|
ربع الشريعة وأصدقاء إعدام المسيىء للرموز الدينية
عبدالعزيز عبدالله القناعي
الحوار المتمدن-العدد: 4757 - 2015 / 3 / 24 - 14:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربع الشريعة وأصدقاء إعدام المسيء للرموز الدينية
الحكومة المنتخبة والإمارة الدستورية وتداول السلطة وحكم الشعب بالشعب وللشعب، جميعها مصطلحات جميلة ورنانة وعميقة في التغيير والتطور والتحول من مستوى متخلف الي مستوى متقدم بأي مجتمع، ولكن أيضا غاب عن من يحمل مثل هذه القيم والمبادئ بأن جميعها، تاريخيا وسياسيا، لم تحدث أو لم تتحقق على أرض الواقع والتغيير إلا مع شروط تحقيق الحداثة والعلمانية وفصل الدين عن الدولة، إذ لا يمكن أن يحكم الشعب نفسه مع وجود وهيمنة فكرة الحاكمية الإلهية الرافضة لحكم الشعب والفارضة لحكم الله، ولا يمكن للعلمانية أن تكون منهج حياة وخارطة طريق في الكويت مالم يكن الوعي الشعبي قد وصل الي ضرورة فصل الدين عن الدولة وجعل خيار الإيمان خيارا لا يتعدى دور العبادة، وعلى أن تكون الشريعة الإسلامية ليست مصدرا للتشريع بل مصدرا للعبادة الخاصة فقط. ربع الشريعة، وأصدقاء إعدام المسيء للرموز الدينية في الكويت هم ما يطلق عليهم بالمعارضة السياسية، ولا تستغرب عزيزي القارئ، فالمعارضة في الكويت تعيش تناقضات وازدواجية معايير بصورة كبيرة للأسف تجعل من أطروحاتهم غير عقلانية ولا منطقية في خضم التغييرات السياسية والإقليمية والدولية، فالخروج الي ساحة الإرادة، بطريقة فوضوية ومخالفة للقوانين الخاصة بالتجمعات هي الحريات التي يرغبون بها، على أن تكون لهم فقط، بمعني، لا يمكن للشيعة مثلا دعوة رجال الدين المعممين المخالفين للتوجهات السنية، وأيضا لا يمكن بأي حال من الأحوال قيام تجمعات للملحدين أو للماسونيين في الكويت، فالحرية هنا ليست حرية بل تعتبر في فقه المعارضة الكويتية كفرا وزندقة، وفي قياس آخر، يحق للمعارضة رفع القضايا وجرجرة الشعب الي القضاء والمحاكم لمجرد تغريده بينما يسمحون لأنفسهم إطلاق أبشع النعوت والصفات على كل من يعارضهم وأن يطالبوا بإسقاط الأسرة الحاكمة دون أن يقبلوا بإن يتم تجريمهم أو رفع القضايا القانونية عليهم، وكل هذا يتم في فضاء ما يدعون بأنه قمع للحريات وسيادة ثقافة المعتقلات، بينما في الحقيقة كل ما يحدث هو تطبيق القانون على من يخالفه أو يحدث أمرا يسيئ للدولة والنظام والشعب وفقا للدستور الكويتي، وهذا لا يتم إلا بعد محاكمات عادلة، لا تعجبهم إلا إذا كانت الأحكام لصالحهم، أما إذا ما صدر حكم بسيط ضد أي شخص فهنا تقوم القيامة ويتم تخوين القرار والحكم والادعاء بالمظلومية وأن الكويت دولة قمعية تبطش بأبنائها، وطبعا يحدث كل هذا وهم في بيوتهم آمنين، وفي فراشهم ينامون مطمئنين، وفي أعمالهم ومناصبهم ينعمون، وفي ثوراتهم المخملية الشتوية يدعون بذلك، لأن في فصل الصيف يتم إيقاف الحراك الثوري المناضل لإقامة دولة الحريات لأن المعارضة وقياديها ومنتسبيها يكونون في ربوع أوروبا والغرب الكافر للسياحة والاطلاع على حريات الشعوب المتقدمة. فتعسا لمعارضة تريد الحرية على مقاس الدين، وتعسا لأشخاص يرون الحقوق والعدالة في التاريخ الإسلامي القائم على البطش والقمع والديكتاتورية، ولا يرونها في التاريخ الحديث وعصر العلمانية والعلم والعقلانية. وحتى نكون منصفين، فالوقاحة المنتشرة في المطالبات السياسية في الشوارع لم تكن صدفة أو أمرا مفتعلا، بل بدأت بثقافة الخطاب بمجالس الامة حول العديد من القضايا جعلت من الشارع الكويتي يتنفس كرها لما آلت إليه الديمقراطية ومكتسباتها في الكويت على يد هؤلاء، إن الدعوات المطالبة بحل مجلس الأمة وإعادة الانتخابات بشروط تلبي تطلعات قبلية دينية ما هي إلا وقاحة جريئة يطلقها من يريد شرا بالكويت ومسيرتها الديمقراطية، فلم نعهد في السابق وحتى السابق القريب صدور مثل تلك التشوهات الكلامية في الشوارع، بل رأينا من يكون الوطن همه يعيدون رسم الخريطة السياسية وفق الدستور والقانون والقضاء وعبر مجلس الأمة نفسه. ولكن وحين تصل الأمور إلي مالا يشتهون تكون تصرفاتهم العنترية بؤسا وقيحا يطلقونه ليسيؤون الي وطنهم، فلم نعهد كمواطنين القصور والفشل والكذب في الانجاز والتطوير لمصلحة الوطن والمواطنون إلا على شرفات باب المجلس ولجانه، ولم تتأخر المشاريع وقضايا الخصخصة والبدون وغيرها إلا بناء على التوجيهات الصادرة من الخارج إلى أعضاء المجلس لشراء المواقف أو لتغييرها وكل شيء بثمنه، فما هو موجود