أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - دنيا الأمل إسماعيل - أمي خلف الحدود














المزيد.....

أمي خلف الحدود


دنيا الأمل إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 11:05
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


في لحظة، كالحلم، كان أخي الأصغر، المقيم في مدينة العريش المصرية، في بيتي، بعد حوالي عشر سنوات من الفرقة والغربة لكلينا. هكذا فجأة، ضم جسدي جسد أخي الصغير في عناق طويل تخلله بكاء خجول مني، أفلتت منه بعض الدمعات. هكذا في أقل من ساعتين كان حاملاً جسده الضخم، هارباً من عمله الليلي، ليقطع الشوق إلى غزةَ أخته الكبرى، دون تصاريح أو وثائق أو أختام، اختزل سنوات الحرمان في مغامرة محاطة برغبة دولة، في التعاطف معنا، وربما في مسح سيئة، أفلتت منها على غير هدى.
كانت الساعة الواحدة والنصف من فجر الثلاثاء، لم أكن أعلم يقيناً بصحة الخبر الذي نقله لي أحد الأصدقاء، حين رفع سماعة الهاتف، قائلاً: ماذا تتنظرين، سافري إلى أهلك، وظل يذكر لي أسماء من ذهبوا إلى هناك ومنهم أخوته شخصياً، وأنه سيسافر غداً إلى العريش. توثبت روحي، فثمة أمل في لقاء الأهل ورؤية أمي قبل أن توافيه المنية، وهي المريضة، الكفيفة، المقعدة،. تناقشت وزوجي في الأمر، لم يقتنع، خاصة وأن معلومة رسمية لم تنشر عبر أية وسيلة إعلامية، بل تناقل الناس المعلومة حتى عمت وسادت، وتحول الغزّيون إلى مهاجرين، إلى خارج السجن الكبير الذي عاشوا وتربوا وتأزموا فيه.
بعد ساعات من لقاء أخي، الذي جاءني بملابس العمل، دون أن يمر على زوجته وأطفاله، فقط أبلغهم هاتفياً أنه ذاهب إلى غزة، لرؤية دنيا، وقد فعل. لم أكن أصدق، لكنه هو بالفعل أخي الصغير الذي حملته صغيراً بين يدّي، وشاركت أمي تربيته، وأخفته مراراً من الغولة، التي تأكل الأطفال الذين لا يسمعون كلام أختهم الكبيرة.، إنه أخي بدر الدين الذي كبر في غيابي، وتزوج في غيابي، وأنجب طفلين في غيابي، وتلقى وفاة أبي بين يديه في غيابي أيضاً، والله أخي، الذي لم أره منذ عشر سنوات،هو وبقية أخوتي، وأمي التي فقدت بصرها وحركة قدميها ونصف وزنها ، وجل أسنانها، وهي تتبع أخبار ابنتها في وطنها المحاصر، الموبوء بطائرات العدو، وصواريخه، والتي كانت في أغلب أيام القصف تتصل، وقبل أن تسألني عن صحتي، تسألني إن كان القصف قريباً من منزلي أم لا ، هل بناتي وزوجي بخير أم لا.
إنها أمي، وهذه فرصتي لأراها وأضم عينيها الكليلتين، وجسدها الذي فقد بغربة الأبناء بهاءه، إنها أمي زوجة الشهيد الأول، وأرملة الزوج الثاني، وأماً لثمانية أبناء، سرق ثلاثة منهم إلى حضن جدتهم لأبيهم، بسبب الزواج الثاني الإجباري، لفتاة لم تكمل بعد عامها الواحد والعشرين، وخمسة منهم هم أشقائي، الذين تحملوا في غربتهم بلا مال أو أسرة أو مساندة من أحد، حياة الغرباء في وطن الأشقاء.
قررت الذهاب، حزمت ما تواجد لدّي ما ينفع ليكون هدية للأخوة وزوجاتهم وأبنائهم بعض طول غياب. ووضعت ما تبقى في مطبخي، من جبنة الغنم التي طلبتها أمي، في برطمان بلاستيكي داخل حقيبتي، صليت الفجر، وشربت القهوة التي أعدها زوجي، وخرجت أنا وأخي نحو عائلتي وطفولتي وعمراً من الذكريات المؤلمة والسعيدة. المسافة بين غزة والعريش، لم تكن بعيدة، سوى ما استشعرته من اغتراب عن أمي تحديداً، الحديث عن تجربة عبور الحدود ملآى بالتفاصيل المرة، ربما تحتاج إلى غير هذا المقال.
حين انتهيت إلى مدينة طفولتي، وحيدة من دون أخي، الذي احتجزه رجال الأمن المركزي المصري على المعبر، ورفضوا دخولي في البداية، قبل أن يهجم البشر، دون حول منهم ولا قوة.اتصلت على زوجي، ليتصل بأختي لتصف لي العنوان، تم كل ذلك وركبت السيارة ، وحين








#دنيا_الأمل_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن حال المرأة والصحافة
- خطة الانفصال/ الانسحاب/ فك الارتباط/ إخلاء المستوطنات تعددت ...
- مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد استمرار الانتهاكات الإسر ...
- المرأة والانتخابات المحلية في قطاع غزة
- قصائد قصيرة القامة
- في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية: التجاوزات لم تؤثر على نزا ...
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يصدر تقريره حول الانتهاكات ال ...
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يعقد ندوة بعنوان: - الانتخابا ...
- ديموقراطية على الحائط
- ساعة حائط،..... ونشرة أخبار، وحياة لاتأتي
- ماما... طيّارة... طخ
- تلّمس أصابع القصيدة
- خارج البيت/خارج العالم
- الحاجة أم عصام: لا نبكي المنازل، ولكن نبكي العمر الذي قضيناه ...
- اغتيال بيت... اغتيال أسرة
- السكن الجماعي وأوضاع النساء في قطاع غزة
- صمت المقهورات / صوت
- التغطية الإعلامية لدور المرأة في الانتفاضة
- الأسيرات الفلسطينيات


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - دنيا الأمل إسماعيل - أمي خلف الحدود