|
- الستالينية - و الماوية ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/7 )
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 01:35
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
" الستالينية " و الماوية ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/7 ) ( ملاحظة : مع نهاية هذا شهر مارس تجدون نسخة بى دي أف لكامل المقال و ملاحقه بمكتبة الحوار المتمدّن ) يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية و الأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي – الديمقراطي [ الشيوعي ] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل ، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع . ( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو ) ------------------------ على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة، تتفق مع مصلحة الشعب . و على الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلها ضد مصلحة الشعب . ( ماو تسى تونغ ، " الحكومة الإئتلافية " ، 24 أبريل - نيسان 1945 ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث ). ------------------------------ كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية. ( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
مقدّمة : فى شهر جوان 2014 ، نشر السيد فؤاد النمرى على الأنترنت بموقع الحوار المتمدّن ( العدد 4473 و 4476 و 4484 ) بمحور " أبحاث يسارية و إشتراكية و شيوعية " مقالا فى ثلاث حلقات . وحمل المقال من العناوين عنوانا جذّابا هو " ماوتسى تونغ صمت دهرا و نطق كفرا " فتلقّفه أعداء الماوية و كأنّه عطاء سماوي نزل عليهم بردا و سلاما فأسرع ، على سبيل الذكر لا الحصر ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد بتونس الشهير بإنتهازيته التى فضحنا فى أكثر من مقال و كتاب ، إلى إلصاقه فى صفحة إعلامه الفيسبوكية إلى جانب نصوص سابقة لفرنسيين يهاجمون الماوية ، على أنّها وثائق للتكوين النظري و نحن لا نلومهم فى ذلك لأنّنا نعرف حقّ المعرفة جوهر خطهم الإيديولوجي و السياسي الخوجي المتستّر و لكن نتحدّاهم أن يتحلّوا بالجرأة الأدبية و النظريّة و يضعوا ردّنا هذا بين أيدى المناضلين و المناضلات القريبين منهم و البعيدين عنهم لدراسته أيضا فى ذات إطار التكوين النظري ! و بعد ذلك بزهاء الشهرين ، بنفس موقع الحوار المتمدّن ، نشر السيد عبد الله خليفة مقالا يهاجم فيه الماوية على أنّها إيديولوجيا متطرّفة ( " الماويّة : تطرّف إيديولوجي " ،31 أوت 2014 ). و حالما وقعت أعيننا على المقال الأوّل و المقال الثانى ، إنغمسنا فى قراءتهما على عجل بإعتبارهما يخصّان الماركسيين- اللينينيين – الماويين عموما و يخصّان محور إهتمام نشريّتنا " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة ! " خصوصا . و قد هممنا بالردّ الفوري على التشويهات البيّنة فى المقالين إلاّ أنّنا تريّثنا قليلا لسببين إثنين أوّلهما أنّنا كنّا منكبّين على إنجاز أعمال مبرمجة منذ مدّة و نعدّها ذات أولويّة قصوى و ثانيهما أنّنا بتريّثنا ذلك نفسح المجال لغيرنا من الماويين ليقوموا بواجب الذود عن الماويّة ، سيما و أنّ المهمّة هيّنة نوعا ما نظرا لتوفّر مقالات و كتابات ماويّة بالعربيّة و بعدّة لغات أخرى تزخر بالتحاليل النظرية و الحقائق التاريخية و بعضها قد تناول التشويهات التى يكرّرهما السيدان النمرى و خليفة فى ما حبّراه . و للأسف ، على حدّ علمنا ، ما من قلم ماوي إستجاب لنداء الواجب و خاض الصراع النظري اللازم بهذا المضمار بما هو جبهة من الجبهات الثلاث للنضال البروليتاري كما شرح ذلك لينين فى كتابه المنارة ، " ما العمل ؟ " ( الجبهات الإقتصادية و السياسية و النظرية - فقرة " إنجلس و أهمّية النضال النظري " ) فوجدنا أنفسنا بعد أشهر و بعد أن فرغنا من أعمال إشتغلنا عليها لمدّة طويلة ، مضطرّين إضطرارا إلى أن نترك جانبا الأعمال الأخرى التى تنتظرنا لنلبّى نداء رفع راية الماوية و كشف التشويهات الجديدة / القديمة لها و إبراز الحقيقة بشأنها ، الحقيقة التى هي وحدها الثورية حسب عبارات معروفة للينين . و فى مقالنا الحالى سنتولّى الردّ على تشويهات السيد فؤاد النمرى و نعلنها من البداية أنّنا سنقتصر هنا على ما ورد فى مقاله ( و التعليقات المصاحبة له ) دون سواها من مؤلّفات الكاتب الذى نعتقد أنّ الإحاطة العميقة و الشاملة بخطّه السياسي و الإيديولوجي و من جميع جوانبه تستحقّ قراءة قد تستغرق لا مقالا واحدا بل عدّة مقالات و كتابا أو أكثر ؛ و هذا ليس هدفنا فى الحيّز الزمنى المحدود الذى بحوزتنا الآن ، على أنّ هذا لا يعنى أنّنا لن نتناول بالبحث أطروحاته مستقبلا كلّما توفّرت الفرصة . و لن نكفّ عن ترديد أنّنا فى جدالاتنا قد يكون نقدنا و تعليقنا حادا و لاذعا إلاّ أنّنا أبدا لا نقصد إلى النيل من الأشخاص أو شتمهم بقدر ما نسعى جاهدين إلى نقد الأفكار و لن نكفّ عن ترديد أنّه مثلما لنا حقّ نقد أفكار الكتّاب مهما كانوا ، لهم و لغيرهم حقّ نقد كتاباتنا بل و نرحّب بالنقاش القائم على النقد العلمي و الدقّة و الواقع الملموس الراهن و الوقائع التاريخية. و ينهض مقالنا هذا على الأعمدة التالية : I - هجوم لا مبدئي على الماوية : 1) صورة مشوّهة لماو تسى تونغ : 2) هدف المقال ليس البحث عن الحقيقة الموضوعية و إنّما النيل من الماوية : 3) الماوية و دلالة سنة 1963 : II - النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير لدى فؤاد النمرى : 1- ماوتسى تونغ و النقد و النقد الذاتي : 2) النمرى و ذهنية التكفير : 3) تطبيق قانون التناقض – وحدة الأضداد : III - ملاحظات سريعة بصدد منهج فؤاد النمرى : 1) النمرى لا يطبّق المنهج المادي الجدلي : 2) كلمات عن الذاتية و التكرار وعدم ذكر المراجع : 3) تضارب فى الأفكار من فقرة إلى أخرى و من صفحة إلى أخرى : 4) تصحيح معلومات خاطئة أصلا : - الماوية و الفلاّحون :IV 1) السيد النمرى و الفلاحون : 2) لينين و ستالين و الفلاحون : 3) ماو تسى تونغ والفلاحون : -V الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : فشلت أم حقّقت إنتصارات تاريخية ؟ 1) إنتصارات الثورة الثقافية 2) القيام بالثورة مع دفع الإنتاج : 3) الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية يحتاج عدة ثورات ثقافية بروليتارية كبرى لا ثورة واحدة : 4) كبرى هي الثورة الثقافية لأكثر من سبب : 5) " الأشياء الإشتراكية الجديدة " : VI - نضال ماوتسى تونغ ضد الخروتشوفية : 1) ماو يبادر بدحض التحريفية السوفياتية : 2) اعترافات حزب العمل الألباني بالمواقف الماركسية-اللينينية لماو: VII - " الستالينية " و الماوية : 1) لا " ستالينية " بل لينينيّة : 2) الموقف الماوي من مسألة ستالين منذ 1956 : 3) تطوير ماو تسى تونغ لفهم الإشتراكية : VIII - من الخلافات التاريخية بين ستالين ماو تسى تونغ : 1) حول طريق الثورة فى الصين : 2) الإستسلام و العمل فى ظلّ دولة يحكمها الكيومنتانغ أم مواصلة الثورة ؟ 3) كيف تعامل ستالين و ماو تسى تونغ مع هذه الإختلافات ؟ IX - كيف يسيئ " الستالينيون " / البلاشفة / البلاشفة الجدد الخوجيون فى جوهرهم إلى ستالين ؟ 1- بصدد أخطاء ستالين مجدّدا: 2- ستالين يعترف بأخطائه بشأن الثورة الصينية و البلاشفة / الخوجيون يتمسّكون بهذه الأخطاء: 3- إحلال آراء البلاشفة / الخوجيين محلّ آراء ستالين: 4- البلاشفة / الخوجيون يجعلون من ستالين إنتهازيّا: 5- ستالين رفض " الستالينية " و البلاشفة / الخوجيون يستعملونها : 6- ستالين ألغى نعت " البلشفي" و البلاشفة / الخوجيون يريدون نفخ الحياة فيه : خاتمة : الملاحق : 1- مقال فؤاد النمري " ماو تسى تونغ سكت دهرا و نطق كفرًا " ( و ما صاحبه من تعليقات ). 2- مقالان لماو تسى تونغ باللغة الأنجليزية : أ- " حول كتاب " القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي " ". ب- " ملاحظات نقديّة لكتاب " القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي " ". 3- مضامين " كتاب الإقتصاد السياسي – شنغاي " 1974 ( مرجع هام آخر لمن يتطلّع إلى معرفة الإقتصاد السياسي الماوي من مصدره ، أو إلى النقاش على أسس دقيقة و راسخة ). 