لدينا من نواب، حاليين وسابقين وعاطلين عن العمل أي نواب مبطلين، هم نتاج ثقافة مشوهة أخرجت لنا سياسيين مشوهين. لقد كان خروج المتظاهرين في ليلة الأثنين الماضي استمرار لنهج التحديات والكراهية والإنتقام، ولم يكن الإصلاح في بنوده أو من ضمن مساراته وهمومه، فالغالب على المشهد هو محاولة إعادة سيناريو اقتحام مجلس الأمة، وهذا أمر طبيعي، فالتساهل مع مخالفي القانون لا يجلب إلا تساهلات أخرى وضياع البلد، هي ليست دعوة لاستخدام القوة، بقدر ماهي دعوة لتنفيذ القانون بشكل جدي على الجميع وبدون تفرقة أو محاباة أو واسطات قتلت الدستور وأماتت الإلتزام وجعلت مخالفة القانون عرفا سهلا، كما أنها دعوة لدراسة وتحليل جوانب الوضع السييء الذي وضعتنا به الحكومة التعيسة لسمو الشيخ جابر المبارك وعجزها عن وضع الحلول للأزمات السياسية والاجتماعية. إن محاولة الترضيات والصفقات والوجاهات لن تجلب إلى البلد إلا المزيد من التشتت والتشرذم، فالدول والمجتمعات التى تتعامل عرفيا ودينيا تاركة القانون والدستور هي مجتمعات ضعيفة ترضخ للفساد والخراب ولا تأبه للشعب الذي يتطلع الي بناء الوطن والي العدالة والمساواة والتنمية. ان أولويات التغيير هي بمحاربة الفساد والمنتشر بكثافة بفعل وجود بعض أعضاء مجلس الأمة، فالمواطن الكويتي يتأثر بالجو العام والمحيط به من كل جانب، وسياسة المجلس وإفرازاته تعبر عن حالة من الضياع وعدم التفاهم والتجانس بين أطياف المجتمع مما يقودنا الي المزيد من حالة التوهان اللاواعي. إن الحالة والوضع الذي وصلنا إليه قد يكون من الغرابة بحيث لا نعلم إن كسر القوانين هو الصحيح وهو الغالب على أعمال الجميع من مسؤولين ومواطنين، ولا نعلم بأننا نتعايش جميعا كمواطنين بناء علي بطاقات الهوية الاجتماعية فهي من تحدد لنا من نصادق ومن نعادي ومن نكون، وان القياديين وأصحاب القرار والسلطة يجب أن يقرءوا أسمائنا قبل أن نترقي في العمل وقبل أن نحصل على المزايا الحكومية والألقاب السامية، انه حقا عالم مجنون تغيرت فيه ابسط الأطر المجتمعية وانقلبت على نفسها وتحورت ضمن مبادئ وقيم ملوثة تم اكتسابها وصبغها بهوية زائفة لا تمت للواقع الكويتي ولا للشعب الكويتي بأي صلة. ان الفترات المقبلة سوف تكون ذات شأن كبير في تحديد المسار السياسي والاجتماعي، وعلى الحكومة ان كانت جادة في تحقيق النظام وفرض سلطة القانون بان تطلق حزمة من المبادرات والإصلاحات المختلفة والتى لها علاقة مباشرة بمعاناة المواطنين، فالشعب هو عبارة عن مواطنين يتفاعلون وفقا لما يرونه من أداء الحكومة نحوهم، ونحن جميعا اليوم لا نرى سوي تغلغل الفساد الأخلاقي وانحدار القيم الاجتماعية الكويتية الأصيلة في التعامل، ولم يبقي غير المهرجين والكاذبين هم من يقودون الساحات السياسية، وكيف لا وهم من جاؤوا بغفلة من الزمن باسم الدستور وباسم الديمقراطية ليستفيدوا منها لتحقيق مآربهم الشخصية بعيدا عن ما يدعون بان الوطنية والوطن هو دافعهم الاول.
عبدالعزيز عبدالله القناعي [email protected]
#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيار المدني العلماني الديمقراطي في الكويت
-
الجاهلية الإسلامية
-
الجبان والعميل والمندس في الكويت
-
صناعة الوعي العلماني قبل إسقاط الأنظمة العربية
-
100 ألف نفر
-
الأيديولوجية الاسلامية وصناعة الإرهاب
-
الأمن والجنسية الكويتية وحقوق المثليين
-
الهوية الوطنية في العيد الوطني
-
المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع
-
في المعارضة الكويتية وإخفاق الحكومة
-
رسالة كويتية الي الرئيس الفرنسي
المزيد.....
-
وسط جدل أنه -استسلام-.. عمدة بلدية كريات شمونة يكشف لـCNN ما
...
-
-معاريف- تهاجم نتنياهو وتصفه بالبارع في -خلق الأوهام-
-
الخارجية الإيرانية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
-
بعد طردها دبلوماسيا في السفارة البريطانية.. موسكو تحذر لندن
...
-
مراسلنا: مقتل 8 فلسطينيين بينهم أطفال في قصف إسرائيلي استهدف
...
-
مع تفعيل -وقف إطلاق النار.. -الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عا
...
-
هواوي تزيح الستار عن هاتفها المتطور القابل للطي
-
-الإندبندنت-: سجون بريطانيا تكتظ بالسجناء والقوارض والبق وال
...
-
ترامب يوقع مذكرة تفاهم مع البيت الأبيض لبدء عملية انتقال الس
...
-
بعد سريان الهدنة.. الجيش الإسرائيلي يحذر نازحين من العودة إل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|