وفي السِّياق يكتسي دلالة ملتبسة تعبير الجَّنرال الأمريكي عن خشيته على "السُّنَّة" في البلاد، وتساؤله عن مآلهم حال تمخَّضت المعارك عن هزيمة داعش (وكالات؛ 12 مارس 2015م)، فلكأن من شأن هزيمتها أن تكشف، بالضَّرورة، ظهر "سُنَّة" العراق على خطر "شيعي" مدعوم من إيران! وحتَّى بافتراض صحَّة ذلك فإن الجَّنرال يكتفي بـ "رمي" تساؤله، هكذا، للطير والسَّابلة، دون أن "يتبرَّع" بإجابة عليه تشفي الغليل!
ورغم أنه ليس من المعتاد أن يُنسب ما يصدر عن كبار القادة العسكريين، أمريكيين أو غير أمريكيين، إلى تقديرات شخصيَّة، إلا أنه كان من الممكن اعتبار تصريح الجَّنرال دمبسي محض تقدير شخصي، لولا أن سارع لتعضيده جنرال آخر، هو ديفيد باتريوس، القائد السَّابق للقوَّات الأمريكيَّة في العراق، خلال الفترة2007م ـ 2008م، حيث أكَّد على أن "المهدِّد الأساسي لهذا البلد والمنطقة، على المدى البعيد، ليست داعش التي ستهزم عاجلاً أو آجلاً، بل المليشيات المدعومة من إيران" (وكالات؛ 21 مارس 2015م).
حكم باتريوس هذا، مضافاً إليه مطالبته لرئيس وزراء العراق "بتحجيم نفوذ طهران إلى أقصى الحدود!"، ينبغي ألا تتجاوز قراءته محض "الحفز" لصفقة ما ترغب واشنطن في إبرامها مع طهران في ختام مفاوضاتهما النَّوويَّة الحاليَّة بلوزان السُّويسريَّة، والمحدَّد أمدها بنهاية مارس الجاري. فرغم وجاهة اعتقاد البعض باستحالة أن تمنح إيران خدمة الاتفاق معها لرئيس أميركي في طريقه لمغادرة البيت الأبيض بعد ما لا يزيد عن العامين، إلا أنه ليس ثمَّة من يستطيع، أيضاً، أن يُقصِي المفاوضات المشار إليها بين الطرفين من دائرة العوامل التي من شأنها أن تفتح شهيَّة إيران، على مصاريعها، صوب الهيمنة على العراق، واليمن، والمنطقة عموماً، مع التَّأكيد على الرَّغبة الأمريكيَّة، بطبيعة الحال، في المحافظة على شعور ضاغط لدى إيران بأن هذه الهيمنة ما كانت لتكون لولا "فضل" تفاهماتها مع أمريكا!

(3)
أما في اليمن فقد كان حوثيو إيران المتحالفـون مع علي صالح، وابنه، وما استطاع اختطافه من حزب "المؤتمر الشَّـعبي"، يهرولون حثيثاً، حتَّى 25 مارس المنصرم، باتِّجاه عدن، ليستكملوا انقلابهم الذي قطف لهم، ابتداءً، العاصمة صنعاء، وليفرضوا واقعاً جيوبوليتيكيَّاً مغايراً على المنطقة والعالم، في نفس اللحظة التي كان الرَّئيس عبد ربه هادي يلوذ فيها بشرعيَّته إلى عاصمة الجَّنوب، متوجِّهاً باستغاثته الأولى إلى الرِّياض للعمل، سياسيَّاً، على رعاية حوار يمني ـ يمني رفضه الحوثيون بفعل انطماس بصيرتهم، قبل أن يتوجَّه إلى الرِّياض نفسها باستغاثته الثَّانية لإنقاذ الشَّرعيَّة، بالتَّدخُّل، عسكريَّاً، من أجل الحيلولة دون سقوط عدن، مِمَّا لم يكن مستغرباً أن يستثير غضبة إيران، صاحبة المصلحة الأولى في هدم النظام، وربما الدَّولة نفسها، هناك، مطمئنَّة، تماماً، حتَّى ذلك الوقت، إلى عدم رغبة واشنطن في التَّدخُّل!
هكذا ظلت كلمة السِّر المفتاحيَّة لفضِّ مغاليق ذلك المشهد، خصوصاً على صعيد الأجندة اليمنيَّة، وحتَّى منتصف ليلة الخميس السَّادس والعشرين من مارس الجاري، كامنة في تفاهمات أمريكا ـ إيران النَّوويَّة، المستندة، من جهة، إلى التَّطلعات الإيرانيَّة للهيمنة على بلدان المنطقة عموماً، وعلى اليمن، خصوصاً، بالوكالة الحوثيَّة by proxy، والمستندة، من جهة أخرى، إلى ما يُعرف بعقيدة "الصَّبر الاستراتيجي" التي أضحت الإدارة الأمريكيَّة تفضل انتهاجها خلال العامين المتبقيين من ولاية أوباما؛ والتي يسمِّيها الجَّنرال الأمريكـي مارتن دمبسـي "التَّروي"، بينمـا يعتبرهـا الأكاديمـي الكويتـي عبد الله الشَّايجي محض "نسخة منقحة من عقيدة أوباما القديمة المتمثِّلة في التَّردُّد، ورفع اليد، وعدم الحسم، والقيادة من الخلف، وعدم ارتكاب (حماقات) في السِّياسة الخارجيَّة" (الاتحاد؛ 23 مارس 2015م). وهذه الاستراتيجيَّة من شأنها، إذا قدِّر لها التَّحقُّق، أن تنعكس سلباً على مستقبل علاقات أمريكا العربيَّة والإسلاميَّة، حيث سترتِّب، يقيناً، لفقدان الثِّقة بها حتَّى من جانب حلفائها التَّقليديين في المنطقة.