4- نماذج من المقالات و الكتب الماوية ضد التحريفية المعاصرة (1958- 1976) ؛ الموسوعة المناهضة للتحريفية على الأنترنت EROL Encyclopedia of Anti-Revisionism On-Line ============================================================= مارس 2015 VII - " الستالينية " و الماوية 1) لا " ستالينية " بل لينينيّة : لقد طفق التحريفيّون السوفيات و أتباعهم عبر العالم ، منذ أواسط خمسينات القرن العشرين ، يستخدمون مصطلح " الستالينية " مرفقينه بعبادة الفرد قصد تشويه سمعة ستالين و إرثه الثوري و النيل منه و بالتالى من تجربة البروليتاريا العالمية . و قد سبقهم فى إستعمال المصطلح نفسه و إن على نطاق أضيق ، التروتسكيون و لذات الغرض . و إنقسمت الحركة الماركسية – اللينينية عقب وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 و إدارة أنور خوجا و حزب العمل الألباني ظهرهما لماو تسى تونغ ، إلى قسمين أساسيين هما الماويّون من جهة و الخوجيون من الجهة الأخرى . و ظلّ الماويّون أوفياء لتجربة الإشتراكية السوفياتية فى جوانبها الصحيحة المضيئة الرئيسية ولستالين الماركسي الكبير الذى قام بأخطاء و للتجربة الماوية فى الصين فى مظاهرها الصحيحة الرئيسية و تعمّقوا فى الدراسات و نقدوا الأخطاء فى التجربتين و سعوا إلى تجاوزها و إنطلقوا مجدّدا فى النضال على كافة الجبهات من اجل تطوير علم الشيوعية و القيام بالثورة و تحطيم الدول القديمة و تشييد دول جديدة تخدم البروليتاريا العالمية و يكون هدفها الشيوعية العالمية . و أوقف الخوجيّون التاريخ عند ستالين أي عند التجربة السوفياتية و بمثالية لا يحسدون عليها أنكروا حقيقة الإشتراكية فى الصين ، أنكروا أن تكون الصين عرفت الإشتراكية أصلا . وأطلقوا أكذوبة أنّ ماو تسى تونغ ليس شيوعيّا و كرّروها فى كافة أنحاء العالم حتّى صدّقوها هم أنفسهم ! ( و النمرى يعيد الكرّة اليوم ) . و منذ ثمانينات القرن الماضى ، أخذ الخوجيّون و إن بتعثّر و تلكّئ يستخدمون مصطلح " الستالينية " مقابل الماوية ليقدّموا أنفسهم على أنّهم ورثة ستالين و فى محاولة منهم لتوظيف ستالين ضد الماوية . و عربيّا ، فى صفوف الحركة الشيوعية العربية ، فى السنوات الأخيرة ، صار صوت الماويين مسموعا و خطّهم متميّزا ، لذلك عاد الخوجيون بتلويناتهم المفضوحة و المتستّرة أو المقنّعة إلى التكتيك القديم لإستعمال ستالين ضد ماو و " الستالينية " ضد الماوية . و نحن كماويين نكرّر الموقف الماركسي - اللينيني - الماوي الصادر منذ الخمسينات ألا وهو أنّه لا وجود لشيء إسمه " ستالينية " و كلّ ما هناك هو لينينة بمعنى أنّ ستالين واصل تطبيق اللينينية بالأساس مرتكبا أخطاء ثانوية و إن كانت أحيانا جدّية و لا يمكن أن نعدّ أنّه أضاف مرحلة جديدة فى علم الشيوعية . فى كتاب شادي الشماوي المشار إليه أعلاه ، " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماوية "، هناك عديد وثائق أحزاب ماوية تشرح بالتفصيل سبب إعتبار الماوية مرحلة جديدة وثالثة و أرقى فى تطوّر علم الشيوعية من الماركسية إلى الماركسية – اللينينية إلى الماركسية – اللينينة – الماوية . لقد طوّر ماو تسى تونغ مثلما يفصّل ذلك كتاب بوب أفاكيان الذى مرّ بنا ذكره كذلك ، " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " أنّ ماو تسى تونغ طوّر الأقسام الثلاثة المكوّنة للماركسية أي الفلسفة والإقتصاد السياسي و الإشتراكية. لذا ندعو الشيوعيين الذين يستعملون مصطلح الستالينية دون وعي تام بكونه خاطئ و ضار ويسيء لستالين نفسه أن يكفّوا عن ذلك كما ندعو المتمسّكين بالمصطلح أن يبيّنوا لنا و لغيرنا ( إن إستطاعوا و لن يستطيعوا إلاّ بقلب الحقائق رأسا على عقب ) كيف طوّر ستالين الأقسام المكوّنة الثلاثة للماركسية ليعتبر مرحلة جديدة مختلفة عن اللينينية ، ثالثة و أرقى . منذ 15 نوفمبر 1956 ، إستخدم ماو تسى تونغ " ما يسمّى بالستالينيّة " رافضا تلك التسمية التى كان التحريفيون السوفيات يروّجون لها . ( أنظروا الوثائق فى النقطة الآتية ) . الحقيقة البسيطة هنا هي أنّه لا وجود ل" ستالينية " ، و " "الستالينية " هي قبل كل شيئ الشيوعية ، الماركسية - اللينينية " ، هذا ما جاء فى وثيقة الحزب الشيوعي الصيني ، فى ديسمبر 1957 ، " مرّة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " . 