أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - علاقة الفساد بالدين والسياسة














المزيد.....

علاقة الفساد بالدين والسياسة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 22 - 18:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من الخطأ القول أن العلمانية تحمي الدين من السياسة بل الأصح أن الإثنين سيحميان نفسيهما فيما إذا لم يقترب الواحد من الآخر.
خذوا تاريخ الدولة العراقية المعاصرة سوف تجدون على المستوى الأخلاقي أن سياسي الإسلام هم الذين تسببوا بالضرر للسياسة قبل أن تكون السياسة هي من تسبب بالضرر للدين. ولا تقولوا لي أن السياسة هي بطبيعتها لاأخلاقية, لأن هذا هو قول الجهلة الذين لا يدركون أن السياسة هي قائدة لعلوم بناء الدولة والمجتمع, وإن من يقول بفساد السياسة يهمه بالدرجة الأولى أن يخرج فساده الإخلاقي من كونه ذا إستعدادات شخصية ومنشأ ذاتي ليكون تصرفه هذا أشبه بطريقة تبييض الأموال التي تأتيه من سوق النخاسة وبيع المخدرات.
إن فساد نصف قرن من الدولة العراقية المدنية التي كانت تأسست في العشرينات من القرن الماضي يتغلب عليه فساد يوم واحد من عمر دولة الإسلام السياسي الطائفي الحالية التي تأسست بعد 2003. فلماذا صار علينا أن نصدق ان السياسة هي بطبيعتها عبارة عن نفاق وإنحراف ودجل وكذب وتزوير وأن الأمر لا علاقة له بنوع الرجال والمناهج التي تحترف السياسة فتنحرف بها أهدافا وممارسات.
الحقيقة أن السياسة, كما هو شأن اي نشاط حياتي آخر, تتوسخ حينما يمارسها الدجالون واللصوص والمنحرفون. إذ لا شيء يمكن ان يبقى نقيا صافيا صادقا حينما يقترب منه هؤلاء.
كل رجالات الدولة العراقية السابقين, حتى مع وجود تضاداتهم السياسية القاتلة, كانوا مثلا للأخلاق حينما يتأسس تعريفها على الصدق والأمانة والنزاهة, ولنتوقف امام نماذج منها لكي نتأكد من ذلك. خذوا الملوك الثلاثة الذين لن تتعدى مجموعة رواتبهم, عند حسابها طيلة عمر النظام الملكي, الراتب الشهري مع المخصصات لأي مسؤول سياسي من مسؤولي دولة إسلامنا السياسي ذات الدستور الذي يستمد تشريعاته من الإسلام.
يا لعجبي من أولئك الملوك الذين لم يعرف عنهم أنهم صاموا أو صلوا ومع ذلك فهم ذهبوا إلى ربهم بدون رصيد بنكوتي ولم يتركوا عقارا في لندن أو دبي. نوري السعيد يطلب منه وزير المالية ثمن ستة عشر فنجانا كان قد إشتراها لمكتبه على إعتبار أنها حاجات شخصية, وقد عرف أنه كان يشرب الخمرة ولم يشاهده أحد وهو يخرج من جامع أو يسمعه يكذب على الله. عبدالكريم قاسم وجدوا في جيبه بضعة دراهم من راتبه الشخصي الذي إعتاد أن يوزع نصفه على عمال الأفران, وتركنا ولم نره يوما بغير ملابسه الخشنة, وعرف عنه أنه لم يكن يملك دارا حينما إستشهد. عبدالسلام عارف لم يترك دينارا واحدا في مصرف عراقي او أجنبي.وإضطرت إحدى بنات أخيه ,عبدالرحمن عارف, الذي خلفه في الرئاسة أن تطلب مساعدة مالية أعلنت حاجتها إليها على صفحات مجلة الدستور التي كانت تصدر من لندن والسبب أنها لم تكن تملك ما يكفي لعلاج إبنتها المريضة جدا.
رجب عبدالمجيد نائب رئيس الوزراء في عهد الرئيس عبدالرحمن عارف لم يكن يملك غير سيارة نصر كان إشتراها بمبلغ سبعمائة وخمسين دينار وكان غالبا ما يتأخر عن موعده معي لمعالجة أسنانه بسبب العطل المزمن لتلك السيارة. ناجي طالب رئيسه في الوزارة وصديقه الحبيب لم يكن يملك غير سيارة الفوكس واكن (الخنفسانة كما نسمي طرازها القديم), وكنت أشاهد إبن الناصرية وهو في تلك السيارة وإلى جانبه صديقه الصدوق إبن عانة وكأنهما سمكتين صغيرتين في علبة سردين, وذلك قبل ان يدخل علينا الدين السياسي الطائفي ليخرب علينا حتى مفاهيم الصداقة.
عبدالخالق السامرائي ذهب إلى بارئه وهو لا يملك سوى قميصين وحقيبة جلدية صغيرة سوداء كان يضع بها لفة طعامه أما البكر فقد كان مثل سابقيه, وحري بنا أن نضع تجربة صدام حسين جانبا لأنها تماما خارج السياق, وليس من العدل أن نسقطها سواء على عالم السياسة أو على عالم الدين, فهي بحد ذاتها عالم خاص وقائم بذاته والأصح أن يفسر هذا العالم نفسه بنفسه.
ويأتي لك بعد ذلك بعض المتفيقهين ليقول لك ان عالم السياسة هو بطبيعته عالم وسخ وأن الطريقة الصحيحة لإنقاذ الدين هو إبعادها عنه بينما أكدت كل الوقائع أن ذلك ليس صحيحا بالمرة, وأن الطرفين سيكونان في حرز امين حينما يبتعدان عن بعض, والعلمانية هي من يتكفل بذلك حينما تؤكد على أن الدين والسياسة هما عالمان مختلفان لا يفسدا إلا بالتمازج, وإن الفساد هنا لا علاقة له بالتكوين الذاتي لأحدهما بل بالمركب الذي ينتج من تفاعل مكونين لا علاقة عضوية لأحدهما مع الآخر.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة الدشداشة والعقال وما جاء في الأخبار حولهما
- همسات بصوت مرتفع
- أهم من التحليق في الفضاء المشي على الأرض
- عن معركة تحرير تكريت أتحدث
- ضد الدولة .. مع الوطن
- جريمة المتحف .. من ذبح العراقيين إلى ذبح العراق
- داعش تطهر العراق من أصنامه
- يوم تنجح العملية ويموت المريض
- وهل سيحلها الزاملي .. عن قصية ضياع نينوى أتحدث
- علمانيون ولكن ضد العلمانية (2)
- مطلوب رأس الإعتدال
- حول جريمة شابل هيل وطريقة التعامل معها
- علمانيون ولكن ضد العلمانية
- ليس دفاعا عن الإسلام .. ولكن !
- هل داعش لوحدها من يتآمر على الإسلام
- العلمانية عراقيا .. حاجة بقاء وليست حاجة تطور فقط
- بمناسبة عودة وفد التعزية العراقي للسعودية غانما مُصَّفَرا
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالرزاق عبدالواحد (2)
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد
- بين السماء والأرض .. حكاية الوطن الضائع


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - علاقة الفساد بالدين والسياسة