|
الحشيش بديلا عن القات في اليمن – رؤية إقتصادية وصحية - جزء أول
سامي القسيمي
الحوار المتمدن-العدد: 4758 - 2015 / 3 / 25 - 22:08
المحور:
الادارة و الاقتصاد
هدف المقالة عمل مقارنة بين مخدر القات والحشيش (القنّب) وانتشاره في الشعب اليمني خاصة وأيهما أفضل إقتصاديا وصحيا على الفرد والمجتمع اليمني ككل وعلى الدولة من جهة أخرى واختيار البديل فإما القات أو الحشيش!.لأننا في شعب مدمن بالفطرة فلانستطيع منعه البتة ولكن نجد حل وبديل أفضل والذي يصب في صالح المجتمع والدولة .
مقدمة مهمة عندما رأيت القات لأول مرة في بلدي اليمن وكنت حينها طفلا لا أتعدى العشر سنوات أنتابني شعور غريب لهذه الورقة الغريبة التي تشبه أوراق الشجر ويتناولها الناس في بلدي اليمن بكثرة وكل يوم ومن كل أفراد الشعب صغيرا وكبيرا ذكرا وأنثى فقيرا أوغنيا. ياترى ماهذه الشجرة المقدسة في بلادي والتي أشبة بإله يعبدونه ؟! فلولا القات هذا لايستطيع الطالب أن يذاكر دروسه ولايستطيع العامل أن يتم عمله ولايستطيع الزوج أن يعيش بين زوجته وأفراد عائلته إلا وهم يمضغون القات على بكرة أبيهم . رغم أن بلدي اليمن من الدول المحافظة جدا ودستورها مبني على الإسلام فهي تحرّم شرب الخمر ولحم الخنزير وتحرم كل أنواع المخدرات وأشكالها إلا هذا الشجرة والتي صدر إستفتاء بتحليلها! كيف ولماذا ؟ لأن شيوخنا يمضغونها ليفتوا على الشعب ويحللوا ويحرموا فبعد كتب القتل والدين والبخاري ومسلم .. الخ أتوا لنا بكيف جديد وهو القات شيخ إسلامي يحلل القات لأنه يمضغه ويقنع نفسه والشعب أنه ليس مخدّر ولايعد من المخدرات وليس مسكر ولايؤثر في شيئ فقليله لايسكر! فإذن لماذا ياصديقي الشيخ المفتي يامفتي الديار تمضغه كل يوم وفي وكل مجلس أيها المحترم ؟! بسبب هذا القات أدى إلى قتل شجرة البن اليمنية والتي كانت أول الدول المنتجة والمصدرة له بسبب هذا القات أستنزفت المياه بسبب هذا القات زادت الأمراض بين الشعب وبسببه نسوا حقوقهم وظلوا في سبات إلى يوم هذا. سأكتفي بهذه المقدمة البسيطة وأعرض بعض سطور عن هذه الشجرة وتأثيرها من جميع النواحي ومقارنتها مع مخدر الحشيش أو القنّب.