2) الموقف الماوي من مسألة ستالين منذ 1956 : " مسألة ستالين ليست بالمسألة الهينة ( قبول الكل منطق مثالي ودغمائية و رفض الكل منطق مثالي وتحريفية) ، إنها مسألة تقييم أول تجربة فعلية لدكتاتورية البروليتاريا ، إنها مسألة حيوية فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية ماضيا و حاضرا و مستقبلا. مراكمة المعرفة من أجل تغيير العالم إفراز لإعمال الفكرماركسيّا-لينينيا-ماويا فى التجارب العملية الماضية و القائمة. الممارسة فالنظرية فمعرفة صحة النظرية عبر الممارسة فتلخيص الممارسة فى نظرية أرقي ومن جديد ممارسة أرقي فنظرية أرقي و هكذا دواليك بشكل تصاعدي لولبي .هذه نظرية المعرفة الماركسية. كيف نملك رفع التطور اللولبي للماركسية - اللينينية إذا لم نمارس نظرية المعرفة الماركسية هذه ؟ غير ممكن حصول ذلك إذا غابت ممارسة نظرية المعرفة الماركسية ( " فى الممارسة العملية " لماو تسي تونغ شرح مستفيض للموضوع و تطوير خلاق للماركسية-اللينينية فى هذا المضمار). و حين لا ننظر لممارستنا الماضية لإستخلاص دروس عملية مستقبلية ، نكرّر إقتراف الأخطاء السابقة و نكون تجريبيين فنعتقد أننا نتقدم فى خطانا بينما نحن نراوح مكاننا. تجاه مسألة ستالين ، مثلما فى غيرها من المسائل ، كرّس ماو نظرية المعرفة الماركسية ، أما "الجماعة " و من قبلهم أنور خوجا و التحريفيين السوفيات ( قبول بالكل و رفض الكل ) لم ينجزوا تحليلا جدليا لعهد ستالين . إنهال عليه التحريفيون السوفيات و أتباعهم عالميا شتما و تشويها و عمد الخوجيون إلى الدفاع عنه دفاعا أعمى، فى صوابه و خطئه. طبّق ماو الماركسية-اللينينية و طبّق الآخرون تحريفية أو دغمائية. فى " حول الديالكتيك " أكد لينين أن جوهر الديالكتيك هو وحدة الأضداد أو بكلماته هو:" ازدواج ما هو واحد" و زيادة على تعميق الرؤية الماركسية-اللينينية لقانون التناقض(وحدة الأضداد) فى" فى التناقض " و فى غيرها من مقالاته فى الجدلية ، عمل ماو جهده لتطبيق الجدلية فى أعماله و نشاطاته و من ضمن تطبيقاته الجدلية نجد تطبيقه للجدلية على مسألة ستالين .
يقول ماو تسي تونغ فى الصفحة 367 من المجلد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ( باللغة الفرنسية ) :" فى الواقع ، كل شيء سواء أكان فى الصين أو في الخارج قابل للتحليل ، له مظهر إيجابي و مظهر سلبي . الشيء ذاته بالنسبة لعمل كل مقاطعة ، هنالك نجاحات و نواقص ، و لكل واحد منا أيضا مظهران – ايجابيات و سلبيات و ليس مظهرا واحدا أبدا . نظرية المظهر الواحد و نظرية المظهرين توجدان منذ القدم . تنتمي الأولى إلى الميتافيزيقا و الثانية إلى الديالكتيك." ( التسطير من وضعنا ).
و مثلما لمسنا ، ستالين فى مظهره الرئيسي ماركسي عظيم و في مظهره الثانوي قام بأخطاء جدية و أحيانا خطيرة. و من المعلوم أن الحزب الشيوعي الصيني و ماو قائده ذاته أخضعا أنفسهما للتحليل و دعيا لا الحزبيين فقط بل الجماهير أيضا إلى النهوض بالتحليل للمظهرين للتعلم من ما أثبت الممارسة صحته و ما أثبتت خطله ، للتعلم من الصواب و من الخطاء أيضا !...
أحدث المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفياتي و الهجوم المسعور على ستالين رجة هائلة فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية و أحزابها و منظماتها فرد ماو على طريقة التحريفيين السوفيات المتوخاة من قبل قلة من الشيوعيين الصينيين فى التعامل مع ستالين ، فى نص "خطاب أمام ندوة الكتاب العامين " فى جانفى 1957: "منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي ، بعض الذين قد دافعوا عن ستالين بنشاط ليسوا الآن أقل نشاطا في الهجوم عليه. في رأيي يتخلون عن الماركسية – اللينينية ذلك أنهم لم يقوموا بتحليل المشكل و يجهلون الأخلاق الثورية. الماركسية - اللينينية تعنى التحلي بالأخلاق الثورية للبروليتاريا. سابقا ، قد قاموا بأقصى ما في وسعهم للدفاع عن ستالين إلى حد معه يجب على الأقل، حاليا تقديم بعض الأسباب لتعليل إنقلابهم! لكن دون تقديم أدنى شرح ، يقومون بإلتفاف ب 180 درجة كما لو أنهم لم يدافعوا أبدا عن ستالين ومع ذلك لقد كانوا من أنصاره المتحمسين. مسألة ستالين تهم كافة الحركة الشيوعية العالمية و أحزاب جميع البلدان.
