أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - التيار المدني العلماني الديمقراطي في الكويت















المزيد.....

التيار المدني العلماني الديمقراطي في الكويت


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 4754 - 2015 / 3 / 20 - 15:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



قال برتراند راسل " الخوف هو المصدر الأساسي للخرافات، وأحد أهم مصادر القسوة، لذا فالانتصار على الخوف هو بداية الحكمة." وقال الكاتب العلماني الكبير سامي لبيب في مقالاته المتعددة يذكرنا بأحوالنا العربية المتردية بما معناه " اننا شعوب لم نعرف القلق في حياتنا، لم نندهش مما يحصل، لذا تركنا كل أمر كما هو دون تغيير". لاشك أن الخوف موجود في النفس البشرية منذ وجودها في الحياة، وهو ينبع من عدة عوامل قد تكون داخلية تجاه خطر إما حقيقي أو خيالي، فالخوف هو السبب الرئيسي والمباشر في النكوص والإرتداد، وهو ايضا ما يؤدى الي الفشل في مواجهة المستقبل وبالتالي يخلق مرحلة الجمود في الحاضر والتلذذ به ومحاولة تزيين الواقع بأوهام وخرافات وأساطير. هنا في هذا المقال لن أتكلم عن الخطر الموضوعي وهو الذي ينشأ من خطر حقيقي يواجه الانسان كلحظة قتله أو جز رأسه أو جلده ورجمه. بل ما سأناقشه هو الخطر غير الموضوعي وبمعني آخر المرضي والمتعلق بالخوف من الظلام والأماكن المرتفعة، ولكن سأضيف على هذه العوامل الخوف من الأفكار والمواجهة.
ربما تكون الأفكار الدينية في المجتمعات العربية من أكثر الأفكار دوغمائية ورافضة للنقاش حولها لما تحصن به نفسها من تابوهات المقدس والحرام، ويتعزز الخوف من نقاشها من قوة وهيمنة السلطة الدينية ورجال الدين والفقهاء بالمجتمعات العربية وقدرتهم على بسط قرارات الإيذاء الجسدى والنفسي لكل من ينتقد ويطالب بإصلاح المجتمعات وفصل الدين عن الدولة، مستعينين بالنصوص الدينية الداعمة لمواجهة الآخر وقتله اذا ما مارس النقد، والدول العربية حبلى بقرارات الجلد والإعدام والقتل والتهجير كنماذج حقيقية واقعية جرت اليوم بمجتمعاتنا، كما حدثت بشكل أكثر بشاعة ودموية وإجرام خلال التاريخ الإسلامي القديم. فهل ما يحصل وحصل سابقا يجعلنا نستكين أو نرضخ للتيارات الإسلامية؟ أو أن الحرية وطريق العدالة والمساواة والعلمانية يجب أن يقدم له التضحيات، كما حصل في التجربة الأوروبية سابقا في عصور الظلام حين هيمنت المسيحية ومحاكم التفتيش على أقدار ورقاب الناس حتى ثارت الشعوب الغربية بعدها ضد الظلم والفساد والدمار الذي أحدثه دمج الدين بالدولة وصنعوا بعدها النهضة الأوروبية ودشنوا عهد الصناعة وحقوق الإنسان والحريات الي اليوم والمستقبل، مالم يخافوا مرة أخرى من هيمنة الدين على مجتمعاتهم.