أولا:النبتة المخدرة الأولى: القات القات (الإسم العلمي: Catha Edulis) هو أحد النباتات المزهرة التي تنبت في شرق أفريقيا و اليمن . تحتوي نبتة القات على مينوامين شبه قلوي يدعى الكاثينون وهو شبيه بأمفيتامين منشط وهو مسبب لإنعدام الشهية وحالة من النشاط الزائد صنفته منظمة الصحة العالمية كعقار ضار من الممكن أن يتسبب في حالة خفيفة أو متوسطة من الإدمان (أقل من الكحوليات والتبغ)[1]. القات ممنوع في أغلب دول العالم ، ويشتهر تعاطيه في بلدي اليمن بكثرة . الوصف القات شجيرة بطيئة النمو يبلغ متوسط طولها ما بين 1.4 و 3.1 أمتار حسب المنطقة ونسبة هطول الأمطار ويبلغ طول ورقة مستديمة الخضرة قرابة 5 ـ 10 سنتيمتر. تاريخ القات ذكر المؤلف الإغريقي هومر بأن الإسكندر الأكبر قد أمر جيشه باستعمال القات للعلاج من الوباء الذي إجتاح الجيش ، كما أن المؤلف نجيب الدين السمرقندي ذكر في كتاب الأقربازين الذي طبع عام 1237م وجوده في اليمن واستعماله كعلاج للكآبة والحزن (والكتاب منقول عن المخطوطة رقم 134 الموجودة بالمكتبة الوطنية في باريس) وتحدث المقريزي (1364 – 1442م) عن وجود القات في بلاد الصومال. كما ذكر المؤلف روشيه دي هيريكورت أنه تم إدخال القات إلى اليمن من أثيوبيا في عام 1429م بينما تحدث شهاب الدين أحمد بن عبد القادر وهو من منطقة جازان بالمملكة العربية السعودية من مواليد (1580م) في كتابه فتوح الحبشة عن استعمال القات في اليمن وأنه زرع على يد على بن عمر الشادلي عام 1424م،كما تشير بعض المصادر إلى أن القات دخل اليمن قبل الإسلام عندما غزى الأحباش اليمن. وأول عالم نباتي أعطى وصفا للقات هو العالم السويدي بي فورسكال الذي دعاه كاتاأديوليس ، وقد تم نشر وصفه بعد وفاته في الفلورا العربية المصرية وقد سمي النبات كاتا أديوليس فورسكال تخليداً لذكرى هذا العالم.
آثار القات الاقتصادية على الفرد والمجتمع 1- كانت اليمن من أشهر الدول المصدرة للبن ويُعتبر البن اليماني من أجود أنواعه على الإطلاق[2]،فالقات أدى إلى قتل شجرة البن. 2- ويستهلك قرابة 40% من مياه الري خاصة وأن محصول البلاد من المياه ضئيل أصلاً [3] وكل حزمة تكلف حوالي 500 لتر من الماء. 3- يقول العلماء أن هذا الإستنزاف للماء سيجعل صنعاء أول عاصمة في العالم تجف فيها المياه تماما.[4]. 4- القات يشكل خطر اقتصادي قاتل فالقات يؤثر على سير الأعمال في اليمن فرغم البطالة المرتفعة بين الشباب، إلا أن الموظفين منهم لا يقضون سوى بضع ساعات في الصباح لأعمالهم وفي الساعة الثانية عشرة ظهراً تقريبا تتوقف عجلة العمل في اليمن وينحسر النشاط في صنعاء إلى بدايات المساء وفق تقرير مجلة النيويوركر الأمريكية التي وصفت الرئيس السابق علي عبد الله صالح بـ"المحظوظ" بسبب هذه العادة الاجتماعية. 5- كثير من الأراضي الزراعية الصالحة لزراعة الفواكة والخضار أقتطعت لزراعة القات للمدخول الكبير الذي ينتج عن تجارته ومعظمهم من مشايخ القبائل المتنفذين بالذات في المرتفعات الجبلية المسلحة والمقربين من الرئيس السابق علي عبد الله صالح يكادون يعتمدون اعتماد شبه كلي على تجارة هذه النبتة. 