|
يخطأ للمرة الثالثة والعراق يدفع الثمن
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 1325 - 2005 / 9 / 22 - 11:30
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
2005-09-20 ماذا بعد فضيحة الملياري دولار التي اختفت خلال حكم علاوي؟ فإذا كانوا يسرقون ملياري دولار من بلد منهك يستجدي العالم لكي يعيد بناء مدرسة لأطفاله، فما الذي سوف يسرقوه لو استتب لهم الأمر؟ ربما ينبغي علينا أن نخترع ملابس داخلية جديدة غير قابلة للسرقة لكي نكون بمأمن من جلاوزة البعث أن لا يسرقوها هي الأخرى، وربما ينبغي علينا أن نضع أبناءنا ونساءنا في حصون محكمة عالية الأسوار كي لا يبيعوهم بسوق النخاسة، وربما أكثر من ذلك بعد أن يتسلق البعث من جديد على أكتاف الآخرين ويمسك بمقاليد السلطة للمرة الثالثة، فإذا كانوا قد شفطوا ملياري دولار من خلال ثلاثة وزارات فقط والنفط مازال متوقفا، فما الذي سوف يشفطوه مستقبلا بعد أن يعود النفط للتدفق من جديد؟ وإذا كان الدكتور علاوي كان قد وعد الأمريكان خلال آخر سفرة له لأمريكا قبل الانتخابات أن يقدم عقودا للشراكة بالنفط العراقي، فما الذي سوف يقدمه من ثروات العراق لكي يضمن الدعم الأمريكي المتواصل فيما لو وصل على السلطة من جديد، ولو لجزء منها؟ وإذا كان الوفاق قد دس آلاف البعثيين القتلة ضمن صفوف الجيش والقوات المسلحة الجديدة، فما الذي سيفعله في المرحلة القادمة؟ والأدهى والأمر هو أن الحزب الشيوعي العريق يتحالف معهم مرة أخرى بعد أن غدروا به مرتين قبل الآن، ليس لوحده هذه المرة، ولكن جميع الأحزاب والتيارات الديمقراطية والليبرالية التي يمكن أن يكون لها مكانا واعدا تحت الشمس في المستقبل، جميعها سوف يبتلعها البعث هذه المرة من قبل أن تبدأ الوقوف على قدميها، فمن سيبقى للعراق؟ والأسئلة تطول وتكبر، ويكبر الخوف معها ليصبح كابوسا يقض مضاجعنا ويؤرق الجفون. كانت ملياري دولار خلال بضعة أشهر! وما خفي أعظم، فسلام على صدام حسين، وألف سلام، بما سوف نراه من البعث الجديد!!!! نفس السيناريو يعاد من جديد، البعث يرتدي ثوب الديمقراطية الذي نزعه بعد أن أنجز مشروع جبهة الغدر مع الحزب الشيوعي أوائل السبعينات، ووعودا للأمريكان بنفط العراق تحت ستار عقود المشاركة المشبوهة دائما وأبدا، وشلة من الأحزاب، أو بالأحرى، المغفلين الجدد يحيطون به! هكذا يريد البعث أن يعود للسلطة من جديد!! أما نحن سوف نبقى مجرد قطيع كما أراد لنا البعث أن نكون في السابق، أما شلة الأحزاب من المغفلين الجدد سوف تذهب لمحرقة جديدة بعد أن يستتب الأمر للبعث الجديد. أي مستقبل زاهر للديمقراطية في العراق الجديد ينتظرنا!!!!!؟؟؟؟ أما لماذا دعم الأمريكان الدكتور علاوي ومازالوا يقدمون له الدعم المعلن في معظم الأحيان؟! ربما لست بحاجة للإجابة على هذا السؤال، ولكن لابد من ذلك، على الأقل لتحديد مسؤولية الأطراف الأخرى، فإن الأمريكان يجدون بالإسلام السياسي تهديدا حقيقيا لهم خشية أن يكون العراق يوما ما إيران جديد في المنطقة، وهذا يعني الفشل الحقيقي للمشروع الأمريكي، بل الفشل الأبدي لمشروع الديمقراطية في العراق والمنطقة بالكامل، ولا أعتقد أن هناك من يجادل بهذا الأمر في حال تمكن بالفعل الفقيه الولي من مقاليد السلطة في العراق. إذا هو خوف مشروع، ولكن الذي لا يمكن أن نعتبر مشروعا هو البديل، فالبعث بقيادة صدام أو زيد أو عمرو، يبقى هو البعث، لن يتبدل أبدا، ولا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تقنعنا بالعكس، فمجرد النظر للأشهر التي تقلد بها بعثي مقاليد السلطة مع بضعة وزراء بعثيين، حلت الكارثة بالعراق وستبقى آثارها واضحة للعيان على مدى عقود، فما الذي سيفعله البعث لو بقي فترة أطول؟ هذا من جانب، ومن جانب آخر هو أن البديل البعثي، أي حركة الوفاق، كان قد خسر الأرض التي يقف عليها بسبب المستجدات الموضوعية على الساحة السياسية العراقية، فلم يعد الوفاق بتلك القوة التي تستطيع أن تضمن ما يقرب من أربعين صوتا في البرلمان بالانتخابات القادمة كما فعل في السابق. السؤال: إذا لماذا يقام هذه التحالف الذي يبعث الحياة بالوفاق في الوقت الذي يلفظ به أنفاسه الأخيرة؟ للوقوف على حقيقة الوفاق علينا إن نجري مسحا واقعيا لمدى قوته على الساحة العراقية، فبالرغم من الحملة الإعلامية التي قادتها الفضائية العربية والفضائية العراقية وعمليات التزوير في صناديق الانتخابات، كانت قائمة الوفاق قد حصلت على 38 مقعدا فقط في الانتخابات السابقة، موزعة كالآتي: لا يزيد عدد المقاعد التي حصل عليها الوفاق من الأصوات في الجنوب على أربعة مقاعد، كانت بالكامل من بعثيين مجرمين أو بأياد لا لون لها، قيل أنها بيضاء، وكان أكثر من تسعين بالماءة من المقاعد التي حصل عليها الوفاق جاءت من صناديق بغداد والمنطقة الغربية ومناطق شمال بغداد، أي من المناطق التي يقطنها السنة العرب. لكن في الانتخابات القادمة سوف يكون لهذا المكون لعراقي ممثلون من أبناء المنطقة ذاتها، جلهم من الواجهات البعثية، أو كما نسميهم فلول النظام المقبور، أو البعثيين الصداميين كما يسميهم علاوي والمغفلين الديمقراطيين من حوله. هذه الواجهات الصدامية سوف تجبر الناس مسلوبي الإرادة ًأصلا على التصويت لهم، إذ ليس من المعقول أن يمنحوها إلى علاوي، وإن من يشك أن أبناء تلك المنطقة سوف يصوتون تحت تهديد السلاح، فهو يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين. مما تقدم فإن الحجم الحقيقي الذي نتوقعه للوفاق سوف لا يزيد على أربعة إلى خمسة مقاعد فقط، وسوف لن يكون باستطاعته أن يحقق أكثر من ذلك كونه خارج السلطة وإن كان لديه قدرا كبيرا من الأموال، تلك المليارات التي سرقها والتي لا نعرف أين تلاشت، حيث هم فقط من يعرف أين استقر كنز علاء الدين، وفي أي مغارة من مغارات العالم الفسيح. إذا كانت المرجعية الدينية في النجف الأشرف قد دعمت فعلا الأحزاب الإسلامية خلال الانتخابات الماضية مما زاد من حجمها الحقيقي، لكن في الواقع كان هناك حجما لا يستهان به من أصوات العلمانيين الليبراليين في مناطق العراق المختلفة، كانت قد منحت أصواتها لذات الأحزاب الإسلامية، ولكن ليس كاستجابة لدعم المرجعيات الدينية، وإنما خوفا من عودة البعث للسلطة من خلال الوفاق، كان يجب أن تذهب تلك الأصوات للقوائم ذات الطبيعة الليبرالية والديمقراطية، لكن، وبصراحة مطلقة كان الكثير منهم يعلن، أنه قد فقد الثقة بهذه الكيانات السياسية وهناك دائما خشية كبيرة أنها سوف تتحالف مع البعثيين أو ورثتهم، وها هي نبوءتهم تتحقق، ويتحالف الحزب الشيوعي للمرة الثالثة مع وريث البعث، أو البعث نفسه، لا فرق، بالرغم من أن الوريث لم يعد يملك شيئا يذكر ولا وزن له في المرحلة القادمة يحسب له حساب، لأن البعث الأصيل سوف يكون ممثلا بكيانات سوف تملئ الساحة الانتخابية. كنت مدافعا وقتها عن قائمة إتحاد الشعب، وأعي إن تخوف الليبراليين واليساريين لا أساس له على أرض الواقع، لكن للحقيقة والتاريخ، هو أن الحق، كل الحق، كان بجانب من منح صوته للشمعة