فى ما يتعلق بالمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي، فإن الغالبية الساحقة لكوادر حزبنا يعربون عن غضب تجاهه. و يعتقدون أن السوفيت ذهبوا أبعد من اللازم في نقد ستالين .و هذا شعور طبيعي و رد فعل أخلاقي. غير أن أقلية شرعت في التذبذب ...حين إندلع إعصار في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي ثمة فى الصين نملات خرجت من جحورها . إنها العناصر غير القارة في صفوف الحزب ، إنها تتمايل مع أول فرصة..."
جلي للغاية إذا موقف ماو و كذلك موقف الغالبية الساحقة للماركسيين-اللينينين الصينييين فى تصديهم و منذ البداية لتوجهات التحريفيين السوفيت و أتباعهم عالميا و في الصين أيضا.و قبل جانفى 1957 ، فى نص نقد أولى للمؤتمر العشرين ، فى 5 أفريل 1956 أي شهران و نصف الشهر بعد المؤتمر التحريفي ( وهو تاريخ عظيم الدلالة على نفاذ الرؤية الثورية لدى الشيوعيين الماويين ) فى " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " وقع التعبير عن أنه " علينا إعتبار ستالين من وجهة نظر تاريخية و النهوض بتحليل كامل و مناسب كي نستشف درسا مفيدا. ما هو صواب وما هو خاطئ لدى ستالين شأن يهم الحركة الشيوعية العالمية و يحمل سمة المرحلة."( جان بابى ، الصفحة 22 من " الجدال الكبير الصيني-السوفياتي 1956-1966 "، الطبعة الفرنسية، منشورات برنار غراسي ، باريس).
ومن المناسب هنا أن نعيد ما ذكرناه آنفا :" تدافع اللجنة المركزية لحزبنا على أن مآثر ستالين و أخطائه فى علاقة سبعة إلى ثلاثة و أن ستالين مع ذلك يبقى ماركسيا عظيما " ( ماوتسى تونغ ، أفريل 1956 " حول العشر علاقات الكبرى" ، المجلد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، بالفرنسية).
بينما فهم ماو مسألة ستالين على نحو ماركسي-لينيني صحيح و دعا للإضطلاع بمهمة التقييم العلمي كمهمة جبارة ملقاة على عاتق الحركة الشيوعية العالمية - و شرع من جانبه فى الدراسة و التمحيص- كان التحريفيون السوفيات على موجة أخرى مناقضة تماما.(و كان أنور خوجا يكيل المديح للمؤتمر العشرين على صفحات "البرفدا" بتاريخ 8 نوفمبر 1956 ). كان هم الخروتشوفيين تحطيم ذكرى ستالين و ما يمثله تحطيما كليا.
لقد صوروا ستالين على أنه دموي متحدثين دون إنقطاع عن المحاكمات فحسب و في بلادهم ما قاموا به هو إطلاق سراح بعض المساجين معتبرين أن ما أسموه "إجتثاث الستالينية " قد تم و إنتهى بينما لم يصلحوا من شأن بعض الأخطاء الحقيقية لستالين بل عمقوها فهم تحريفيون . فى الواقع ، كان تهجم التحريفيين على ستالين تمهيدا و غطاءا لتركيز خطهم هم المعادي للثورة على جميع الأصعدة ، إنهم برجوازيون جدد يعملون على إعادة تركيز الرأسمالية و تحطيم كافة منجزات الإشتراكية و الثورة فى ظل لينين و ستالين.
بشجاعة بروليتارية ، إنبرى الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو ليتصدى لمهمة رسمها عن وعي طبقي شيوعي ، مهمة تقييم عمل و نشاط أحد أعظم رموز الشيوعية العالمية فكانت الملاحظات الأولية لماو تتعمق شيئا فشيئا لتنتج ثلاث نصوص ذات بعد تاريخي عالمي حول ستالين ألا وهي " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " ثم " مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " و " حول مسألة ستالين". و لكن قبل عرض أهم ما جاء في هذه الوثائق القيمة و التاريخية ، نتابع بقية ما صاغه ماو حول ستالين في المجلد الخامس الذي منه كنا قد إستشهدنا بمقتطفات آنفا.