6- لم تبذل الحكومة جهداً يذكر لمكافحة استخدامها لإن الضرائب المفروضة أصلاً لاتجد طريقها إلى خزانة الدولة بل إلى هولاء المسؤولين وفق تقرير مؤسسة جيمس تاون الأمريكية [5]. 7- في "فيلم وثائقي" بطابع دعائي من إنتاج مجموعة إم بي سي تصف فيه صالح بـ"باني اليمن ومغيرها من حال إلى حال"، أخبر علي عبد الله صالح الإعلامية نيكول تنوري أن القات مثل الشاي [6] ،ومدخول تجارة القات يقارب 12 مليون دولار يومياً [7] . 8- كان الاقتصاد اليمني عبر العصور يحقق الاكتفاء الذاتي ولم يستورد اليمنيين طعامهم أبداً، الآن حوالي 80% من الغذاء مستورد [2]. 9- أدرجت منظمة الصحة العالمية القات عام 1973 ضمن قائمة المواد المخدرة، بعدما أثبتت أبحاث المنظمة التي استمرت ست سنوات احتواء نبتة القات على مادتي نوربسيدو فيدرين والكاثين المشابهتين في تأثيرهما للأمفيتامينات. [8]. 10- في عام 2009، تم استخدام مليار لتر من الديزل لضخ المياه لأغراض زراعية وقدرت الحكومة مقدار ماصرفته لإستنسزاف مواردها المائية بنفسها بقرابة 700 مليون دولار [9]، ومرد مشكلة المياه في اليمن هو تخزين القات إذ تحتاج هذه الشجيرة مياها أكثر من باقي الأشجار وزيادة الطلب عليها يدفع المزارعين والتجار إلى مضاعفة إنتاجهم. 11- يسبب تعاطي القات إرتباكات مالية في الأسر التي بها أفراد مدمنون ينفقون على تعاطي القات جزءاً غير قليل من دخلهم ، وقد يستدين بعضهم , وما أن يسدد إلا ويستدين مرة أخرى , مما يجعله في حالة فقر مستمر, مما يحثهم على ارتكاب الجرائم لتغطية النفقات الضرورية. 12- يؤدي تعاطي القات إلى مفاسد إجتماعية , بسبب ما تكلفه هذه العادة السيئة من أموال تجبر المستهلك على كسب المزيد من المال ليرضي رغبته، والغاية عنده تبرر الوسيلة ، فلا مانع من استغلال مركزه الوظيفي في الحصول على الرشوة , وتقديم الخدمة لمن لا يستحقها , مقابل مبلغ من المال أو دعوة إلى مجلس قات مقابل هذه الخدمة التي تقدم لمن قد لا يستحقها. 13- القات سبب رئيسي في صعوبة التبول والإفرازات المنوية الغير إرادية بعد التبول وفي أثناء المضغ وذلك لتأثير القات على البروستات والحويصلة المنوية وما يحدثه مـن إحـتقان وتقلص مما يساعد على تضخم البروستات ويؤدي ذلك إلى الضعف الجنسي. 14- وأظهرت دراسة حديثة حول الزراعة أن القات سبب من أسباب إرتفاع أسعار المحاصيل الزراعية في اليمن. 15- وعزت أسباب تراجع المساحات الزراعية للمحاصيل النقدية إلى عوامل انتقائية من خلال إتجاه المزراعين صوب زراعة أشجار القات للحصول على عائدات مالية كبيرة. 16- أعتبرت القات خطرا حقيقيا على الرقعة الزراعية، وحسب الدراسة فإن هناك مؤشرات لتراجع زراعة البن في اليمن بشكل ملحوظ، خلال السنوات الخمس الماضية بسبب القات، حيث زاد إنتاج القات ومساحاته المزروعة خلال العقود الثلاثة الأخيرة بـ 18 ضعفا، فارتفعت من سبعة آلاف هكتار في عام 1970 إلى 127 هكتاراً في عام 2005 م أي ما يساوي 25 % من الأراضي الزراعية المروية.
