أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليمان يوسف يوسف - المسيحيون بين التعريب والتهميش السياسي















المزيد.....

المسيحيون بين التعريب والتهميش السياسي


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1325 - 2005 / 9 / 22 - 11:30
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


بالرغم من أن مسالة الانتماء الإثني أو القومي للشعوب، هي مسالة علمية أنتربولوجية، لكن يبدو أن هذه القضية،كغيرها من القضايا الهامة،تخضع لدى الكثير من القوميين العرب،للرغبات السياسية والعقائد الايديولوجية.فكل شيء لدى هؤلاء قابل للتغيير والتبدل،حتى القضايا العلمية وحقائق التاريخ والجغرافية.في هذا السياق جاء مقال (( المسيحيون العرب عرب)) للكاتب الفلسطيني( رجاء مطر) المنشور في جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 25-8-2005،يرد فيه على مقالاً للدكتور وليد فارس بعنوان(( المسيحيون العرب، من هم)) ويتهمه مع آخرين بالترويج لأفكار شاذة حول المسيحيين العرب واثارة الشكوك بعروبتهم والادعاء باضطهادهم على أيدي المسلمين.ويشكك،رجاء مطر،بوطنية أمثال وليد فارس ويتهمهم بالعمالة لأمريكا واسرائيل ومعاداتهم للعرب والمسلمين.وبما أنني من المهتمين بحقوق وتاريخ هذه الأقليات التي أنا منها،وجدت نفسي معنياً بالجدل الذي يثار من حين لآخر،حول أصل المسيحيين في المنطقة،خاصة وأن مقال السيد (رجاء مطر) يحمل الكثير من المغالطات السياسية والتاريخية، تستدعي الرد والتعليق عليها.
يقول: (( ولدت الصحراء العربية والمناطق المحيطة بها عدداً من القبائل والحضارات: الفينيقيون والسريان والكلدان والآراميون واليهود والكنعانيون...خرجت هذه القبائل،بصورة متواصلة، من الصحراء وانتقلت للإقامة في المناطق الخصبة في الشرق ووادي النيل...)). هكذا يعتبر السيد (رجاء مطر) أن كل هذه الأقوام متحدرة من أصول عربية قدمت من الصحراء العربية،وهذه ليست أكثر من أسطورة أبدع في إخراجها، منظري الايديولوجيا (القومية –الأمة- العربية)، وهي شبيه الى حد كبير بأسطورة ((الخلق)) ( أن كل البشر من آدم وحواء)، فهل يعقل أن المناطق الخصبة ( وادي النيل و وادي الرافدين)كانت خالية من السكان قدم اليها العرب من صحراء قاحلة ؟.لا أعتقد أن أحداً يجادل في أن الفراعنة، ومنهم ينحدر( الأقباط وغالبية شعب مصر)،كانوا في مصر وبنوا أقدم حضارة عرفها وادي النيل، قبل أربعة آلاف عام ق.م، وقد أخذت مصر((egypt اسمها من الأقباط.وكذلك بالنسبة لبلاد الرافدين حيث أقام فيها البابليون والأكاديون والكلدانيون والآشوريون، حضارة عريقة وقديمة قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام ق.م.وكذلك بالنسبة لسكان سوريا الكبرى، التي أخذت اسمها عن (ASSYRIA السريان)، لقد سكنها الكنعانيون والفينيقيون والآراميون، وكانت (دمشق) من أهم (الممالك الآرامية) في القرن العاشر ق.م, وتاريخ حضارة (تدمر) السورية الآرامية خير شاهد على التاريخ الآرامي القديم لسوريا.من دون شك، أن (العروبة )كظاهرة (تاريخية ثقافية)ينضوي تحتها بعض المجموعات،التي استعربت أو تأسلمت،من أقوام وشعوب المنطقة، بفعل التحول والتغيير الذي أصاب بيئتها، السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية،بعد وقوعها تحت الحكم (العربي الاسلامي)،لكن هذا لا يغير من حقيقة أصولها الإثنية والقومية المتميزة عن العرب وعن غير العرب. يقول(أليكسي جورافسكي)- وهو باحث روسي متخصص في تاريخ الشعوب والحضارات- في كتابه( الإسلام والمسيحية) ص178: (( مع الرسوخ السياسي واللاهوتي للدين الإسلامي،وتنامي النزعات والاتجاهات الانتقادية للمسيحية، تحولت الكتل الأساسية لمسيحيي الشرق الأدنى الى الاسلام، أما الذين بقوا أوفياء لدينهم فقد استعربوا عدا الأرمن، الذين لم يخضعوا عملياً للاستعراب، وحافظ على سماتهم الإثنية الخاصة الى حد كبير أو صغير كل من الآشوريين، الأقباط، الموارنة، ولكنهم تكيفوا مع (الواقع العربي – الإسلامي) في الميدان اللغوي، محتفظين بلغاتهم الأصلية القديمة في اطار الليتورجيات الكنسية)).
في مكان آخر من مقاله يقول، السيد(رجاء) : بان العرب المسيحيين كانوا في الشرق الأوسط( مصر، العراق، سوريا وبلاد الشام) قبل ظهور الإسلام. ويضيف: ((لقد تم تعريب ما كان يعرف ببلاد الشام( أو سوريا الكبرى) قبل الإسلام بزمن طويل...))،حقيقة هذه مغالطة تاريخية وسياسية كبيرة لا اساس تاريخي لها، وهي لا تحتاج الى كثير عناء لدحضها،إذ أن أول تواجد عربي في بلاد ما بين النهرين(العراق) ظهر عام 36 هجري أي مع بدء نشر الدعوة الاسلامية، ومن ثم انتقل العرب الى سوريا وبلاد الشام ومصر، وان(السريانية) كانت اللغة السائدة في معظم سوريا الكبرى( بلاد الشام) حتى بدايات القرن التاسع الميلادي، أي بعد ظهور الإسلام بقرنين من الزمن تقريباً.
يختم الأستاذ(رجاء مطر) مقاله بتوجيه النصح للمسيحيين العرب بان يتحلوا بأقصى درجات الوطنية وأن لا يكونوا بيادق في ايدي قوى أجنبية تحاول السيطرة على المنطقة، يقول: (( علينا نحن المسيحيين العرب أن نتجنب ، بأي ثمن كان، اقامة تحالفات مع أي غاز جديد ضد العرب او المسلمين...)) وهنا يضع المسيحيون في دائرة الشك والتشكيك بولائهم لأوطانهم، وهذا اخطر ما في المقال، فهي تهمة ترددها التيارات الإسلامية المتشددة وتروج لها في هذه المرحلة الحساسة، بهدف تأجيج مشاعر المسلمين ضد الوجود الأمريكي والأوربي في المنطقة.والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه القضية: من الذي جلب الأمريكان والأوربيين الى المنطقة (الخليج والعراق وافغانستان)..؟‍.كان الأجدر بالأستاذ رجاء مطر ، ومن اجل بقاء ما تبقى من المسيحيين في دول المنطقة، أن يدافع ليس فقط عن عروبة المسيحيين وإنما عن حقهم وحقوقهم في أوطانهم، وأن ينصح ويطالب قادة هذه الدول وحكوماتها والمسلمين فيها، أن ينصفوا مواطنيهم (المسيحيين)، المهمشين سياسياً، ويقفوا سياسة التمييز العنصري والديني والاجتماعي بحقهم، ويعاملوهم كمواطنين بكامل حقوق المواطنة وليس كـ (رعايا) أو مواطنين- أهل ذمة سياسياً ودينياً-بدرجات أقل من المسلمين،فهذه من الأسباب الأساسية لانحسار (المسيحية) في موطنها الأصلي، في الشرق، وهجرتهم منه، إذا ما زالت جميع دساتير الدول العربية والإسلامية تعتمد قاعدة (تفضيل المسلم على غير المسلم) التي أمر بها (الإسلام).
يبدو جلياً أن قراءات،السيد( رجاء مطر) تستند الى النظرية(الأسطورة) العربية،الطوباوية والرومانسية، في تفسير تاريخ المنطقة،كما أنه يستمد مرجعيته من ذهنية سياسية عربية معطلة، بفعل تخدير الايديولوجيات القومية والدينية التقليدية القائمة على الهيمنة والوصاية على الآخرين وإلغاء وجودهم والتنكر لحقوقهم وصهرهم في بوتقة (العروبة)ضمن مشروعها الامبراطوري الكبير(قومية-أمة – دولة- عربية) واحدة،في حين عجز (القوميون العرب)،وبسبب هذه الذهنية المعطلة، عن خلق علاقة وطنية صحيحة والتأسيس لوحدة وطنية سليمة بين مختلف الشرائح والفئات داخل كل دولة عربية.فبعد نصف قرن من الشعارات القومية والخطابات السياسية الجوفاء، وإذا بالقوميين العرب فجأة يكتشفون أن دولهم مهددة بالانقسام والتفكك، ليس فقط على أساس عرقي أو اثني، وإنما على اساس طائفي ومذهبي وديني ومناطقي.



