أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - العرب بين المعنى والتسعير














المزيد.....

العرب بين المعنى والتسعير


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 17:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


العرب بين المعنى والتسعير
**********************
حين صرخ "غابرييل غارسيا ماركيز " صرخته الشهيرة "امنحوا معنى للأشياء ، ليس لقيمتها المادية بل لقيمة معناها " ، لم يكن يراهن من موقعه كروائي ضاج بثروة المعنى الا أن ينبهنا الى ما انحدرت اليه الانسانية من دونية مادية ، ومن انغلاق سلعي يشبه كل البضائع المعروضة للبيع ، بما في ذلك الانسان .
اذن فبين الاندياح والانفتاح ، بين التمدد والاختراق ،وبين الانغلاق والانعكاس ، أو التقيد والانغلاق ، يضعنا غابرييل ماركيز . وهو وضع لانحسد عليه كعرب . نحن المهووسون بقيمة الشيئ في سعره وثمنه ، وليس في قيمته كمعنى .
اقتفاء اثر المعنى يوسع من آفاق الانسان ، ويمنحه فرصة الخروج من ذاته كأنا لا يستطيع كنهها كوحدة كما يقول باختين ، بل ان الذات لا تتمثل ذاتها الا اذا أطلت على ذات أخرى ، وهنا تعقل معقوليتها عبر هذا التسرب الآخر نحو الذات . فالمعنى هو الأصل والثمن هو الفرع . والمعنى اتصال بينما الثمن انفصال . ولعل من أخبث ما وقع فيه العرب هو تشبثهم بتثمين وتسعير كل شيئ . وأخطر من ذلك أن أرخص الأشياء عندهم صار هو الانسان ذاته .
ثمة رهان وجودي لايكف عن الابداع والعطاء ، كلما انخرط الانسان في متاهة اللعبة حسب اللفظ الأثير لبورخيص . فالمتاهة ضياع وراء مخرج غير مضمون ، وتلك قمة الابداع التي يمنج عنها جري دائم لا يفتر عن البحث الجديد عن المعنى الذي يشفي الغليل ، وليس المعنى الذي يبرر الأشياء . فالتوتر لا يجد دلالته ومتعته الا في المعنى ، فيما ترمز اليه الأشياء ، وما وراء الرمز . أما سعرها وثمنها فهو رهان فاشل وعاثر . يتوقف عند تحديد السعر وتحديد الثمن .
لنأخذ الماء كمادة مثلا ، فهو من بين أهم المواد التي لا سعر لها ، ولم يدخل بورصة التسعير الا مع تطور مبدأ الاحتكار الذي بنى جدرانا صلبة في العلاقات الانسانية . لكن المعنى رغم ذلك يأبى الا أن يستقل في مساحات شاسعة من الكون عن مبدأ التسعير . ولنأخذ بعده المجاني "فالماء هبة سمائية " قبل كل شيئ . لكن رمزيته الدلالية غنية ، ولطالما اتكأ عليها جميع الفنانين والأدباء والفلاسفة والمفكرين .
وحين تم احتكاره من قبل جماعات بشرية فسدت العلاقات الانسانية ، ونحن شهود اليوم على ما يسمى بحروب المياه . فتثمين الشيئ وتسعيره يفقده رمزيته وطهارته ، ويجعله يتخلى عن معناه الأول .
البحث عن المعنى يغني الانسان عن اللحظة ، فاللحظة خارج البرهة الشعرية ، وخارج التأمل الفلسفي ، وفي واقعنا العربي اليوم ، الذي يعتبر امتدادا لعقود الأزمة الكلية والشاملة ، ردح من الزمن ، انه بمثابة كتلة زمنية ثابتة في لحظة يفترض أن تكون عابرة . فنحن في الوطن العربي تصلبنا وتجمدنا عند لحظة الاستيلاء على فلسطين ، الذي توج لحظة الاستعمار الغربي لجميع الدول العربية . ولم نتحرك قيد أنملة منذئذ .
السعر تقليص لمساحات الوجود ، فهو قرين الامتلاك ، والامتلاك اعتقال قسري . بينما المعنى تحرر وتشرد وسفر ورحلة . وأزعم أن بناء الحضارات لم ينشأ الا من لذة البحث عن المعنى ، ولم ينبن الا من تراكم هائل للمعنى . وكلما تعددت المعاني كلما ازدهر الوجود الانساني . اذ لا يمكن للتسعير الا أن يغلق أفق المعنى ويحد من امكان تداوله وانتشاره ، لأنه ببساطة صار ملكا فرديا وليس ملكا جماعيا . عكس المعنى الذي يملك أكثر من فرد الحق في الابداع والتفكير والتأويل والتفسير .
وهذا ما فطن اليه كبار الاقتصاديين والاحتكاريين ، فتبنوا فكرة تعدد رؤوس الأموال ، والشركات المتعددة الرؤوس ، ليحتالوا على المعنى . فالتسعير الأحادي ، او الامالاك الفردي ينتج أضرارا ضخمة . كما هو حاصل في عالمنا العربي ، حيث صار الوطن ملكا للجاكم الفرد ، فازداد الفقر في البلدان العربية ، وهجم جراد الجهل على الناس ، وتبست كل منافذ الابداع .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنت براقش على نفسها
- قصيدة الغد بين محمود درويش وشارل بودلير
- الأمة العربية في رحلة الى الجحيم
- الشعر نبض الحياة
- لي أخ لا أعرفه
- نحو بناء مثقف جديد-2-
- من تداعيات جائزة الشعر لاتحاد كتاب المغرب
- أهلا بالعرب يف امبراطورية ايران
- نحو بناء مثقف جديد
- اللعنة
- الشعراء يُحزنون الحزن
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
- جريمة لايقترفها الا الجهلاء
- كقبلة تدمي ....
- حميد الحر شاعر القصيدة الساخرة بامتياز
- دعوة الى لم الشتات
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -14-
- الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة ...
- الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة ...
- حين يتأخر القطار تفسد الرحلة


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - العرب بين المعنى والتسعير