|
بين دعم المركزي وتحديات الحلفاء
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 21 - 20:23
المحور:
الادارة و الاقتصاد
فيما تتجه الأنظار نحو قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بتعديل السياسة النقدية، حول سعر الفائدة، التي بقيت بحدود الصفر، منذ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية عام 2008. ورغم تغيّر لغة خطاب المركزي الأمريكي، إلا أنه ما زال يتعامل بحذر شديد تجاه رفع سعر الفائدة، خشية من آثار سلبية على الاقتصاد الأمريكي. فإن ارتفاع سعر الفائدة يدفع الدولار نحو مزيد من الصعود، مما يضعف القدرة التنافسيّة للصادرات الأمريكية، فقد حذّر المركزي في بيانه الخميس الماضي، من أنّ النمو الاقتصادي الأمريكي "ركد قليلا" منذ بداية يناير، مُرجئًا قراره برفع سعر الفائدة، وتشير جانيت يلين رئيسة الاحتياطي الفيدرالي إلى أنّ التغير في الفكر لا يشير إلى أنّ اللجنة حددت موعد الزيادة المبدئية. وفي هذه المناخات السياسيّة والاقتصادية؛ مُنيت الدبلوماسيّة الأمريكية بهزيمة، تمثّلت بتوجه أكبر اقتصادات أربع دول أوروبية "ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا" نحو الانضمام إلى بنك البنية التحتية والاستثمار الآسيوي الذي تقوده الصين، وذكرت وكالة رويترز للأنباء أنّ بريطانيا الحليف الوثيق الذي كان أول من قرر تحدي الضغوط الأمريكية، وأصبحت عضوًا مؤسسًا للبنك الذي تنظر إليه واشنطن منافسًا للبنك الدولي. كما تنظر واشنطن إلى البنك كوسيلة لنشر النفوذ الصيني في المنطقة، على حساب الولايات المتحدة، التي تهيمن على الاقتصاد العالمي من خلال نفوذها في صندوق النقد والبنك الدوليين. وأعلن وزير المالية الألماني أنّ المانيا شريك تجاري كبير مع بكين، وأنّها ستصبح عضوًا مؤسسًا في بنك البنية التحتيّة والاستثمار الآسيوي، وأكدت كل من فرنسا وإيطاليا مشاركتهما في تأسيس البنك. وقد أعلنت الصين عن مبادرتها بإنشاء البنك في أكتوبر الماضي بتوقيع بروتوكول الاتفاق مع عشرين دولة معظمها من آسيا والشرق الأوسط من بينها الهند، برأسمال أولي 50 مليار دولار ومن المفترض أن يتخذ المصرف الجديد بكين مقرًا له. يعكس اهتمام كبريات الدول الأوروبية بالمبادرة؛ الدور المتنامي للاقتصاد الصيني، وقدرته على إحداث تغيير، بالقوة الناعمة، في قواعد النظام النقدي والمالي والاقتصادي العالمي، الذي أرست مبادئه اتفاقات بريتون وودز بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وانشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، واستغلال الولايات المتحدة الأمريكية لهذه المؤسسات الدولية لتمرير مصالحها غير المشروعة على حساب الآخرين، خاصة بعد فشل النظام العالمي في أحداث تغيير في مركز القرار للمؤسستين المذكورتين، للحد من استئثار واشنطن بقراراتهما، فالولايات المتحدة استغلت قدراتها العسكرية من جهة، وما يتمتع به الدولار كعملة احتياط عالمي، من جهة أخرى، لتعزيز هيمنتها على الاقتصاد العالمي. كما يعكس قرار الدول الأوروبية الأربعة، المتغيرات السياسية والاقتصادية الدولية، فلم تعد هذه الدول تأتمر بتعليمات الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص ألمانيا، كما كان الحال قبل سقوط جدار برلين، في مرحلة الحرب الباردة، فقد تخلصت المانيا من عبء اثار هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، ولم تعد تحت الوصاية الأميركية، كما سقطت مقولة الحماية المزعومة من "الخطر الشيوعي". وأصبحت تتمتع بقوة اقتصادية تؤهلها قيادة الاتحاد الأوروبي، ومجموعة اليورو، وقد أُريد لليورو