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزوة مانهاتن والحرب على الإرهاب
- ماذا بقي لحرية الراي في سوريا
- وقفة مع حديث الأسد لمجلة دير شبيغل الألمانية
- نعم ياقداسة البطريرك..زكا
- لا...يا قداسة البطريرك زكا عواص
- الحركة الآشورية السورية بين السلطة والمعارضة
- المستقبل السياسي لمسيحيي سوريا
- لبنان الرسالة يهتز من جديد
- البعث السوري مدد ولايته حتى اشعار آخر
- فوبيا التغيير في سوريا
- تسونامي كردية في القامشلي وغزو عربي لأسواق المدينة
- من يروج لفكر محظور في سوريا
- مخاطر استمرار اختطاف الشيخ الخزنوي في سوريا
- بشار الأسد والفرصة التاريخية
- بداية النهاية لحكم البعث في سوريا
- تركيا الملطخة بدماء الأرمن والآشوريين، هل ستدخل الاتحاد الأو ...
- أنشودة الحياة والحرية في نيسان
- آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو
- الأزمة اللبنانية تحدث تغيراً في خطاب المعارضة السورية
- هل ستحسم الأزمة الراهنة خيارات الشعب اللبناني


المزيد.....




- فيضانات مدمرة تجتاح المنازل وتقتل العشرات في جنوب الصين
- -ظلال السافانا-..لقطات عجيبة للحياة البرية من قلب إفريقيا
- ??مباشر: غالانت في واشنطن ومخاوف متزايدة من صراع أوسع بين حز ...
- مصدر مصري: القاهرة تجدد شرطها بشأن إعادة تشغيل معبر رفح لدخو ...
- سودانيون يروون تفاصيل رحلة الهروب غير الشرعية إلى مصر
- مستشار ترامب السابق يدعو إلى تشديد العقوبات على روسيا دعما ل ...
- روسيا.. ابتكار -أنبوب هوائي- يحاكي ظروف الانفجارات والحرائق ...
- روسيا تختبر درونات -بيرون- المجهزة بصواريخ مضادة للدبابات (ف ...
- لأول مرة.. الحكومة ترد على أزمة قطع الأشجار وتوجه اتهاما
- ارتفاع قتلى هجمات القوقاز إلى 15 شرطيا و4 مدنيين بينهم كاهن ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سليمان يوسف يوسف - المسيحيون بين التعريب والتهميش السياسي