أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أخناتون : الفرعون المارق















المزيد.....

أخناتون : الفرعون المارق


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4753 - 2015 / 3 / 19 - 21:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أحسنتْ اللجنة المُشرفة على إصدارات (مكتبة الأسرة) فى طبع كتاب (مصر وكنعان وإسرائيل) لعالم المصريات الكندى ريد فورد ترجمة المرحوم بيومى قنديل ، ونظرًا لأهمية هذا الكتاب الذى صدر منذ عدة سنوات عن المركز القومى للترجمة ، فإنّ المركز المذكور أعاد طباعته بعد نفاد الطبعة الأولى (عام 2004) ثم صدرتْ الطبعة الثانية عام 2014.
لم يكن الراحل الجليل بيومى قنديل يميل إلى الترجمة، رغم إجادته لعدة لغات حديثة وقديمة ، ومع ذلك كان يُضحى بوقته ويُسارع بترجمة الكتاب الذى يؤكد نظرته للحضارة المصرية. ولأنه كان يرى أنّ عالم المصريات الكندى (دونالد ريد فورد) من العلماء الذين يعتمدون على المصادر الأصلية (البرديات والخراطيش الخ) + منهجه العلمى الصارم ، لذلك لم يتردد فى ترجمة كتابيه (أخناتون ذلك الفرعون المارق- على نفقته الخاصة- دارالوفاء لدنيا الطباعة والنشر- الإسكندرية عام 2000) ، (مصر وكنعان وإسرائيل فى العصورالقديمة- المجلس الأعلى للثقافة عام 2004) فى الفصول الأولى من الكتاب الأول رصد (ريد فورد) ظاهرة تعدد الآلهة فى الديانة المصرية ، وما ترتّب عليها من ترسيخ قيمة (التعددية) بمعناها الأشمل ، وضرب مثالا بأبناء الأجانب الذين وفدوا إلى مصر للتعليم ، لدرجة أنّ أطفال الكنعانيين الذين تلقوا تعليمًا مصريًا ((فقدوا جذورهم وأصبحوا لايعرفون لهم لغة غيرالمصرية ، فأصبحوا منبوذين تمامًا من شعوبهم)) (ص32) كما ذكر واقعة الحلاق الملكى (سى – باست) الذى أنعم عليه الملك بامتلاك أحد الأسرى ، فإذا به يُعامله معاملة أهل بيته ، بل ويُزوّجه ابنة أخته التى سترث نصيبًا يوازى ما سترثه زوجته وأخته (ص 29) لذلك ذكر فى المقدمة أنّ مصرفى القرن 15 ق. م كانت مجتمعًا متحضرًا. وأضاف ((لم تكن جذورنا الأوروبية قد ضربتْ بعد ، ولم يكن أى من سقراط أو بيركليس أو أثينا بفلاسفتها أو روما بمشرعيها قد ظهروا بعد حتى فى صورة جنينية ، فأثينا لم تكن وقت ذاك أكثر من بلدة متوحشة فى الأحراش)) (ص 9) ويرى (ريد فورد) أنّ المصريين القدماء مالوا فى تأملاتهم عن بداية وأصل الكون ميلا قويًا نحو التعددية ، سواء فى مدرسة (أتوم) الذى خرجتْ منه المواد الأولية. أو فى النسق (المنفى) الذى عظــّم من شأن القلب (= العقل) الذى خلق الأشياء عن طريق الفكر، أى الاسقاط المتجسد للفكر الذى تحدوه الإرادة. أو النسق الثالث فى مدرسة الأشمونين التى وصفتْ العنصر الأول (للخلق) باعتباره اللامتناهى فى الحجم. اللامتناهى فى الظلمة. الهلامى بصورة كاملة والباطن بصفة عامة. وتلك كانت بمثابة البشائر الفلسفية التى سبقتْ فلسفة ما قبل سقراط ، إلاّ أنّ العبادة التى فرضها أخناتون كانت تنتمى لنسق مختلف ، إذْ أنّ العبادات السابقة كانت نسبية ، بينما عبادة أخناتون مطلقة. الأولى قائمة على التعدد والثانية وحدانية (159) لذلك فإنّ الترنيمة الشهيرة (من ترنيمات أخناتون) الموجّهة للإلهة حتحور تمّ تنقيحها بحيث تتخلص من كل سمة لتعددية الآلهة. وأكثر من ذلك فلا ذكر لآلهة عظمى مثل بتاح أو تحوت أو أوزير(131) ووصل تطرف أخناتون لدرجة أنْ أعلن أنّ الإله آمون ملعون. وأرسل حاملى البلط ليطوفوا بالمعابد لينتهكوا قدسيته.