خوفا من خطأ جديد للحزب الشيوعي، وذلك لكثرة أخطاءه في اختيار الحلفاء، ولا أخفي على القارئ سرا أني سوف أمنح صوتي في المرة القادمة لأي جهة تضمن عدم وصول البعث للسلطة من جديد، وإذا لم أستطع التعرف على هذه الجهة، سوف تكون ورقتي بيضاء. كانت المرجعية الدينية في النجف لا تنوي تقديم الدعم لأي من الجهات التي سوف تدخل في الانتخابات القادمة بعد أن كثر الحديث والانتقاد لهذا الدعم في الانتخابات السابقة، وبعد أن تيقنت من هذا القرار، سارعت الكتلة الإسلامية الشيعية في البرلمان إلى تبديل قانون الانتخابات لكي تضمن لنفسها أكبر عدد ممكن من الممثلين في الجمعية الوطنية وتحافظ بذلك على بعض من وزنها الذي تتمتع به حاليا، لكن بعد أن تم عقد هذا التحالف الجديد الذي سمي بالتحالف الديمقراطي بقيادة الدكتور علاوي، عادت الأوساط الدينية في النجف تناقش من جديد مسألة ضرورة تقديم الدعم الكاريزمي من قبل المرجعية الدينية للأحزاب الإسلامية من جديد، بل والأكثر من ذلك، هو أن هذا التيار بقيادته وطروحاته ومواقفه المعلنة، قد قدم الدليل الأكثر من مقنع للمرجعية الدينية أن تتدخل من أجل إنقاذ العراق، وأن مستقبلا أسود ينتظرنا بعد أن تتحد أطراف البعث الجديد والقديم مع بعضها البعض، فإنها بلا أدنى شك سوف تتمكن من السيطرة على مفاصل السلطة الجديدة لمدة أربع سنوات متواصلة بدعم أمريكي أكيد، وهي التي تمتلك كل الإمكانيات والقوة التي نراها على أرض الواقع هذه الأيام، فإن البعثيين سوف يعيدوا السيطرة على السلطة فعلا بظرف سنة أو أقل، ولكن هذه المرة، سوف تكون أيام صدام ملهاة بالنسبة لنا، وسف نترحم على تلك الأيام حقا. لكن الحديث الذي خرج عن طور الهمس في المجالس الدينية والشعبية العراقية والتي تجمع على ضرورة تقديم الدعم مرة أخرى، لابد سوف يثني المرجعية عن قرارها، إذ بغير هذا الدعم، فإن العراق مقبل على كارثة رهيبة بعود خبيث لبعث خبيث، ما لم تتراجع هذه الأحزاب عن تحالفها مع حركة النفاق البعثية، وتمنحنا الفرصة لنأخذ أنفاسا أخرى من هواء الحرية، أما لو استمرت هذه الأحزاب والكيانات السياسية التي تحالفت مع البعث العلاوي بغيها، ومضت بهذا التحالف حتى النهاية، فإن الطاولة سوف تقلب عليهم وسوف يخرجوا بخفي حنين بلا أصوات ولا تاريخ، لأن الشعب مازال يخشى عودة البعث كما يخشى الأخطاء القاتلة لممثليه، مع الأسف الشديد.
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا لا أدين الحيوانات المفخخة
-
مهمات أمام القوى الديمقراطية في العراق
-
الدستور وثيقة توحد العراق وليس العكس
-
النفط في الدستور- عدالة التوزيع وأداة لوحدة الوطن
-
النفاق البعثي وسجية الأعراب
-
الأهداف الحقيقية وراء رفض النظام الفدرالي
-
لا تقتلوا الشهداء مرة ثانية، فمنْ قتلهم هو البعث
-
دستور أم غابة دستورية؟
-
إنا أهديناك النجدين ......
-
النفط في الدستور- حل ربما يرضي الجميع
-
الهوية العراقية في مسودة الدستور
-
محاولة تغيير قانون الانتخابات في خمس دقائق
-
يا وزير الكهرباء، المشكلة لها جوانب اجتماعية أخرى
-
العملية السياسية البديلة، حقيقة أم هواجس
-
الزعيم عبد الكريم قاسم والعراق ضحايا لعبد الناصر
-
متى سيأتينا يوما بلا صدام؟
-
رد على مقال المهندس ساهر عريبي حول الطاقة المتجددة
-
لماذا قتلت المقاومة اللقيطة ماهر الشريف
-
يجب أن تعود الحكومة إلى موقع الهجوم
-
وشهد شاهد من أهلها، لا مفاوضات ولا هم يحزنون
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|