التغيير الذي تم في السابق، لم يكن له أن يبدأ إلا من خلال النخب المثقفة والمؤمنة ايمانا خالصا بضرورة الإصلاح الديني وجعل العبادات والطقوس الإيمانية خيارا شخصيا لا عاما يدخل في تفاصيل الحياة والمجتمع والدولة، أي الإيمان بخيار العلمانية منهاجا وخارطة طريق الي بناء الإنسان والمجتمع. وهذا ما حصل في غالبية الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. ولكن ماذا عن الدول العربية، وتحديدا الكويت، حيث سأتكلم عن المشاكل والمعيقات التى جعلت من خيار الدولة العلمانية خيارا ميتا لا روح فيه مع العلم بوجود تيارات مدنية تدعي العلمانية وتطالب بفصل الدين عن الدولة، ولكن كما ذكرت، أن النخب الثقافية هي المسؤولة عن بث هذا الوعي أولا الي الشعب وبالتالي الي المجتمع ليصل الي النظام الحاكم. ولكنها جميعا تعيش في حالة الخوف. فماذا عن تيارات الكويت المدنية؟ ولماذا تأخرت الدولة المدنية في تحقيق العلمانية بمفهومها الشامل، علما بأن الكويت من أوائل الدول العربية في امتلاك دستور مدني يؤطر للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويوجد به مساحة لا بأس بها من الحريات والممارسة الديمقراطية الشعبية، لأعيد هنا أن العائق الأول الذي تواجهه العلمانية في الكويت هو في النخبة المثقفة.
معظمنا في الكويت، كما في الدول العربية، تبرمج في بيئة دينية تختلف شدتها ومرونتها، بحسب عوامل التنشئة والتعليم والثقافة، وقليل هو من يشكك فيما تم تلقينه به من تعاليم دينية، إلا أن السواد الأعظم من الناس يجد المأوى والملاذ في الدين والتدين بدلاً من إعمال العقل، ليظل المثقف الكويتي هائما في الموائمة عاجزا عن التغيير، وربما مستسلما وخاضعا للتيارات الإسلامية في الكويت. وهذا ما جعل من غالبية المفكرين (الليبراليين جدا) يتذبذبون في أفكارهم، فتارة تراهم قد قطعوا مسافة طويلة في التجرد من الخوف وعقدة اللسان والتحلي بالموضوعية وأفق التفكير وإعمال العقل والتحليل المنطقي، وغالبا ما يتم هذا النقد في الدوواين الخاصة وليس في فضاء المجتمع الكويتي ومؤسسات المجتمع المدني، وتارة أخرى ينقلبون على رؤوسهم ويركنون للمسلمات ويقولون بجرة قلم بأن ما سردوه وما قالوه في البحث والتنقيب كان للبحث الشخصي والقراءة وليس النقد والشك والتقصي ومواجهة السائد من الموروث الديني، وبكل بساطة ينتهي بهم الأمر ليؤكدوا لنا أن الحقيقة المطلقة هي ما بين أيدينا من كتب دينية يجب التعامل معها وعدم إقلاق السادة الشعب حتى لا يزعل علينا ويعتبرنا من الكفار والملاحدة والزنادقة.
إن التحولات التي عرفها المجتمع الكويتي على مدى عقود طويلة قد راكمت مجموعة من المكاسب التي لا يمكن التراجع عنها، وخاصة منها تلك التي تخصّ وضعية الفرد وحقوقه الأساسية وحرياته، لقد حدث بالتدريج تحول جذري في منظومة القيم أدّى إلى استبطان الأفراد لعناصر ثقافية لم يعد ينظر إليها على أنها غربية بل نتاج محلي، كالإختلاط وتعليم المرأة، واستطاع المجتمع الكويتي أن يخلق اللحام الضروري بين الثقافة التقليدية والثقافة العصرية عبر عملية صهر المكونات المختلفة في تراكيب جديدة مقبولة اجتماعيا رغم مقاومة قوى التيارت الإسلامية التي ظلت قائمة رغم ذلك وتبلورت في تيارات فكرية وسياسية، ظلت تسعى بشكل قوي إلى فرملة عجلة التحولات المدنية الكاملة والحفاظ على نمط ثقافي محدّد سلفا في نصوص دينية، والعودة إلى نموذج الخلافة الإسلامية، وهو ما يستحيل تحقيقه أمام مدّ التأثيرات القوية للثقافة المعولمة. فلماذا