آثاره الصحية يحتوي القات على منشطات ذهنية تزيد من حالة النشاط تستمر لساعة ونصف أو ثلاث ساعات ويؤدي: 1- سرعان مايراود الخمول الجسد ويدفعه للمزيد من تلك النبتة. [10] . 2- ارتفاع ضغط الدم واحتشاء عضلة القلب ومضغه لساعات طويلة سبب في نوبات قلبية مفاجئة .[11] . 3- سبب رئيسي في انعدام الشهية والأورام الخبيثة في الفم .[12] . 4- لا يرتبط القات بمشاكل في قرحة المعدة والمرئ ولكنه عامل مساعد إذا ماترافق مع التدخين [13]. 5- الشخص الذي يتعاطى القات بشكل مستمر يمضغ مع القات سنويا ما يعادل 6 كيلوجرامات من المبيدات الموجودة في أوراق القات. 6- أكد أستاذ سمية المبيدات وتلوث البيئة بجامعة صنعاء الدكتور عبد الرحمن ثابت أن القات سبب رئيسي لظهور كثير من الأمراض السرطانية والخطيرة، لافتا إلى أن أعشاب القات لاتخلو من المبيدات حتى بعد غسلها بالماء جيدا لأن المبيدات تتخزن داخل نبته القات نفسها وبالتالي فهي أحد مكوناته الأساسية ولهذا فالإقلاع عن مضغ القات هول الحل الأمثل للوقاية من الأمراض. 7- تؤدي إلى تدمير وتلف الأسنان وممكن أن يؤدي على المدى الطويل لسرطان الفم. 8- مظهر فم المتعاطي الذي يثير الإشمئزاز عند مضغ القات وظهور عصارة ورقة القات الخضراء في كل فمه وبين أسنانه ورائحته كذلك.
طرق التعاطي يضع المتعاطي أوراق القات في فمه ثم يقوم بمضغها وتخزنيها في أحد شدقيه ويمتصها ببطء عن طريق الشعيرات الدموية في الفم، أو يبتلع المتعاطي عصيرها مع قليل من الماء أو المشروبات الغازية بين الحين والآخر. تستمر العملية هذه لساعات طويلة، حيث يبدأ المضغ "التخزين" في اليمن بعد تناول طعام الغداء الذي يكون غالباً بين الواحدة والثانية ظهراً إلى قبيل غروب الشمس، ثم يعاود بعضهم التعاطي مرة أخرى حتى ساعة متأخرة من الليل. يصاحب تخزين القات تدخين المداعة أو الشيشة بصورة جماعية في غرف يطلق عليها في اليمن "دواوين" وتكون نوافذها مغلقة لإعتفاد المتعاطين أن الهواء الداخل من النواقذ قد يسبب لهم الصداع وقد يعكر الجو الذي يعيشونه، وفي بعض الدواوين يتكاثر في أجوائها سحب دخان السجائر الكثيفة .
متطلبات زراعة القات 1- تحتاج إلى مساحة أراضي شاسعة. 2- تحتاج إلى ملايين اللترات من المياه (800 مليون متر مكعب في السنة) مما أدى إلى إستنزاف المياة الجوفية وأصبحت صنعاء وبعض المناطق الشمالية مهددة بالجفاف. 3- تحتاج إلى حرّاس لأراضي القات من السرقة. 4-تحتاج إلى وقت طويل للنمو بشكل جيد 5- مبيدات القات والمواد الكيميائية المستخدمة لنموه بشكل سريع وذو ساق طويل وورقة حمراء.
القات والقانون أما في اليمن فقد صدرت عدة قرارات حكومية بين عامي 1972 و 1976 تمنع زراعته أو تعاطيه لكن مصير تلك القرارات كان الفشل، حيث لا توجد آلية فعالة لتنفيذها.