ان يكون منافسا او ندا للدولار الأميركي، الا ان ازمة اليورو ودخول الاقتصاد الأوروبي في حالة الركود الاقتصادي حال دون ذلك، فالمصالح الاقتصادية هي التي تتحكم بقرارات الدول. وما زيارة مريكل وفرنسوا أولاند إلى موسكو للاجتماع مع بوتين، ومحاولة الوصول لمخرج للأزمة الأوكرانية للتخلص من العقوبات الاقتصادية التي تؤثر على الدول الأوروبية كما تؤثر على روسيا إلا تعبيرا عن ذلك. وتسعي الدول الأوروبية لتوسيع استثماراتها بإقامة شراكة مع أبرز دولتين في آسيا "الصين والهند" والدخول بمشاريع البنية التحتيّة عبر المصرف الجديد لإخراج الاقتصاد الأوروبي من أزمته. وقد جاءت الخطوة الصينية بتأسيس بنك الاستثمار الآسيوي بعد إنشاء مجموعة "بريكس" بنك للتنمية في يونيو من عام 2014، لتمويل مشروعات البنية التحتيّة لدول المجموعة والدول الناشئة. ضمن توجهات عامة لإجراء تغيّرات جوهرية في قواعد السياسات الاقتصاديّة والمالية والنقدية العالمية، فقد برزت بريكس كمحور اقتصادي احتل موقعًا متقدمًا في الاقتصاد العالمي. ووقعت روسيا والصين سلسلة من الاتفاقيات بين البلدين كان أبرزها اتفاقية الغاز الروسي بقيمة 400 مليار دولار لمدة 30 عاماً، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 89 مليار دولار. كما تمّ الاتفاق بين البنكين المركزيين الصيني والروسي على البدء بالتبادل التجاري بالعملات المحلية. وقد أصبح اليوان الصيني ثاني أكبر عملة تستخدم في التبادلات التجارية الدولية بعد الدولار، كما كشفت الصين واليابان عن خطط لتعزيز عمليات العملة بين الدولتين بصورة مباشرة وذلك عبر اتفاق يسمح للشركات بتبادل عملتي الصين واليابان بصورة مباشرة، ووقعت المصارف المركزية في إنكلترا وسويسرا وألمانيا اتفاقات شبيهة تقتضي بتبادل العملات الوطنيّة مباشرة، وشرعت بريطانيا في تنفيذ الخطوات الإجرائيّة لإصدار أول أصول سيادية بالعملية الصينية.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاقية أوسلو ولدت ميتة
-
ثورات شعبية.. أم مؤامرة؟
-
اليوم العالمي للعدالة الاجتماعيَّة
-
اليونان تخوض معركة أوروبا
-
الحرب على الإرهاب
-
الاقتصاد العالمي في عام 2015
-
الأزمة تطحن الفقراء.. وتزيد ثروة الأثرياء
-
موازنات الدول النفطية.. وهبوط أسعار النفط
-
الاتحاد الأوراسي الاقتصادي
-
احتجاجات عمالية على سياسات الاتحاد الأوروبي
-
المشهد الاقتصادي 2014
-
الأثر السياسي والاجتماعي لهبوط أسعار النفط
-
اتفاقية الغاز مع -العدو-.. غير مبررة اقتصاديا ومرفوضة سياسيا
-
كيف نعالج مشكلة الفقر؟
-
نحو نظام عالمي جديد
-
ازمة الرأسمالية العالمية
-
الصديق الوفي المناضل سمير حداد
-
رؤية اقتصادية اجتماعية
-
هل يمكن بناء رأسمالية -أخلاقية- بالعالم العربي؟
-
ازمات في الثورات ...؟
المزيد.....
-
النفط يقفز بعد رسوم ترامب ضد كندا والمكسيك والصين
-
رسوم ترامب الجمركية تقوي الدولار وتضعف جاذبية الذهب
-
مصر.. مسؤول حكومي يكشف مصير رسوم الهواتف المستوردة بعد انتها
...
-
الرسوم الجمركية تهز الأسواق.. الدولار الكندي والبيزو المكسيك
...
-
قفزة مرتقبة في التجارة والاستثمار بين السعودية وسوريا
-
خبراء: العراق الثالث عربياً من حيث الاحتياطات النقدية الأجنب
...
-
حماة تشهد هبوطا كبيرا بأسعار المشروب الأكثر شعبية في سوريا
-
كويكب -قاتل- قد يضرب الأرض في غضون سنوات... هل كوكبنا في خطر
...
-
حرب تجارية مع الصين يشعلها ترامب من جديد.. هذه أبرز الحقائق
...
-
ترامب يقر باحتمال معاناة الأميركيين من تداعيات الرسوم الجمرك
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|