هادي بن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 14:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الحروب الدينية , عندما تقوم الدعاية الحربية على عنصر الدين لإكتساب الشرعية الإلهية وحشد الناس عقائديا ينزع الطرفان إلى مواجهة بعضهما البعض بترسانة تلقي بجذورها داخل الكتب المقدسة لتحطيم الاخر معنويا وإظهاره في ثوب "الباطل" لضرب قدرته على الحشد أولا ولجلب الحشود ثانيا . كما في الحرب العراقية الإيرانية وما فعله "الخميني" بالإيرانيين وجوازات السفر إلى الجنة , ورجال الدين العراقيين عندما صنعوا أسطورة تقول بأن "صدام حسين" سينتصر على الفرس , مدعومة بشواهد من القران والأحاديث .
اليوم , ولأن الخطاب السلفي يقوم على عنصر التكفير ضد الأنظمة والشعوب وإتهامها بالوقوع في الجاهلية , فالتطرف الديني لن يكون دافعا إلى المزيد من التسامح ... على العكس من ذلك , فالتطرف الديني أثاره الإيجابية تحوم في محيط ضيق جدا للتأثير على أشخاص هم أصلا لا يشكلون أي خطر لطبيعتهم المسالمة وبنيتهم الفكرية . أما أثاره السلبية فهي هائلة , إذ تدفع بالغالبية العظمى إلى تبني خطاب ديني اخر لمواجهة التطرف , وهي وسيلة للبرهنة على أنهم ليسوا بالكفار والمنافقين ! وعادة ما يكون هذا الخطاب مساويا لقسوة وعنف الخطاب الاخر للتنظيمات السلفية .
في الأردن , عندما حرق تنظيم الدولة الطيار الأردني "معاذ الكساسبة" كتب الطيارون الأردنيون على طائراتهم ايات القتل والحرق والتعذيب كمواجهة للدعاية الدينية للدولة الإسلامية . هذه كانت ردة فعل الطيارين , بينما اليوم يناصب الملايين من الأردنيين العداء للشيعة بعد أزمة اليمن والحوثيين لأسباب عقائدية دون أن يكون الشيعة خطرا على الأردن .
في مصر , مع تصاعد التطرف الديني يميل المعادون للإخوان والحركات السلفية إلى خطاب تحريضي ضد الملحدين والادينيين . ردة الفعل هذه هي محاولة لإحتكار العنصر الديني ونفي تهمة الكفر والجاهلية أي مواجهة للمنظومة الدعائية الأخرى , وحتى في تونس فمعارضون كثر للإخوان يتبنون ما يسمى "بالإسلام الزيتوني المعتدل" الذي لا يقل قبحا عما نراه في أفغانستان وسوريا وقد كشف عن ذلك رجل الدين "فريد الباجي" الذي كان محسوبا على الإعتدال في مناظرته مع "الطالبي" وما أظهره من تزمت ورفض للاخر والرأي المخالف الذي لا يخرج عن الإطار الديني !
مع تصاعد الإرهاب الديني , تتصاعد موجة من معاداة الأقليات والتطرف المذهبي القومي , أي الإنحيار إلى المذهب السائد بين العوام والخاضع لسلطة الدولة .. الأزهر ومصر كمثال .
هذه الظاهرة وإن كانت ساحقة ضد الحركات الإسلامية المسلحة بإعتمادها على نفس الأساليب وبقدرتها على الحشد وضرب الإرهاب معنويا بمشاركته ينبوع الدين , فهي تحوم بنا في دائرة لا تنتهي من الرجعية الدينية والسياسية .
#هادي_بن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