الجانب الديني [14] [15] [16] الصنف الأول: من نُسِبَ إليه إباحة أكل القات 1- العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني ، فقد أورد صاحب كتاب: ( موقف الفقهاء من القات) إسمه ضمن أسماء الفقهاء المبيحين لتعاطي القات ص29. وأشار إلى أنه استقى ذلك من صاحب كتاب: ( القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي). ولما عاد الباحث إلى المرجع المشار إليه وجد أن ذلك من كلام الشيخ اليمني: محمد بن يحيى المطهر، وأن هذا الشيخ قد نسب للعلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني قول الإمام الشوكاني في رسالته: ( البحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتر): (( وأما القات فقد أكلت منه أنواعاً مختلفة ، وأكثرتُ منها ، فلم أجد لذلك أثراً في تفتير ولا تخدير ولا تغيير )). فالرسالة للعلامة الشوكاني ، والكلام له ، وليس للصنعاني. 2- الإمام المهدي عبد الله العباس ، والذي عاش في حدود القرن الثاني عشر الهجري فقد ذكره صاحب كتاب: ( موقف الفقهاء من القات) مع المبيحين. والحقيقة: أنه منع القات وأتلف مغارسه ، ونادى في مدينة صنعاء بالتحريج على مستعمليه. وهذا قد ثبت عنه ، ولكن زعموا أن أحد العلماء لم يعمل بفتواه! ، ولم يستجب لأمره!!، وكان يغرس القات في داره ويتعاطاه ، فلما إكتشفه الإمام ، أكّد له أنه يستعين بالقات على التأليف في العلوم المختلفة!! ، فتراجع الإمام عن قراره ونادى في الناس بإباحة غرس القات واستعماله.
الصنف الثاني: الذين أباحوا أكل القات بضابط عدم حصول الضرر أو الأثر على المتعاطي الشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني والشيخ العلامة محمد بن إسماعيل العمراني . فهما يبيحان أكل القات ولكن ليس مطلقاً ، وإنما بضوابط. فأصحاب هذا الصنف يبيحون أصل التعاطي بضابط عدم حصول أي أثر أو ضرر على آكله ؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة ، فإذا ترتب على أكله أثر أو ضرر فإنه يحرم بموجب ذلك. يقول العلامة الشوكاني : (( وأما القات فقد أكلت منه أنواعاً مختلفة وأكثرتُ منها فلم أجد لذلك أثراً في تفتير ولا تخدير ولا تغيير...)) إلى أن يقول: (( وبالجملة إذا كان بعض أنواعه تبلغ إلى حدِّ السّكر أو التفتير من الأنواع التي لا نعرفها توجّه الحكم بتحريم ذلك النوع بخصوصه ، وهكذا إذا كان يضر بعض الطباع من دون إسكار وتفتير حَرُمَ لإضراره ، وإلا فالأصل الحل كما يدل على ذلك عمومات القرآن والسنّة..)).
الصنف الثالث: الذين أباحوا أكل القات مطلقاً فبعضهم عدّه من الوسائل المعينة على العبادة والعمل ، وشحذ الفكر ، ودقة الفهم ، وتفتح الذهن!!...إلخ ؛ ووصل بعضهم إلى القول: إن تعاطيه في بعض الحالات يكون مستحباً ومندوباً إذا كان وسيلة إلى طاعة ؛ لأن للوسائل حكم المقاصد. وبعضهم وصفه بأوصاف تقارب أوصاف وخصائص المسكر في بعض درجاته. ومنهم من أباح أكل القات ، ومع ذلك نفى أن يكون من متعاطيه ، ونصح بعدم قضاء الأوقات في تعاطيه كالشيخ عبد الله بن علي الصديقي فقد قال: (( ومع ذلك فإني لست من أهله الذين عكفوا عليه في يومه وليله ، وقد أكلته استنكاراً لمن قال إنه مفتر لعصبه ، فما تصور لي ذلك ، بل وجدته منبهاً للعصب... إلى أن يقول: (( فلا ينبغي للعاقل أن يستغرق أوقاته في استعماله ، ويذهب بنفيس عمره في لهوه وأهواله فيحول بينه