(4)
غير أن الأمر اختلف، منذ تلك السَّاعة، إلى حدٍّ كبير، إذ ما لبثت السُّعوديَّة أن أطلقت، على رأس دول الخليج، قبل ما لا يزيد عن اليومين من الموعد المضروب للقمَّة العربيَّة السَّادسة والعشرين، وقبل ساعات، فقط، من انعقاد مجلس وزراء خارجيَّتها، عمليَّة "عاصفة الحزم" العسكريَّة في اليمن، مستثمرة عنصر المباغتة بالحدِّ الأقصى، وبمشاركة تحالف واسع من عشر دول، فسارعت القوى الغربيَّة، وفي مقدِّمتها أمريكا، لإعلان دعمها لهذه الخطوة، رغم أن السفير السعودي لدى واشنطن كان قد سبق وبادر إلى نفى دعمها للعمليَّة "العسكريَّة"، ربَّما من باب رفع الحرج عنها!
تلك المسارعة الأمريكيَّة الجريئة تشي بتغيير كبير في خط "التردُّد" الذي انتخبته واشنطن لسياستها الخارجيَّة، بحيث ستضطر لعدم الإبقاء على أيديها مكتوفة، بعد اليوم، خصوصاً إزاء أيِّ تدخُّل إيراني محتمل، وبالذَّات بعد أن أقدمت الخارجيَّة الإيرانيَّة على إدانة ما أسمته "الضربات السُّعوديَّة" على المليشيات الحوثيَّة، مِمَّا يرجِّح انهيار، أو، على الأقل، تجميد مفاوضات الطرفين النَّوويَّة، لا سيَّما أن حلفاء أمريكا الغربيين ما انفكُّوا ينظرون إلى هذه المفاوضات بالكثير من عدم الارتياح، ويشترطون، لقبول مخرجاتها، في أفضل الأحوال، أن تضمن لهم عدم قدرة إيران على امتلاك أيِّ سلاح نووي في المستقبل.

(5)
مهما يكن من شئ، فإن انتشار أكثر من مائتي طائرة حربيَّة، فجأة، في سماء اليمن، بعد منتصف ليلة 26 مارس المنصرم، قاطعة الطريق، خلال ساعات معدودة، على أحلام السَّيطرة الحوثيَّة الإيرانيَّة المدعومة بجنون السُّلطة لدى آل علي صالح، لجدير بقلب كلِّ المعادلات الدَّوليَّة والإقليميَّة في المنطقة، بحيث لا تعود، قط، إلى الحال الذي كانت عليه في السابق.

***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَرحَباً بِجَهدِ شَبَكةِ صَيْحة الاستِنَاري!
- عَلِي عُثْمَانْ وَالحِقْدُ الطَّبَقِي فِي السُّودَان!
- مِن نِيو دَلْهِي إلَى الخُرْطومِ إلى بُوغُوتَا: العِلمُ لأجْ ...
- بِانتِظارِ المِيلادِ الثَّالِث: مَنْ هُوَ -دَاعِشُ- اتِّحَاد ...
- فَارُوق وأَمِين: إِطلاقُ سَراحٍ أَمْ تَحْريرٌ بِالقَتْل؟!
- مَرْحَبَاً بِمحمَّد بَنيس وأَسئِلَتِهِ الشَّائِكَة!
- جُوزيف كُونِي: التَّقَرُّبُ إلى اللهِ زُلْفَى .. بِالسَّكاكِ ...
- شَمْلَلَةُ الدُّستور!
- ستيلا: صَفحَةٌ ماجِدةٌ فِي أَدَبِ الحَربِ الصَّافِع!
- أَرَبُ التُّرابِي!
- عِيدٌ بأيَّةِ حَالٍ ..!
- ما الذي حفِظَتْ بِنْسُودا؟!
- الحُكْمُ الذَّاتِّي: كَمينٌ تفاوُضِي بأديس!
- للمرَّةِ الألْف .. مطلوبٌ حيَّاً!
- هَلْ كانَ مُمْكِناً فَوْزُ نَافِع عَلى البَشير؟!
- مِنْ هُمُوم المُجابَهَةِ الفِقْهوفِكريَّة معَ التَّطرُّف!
- من السَّيادةِ الوطنيَّةِ إلى الجَّنائيَّةِ الدَّوليَّةِ .. و ...
- عَشيَّةٌ أسيفةٌ للعيدِ سعيد!
- حقوقُ الإنسان وقانونُ الأمنِ في السُّودان!
- الهُروبُ إلى الأَمام مِن .. حَلايب!


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - قِيَامَةُ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ 26 مَارِس!