تسبّبتْ شطحات أخناتون مع قرص شمسه ، فى عدم الإهتمام بالشعب مثل باقى الملوك السابقين ، ومن بين كل البرديات التى عثر عليها المؤلف ذكر أنه ((لم يقع فى أيدينا أى نص يُخبرنا أنه (= أخناتون) يسمع صرخة الفقير أو يشفى المريض أو يغفر للمذنب)) (185) ولم يهتم بسياسة مصر الخارجية لدرجة التفريط فى الولايات التابعة لمصر. وأنه ((يتحمل مسئولية انهيار الوفاق المصرى – الميتانى. وكان تعليق المؤلف أنه ((متى تشاجر طرفان ابتهج طرف ثالث)) الطرف الثالث هنا هم الحيثيون الذين انتهزوا رخاوة حكم أخناتون وتفريطه فى معاهدة الصلح مع الميتانيين ، فإذا بالحيثيين يعملون على تعميق الفجوة بين مصر وميتانى ، الأمر الذى انتهى باستسلام سوريا (التى كانت ولاية تابعة لمصر) ووقعتْ فى قبضة الحيثيين ، وبذلك انتقلتْ سوريا الشمالية بأسرها إلى السيادة الحيثية. وهكذا فقدتْ مصر مركزها العصبى على الساحل السورى (من 206- 214) وبالتالى ((دبّتْ عوامل عديدة فى الأراضى الواقعة على مشارف المناطق الخاضعة لنفوذ مصر منذ حكم أخناتون الذى جلب على بلاده النوائب. ضاربًا فى أعماق الوهم ، وهذه هى الحقيقة التى استيقظ عليها توت- عنخ- آمون))
غيّر توت- عنخ- آتون اسمه إلى (توت- عنخ- آمون) واستقل برأيه بعد أنْ ابتعد عن أخيتاتون (تل العمارنة حاليًا والتى كانت مقر أخناتون) ورغم أنه كان فى مقتبل العمر، فقد وعى جذوره. وارتفع إلى المثل الأعلى الذى وضعه أسلافه الأولون. ونتج عن سياسته الخارجية الحازمة أنّ أشور- أوبالت (ملك أشور) أرسل إليه رسالة أبدى فيها رغبته فى إقامة علاقة طيبة مع مصر، وأنه رحّب بها. وجدير بالملاحظة أنّ ولادته (= توت – عنخ آمون) جاءتْ فى عالم تحطيم تماثيل الآلهة على يد المارق (أخناتون) فلم ير مصر التقليدية التى تقوم عبادتها على التعددية. كما حرمه الموت المبكر من إمكانية الكشف عما كان فى طوعه أنْ يفعل لو واتته الفرصة. وعن التغيرات الداخلية التى أحدثها فى السنة الثالثة من حكمه ، كان أهمها مرسوم التسامح ، فلم يتعرّض أى معبد من معابد (قرص الشمس) للإغلاق. ولم تـُكشط نقوشها ولم يواجه رجال الدين الأتونى محنة التسريح من أعمالهم . كما لم تصدر آيات اللعن ضد أخناتون أو نفرتيتى . وفى المقابل أصبح كل إنسان حرًا فى ذكر الآلهة القديمة دون خشية العقاب . وقاد الفرعون الشاب وزوجته الملكة (عنخ- إس- إن- آمون) مسيرة إعادة الاعتبار لكل الآلهة . لذلك فإنّ حكمه يُمثل فاصلا بين التشدد الذى ساد فترة تحطيم تماثيل الآلهة ، وبين التحول التام نحو تسامح التعددية. وبالتالى أصبح من الممكن الابتهال ل آمون أو بتاح إلخ . وأنّ ذلك لم يكن يُقدر له النجاح لو أنّ مصرعرفتْ النظام الكهنوتى ، لأنه ((لم يكن هناك رجال دين محترفون فى القرن 14 ق. م )) وتوازى مع هذا أنّ توت- عنخ- آمون حرص على استعادة مجد الامبراطورية المصرية. كما نراه فى موتيف تقليدى وقد خرج يُطارد حشدًا من الأعداء (من 218- 226)