وبين ذكر مولاه بجوارحه ولسانه ، ويجعله من مهمات شانه ، كما هو دأب مستعمليه من العامة غالباً والعاكفين عليه ، والمنفقين لأموالهم فيه ، فإن ذلك ليس من دأب السائرين إلى الله تعالى...)) . وبعضهم تجاهل أضرار القات وآثاره المختلفة ، فأباحه باعتبار أنه ليس مسكراً ولا مخدراً، ولا مفتراً ؛ معتقداً أن العلماء الذين حرموه إنما حرموه لأنه مسكر ومخدر فقط!. وهؤلاء هم الذين ردّوا على فتوى علماء المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات عام 1402هـ بالمدينة المنورة. كذلك قول محمد بن سعيد بن كبن الطبري المتوفى سنة 842 هجريةـ : (( المشاهد من أحوال آكليه أنه يحدث لهم روحنة وطيب وقت... )). وقول أحمد بن عمر المزجَّد المتوفى سنة931هـ : ((...وإنما يحصل به نشاط وروحنة وطيب خاطر...)). وقول أحمد بن الطيب الطبنداوي المتوفى سنة 948هـ: (( وإنما فيهما نشأة وتقوية وطيب وقت... )) . فحاصل هذا الكلام أنه يحصل لمتعاطي القات نشاط وروحنة ( لذَّة ) ، وطرب وسرور (طيب خاطر.. وطيب وقت ) ، ونشأة ( نشوة )، فيسلو بذلك عن الهموم والأحزان مدة مؤقتة. وهذه الأوصاف هي أقرب ما تكون إلى وصف المسكر وخصائصه ولو في مقدماته أو بعض درجاته. فالنشأة والنشوة بمعنى واحد.
الصنف الرابع: من عدَّ أكل القات فضيلة ووسيلة من وسائل فهم الخالق والكون وهم الصوفية كالشيخ علي بن عمر الشاذلي ، والشيخ عبد الهادي السودي ، وبعض علماء الزيدية كالشيخ عبد الله بن يحيى شرف الدين ، وأخوه علي بن يحيى شرف الدين ، وهؤلاء بمنهجهم هذا ، وغلوهم في شأن القات قد خالفوا منهج أهل السنة والجماعة. 1- الشيخ الصوفي عمر بن علي الشاذلي المتوفى سنة 821 هجرية: (( يرى إباحة تعاطي القات، وإن تعاطى الإنسان مع القات الدخان فهو أفضل ؛ لأن برودة القات تناسبها حرارة الدخان ، فالحرارة والبرودة ضدان ، والضدان فقط لا يجتمعان بينهما برزخ لا يبغيان ، فالجمع بين القات والدخان أفضل...)) . وهذا الشيخ من كبار المتصوفة ، استوطن المخا وكانت له بها زاوية ، والطريقة الشاذلية معروف أنها من الطرق الصوفية ، ومما ذكر عنه قوله: سمعت بعض أولياء الكشف يقول: (( القات مكتوب على ورقه اسم الله الأعظم!!، فهذا سر مكتوم ، وعند أهله معلوم )) .ويزعم أن القات نزل من الجنة! ، وأن الخضر أتى به إلى الحبشة فأكل منه النجاشي فآمن قبل البعثة!! . 2- الشيخ محمد بن سعيد بن كبن الطبري المتوفى سنة 842هجرية: وقد أفتى بجواز تناول القات ، وقال: (( المشاهد من أحوال آكليه أنه يحدث لهم روحنة وطيب وقت ، وتقوية على الأعمال ، ولا يحدث لهم إسكاراً ولا تخبيلاً ولا تخديراً )). 3- الشيخ أحمد بن عمر المُزَجَّد المرادي السيفي المتوفى سنة 931هجرية: كان يقول بتحريم القات ، ثم إنه اختبره بأكل شيء منه ، فلما لم يؤثر فيه شيئاً من أسباب التحريم أفتى بحلّه . فقال: (( وأما القات والكفتة فما أظنه يغير العقل ، ولا يصد عن الطاعة ، وإنما يحصل به نشاط وروحنة وطيب خاطر ، ولا ينشأ عنه ضرر، بل ربما كان معونة على زيادة العمل ، فيتجه أن له حكمه ، فإن كان العمل طاعة فتناوله طاعة ، أو مباحاً فتناوله مباح ، فإن للوسائل حكم المقاصد )). 