بعد شهرين و نيف من المؤتمر العشرين الحزب الشيوعي السوفياتي ، كتب ماو في معرض خطابه "حول العشر علاقات الكبرى" فى أفريل 1956: " أولئك الذين في الاتحاد السوفيتي رفعوا ستالين إلى أعلى القمم ، أخذوا فجأة في رميه أسفل سافلين . عندنا ، هنالك من إقتفوا خطاهم. تدافع اللجنة المركزية لحزبنا عن أن مآثر ستالين و أخطائه فى علاقة سبعة الى ثلاثة و أن ستالين مع ذلك يبقى ماركسيا عظيما. إنه بالاستناد إلى هذا التقييم كتبنا مقال " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا". مثل هذا التقييم صحيح تماما. لقد قام ستالين بعدد معين من الأخطاء فيما يخص الصين . لقد كان وراء مغامرتية " اليسار" لوانغ مينغ، حوالي أواخر الحرب الأهلية الثورية الثانية ، ووراء إنتهازيته اليمينية فى بداية حرب التحرير . في البداية لم يسمح لنا بالقيام بالثورة مؤكدا أن حربا أهلية تهدد بتخريب الأمة الصينية . ثم عندما إندلعت الحرب أبدى شكا حيالنا و عندما كسبنا الحرب شك في أنه انتصار من نوع انتصار تيتو وفى 1949و1950 ، مارس علينا ضغوطا قوية جدا. إلا أننا مع ذلك نعتقد أن مآثر ستالين و أخطاءه في علاقة سبعة إلى ثلاثة .و هذا حكم عادل. في ميادين العلوم الاجتماعية و الماركسية-اللينينية ، سنواصل بانكباب دراسة الأطروحات الصحيحة لستالين".
هذه مقاربة ماو لعمل ستالين، شهران و نصف الشهر إثر المؤتمر العشرين فيها يدحض القائد البروليتاري الصيني النظرة التحريفية السوفياتية منها والصينية التى ظهرت على نطاق محدود فى صفوف الحزب الشيوعي الصيني . و الحكم الأساسي يظل أن ستالين ماركسي عظيم يدرس الماركسيون - اللينينيون الصينيون أعماله و يطبقون ما فيها من أطروحات صحيحة.
فى ذلك التاريخ ، من من القادة الشيوعيين عالميا كان له مثل هذا الموقف الصائب و الجريء ؟ لا أحد سوى الماويين فهم الأثقب رؤية و الأوضح حينذاك و فى ما بعد داخل الحركة الشيوعية العالمية بأسرها . و هذا التقييم موجود فى المجلد الخامس من مؤلفات ماو تسي تونغ المختارة وهو من الوثائق المعتمد فى " هل يمكن..." و الغريب أن " الجماعة " عمدا لم يغضوا الطرف عنه فحسب و إنما إدعوا عكسه أي إدعوا أن ماو تهجم على ستالين و ساير من سموه ب"رفيقهم خروتشاف". إنهم بذلك يغتصبون التاريخ و يفترون على الماوية و الحركة الشيوعية العالمية و هذا منهم مثالية فلسفيا و إسفاف علميا.
و فى السنة عينها ، سنة 1956 و فى شهر أوت تحديدا ، نطق ماو بما يلى ذكره: " كيف نقيم الأخطاء التى إرتكبت فى الاتحاد السوفياتي مثل أخطاء ستالين ؟ هي أخطاء جزئية ، مؤقتة ، هنالك منها ما إمتد، حسب ما يقال ، طوال عشرين سنة لكن ذلك لا يمنع أنها مؤقتة و جزئية و قابلة للإصلاح. التوجه الرئيسي و المظهر المهيمن و الجزء الأعظم لما أنجز فى الاتحاد السوفياتي صحيح . ولدت روسيا اللينينية و بفضل ثورة أكتوبر ، أضحت أول دولة إشتراكية . و قد أنجزت البناء الاشتراكي و إنتصرت على الفاشية و صارت بلدا صناعيا قويا . لنا الكثير نتعلمه منه. لنكن متفقين ، علينا أن نستلهم ما هو متقدم فى تجربته و ليس أبدا ما هو متخلف".
و تكون الأخطاء المرتكبة ، من زاوية الفهم الجدلى العميق للتاريخ "مؤقتة "و"جزئية " و " قابلة للإصلاح " . و أيضا هي مظهر ثانوي فى التجربة الاشتراكية الأولى و يكون الموقف الماوى مدافعا عن ستالين و لصالحه ليس مجاملة له بل لأن الأمر حقيقة تاريخية ملموسة.
و فى خطاب آخر ، خلال الإجتماع الموسع للجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي، فى 15 نوفمبر 1956 ، جاء على لسان ماو " أود أن أقول بعض الكلمات بصدد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي . فى رأيي ، هنالك "سيفان " : واحد هو لينين و الآخر هو ستالين . السيف الذى هو ستالين الروس نبذوه الآن . كوملغا و بعض المجريين إلتقطوه ليضربوا به الاتحاد السوفياتى و لمقاتلة ما يسمى الستالينية . فى عديد بلدان أوروبا ، تنقد الأحزاب الشيوعية أيضا الاتحاد السوفياتي و يقودها فى هذا النقد توغياتي [قائد الحزب الشيوعي الايطالي] . كذلك يستعمل الإمبرياليون هذا السيف لقتل الناس فدُول مثلا رفعه لمدة . هذا السلاح لم تقع إعارته بل وقع نبذه. نحن الصينيون لم ننبذه. أولا ، ندافع عن ستالين و ثانيا ننقد أيضا أخطاءه و لذلك كتبنا مقال " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا". و هكذا عوض تشويه سمعته و تحطيمه كليا كما يفعل البعض ، نتحرك انطلاقا من الواقع.