اليوم تتشارك التيارات المدنية في العودة الي الماضي الديني مع التيارات الإسلامية، والقبول بالنمط الحالي. ولماذا يظل الرهان بالتغيير على الآخر، أي النظام الحاكم، بينما هم يحملون مباديء وقيم العلمانية والديمقراطية؟. في الحقيقة أن التفكير وعمق المأساة ظلت لدى النخب المثقفة والعليا في المجتمع الكويتي لم تزل تراوح في مكانها باسم الانتماء مرة وباسم القيم الموروثة مرة وباسم التراث الديني مرات، اذ يعد الخروج عن شرانق الماضي خطا احمرا قانيا كما يرسمه الخطاب الشعبوي الذي يمجده الجميع ويخشي من مواجهته. وعملية المواجهة ليست سهله بالتأكيد، ولكن ما يؤخذ على النخب المثقفة هو عدم قدرتهم حتى اليوم على أخذ الخطوة الأولي على الأقل والمتمثلة بخلق تيارات وتجمعات علمانية ثقافية فكرية قادرة على صناعة الوعي، وهو أمر ليس بالمستحيل وخصوصا أن غالبية النخب المثقفة الكويتية تعتبر من أصحاب الدخول العالية بل وإن بعضهم يعتبر من رجال الأعمال والملايين.
عندما اقرأ بامعان عن قطيعة شعوب متنوعة تفكّر مليا في تاريخها، وتعتز جدا بنفس الوقت بذاكرتها.. وكيف تتعامل مع حاضرها، وكيف تريد ان يكون مستقبلها .. اجد نفسي محبطا ويائسا ازاء مجتمع لا يتزحزح قيد انملة عن بنية صلدة من التفكير وهو يرتع في حالات فوضوية، ومصالح سياسية، وترديد شعارات ساخنة، ويتعامل مع افكار متيبسة، ويتشبع بعواطف ساخنة .. ان اسوأ ما نجده في المجتمع الكويتي هو هذا التواصل للتعصبات الطائفية والقبلية، وخضوع النخب المثقفة بتياراتها المدنية والعلمانية والديمقراطية لثقافة المجتمع السائدة وعدم القدرة، وأنا أراها عدم الرغبة في المواجهة الحقيقية للتيارات الإسلامية، وتفضيل ماهو حاصل مع إلقاء اللوم دائما على الحكومة والنظام بأنه هو المسؤول تماما عن رعاية التيارات الدينية وتفاقم حضورها، وإن كانت هذه التهمة حقيقية، حالها حال بقية الأنظمة العربية، إلا أن في الكويت المجال المدني مفتوح والعمل التنظيمي متاح وفقا للقوانين والأنظمة، إلا إن إخفاقات النخب في دعم وتشجيع الثقافة العلمانية هو الخوف الأول وهو الأزمة التى نعيشها في المجتمع والتى أخرت التحول المدني وخلقت تشوهات فكرية لمفاهيم ومصطلحات العلمانية والحريات الشخصية، وجعلت من العلمانية في خطابهم مجرد شعارات لها مآرب أخرى. إن من يسيطر الخوف على تفكيرهم باستمرار إنما يشتكون من التعب بدون سبب ظاهر، وهذا فعلا وواقعا ما تسمعه من نخبنا المثقفة الكويتية دائما بأنهم متعبون جدا.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجاهلية الإسلامية
- الجبان والعميل والمندس في الكويت
- صناعة الوعي العلماني قبل إسقاط الأنظمة العربية
- 100 ألف نفر
- الأيديولوجية الاسلامية وصناعة الإرهاب
- الأمن والجنسية الكويتية وحقوق المثليين
- الهوية الوطنية في العيد الوطني
- المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع
- في المعارضة الكويتية وإخفاق الحكومة
- رسالة كويتية الي الرئيس الفرنسي


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - التيار المدني العلماني الديمقراطي في الكويت