ويقدّر علماء المصريات ل توت- عنخ- آمون حصافته عندما اختار حور- إم- حب ليتولى الحملات التأديبية ضد كل من يحاول اختراق حدود مصر. وبعد وفاة توت-عنخ- آمون تولى الحكم (آى) وبعده تولى الحكم حور- إم- حب رغم أنه من عامة الشعب. ويرى البعض أنه تزوج من شقيقة نفرتيتى (موت- نجمت) لإضفاء شرعية الحكم ، وفق المنظومة المصرية التى تعطى للمرأة (جدة. أم. زوجة. شقيقة الملكة أو الملك) حق الحكم . وذكر ريد فورد عنه أنه ((لم يكن ملوثـًا بالمروق الذى عرفته أخيتاتون. وكان نشطــًا واسع الخيال وملتزمًا. وقلبه مفعمٌ بالمصلحة العامة للبلاد. وتركزتْ جهوده الرئيسية على استئصال فساد البيروقراطيين. والقضاء على الفوضى التى هى إرث مباشر لفترة المروق الآتونية. وأهم وثيقة صدرتْ عنه هى مرسوم الإصلاح ، المعروف باسم تشريع حور- إم- حب الذى عُثرعليه شمالىْ الصرح العاشر للكرنك ، وتضمن محاربة الفساد سواء فى الجيش أوالقطاعات المدنية وإصلاح القضاء وتطهير بيت وزارة العدل من الداخل. كما أصدر أمرًا بإعفاء الفلاحين من الضرائب وإسقاط الضرائب المتأخرة عليهم. ولذلك ((لم يُمزق القناع عن الوجه الحقيقى لعصر أخيتاتون قدر مرسوم الإصلاح)) فقد شهد عصر أخناتون جيشًا مفوّضًا بإخماد الشعب وفلاحين مُعدمين وقضاة فاسدين. وانسحاب رأس الدولة (أخناتون) فى حاضرته الجديدة (مع إلهه الجديد) ونظرًا لأهمية تشريع حور- إم- حب الاصلاحى ، ودفاعه عن حدود مصر يراه المؤلف ((الشخصية الأولى بلا منازع على مسرح الأحداث التى شهدتها تلك الفترة)) ورغم ذلك فإنّ الإعلام الأمريكى والسينما الأمريكية تعمّدا تشويه صورته. ونفى (المؤلف) الآراء التى تدعى أنّ موسى تعلم على يد أخناتون ، نظرًا للفروق الجوهرية بين الآتونية والموسوية. ولأنّ المؤلف يتسم بالموضوعية ، فإنه لم يغفل ذكر تطورالفن فى عهد أخناتون. وكذلك قدرته الخارقة كشاعر وخاصة فى الترنيمة الكبرى لقرص الشمس فهى تقف شامخة فى تصورها لجمال الخلق. ولكنه كان حاكمًا شموليًا ، يجهل (والأدق يتجاهل) حق الفرد فى أنْ يختار بحرية. وانتصر لوجود قوة سماوية تطلب خضوعًا كليًا وتزعم أنها الحق الكلى (المطلق) فى حين أنّ اللاهوتين المصريين القدماء على غرار اللاهوتين المحدثين أنجزوا رسائل فلسفية ذات قيمة ، مثل اللاهوت (المنفى) وترانيم بتاح إلخ فما الذى جاء به أخناتون كبديل لها وأعلن عليها اللعن ؟ الجواب لاشىء (من 236- 256)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بورتريه لحفيد جدتى (ص. م)
- أدونيس من شاعر إلى داعية إسلامى
- الاستشراق والاستشراق معكوسًا
- الدكتور مُصدّق وعبد الناصر والمخابرات الأمريكية
- الصهيونية وسرقة التراث المصرى
- هوس الأصوليين الإسلاميين بحكم العالم
- ذهنية التحريم
- هل يمكن التخلص من كابوس يوليو1952
- الإبداع والتراث العبرى / العربى
- مدرسة سيد قطب والإسلاميون الإرهابيون
- العداء الرعوى ومجتمع الزراع
- ثقافات الشعوب القديمة والديانة العبرية
- إعدام فرعون سينمايًا
- نماذج من عجائب التراث العبرى
- الإخوان والاستعمار: تاريخ الخزى والعار
- أول سيدة تُمنح وسامًا عسكرًا
- الإرهاب الدينى والمغالطات السائدة
- أوهام الوحدة العربية ووقائع التاريخ
- حرق الكتب وحرق البشر
- مثقفو الأربعينات والجامعة العربية


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - أخناتون : الفرعون المارق