أما بالنسبة للسيف الذى هو لينين ، ألم ينبذه القادة السوفيات هو الآخر بعض الشيء ؟ في رأيي ، وقع ذلك إلى درجة بعيدة نسبيا.هل لا تزال ثورة أكتوبر دائما صالحة ؟ أيمكن بعد أن تستعمل كنموذج لمختلف البلدان ؟ تقرير خروتشاف للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي يقول إنه من الممكن التوصل إلى السلطة عبر الطريق البرلماني و هذا يعنى أن البلدان الأخرى لن تحتاج بعد الآن إلى إتباع مثال ثورة أكتوبر . حين يفتح هذا الباب على مصراعيه ، فإن اللينينية تكون نبذت بالفعل".
فى 1956 ، كان لماو مثل هذا الفهم الفذ فى عمقه للتحريفية و هجومها الذي لا يطال ستالين و حسب بل يطال لينين و الماركسية - اللينينية ككل و كان له الموقف البروليتاري " أولا ندافع عن ستالين و ثانيا ننقد أيضا أخطاءه" " المؤقتة و الجزئية و القابلة للإصلاح ". ( مقتطفات من العدد 3- جويلية 2011 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " وعنوانه " مسألة ستالين من منظور الماركسية – اللينينية – الماوية " ) و ظلّ ستالين ماركسيّا عظيما قام بأخطاء ! و تتالت الوثائق الخاصة بالصراع الماوي ضد التحريفية السوفياتية مذّاك وصولا إلى محطّة 1963 و كتيّب " حول مسألة ستالين " أين يتواصل و على النطاق العالمي دحض الهجوم التحريفي ضد ستالين و مماّ جاء فى تلك الوثيقة التاريخية بصدد موقف التحريفيين السوفيات وموقف الشيوعيين الماويين : " إنهم لم يقوموا بتحليل تاريخي علمي شامل لحياة ستالين و أعماله ، بل أنكروه إنكارا كليا بدون أي تمييز بين الصواب و الخطأ. و لم يعاملوا ستالين كرفيق بل عاملوه كعدو . إنهم لم يتخذوا أسلوب النقد و النقد الذاتي لتلخيص الخبرة ، بل ألقوا مسؤولية جميع الأخطاء على ستالين و نسبوا اليه " الأخطاء " التى لفقوها عمدا. إنهم لم يعرضوا الحقائق و لم يناقشوا الأمور ، بل شنوا هجمات ديماغوجية شخصية على ستالين بغرض تسميم عقول الناس. لقد شتم خروتشوف ستالين بأنه " قاتل " و "مجرم" و " قاطع طريق" و "مقامر" و "طاغية من نوع إيفان المرعب" و " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" و " غبي " و " أبله " و هلم جرا و بينما نعيد ذكر هذه الألفاظ القذرة الفاحشة الخبيثة مضطرين نخشى أن يوسخ ذلك قلمنا و ورقنا." (الصفحة 10) ...
" لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" ، ألا يعنى ذلك أن الشعب السوفياتي قد عاش ثلاثين سنة طويلة تحت "طغيان" " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي " و لم يعش فى ظل النظام الإشتراكي؟ إن الشعب السوفياتي العظيم و الشعوب الثورية فى العالم أجمع لا توافق بتاتا على هذا الإفتراء!
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "طاغية من نوع إيفان المرعب" ألا يعنى ذلك أن خبرة الحزب الشيوعي السوفياتي العظيم و الشعب السوفياتي العظيم التى توفرت خلال ثلاثين عاما لشعوب العالم قاطبة لم تكن خبرة دكتاتورية البروليتاريا بل خبرة حياة تحت حكم "طاغية " إقطاعي ؟ إن الشعب السوفياتي العظيم و الشيوعيين السوفيات والماركسيين-اللينينيين فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء! "
و غير ذلك من الدفاع عن ستالين و إدانة التحريفيين المعاصرين كثير كثير فى تلك الوثيقة بالذات !