4- الشيخ عبد الهادي السودي المتوفى 932ه: أما هذا الشيخ فقد كان صوفياًّ يمدح القات مدحاً زائداً يصل إلى درجة الغلو في القات وتقديسه! ، ومن يعرف مكانة القات في الفكر الصوفي المنحرف ، يعلم أنهم يعدّونه هبة ومنحة مقدسة من الله عز وجل ! للأتقياء العارفين!!.. ومما قال في القات: القات يجلب للأرواح أفراحا ... ويورث القلب تنويراً وإصلاحا ويشرح الصدر من همٍ ومن نكدٍ ... حتى يعود بُعَيد الهم مرتاحا لأجل ذلك حثَّ الأولياء على ... دوام مأكله نصاًّ وإيضاحا هو المعين على الأعمال أجمعها ... هو المعيد لليل الهمّ إصباحا هذا وكم فيه من نفع لآكله ... دنيا وديناً فكن للقات مدَّاحا وفي قصيدة أخرى: عجيب لشخص ليس يعرف اسمه ... يُحَرِّمْهُ جهلاً بغير دلالاتِ بأي كتاب أم بأية سنة ؟ ... يقول حرام قوت أهل الكراماتِ ومعشوق سادات كرام أئمة ... رقوا وارتقوا أعلا العلا بالعناياتِ وصفَّاهم مولاهم واجتباهم ... أتانا ببرهان جلي المحجَّاتِ وإلا فإن الصمت للجهل ساتر ... وليس إلى فوق الخنى من ضروراتِ ولا سيما في دين شرع محمد ... ولكن شؤم الجهل داعي الفضيحاتِ 5- الشيخ أحمد بن الطيب الطبنداوي المتوفى سنة 948هجرية: كان يأكل القات ويثني عليه ، فقال: (( وأما القات والكفتة فليسا بمغيبين للعقل ،ولا مخدرين للبدن ؛ وإنما فيهما نشأة وتقوية وطيب وقت ، فإن قصد بهما التقوّي على الطاعة فهما مستحبان ؛ لأنه للوسائل حكم المقاصد )) . 6- الشيخ عبد الرحمن بن زياد المقصري المتوفى سنة 970هجرية: (( وقد ذهب إلى إباحة تناول القات ، وحرر رسالة ردَّ فيها على رسالة ابن حجر الهيثمي ( تحذير الثقات من الكفتة والقات) . 7- الشيخ عبد الله بن يحيى شرف الدين المتوفى سنة 973هجرية: وهو أديب يمني ينسب له قصيدة من أقدم وأهم القصائد التي روجت لانتشار القات في المجتمع اليمني لمكانة قائلها في ذلك الوقت ، وقد أتى فيها بشطحات عقدية ، وخيالات صوفية. فيقول: أدر غصون يواقيت من القات ... زبرجديات أوراق وريقات يجلو تناوله قلبي ورؤيته ... طرفي وتحلو به حالي وأوقاتي قلوبه تحمل الأسرار تودعها ... قلوبنا ثم تسري في السريرات براج معراج قلبي حين يصعده ... جبريل قلبي إلى أعلى سماواتي زيتونة زيتها الأضواء بها اتقدت ... فتيلة النور في مصباح مشكاتي إلى أن يقول : كل المرادات فيه جُمِّعَتْ فلذا ... توجهت نحوه كل الإرادات لين القدود وتلوين الخدود وتن ... عيم الورود ولذات المذاقات وكم خصائص ترويها مشايخنا ال ... أثبات عن سادة في الدين أثبات أما ترى قلم الرحمن خط على ... ألواح أوراقه رسم الجلالات!! كله لما شئت من دنيا وآخرة ... وجلب نفع ودفع للمضرات وأكلة منه قال المرشدون بها ... تنوير سر اعتكاف الأربعينات فما أردتُّ ارتقاء في سما نظري ... في الكون إلا جعلت القات مرقاتي فيرتقي بي إلى أعلى مواطنه ... والرين يذهبه عن وجه مرآتي فينجلي في صفا ذاتي فيحسبني ... ذاتاً له وأراه أنه ذاتي تكسيره منتج في الانتهاء تقاً ... وعده عدة فافهم إشاراتي قلوب أضلعه تقري وتأمرني ... ولا تفي في فصيحات العبارات 8- الشيخ علي بن يحيى شرف الدين المتوفى 978 هجرية وهو أخو عبد الله بن يحيى شرف الدين ناظم القصيدة السابقة ، وهو أديب معاصر له ، وله تخميسة على قصيدة أخيه يقول فيها: يا راح روحي وريحاني وراحاتي ... يا نصب عيني وراحي في مسراتي ادر عليَّ ولا تخشى الملامات ... أدر غصون يواقيت من القات. فكما رأينا مما سبق تحليل كبار الشيوخ لهذة النبتة المشؤمة والتي حلت اللعنة على أرض اليمن من ألفها إلى يائها ببركات شيوخ الدين.
