|
نهاية الإلحاد 2
محمد عبد القادر الفار
كاتب
(Mohammad Abdel Qader Alfar)
الحوار المتمدن-العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 22:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
* بين الضروري وجوده، والمحتمل وجوده*
الغيب واجب الوجود، والكون محتمل الوجود، ولكن إرادة الغيب تفضي إلى وجود الكون باستمرار، ولو انعدم هذا الكون ستوجد غيره، هذا يعني أن الاستمرار هو سنّة الوجود المحتمل الذي يتشكل ليفنى، بأمر الغيب واجب الوجود.... فإذا فني تشكل غيره...
ولكنه استمرار مشدود إلى أصله الساكن، معترف بأن الوحدة حق، يواسي لوعة الوحدة لما يسببه لها الاستمرار في الانفصال من أسى، يواسيها بحبه، لكنه يواصل ... يواصل ويجعل الوحدة في قلبه، وينظر إليها بعين الممتن العاشق ....
وهذا هو الصراط المستقيم .... صراط الذين أنعمت عليهم (أهل التوازن بين الوحدة والانفصال، بين الفناء والاستمرار، بين الإفراط والتفريط)..... غير المغضوب عليهم (أهل الاستمرار الذين لا يلتفتون إلى الوحدة) ولا الضالين (أهل الفناء الذين لا يسعون للاستمرار)...
وفي قول الله "ابتغ في ما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا" إشارة إلى هذا التوازن، استمرار الدنيا (استمرار وجود لدنيا ما) في موازاة استمرار الغيب... استمرار الظاهر كتجل للباطن.
إن الوجود الواجب قادر على تمديد وجود ما هو محتمل الوجود إلى الأبد، وهذا لا يجعلهما متساويين، كون الواجب الوجود سيبقى دائما سابقا للمحتمل، منشئا له... محيطا به ... شاهداً عليه...
ولكن محتمل الوجود خائف مرتاب، ويحتاج إلى تطمينات من واجب الوجود بأنه لن يكون مجرد طيف خيال مرّ في خاطر الغيب، في خاطر الله عزّ وعلا، ثم انطفأ كما تنطفئ الشمعة....
حتى إبراهيم الخليل يسأل الله "أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي".....
*حال الأغلبية المحجوبة والقلة المكشوفة*
(ونفس وما سواها)
إن النفس محتملة الوجود، وهي على عدة أنواع ..... فنوع اعتبر كل ما هنالك محتمل الوجود، وأنه لا يوجد وعي إلهي واجب الوجود، وهم الملحدون..... وفيهم أيضا أهل فناء وأهل بقاء ..... أهل الفناء منهم يتقبلون الموت ويقولون "الموت لا يعني لنا شيئا يكون فلا نكون".... أما أهل البقاء، فمعاناتهم أكبر، ومنهم أهل الإنجازات الكبيرة من الملحدين الذين يريدون أن يحققوا أكثر ما يمكن تحقيقه من إنجازات قبل الموت.... في حين أن أهل الفناء منهم يريدون تحقيق أكبر قدر من الملذات قبل الموت .... أو يريدون حياة هانئة ساكنة يعيشون فيها للحظة.
والنفس متقلبة وليست حادة بالشكل الذي يجعلهم يجزمون بأنه لا وجود للوعي واجب الوجود.... خاصة مع ما يرونه خلال حياتهم اليومية، وما يتجلى لهم على المدى الطويل، من نسق في الأحداث، والمقاصد التي يفهمونها لاحقا وفي وقتها، واللطف الخفي اليومي، والتوجيه الباطني للأحداث الظاهرة، وللمظاهر والظواهر.
النوع الثاني بين محتملي الوجود هو أهل الإيمان باللسان، وهم قوم يسلّمون فلسفيا أو دينيا أو "تراثيا" بغيب واجب الوجود، ولكنهم في اغتراب عن الإحساس به يقينا، ولأن النفس البشرية متقلبة وليست حادة بالشكل الذي يجعلها تجزم بشيء، فهؤلاء خائفون، يتقبلون الموت ويتجنبونه، يسعون للملذات (فناء) وللإنجازات (استمرار) ويحاولون مثل الملحدين تناسي الموت باعتباره بوّابه لم يعد أحد منها...
النوعان الأول والثاني هما كل البشرية تقريبا، والله يوضح للناس أنه ما كان ليطلعهم على الغيب بشكل يقلل همة الناس عن الاستمرار والكد والجهد، لأن قيام دليل قاطع أمام البشر على وجود حياة بعد الموت سيجعل عجلة الاستمرار تتوقف، فعجلة الاستمرار وقودها محاولات الناس لاستنفاد حدود الممكن، وهذا اللايقين مما بعد الموت هو الذي أدى للإبداع والابتكار والإنجازات الكبيرة..... إن كون الغيب محجوبا ومستورا هو سنة الحياة وطريقة استمرارها... وبغيرها يفسد العالم ... "فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه"... نعم إن رغبة الاستمرار هذه هي وراء كل ستر للغيب عن الناس....
"وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله".... وهذا هو النوع الثالث، نوع نادر.... ينكشف أمامه الحجاب لأسباب تستدعي تدخّل الغيب في الأحداث بما لا يتعارض مع الاستخلاف .... فبدلا من التدخل الإلهي المباشر في تصريف الأحداث، أو الإيحاء بأفكار معينة لبعض الناس (inception)، فإنه بانكشاف الحجاب لأناس معينة، يمكن توجيههم لأعمال معينة بما لا يتعارض مع الاستخلاف، كون هذا التوجيه ليس ملزما ....
إن الاستخلاف (قبول الغيب واجب الوجود باستقلال نسبي لإرادة محتملي الوجود عن إرادة الغيب) لا يستثني من تم هدم الحجاب أمامهم، فلهم أيضا أن يكونوا من أهل الفناء أو أن يكونوا من أهل البقاء... ولهم أن يتخذوا الموقف الذي يشاؤونه، فهم مستخلفون، يتحملون نتيجة أفعالهم.
"ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا"
#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)
Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية الإلحاد 1
-
سلمى (8) ... عدن
-
نهاية الإلحاد
-
معنى التوبة، بين الفاعل والمفعول
-
فيدرالية بيتر كروبوتكين
-
الزوغزوانغ ... واستحالة اتباع الحق ..
-
رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة -2
-
الموقف من استمرار الوجود -4-
-
الموقف من استمرار الوجود -3-
-
مخافة الله... بين بوذا ومحمد
-
الموقف من استمرار الوجود -2-
-
الموقف من استمرار الوجود -1-
-
دفاعا عن الماتريكس الحقيقي
-
على أنقاض إيجو مهشم
-
رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة
-
دفاعا عن الحب المشروط
-
معنى الرضا
-
الحب فقط، هو ما لا يصل إليه العدم...
-
معنى الرقص
-
معنى الجسم البشري 2
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|