3) تطوير ماو تسى تونغ لفهم الإشتراكية : لأجل شرح دقيق و تفصيلي لهذه القضيّة قد نحتاج عشرات الصفحات و بما أنّ المجال لا يسمح بهذا سنوجز الأفكار فى فقرات قليلة و على من يرنو الغوص فى القضيّة و تفاصيلها دراسة الكتابين المذكورين آنفا . ( كتاب شادى الشماوي و كتاب بوب أفاكيان ). إلى حدّ اليوم ، ليس بوسع " الستالينيين " المنحدرين من الخوجية المتستّرة أو المفضوحة أن يشرحوا لنا شرحا علميّا ضافيا و شافيا الإنقلاب الذى حدث فى الإتحاد السوفياتى و تحوّل لون حزب لينين و ستالين إلى حزب تحريفي و تحوّل دولة البروليتاريا إلى دولة البرجوازية هناك . و السبب بسيط وهو أنّ الحركة الشيوعية العالمية إلى بدايات خمسينات القرن العشرين لم تكن تتوقّع أصلا حدوث مثل هذا الأمر فلم تبحث فى الإمكانية و قاعدتها المادية و لم تقترح طبعا حلولا لمعالجة المشكل الذى لم تشخّصه مطلقا، مشكل تحوّل تلك الإمكانية إلى واقع . فستالين ، فى دستور 1936 لم يتحدّث سوى عن طبقة العمال و طبقة الفلاّحين و عن المثقفين الثوريين كطبقات و فئات مشكّلة للمجتمع السوفياتي و هكذا لا وجود أصلا لبرجوازية قديمة أو جديدة صلب المجتمع السوفياتي و لا صراع طبقي فيه . و كان هذا خطأ فادحا فى فهم ستالين للمجتمع الإشتراكي الذى لا أعداء له بالداخل ، أعداؤه فقط خارجه وهم الرجعية و الإمبريالية العالمية . و من اليسير الآن إدراك أنّ ذلك التحليل الذى لا يزال يدافع عنه " الستالينيوّن " ما هو بمادي و لا هو بجدلي . و عقب تحليل ماو تسى تونغ للتجربة السوفياتية و لصراعات عدّة شهدتها الصين الماوية ذاتها ، عمّق الفهم العلمي المادي الجدلي للإشتراكية و أقرّ أوّل ما أقرّ بحقيقة مادية موضوعية هي تواصل وجود الطبقات ومنها البرجوازية بأشكال قديمة و جديدة و وجود التناقضات الطبقية العدائية و الصراع الطبقي كما أقرّ بالحاجة إلى خوض صراع طبقي واعى للتصدّى إلى إعادة تركيز الرأسمالية و البقاء على الطريق الإشتراكي و قطع أشواط فى المضي نحو الشيوعية و كانت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى الوسيلة و الطريقة الجديدة التى توصّل إليها ماوتسى تونغ و طبّقها و أتت أكلها فى الواقع العملي إنتصارات باهرة طوال عقد من الزمن (1966- 1976) و تقدّم إلى أبعد نقطة بلغتها الإنسانية إلى اليوم فى سيرها نحو الشيوعية . نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ( ثورة داخل الثورة ) هي حجر الزاوية فى تطوير ماو تسى تونغ للإشتراكية و فى الإرتقاء بالماركسية إلى مرحلة جديدة ، ثالثة ، إلى جانب تفاصيل أخرى تخصّ هذا المجال و تطويرات أخرى فى مجال الإقتصاد السياسي و فى مجال الفلسفة أيضا . و بعد وفاة ماو تسى تونغ والإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 ، إنبرى بوب أفاكيان لعقود يقيّم التجارب التاريخية للبروليتاريا العالمية و ينقدها من منظور بروليتاري ثوري فتمكّن إنطلاقا ممّا هو صحيح فى تلك التجارب و من تطبيق خلاّق لعلم الشيوعية من تطوير الخلاصة الجديدة للشيوعية و من نقاطها تطوير فهم المجتمع الإشتراكي و كيفيّة مواصلة الثورة فى ظلّه و قد خضنا فى الموضوع فى مقالات وكتب ألّفناها فى السنوات الماضية . ----------------------------------------------------------------------------------------
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنناقش وثائق أصدرها أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية بمناسبة ا
...
-
نضال ماوتسى تونغ ضد الخروتشوفية ( تشويه فؤاد النمري للماوية
...
-
الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : فشلت أم حقّقت إنتصارات
...
-
الماوية و الفلاّحون ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/4 )
-
ملاحظات سريعة بصدد منهج فؤاد النمرى ( تشويه فؤاد النمري للما
...
-
النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير لدى فؤاد النمرى ( تشوي
...
-
تشويه فؤاد النمري للماوية – ردّ على مقال - ماو تسى تونغ صمت
...
-
مقدّمة كتاب - حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية
-
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية .
-
مقدمة - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! ( عدد 22 / ديسمبر 2
...
-
الإنتخابات فى تونس : مغالطات بالجملة للجماهير الشعبية من الأ
...
-
النقد الماركسي يكشف المزيد من الحقائق الموضوعية عن فرق و أحز
...
-
فرق اليسار التحريفية و إغتيال روح النقد الماركسي الثورية
-
تونس : الإنتخابات و الأوهام البرجوازية و الشيوعيين بلا شيوعي
...
-
الجزء الثاني من كتاب - ضد التحريفية و الدغمائيّة ، من أجل تط
...
-
رفع الراية الماويّة لإسقاطها : المنظّمة الشيوعيّة الماويّة ت
...
-
إلى الماركسيّات والماركسيين الشبّان: ماركسيين ثوريين تريدوا
...
-
الإنتخابات وأوهام الديمقراطية البرجوازية : تصوّروا فوز الجبه
...
-
تشويه الماركسية : كتاب - تونس : الإنتفاضة و الثورة - لصاحبه
...
-
خروتشوفيّة - اليسار - الإصلاحي
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|