ملاحظة / تابع الجزء الثاني من المقالة : النبتة المخدرة الثانية الحشيش.
المراجع /
1- http://www.thelancet.com/journals/lancet/article/PIIS0140-6736(07)60464-4/abstract 2- Yemen. Encyclop?dia Britannica. Encyclop?dia Britannica Online, 2012. Web. 25 Nov. 2012 3- Yemen: Legal High Is Fueling Extremism Sky News last retrieved DEC 13 2012 4- http://www.foreignaffairs.com/articles/139596/adam-heffez/how-yemen-chewed-itself-dry 5- http://www.jamestown.org/single/?no_cache=1&tx_ttnews%5Btt_news%5D=36271#.VQhcro6UfE0 6-https://www.youtube.com/watch?v=2l_fROMPHd0 7- http://news.sky.com/story/752130/yemen-legal-high-is-fueling-extremism 8- http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/0d5ff2b3-ac0e-47a1-9676-12de0bdd2269 9- http://www.theguardian.com/environment/2010/feb/26/yemen-qat-water-drought 10- The subjective effects of chewing qat leaves in human volunteers. p. 34–37 11- Al-Motarreb AL، Al-Kebsi M, Al-Adhi B, Broadley KJ. Khat chewing and acute myocardial infarction 12- British Journal of Cancer 1995-;- 71: 409–4 13- Khat chewing delays gastric emptying of a semi-solid meal 14- http://samafaifapress.com/articles-action-show-id-66.htm 15- http://www.sauress.com/aldayer/1000402 16-http://www.faifanews.sa/portal/articles-action-show-id-394.htm
#سامي_القسيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين هو قبر النبي محمد ؟
-
الأمثال والتعابير التي إقتبسها القرآن من الكتب المقدسة
-
الحجر الأسود والوثنية
-
الحرق وداعش في التراث الإسلامي
-
محاولة إنتحار (محمد) وعلاقتة بمرض BPD
-
إعصار تسونامي وأسطورة المساجد الصامدة
-
فضيحة الزنداني - الكاسيت المرعب
-
درع الرسول وصاع من شعير!
-
أكل لحوم البشر في الإسلام (The Cannibal)
-
نصلي من أجل السلام ونقتل بإسم الدين !
-
الزندقة في التراث الإسلامي
-
صكوك سورة الإخلاص
-
في وصف الجنة والنار
-
الإله الغاضب
-
مذابح ومجازر رسول الإسلام
-
خطأ تاريخي قرآني - أسطورة يأجوج ومأجوج
-
خطأ تاريخي قرآني - أسطورة أصحاب الكهف
-
خطأ تاريخي قرآني - أسطورة ذي القرنين
-
محمد الأمّي والتراث الإسلامي
-
سلسلة إغتيالات الرسول الكريم
المزيد.....
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|